هل يتحد العالم لمواجهة الدولار؟

جموح العملة الأميركية يهدد عملات واقتصادات أخرى

يبدو أن تحرك البنوك المركزية في العالم بشكل منسق لمواجهة الارتفاع المستمر لقيمة الدولار أمر حتمي لأول مرة منذ ثمانينات القرن العشرين (إ.ب.أ)
يبدو أن تحرك البنوك المركزية في العالم بشكل منسق لمواجهة الارتفاع المستمر لقيمة الدولار أمر حتمي لأول مرة منذ ثمانينات القرن العشرين (إ.ب.أ)
TT

هل يتحد العالم لمواجهة الدولار؟

يبدو أن تحرك البنوك المركزية في العالم بشكل منسق لمواجهة الارتفاع المستمر لقيمة الدولار أمر حتمي لأول مرة منذ ثمانينات القرن العشرين (إ.ب.أ)
يبدو أن تحرك البنوك المركزية في العالم بشكل منسق لمواجهة الارتفاع المستمر لقيمة الدولار أمر حتمي لأول مرة منذ ثمانينات القرن العشرين (إ.ب.أ)

قال المصرفي ستيفن بارو، من مجموعة «ستاندرد بنك» المصرفية في بريطانيا، إن تحرك البنوك المركزية في العالم بشكل منسق لمواجهة الارتفاع المستمر لقيمة الدولار الأميركي، يبدو أمراً حتمياً لأول مرة منذ ثمانينات القرن العشرين.
ونقلت «بلومبرغ» عن بارو القول إن التحرك المنسق من جانب البنوك المركزية لمواجهة ارتفاع الدولار أصبح «مسألة وقت»، حتى إذا كان قرار التدخل بالنسبة للولايات المتحدة ودول أخرى أمراً غير مريح؛ لكنها ستضطر لذلك.
وأشارت «بلومبرغ» إلى أن التقرير الذي أعده بارو، رئيس قطاع تداول العملات الرئيسية العشر في «ستاندرد بنك»، يعكس المخاوف المتزايدة من تأثيرات ارتفاع قيمة الدولار على الاقتصاد العالمي.
ويثير الصعود الجامح للدولار الأميركي الذي يسجل مستويات قياسية متتابعة أمام كثير من العملات مخاوف من انهيار عملات أخرى، ومن أزمة كبرى لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ الأزمة الآسيوية عام 1997.
وبفضل الارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة الذي أقره البنك المركزي الأميركي وتحسن النشاط الاقتصادي، دفعت العملة الأميركية الجنيه الإسترليني أو الروبية الهندية أو الجنيه المصري أو الوون الكوري الجنوبي نزولاً إلى مستويات لم تُعرف من قبل.
يقول براد بيكتل من مجموعة «جيفريز»، إنه «من الواضح أننا نشهد تحركات قصوى... ويمكن للدولار أن يذهب أبعد من ذلك بكثير. لذلك قد ينتهي بنا الأمر إلى وضع كارثي بالنسبة لبعض العملات».
ولم يكن لتحرك معظم البنوك المركزية، مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وتشديد السياسة المالية، دور كبير حتى الآن، عدا عن تدخل بنك اليابان المباشر في سوق الصرف الأجنبية لدعم الين الأسبوع الماضي.
ويخشى كثيرون من أن الأمر نفسه يمكن أن ينطبق على تدخل بنك إنجلترا الذي أدى إعلانه الأربعاء، عن شراء السندات البريطانية إلى تحسن سعر صرف الجنيه الإسترليني.
وعلق باتريك أوهير من موقع «بريفينغ.كوم» بقوله: «لدينا بعض الشكوك في أن تكون خطة بنك إنجلترا هي الحل النهائي للقلق الذي يلقي بثقله على الجنيه الإسترليني وسوق السندات في المملكة المتحدة».
وليست المملكة المتحدة الوحيدة التي تعاني من وضع سيئ، فهناك بلدان ناشئة في وضع أسوأ. فقد فقدت الروبية الباكستانية مثلاً 29 في المائة من قيمتها في عام واحد مقابل الدولار، فباكستان وسريلانكا وبنغلاديش «تعاني جميعها من نقص السيولة على مستوى العالم»، وفق وين ثين من مجموعة «بي بي إتش إنفسترز سيرفيسز».
وأدى ارتفاع أسعار النفط والحبوب التي تعد من أبرز واردات هذه الدول إلى زيادة عجزها التجاري وزيادة التضخم، وهما عاملان يؤثران سلباً على عملاتها. وأدى ارتفاع الدولار إلى زيادة حدة هذه الظاهرة، لأن كثيراً من المواد الخام مسعرة بالعملة الخضراء. ويقول وين ثين إن «هذه البلدان التي تعاني من ضعف بنيوي يُحتمل أن تكون أول من ترضخ للاختبار» في حالة ارتفاع الدولار بشكل أكبر. وإضافة إلى ذلك، عانت باكستان من فيضانات تاريخية في أغسطس (آب) دفعت الحكومة إلى مناقشة إعادة هيكلة ديونها.
