الحزب الحاكم في جنوب السودان يعيد باقان أموم إلى منصبه

وزارة الصحة في جوبا تعلن انتشار الكوليرا.. ووفاة 18 شخصًا

الحزب الحاكم في جنوب السودان يعيد باقان أموم إلى منصبه
TT

الحزب الحاكم في جنوب السودان يعيد باقان أموم إلى منصبه

الحزب الحاكم في جنوب السودان يعيد باقان أموم إلى منصبه

في تطور لافت للعملية السلمية بين أطراف النزاع في جمهورية جنوب السودان، اعتمد مجلس التحرير الوطني لحزب الحركة الشعبية الحاكم إعادة باقان اموم إلى موقعه أمينا عاما، وإسقاط اتهامه بالفساد داخل الحزب، في وقت يتوقع فيه أن يتخذ المكتب السياسي في اجتماع لاحق قرارات لتكملة إعادة الدكتور رياك مشار، النائب الأول لرئيس الحزب، ومجموعته التي تقود التمرد حاليا.
وينتظر أن يعقد اجتماع آخر غدا الخميس في أروشا، يضم الرئيس سلفا كير ميارديت، وزعيم المتمردين رياك مشار، ويحضره رؤساء تنزانيا، وكينيا، وأوغندا، ونائب رئيس جنوب أفريقيا ورئيس الوزراء الإثيوبي.
وأدى باقان أموم، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية الحاكم، بعد عودته إلى موقعه، القسم أمس أمام المكتب السياسي، الذي عقد اجتماعه عقب جلسة مجلس التحرير الوطني لحزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان، وذلك بحضور الرئيس سلفا كير ميارديت، وأعضاء المكتب السياسي، وباقان أموم الذي وصل إلى جوبا أول من أمس عائدا من منفاه في نيروبي، برفقة بعض أعضاء المكتب السياسي الذين جرى فصلهم من الحزب، بعد اتهامهم بالمشاركة في انقلاب.
وقال أكول بول، القيادي في حزب الحركة الشعبية الحاكم، عقب اجتماع مجلس التحرير الوطني لحزب الحركة الشعبية الحاكم، إن الاجتماع أجاز قرار المكتب السياسي بإعادة باقان اموم إلى منصبه كأمين عام للحزب، وإسقاط التهم السابقة ضده بالفساد والتصرف في أموال الحزب، مضيفا أن القرار تم بتوصية من المكتب السياسي، الذي انعقد أول من أمس بحضور أموم نفسه عقب عودته إلى البلاد، وأن هذه الخطوة تأتي تنفيذا للاتفاقية التي تم توقيعها بأروشا في أبريل (نيسان) الماضي.
وبخصوص غياب قيادات الحركة الشعبية في التمرد، التي يتزعمها رياك مشار، عن اجتماعات المكتب السياسي ومجلس التحرير القومي التي تعقد في جوبا هذه الأيام، ومدى تأثير ذلك على تنفيذ اتفاق أروشا، قال بول إن تنفيذ الاتفاق لن يكون ناقصا بسبب غياب مشار ومجموعته، مضيفا أنه جرى عرض الاتفاق على مجلس التحرير الذي أجازه، وأنه يهدف إلى إصلاح الحزب، وقال بهذا الخصوص «لن نسمح لأي مجموعة بأن تأخذ الدولة والحزب والشعب رهينة لمصالحها الخاصة».
من جهتها، قالت مصادر مقربة من الحزب الحاكم في جوبا، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع استئناف محادثات السلام بين أطراف النزاع خلال الأسبوع المقبل للتوقيع النهائي على مسودة أعدتها وساطة الإيقاد، بالإضافة إلى عدد من الدول الأفريقية والترويكا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لإيقاف الحرب وبدء الفترة الانتقالية. وتوقعت المصادر أن يتم الاتفاق قبل 15 من يوليو (تموز) المقبل على موعد اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي ينتظر أن يقدم تقريرا كاملا عن عملية السلام في جنوب السودان، بعد تهديدات بتوقيع عقوبات على أطراف النزاع.
وعلى صعيد غير متصل، أعلن الدكتور رياك قاي كوك، وزير الصحة في جنوب السودان، خلال مؤتمر صحافي عقد بجوبا أمس، عن وفاة 18 شخصا بسبب انتشار وباء الكوليرا. وقال إن وزارته تأكدت من وجود 171 حالة مصابة بالمرض سريع الانتشار، وإن أغلب المصابين يوجدون في قواعد الأمم المتحدة بجوبا، مشددا على أن المرض انتشر من هناك.
وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت أول من أمس خبرا يفيد بوجود حالات إصابة بالكوليرا، وبأن وزارة الصحة رفضت الإعلان عنها، وكان نحو 167 شخصا قد لقوا حتفهم من أصل أكثر من 6000 حالة سجلت إصابتها بمرض الكوليرا العام الماضي، والذي تم احتواؤه.



«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.