سعى «الكرملين»، أمس الاثنين، إلى التخفيف من حدة اندفاعة سياسيين وبرلمانيين روس بدأوا، خلال الفترة الأخيرة، الحديث بشكل نشيط عن ضرورة استخدام سلاح نووي تكتيكي، لحسم المعركة في أوكرانيا.
وقال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف، إن «استخدام السلاح النووي سيكون فقط وفقاً لبنود العقيدة النووية».
وكان عدد من السياسيين؛ بينهم الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، قد وجهوا انتقادات لأداء المؤسسة العسكرية؛ على خلفية الانتكاسات التي مُني بها الجيش الروسي في عدد من المناطق، ودعوا إلى استخدام السلاح النووي التكتيكي لحسم الوضع ميدانياً.
وأوضح بيسكوف، في تصريحات رداً على سؤال حول تلك الدعوات: «إن جميع الأسباب التي تؤدي لاستخدام مثل هذه الأسلحة منصوص عليها وفق بنود العقيدة النووية، ولا يمكن أن يكون هناك اعتبارات أخرى لاستخدامها».
وتنص العقيدة النووية على أن روسيا يمكنها استخدام الأسلحة النووية بشكل استباقي؛ رداً على تهديد مباشر لأمنها القومي وسيادتها وأراضيها. ويحمل هذا المبدأ إشارة إلى أن السلاح النووي لا يمكن استخدامه في مواجهات خارج الأراضي الروسية؛ لكنه يُبقي احتمال استخدامها إذا تم تهديد القوات الروسية بشكل جدي في المناطق التي جرى ضمها حديثاً.
من ناحية أخرى، علّق بيسكوف على طلب زيلينسكي الانضمام إلى حلف «الناتو» بشكل عاجل وسريع، وقال: «لقد سمعنا تصريحات الرئيس زيلينسكي، كما رأينا ردود فعل مختلفة من (الناتو). هناك دول تدعم هذا الخيار للانضمام السريع، وهناك دول لا تدعمه... نتابع هذا الأمر، ونودّ أن نذّكر بأن توجه أوكرانيا لطلب عضوية (الناتو) كان أحد أسباب بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا».
وأشار إلى الأنباء المتداولة حول إمكانية تشكيل تحالفات غربية جديدة لمواجهة روسيا والصين، مشدداً على أن تشكيل تكتلات جديدة لن يسهم بالطبع في الاستقرار ونزع فتيل التوترات على المسرح العالمي.
في الوقت نفسه، سعى الناطق الرئاسي إلى استرضاء الرئيس الشيشاني، وقال إن «حاكم جمهورية الشيشان الروسية رمضان قديروف، وشعب الشيشان، يساهمون في العملية العسكرية الخاصة بشكل بطولي وفعّال».
من جهة أخرى، نشرت موسكو، أمس الاثنين، رسمياً، النصوص الكاملة لمعاهدات ضم 4 مناطق جديدة إلى الكيان الروسي، بعد انتهاء استحقاق تصديق المحكمة الدستورية العليا على «شرعية» عملية الضم، ومطابقتها للدستور الروسي. وصدَّق النواب الروس، أمس الاثنين، بالإجماع، على قانون ضمّ المناطق الأربع، دون تسجيل أي اعتراض أو امتناع عن التصويت، ما يمهد لتصديق مجلس الاتحاد (الشيوخ)، اليوم الثلاثاء؛ وهي الخطوة التي تعدّ نهائية لدخول قرارات الضم حيز التنفيذ.
وقبل دقائق من تصويت البرلمان، توجّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى النواب، طالباً منهم التصويت على القانون الذي يحمي -وفق قوله- الثقافة واللغة والحدود الروسية. وقال: «نحن لا نردّ على تهديدات وهمية. نحن نحمي حدودنا ووطننا وشعبنا». واتهم لافروف الولايات المتحدة بحشد كل الدول الغربية لدعم كييف ضد موسكو. وأضاف: «لقد أخضعت الولايات المتحدة الغرب كلّه تقريباً، وحشدته لتحويل أوكرانيا إلى أداة حرب ضد روسيا».
