اليمن: النزوح الداخلي ينخفض بنسبة 70% خلال فترة الهدنة

TT

اليمن: النزوح الداخلي ينخفض بنسبة 70% خلال فترة الهدنة

بالتزامن والتحركات الأممية والدولية لتمديد الهدنة في اليمن ستة أشهر وتوسيعها، كشفت الأمم المتحدة عن تراجع كبير في معدلات النزوح الداخلي طوال الأشهر الخمسة من عمر الهدنة الحالية يصل إلى 70 في المائة مقارنة بالربع الأول من العام الحالي الذي سبق سريان الهدنة، كما تؤكد تلك البيانات أن نحو سبعة آلاف نازح في محافظة مأرب عادوا إلى مناطقهم الأصلية بفضل التحسن الذي طرأ على الأوضاع الأمنية نتيجة لذلك.
وفي تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن الفترة من مطلع العام الحالي وحتى 27 أغسطس (آب) الماضي فإنه تم تهجير ما مجموعه 12432 شخصًا (2072 أسرة) داخل أو إلى محافظة مأرب، إلا أنه ومنذ إعلان الهدنة في 2 أبريل (نيسان) الماضي كان هناك انخفاض ملحوظ في النزوح داخل وباتجاه مأرب.
وبحسب التقرير، فإنه مع حلول نهاية أغسطس (آب) سجلت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة نزوح 1.854 شخصًا (309 أسر) فقط منذ 2 من أبريل (نيسان) وحتى27 أغسطس (آب)، كما تم تسجيل ما مجموعه 1093 أسرة (6558 فردًا) عادوا إلى مناطقهم الأصلية داخل المحافظة ذاتها من بينهم 3768 شخصًا (628 أسرة) عادوا إلى مديرية حريب نتيجة تحسن الظروف الأمنية في مواقعهم الأصلية.
وفيما يتعلق بقطاع التعليم أكدت «يونيسيف» أن ما مجموعه 4800 من النازحين داخليًا وطلاب المجتمع المضيف المسجلين أكملوا برنامج التعليم غير الرسمي (الفصول التعويضية) التي تدعمها في مدينة مأرب، ومديريات الوادي وحريب، وقالت إن أكثر من 3803 من الأطفال النازحين داخليًا انضموا أيضا إلى الفصول الرسمية في أربعة مواقع للنازحين حيث أنشأت اليونيسف 61 مكانًا مؤقتًا للتعلم كما يتم القبول في الفصول الدراسية الأخرى التي أنشئت من قبل كجزء من حملة العودة إلى المدرسة.
ووفقا للتقرير وزعت اليونيسيف 15.838 مجموعة أدوات العودة إلى المدرسة و85 مجموعة تعليمية لأطفال النازحين داخليًا والمجتمع المضيف في 360 موقعا للتعليم، وتم دعم 514 موظفًا تعليميًا وغير تعليمي إضافيا بتدريب مختلف بما في ذلك طرق التدريس والتعلم كما تلقى 527 معلمًا وإدارة المدارس والموظفون الإداريون حوافز شهرية، كجزء من الاستجابة للفيضانات.
من جهته ذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن حدة الفيضانات خفت في العديد من المحافظات اليمنية خلال النصف الأول من شهر سبتمبر (أيلول)، مقارنة بشهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، عندما تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة في مناطق شاسعة في جميع أنحاء البلاد.
لكنه ومع ذلك، أكد تأثر ما يقدر بـ231 شخصا بالفيضانات في 120 مديرية في 14 محافظة خلال الفترة من 25 أغسطس (آب) و18 سبتمبر (أيلول)، لكن نشرة الإنذار المبكر الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة للأيام العشرة الأولى من الشهر الحالي تشير إلى تباطؤ كمية هطول الأمطار ما يعني انتهاء موسم الفيضانات.
تقرير المكتب بين أنه وبسبب نقص التمويل، تم الإبلاغ عن فجوات في الاستجابة، ومع محدودية الموارد وإمدادات الإغاثة أو استنفادها، قام شركاء العمل الإنساني بتوجيه الموارد من البرامج الحالية للاستجابة للاحتياجات العاجلة للناس، ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الدعم لتلبية الاحتياجات على المدى الطويل وإعادة التأهيل، كما أن المتفجرات التي جرفتها السيول باتت تهدد المدنيين.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».