يقول آدم باتون من شركة «فوريكس لايف»، إن «النظام المالي يتعرض لضغوط هائلة في الوقت الحالي وليست سوى مسألة وقت قبل حدوث أزمة كبيرة في أماكن أخرى من العالم».
في تايوان أو تايلاند أو كوريا الجنوبية على سبيل المثال، وهي كلها تعتمد أيضاً بشكل كبير على استيراد الطاقة، تسببت سياسة صفر كوفيد التي تتبعها الصين في انخفاض صادراتها إلى البلد العملاق، كما أن التباطؤ الاقتصادي العالمي يهدد مبادلاتها التجارية بشكل عام.
أما بالنسبة للصين واليابان، وإن كان حجم اقتصاديهما يجعلهما في وضع أفضل من جاراتهما، فقد أسهم البلدان في الأسابيع الأخيرة في الاضطرابات بسوق الصرف الأجنبية. ومن ثم انخفض الين الياباني واليوان الصيني مؤخراً إلى أدنى مستوى لهما منذ 24 و14 عاماً على التوالي.
ويعيد الخوف من زعزعة الاستقرار ذكريات أزمة عام 1997 الآسيوية التي تسبب بها انخفاض قيمة البات التايلاندي. وقد تبعتها حينها ماليزيا والفلبين وإندونيسيا، وهو ما أصاب المستثمرين الأجانب بالذعر وأدى إلى عمليات سحب جماعية، إلى الحد الذي أغرق عدة دول في القارة بالركود وجعل كوريا الجنوبية على شفا التخلف عن السداد.
يقول إريك نيلسن من شركة «ويلز فارغو»، إن الاختلاف الملحوظ مع عام 1997 هو أنه «لا يوجد اليوم ارتباط ثابت بعملات أجنبية محددة، على الأقل بين البلدان الناشئة الكبيرة».
في ذلك الوقت، كان انهيار البات مرتبطاً جزئياً بتعادله الثابت مع الدولار، ما أرغم البلد على دعم عملته على حساب استنفاد احتياطياته من العملات الأجنبية، وهو ما يعني الحكم بالإعدام على أي عملة.
ومن بين البلدان القليلة التي ما زالت تربط عملتها بالدولار، أعلن لبنان الخميس، أنه سيخفض قريباً قيمة الليرة اللبنانية إلى 15 ألف ليرة للدولار الواحد، مقابل 1507 ليرة حالياً بالسعر الرسمي.
ويبدو أن الولايات المتحدة وحدها قادرة على خفض جموح عملتها، ولكن «مع ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ينظر الاحتياطي الفيدرالي إلى الدولار القوي على أنه نعمة»، وفق كريستوفر فيكيو من شركة «ديلي إف إكس». وأضاف أن ذلك «يساعد في عزل الاقتصاد الأميركي عن الضغوط التضخمية الإضافية»، إذ إن البلد يدفع أقل مقابل المنتجات المستوردة.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الثلاثاء، إن التشديد النقدي الذي يقوده البنك المركزي الأميركي لا يسبب «اضطراباً» في الأسواق المالية. ولكن يقول آدم باتون إن «السؤال هو إلى أي مدى يجب أن تتدهور الأمور قبل أن يتحرك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي؟».
ومساء الخميس، قالت محافظة فرع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، لوريتا ميستر، إن البنك المركزي الأميركي الذي رفع بالفعل سعر فائدته الرئيسية بواقع ثلاث نقاط مئوية هذا العام، عليه أن يستمر في الزيادة لكبح التضخم المرتفع.
وأوضحت ميستر في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي» الأميركية، أن «أسعار الفائدة الحقيقية التي يتم الحكم عليها، وفقاً لتوقعات التضخم في العام المقبل، يجب أن تكون في منطقة إيجابية، وأن تظل كذلك لفترة من الوقت». وقالت: «ما زلنا حتى ليس في منطقة مقيدة، بشأن سعر الفائدة الفيدرالي».
ورفع مسؤولو المجلس أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس في 21 سبتمبر (أيلول)، للاجتماع الثالث على التوالي، بما يصل بهدف سعر الفائدة القياسي إلى نطاق يتراوح بين 3 و3.25 في المائة. وقالت: «في ملخص توقعاتي الاقتصادية أن التضخم سينخفض، لكن يجب أن نرفع أسعار الفائدة إلى أن يتم الاتجاه النزولي للتضخم»، واصفة توقعاتها بأنها ربما تكون أعلى قليلاً من متوسط التوقعات.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».