ووفقاً لنصوص المعاهدات الأربع، فإن حدود المناطق الأربع التي ضُمّت إلى روسيا، سوف تحدَّد بناء على الوضع «عند تأسيس» كل المناطق و«في يوم انضمامها إلى الاتحاد الروسي». وتترك هذه الصياغة المطاطة الباب مفتوحاً أمام الكرملين للتعامل مع كل منطقة على حدة، وفقاً للفهم الذي تنطلق منه لطبيعة الحدود الإدارية لكل إقليم، فهي من جانب تفتح على مواصلة العمليات العسكرية؛ بهدف «تحرير الأراضي الروسية» التي ما زالت تقع تحت السيطرة الأوكرانية، في منطقة دونيتسك التي تقر موسكو بحدودها وفقاً لإعلان «الاستقلال» الذي وضعه الانفصاليون منذ عام 2014. وهذا يبرر تأكيد الكرملين، قبل يومين، أن المعارك سوف تتواصل في هذا الإقليم لحين استكمال «تحرير كل أراضيه»؛ لكن المفهوم نفسه قد لا ينطبق على زابوريجيا وخيرسون؛ وهما إقليمان أعلنا انفصالاً من جانب واحد عن أوكرانيا، وظلت مسألة حدودهما معلَّقة.
البند الثاني المهم في النصوص المعلَنة يتعلق بحدود الدولة الروسية الجديدة، وتضع الوثائق «الحدود الحالية» لكل إقليم «مع البلدان الأخرى» كحدود للدولة الروسية.
وتنص الوثائق أيضاً على دخول الأطراف مرحلة انتقالية تستمر حتى الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، وسيتم استخدام المرحلة الانتقالية «لحل قضايا الخدمة العسكرية الإلزامية». ويشكل هذا البند محاولة لتهدئة مخاوف سكان الأقاليم من مسارعة موسكو لتجنيد الشبان فيها، وزجِّهم في المعارك الجارية حالياً. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أثار هذه النقطة، في إطار تحذيره المناطق الأربع من تداعيات خطوة الانفصال عن أوكرانيا.
في الوقت نفسه، سوف تُستخدم «المرحلة الانتقالية» لحل قضايا دمج المناطق الجديدة في الأنظمة الاقتصادية والمالية والائتمانية والقانونية لروسيا، وكذلك في نظام الهيئات الحكومية. في مقابل التمهل في تلك القضايا، فإن وثائق الضم التي وقّعها مع الرئيس الروسي قادة الانفصاليين في المناطق الأربع، نصت بوضوح على أن التشريعات الروسية وغيرها من الإجراءات القانونية المعيارية تغدو فعالة فوراً في المناطق التي ضُمّت «منذ يوم قبولها في روسيا».
ونصّت معاهدتا ضم خيرسون وزابوريجيا على أن القوانين المعيارية السارية حالياً تعدّ ملغاة في حال تعارضت مع دستور روسيا. وهذا الأمر خلافاً للوضع في دونيتسك ولوغانسك؛ حيث أجرت روسيا عملاً كبيراً خلال السنوات الماضية لجعل قوانينهما المحلية تتطابق مع قوانين روسيا.
وأكدت المعاهدات أن «الوثائق الرسمية الحالية لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك تبقى سارية حتى نهاية الفترة الانتقالية، أو اعتماد الإجراءات القانونية الروسية ذات الصلة». كما «تواصل حكومتا دونيتسك ولوغانسك تسيير الأعمال حتى تشكيل مكاتب جديدة للرؤساء المؤقتين للجمهوريتين».
في المقابل «يجب على حكومتي منطقتي خيرسون وزابوريجيا تشكيل هيئتي حكم مؤقتتين، وفقاً للقانون الروسي».
«الكرملين» يخفف من دعوات استخدام «النووي» في أوكرانيا
«الدوما» يصدِّق على «الضم»... و«مرحلة انتقالية» لمعالجة دمج المناطق الأربع
«الكرملين» يخفف من دعوات استخدام «النووي» في أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة