«غنيلي بالجو» مع وسام بريدي: نغم يعبر الغيم

محمد عساف ورحمة رياض وزينة عماد ضيوف الرحلات

«غنيلي بالجو» مع وسام بريدي: نغم يعبر الغيم
TT

«غنيلي بالجو» مع وسام بريدي: نغم يعبر الغيم

«غنيلي بالجو» مع وسام بريدي: نغم يعبر الغيم

يرش الإعلامي اللبناني وسام بريدي ضيفه الناجي أربع مرات من «كورونا» الفنان الفلسطيني محمد عساف بمعقم بعد السلام والقبل، ويدعو الله ليبعد عن خلقه المرض. معه، يفتتح برنامجه الجديد «غنيلي بالجو» (إم بي سي)، مقدماً شكلاً آخر للحوار الفني. ضيفتا الحلقتين الثانية والثالثة، الفنانة العراقية رحمة رياض والفنانة السعودية زينة عماد، تحضران بضحكتين كتفتح الورد. يحلقون في الفضاء، على مسافة ضئيلة من الغيم المستلذ بوحدته، فيخرقون سكينته بالأصوات الجميلة.
يهيئ البرنامج ضيوفه لمزاج الطيران وخفقانه، فالرحلة مجهزة للانتقال بناسها من حالة إلى أخرى. يستقبلهم بريدي في قاعة الانتظار بالمطار، ببسمة الـ«أهلاً وسهلاً». ولتحلو اللعبة، يخترع لهم جواز سفر لا يشبه رفيقهم في الأسفار الدائمة. فهو عن الأبراج والعلامات الفارقة في الشخصية و«الهاشتاغ» كصلة مرور إلى الأحبة. يوقع الضيف على البيانات ويستعد للإقلاع. «زينة لبست خلخالا»، يدندن محمد عساف وصوت المضيفة يذكر: الرحلة تبدأ بعد قليل، الرجاء التوجه إلى الطائرة.
يناديه «عساف» طوال الوقت، فاسم الشهرة بذاته بصمة تألق. يغرف بريدي من داخله ما يعزز عفوية البرنامج. يقدر ضيوفه، ولعله دعا بالتوفيق لزينة عماد مرات ومرات خلال الحلقة، مهدياً إياها رأفة بشرية يتحلى بها. يتعمد الإبقاء على كيمياء الشخصين، فلا يفلت ضيفه منها ولا تتبعثر لطافة اللقاء. صبه نفسه على المكون يحلي طعمه.

عادة رحمة رياض «التربع» في المطارات والتصرف كمن في بيته. قبل الإقلاع، جلسة على فنجان قهوة «مفخخ». يحضرها محاورها: «ماذا تتوقعين أن يحمل الرسم على وجهه؟». فالفنجان «ملغوم» بصورة تتصدره، وراءها حكاية. حدسها يدلها: «بنية» (امرأة)، ويصدق. كان رسم مواطنتها شذى حسون، فتتقبل برحابة رغم ما يحكى عن مناكفات ومنافسة. تشرب الفنجان وهي تجيب بـ«لا»، رداً على ما خطر في بال بريدي والمشاهد: «أهذه دبلوماسية؟».
على وجه الفنانة السعودية زينة عماد ضحكة المصرين على المجابهة. يسميها بريدي «ظاهرة»، ويستفسر منها عما تقصده بمفردة «ملسوعة» جواباً على صفة تتحلى بها. القصد هي الحركة الزائدة وهدير الأفكار، وبهذه الميزة لا تدرك الاستسلام. بل تكمل خطاها نحو هدفها، وإن توقفت لتسلم جائزة، كما حصل وكرمها مهرجان «Joy Awards» في المملكة، فتتلقفها ومعها أضعاف المسؤولية لتكون عند حسن الظن.

يغنون من أجل أفراح الآخرين وترويض الوقت الصعب. يرتفع دولاب الطائرة عن الأرض ليرتمي في الأثير ويلتحم بانفلاشه. وسام بريدي والضيف مع الفرقة الموسيقية والكابتن في قمرة القيادة، يدير المحركات والمصائر. في «غنيلي بالجو» لديه مهمة إضافية: طرح سؤال لا مهرب منه. بينما الغيم يصغي إلى نغم يعبر من مجسم الحديد المحلق في جانبه، يشعر محمد عساف بشيء يمسه. إنه سؤال الكابتن عن ثمن النجومية والغربة.
يرد أن وطنه يعيش فيه، كما تغني زينة عماد للمملكة: «وطني الحبيب وهل أحب سواه»؛ من جماليات طلال المداح. تلتقي ورحمة رياض في المواجهة المفتوحة مع ممتهني الأذى. لطالما شعرت ابنة العراق بأنها «مرفوضة». لمحت أمامها اعتراضاً على إتقانها الغناء وكرت محاولات قص جناحيها. تشبثاً بهما، ملأت شال المدرسة الأبيض بكلمات أغنيات تهواها، أحبها إليها «لولا الملامة». زينة عماد لا تزال تتعثر بتعليقات تحرم على المرأة المحجبة الغناء. يذكرها وسام بريدي بقاعدة الحياة: «إرضاء الجميع مستحيل».
يشبه صوتها بزقزقة كنار، وهي تغني لأحمد جمال «يلي شمس الدنيا تطلع لما تطلع ضحكة منك». يعيدها إلى ذلك اليوم حين صورت فيديو «أحبيني بلا عقد» لكاظم الساهر. كانت لحظة تسديد الكرة في المرمى. بعدها، تعرف الناس إلى الفنانة زينة وخيالها معانق الآفاق.

يشير قائد الطائرة إلى احتكاك بمطبات هوائية يفترض ربط الأحزمة؛ وهي في الجو، كما في السؤال المصوب نحو الضيف. رحمة رياض مطبها الوجوه بعد سقوط القناع: «حين بدأت أنجح، رحت أراها على حقيقتها. قلة فقط تتحمل نجاح الآخرين»، وتغني لشيرين من وحي المناسبة: «في الزمن ده الكدابين اتمكنوا وكتروا».
على سيرة شيرين، يوصفها محمد عساف بما تستحق: «من أجمل الأصوات العربية»، ويطلع وسام بريدي على «ديو» منتظر بينهما يؤجل منذ عشر سنوات، فلا ينال سوى التمني بولادته العاجلة. يقع على صورتها تزين وجه فنجان قهوته، فتسره المفاجأة. خليط الشخصيتين الفنيتين، في أغنية، مدعوم برغبة في انتظاره.

تشعر زينة برغبة في البكاء حين يصل البرنامج إلى فقرة «الصندوق الأسود». هنا، على الضيف التوجه برسالة إلى نفسه على هيئة توصية. محمد عساف ثابت على وصيته: «لا تنس أصلك». سنة ونصف سنة تطلب الأمر لاستيعاب ما جرى بعد «عرب أيدول»: «خرجت من أهلي وناسي مباشرة إلى الضوء. هذا أصعب مطباتي».
يسكب بريدي أجمل ما يفيض من صميمه، ليشارك رحمة رياض نبل حب الأب. يسكب أبوته. تقرأ رسالة من أبيها المتوفى وتتأثر. «الراحلون ملائكتنا في السماء»، يخفف عنها. خسارته شقيقه منحته الكثافة الإنسانية.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض