«روبوتات الحرباء»... تتكيف مع محيطها

إلكترونيات لينة مصنوعة بالطباعة الثلاثية الأبعاد

«روبوتات الحرباء»... تتكيف مع محيطها
TT

«روبوتات الحرباء»... تتكيف مع محيطها

«روبوتات الحرباء»... تتكيف مع محيطها

تستطيع هذه الروبوتات المصنوعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد تغيير لونها وتقليد ظروف محيطها، ومن المتوقع أن تمهّد هذه الروبوتات الأشبه بالحرباء الطريق لروبوتات الإلكترونيات المرنة.
قطعت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد شوطاً طويلاً في السنوات الماضية، وشهدت إمكاناتها في مجال الروبوتيات توسعاً إضافياً على أرض الواقع بعد استخدامها أخيراً لتطوير روبوت أشبه بالحرباء.

إلكترونيات لينة
وقد ابتكر باحثون من جامعة ساوثرن الصينية أجهزة مرنة ومطّاطة باعثة للضوء قد تدخل مستقبلاً في صناعة الروبوتات الليّنة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وطُبّقت هذه التقنية أخيراً في تصميم روبوتٍ ليّنٍ قادر على تغيير لونه ليندمج مع محيطه، وقد تساعد في ابتكار إلكترونيات قابلة للارتداء، وكذلك الجيل المقبل من الشاشات الذكية، وأدوات التمويه الصناعي.
نشر موقع «إنترستينغ إنجنيرينغ» تقريراً ورد فيه أن إنتاج الإلكترونيات المرنة يحتاج إلى إجراءات علمية معقّدة عدّة وأدوات مكلفة. من هنا، كان لا بدّ من التوصّل إلى تقنية صناعية بسيطة وقابلة للتكيّف لتلبية الطلب على الأجهزة الضيائية الكهربائية (فلورسنتية) المرنة التي تدخل في التطبيقات البصرية والتقنية.
استعرض الباحث جي ليو وزملاؤه مقاربة لابتكار أجهزة ضيائية كهربائية مرنة بواسطة الطباعة ثلاثية الأبعاد وباستخدام أكثر من مادّة. طوّر هؤلاء أحباراً موصلة للأيونات، وضيائية كهربائية، وعازلة قابلة للاستخدام في الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة أجهزة ضيائية كهربائية مرنة وسهلة الإنتاج. وابتكر ليو وفريقه روبوتاً ليناً يستطيع تغيير لونه بشكلٍ آنيّ كما الحرباء، وزوّدوه بسوار معصمٍ مرن ينتج ضوءاً أزرق.
في الطبيعة، عندما تكون الحرباء ثابتة، يكون لونها أخضر؛ مما يتيح لها الاختلاط في محيطها الخصب. في المقابل، عند تحفيزها بصحبة حرباء أنثى أو ذكر، يعمد الذكر إلى تغيير هذا اللون.
وأكد الباحثون أن الجهاز الذي طوّروه يبقى قادراً على إنتاج ضيائية كهربائية ثابتة، حتى لو تعرّض لأنواع مختلفة من التعديل الحركي كالتمدّد والالتواء والطيّ.

حرباء روبوتية
وتُغيّر الحرباء لونها بعد تعرّضها للتحفيز، فتزداد صفاراً، وحمرةً، وبرتقاليةً؛ مما يجعلها أكثر بروزاً بدل الاندماج في محيطها.
توجد الصبغات الملونة في كثير من خلايا الحرباء الجلدية، فيملك بعضها مادة الميلانين سوداء اللون، بينما يملكها الآخر باللون الأصفر أو الأحمر، أو الاثنين معاً.
بعد دمج أجهزة ضيائية كهربائية مطبوعة بالأبعاد الثلاثية مع روبوت ليّن ورباعي الأطراف ووحدات استشعارية، نجح الباحثون في إنتاج تمويهٍ صناعي يتكيّف بسهولة مع محيطه. ويدّعي الفريق البحثي المشرف على الدراسة أنّ هذا الاختراع يمهّد الطريق للجيل المقبل من أدوات التمويه.
في سياق متصل، ابتكر فريق بحثي كوري، العام الماضي، اختراعاً مشابهاً، حيث طوَّروا روبوت حرباء وزوَّدوه بعينين دائريتين واسعتين، وخاصية السير الهادئ، وبالطبع؛ بجلد قادرٍ على تغيير لونه.
يستطيع الجلد الصناعي الذي طوّروه أيضاً تغيير تدرّجاته اللونية فوراً وتلقائياً؛ ليلائم الألوان والتدرّجات المختلفة الظاهرة في خلفيته. وطوّر الباحثون «جلد» روبوتهم باستخدام طبقة رقيقة من حبر الكريستال (البلور) السائل الذي يتحوّل إلى أيّ لون بحسب اصطفاف جزيئاته. تجتمع هذه الجزيئات معاً لتكوين أشكال حلزونية أكبر حجماً، فيعكس الحبر لوناً ضوئياً معيّناً يعتمد على حجم الشكل.
تشهد الكريستالات السائلة تحوّلات حرارية وتغييرات لونية. وبناءً عليه، استخدم الباحثون طبقات من شرائح التسخين المنقوشة ووضعوها تحت جلد الحرباء الصناعي، وجهّزوا الجهة الداخلية من الجلد بأكثر من 10 أجهزة استشعار لمراقبة اللون.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.