«التحدي سر» يهدم السقف فوق رؤوس أصحابه

نهاية 60 حلقة من كباش الدولة مع العصابة

أبطال مسلسل «التحدي سر» كانوا بحجم أدوارهم
أبطال مسلسل «التحدي سر» كانوا بحجم أدوارهم
TT

«التحدي سر» يهدم السقف فوق رؤوس أصحابه

أبطال مسلسل «التحدي سر» كانوا بحجم أدوارهم
أبطال مسلسل «التحدي سر» كانوا بحجم أدوارهم

ستون حلقة من مسلسل «التحدي سر» شاهدناها بمعدل جيد من الرغبة في انتظار مراكمة الأحداث. لم يهمس للملل، ولم يُلمح إلى أن طوله يسبب ارتباكاً تصعب السيطرة عليه. وراء الكاميرا، المخرج مروان بركات المجتهد في ضبط الإيقاع؛ وأمامها نجم من القلة المتمكنة من التنافس رأساً برأس مع التفوق غير الخاضع لمنطق الطلعات والنزلات. بسام كوسا في دور عامر بدران ظل يلعب ببراعة ضمن مساره التصاعدي نحو الإبداع بالشخصية. نادراً ما يمسك ممثل مسلسلاً، بالتوازي مع إمساكه دوره كشربة ماء.
يصدف أن الخير والشر في المسلسل (شاهد، إم تي في) ليسا كرتونيين. فلا ضابط الشرطة جاد حرب (باسم مغنية بأداء مميز) هو الخير بالمطلق، ولا مهرب المخدرات عامر بدران هو الشرير الوحش. في الاثنين نزعة إنسانية تصيب وتخيب، وفي الحالتين، هما بشر من لحم ودم.
يستكمل المسلسل لعبة القط والفأر الممتدة من جزئه الأول بين القانون والتفلت من العقاب. لا يكف النقضيان عن الجري حد تقطع الأنفاس. لا يمكن لعامر بدران أن يرمق الحياة في لحظة القبض عليه سوى بعين لا تخاف الموت. بطلقة، يعكر بدمه لمعان الزجاج خلفه. يستعير كاتب النص والسيناريو والحوار مؤيد النابلسي النهاية المأساوية ذائعة الصيت في التاريخ: الانتحار برصاصة.
تكتمل الخلطة وتزين بمكسرات من الصنف الحلو والمر. فالنهاية سعيدة بانتصار «الحق»، وتراجيدية بلحظاتها الأخيرة حين يغلق المسلسل بابه بمشهد الطلقة في الفم. كباش الدولة والعصابة، بنكهة الحب المدجج بالتهديد والخوف. يمنح «التحدي سر» ستيفاني صليبا فرصة تأكيد حضور درامي تُحسن قطفها. لا بد أن الوقوف أمام بسام كوسا ومشاركته المشاهد، حمل استعدت له. أداؤها شخصية جويل بمثابة قدم أكثر ثقة تكمل بها الرحلة.
تتعدد وجوه رجل المافيا المنضوي تحت جناح الزعيم الكبير ومساعدته. بمشاهدها القليلة، بدت كارين سلامة بشخصية نيكول، متمكنة. على المسرح حيث يحلو إسقاط الأقنعة، تواجه الشخصيات مصائرها من منطلق عدائي. الكل مهدد بسقوط الهيكل. على مدى ستين حلقة، والكذبة تنكشف لتتأكد الحقيقة: لا أحد مثالياً. والملائكة ليسوا سكان هذه الأرض.
استمرت المطاردة بين جاد (خلفه جهاز مكافحة المخدرات) وعامر، بعدما لم يبقَ للأول ما يخسره. موت عائلته بإشارة من عدوه، يحرك الدافع الانتقامي ليسبق الواجب الوطني نحو القبض عليه. الشخصنة تجعل غايته تبرر وسيلته ولو كلفت التضحية بـ«أبرياء». تشنق دارين (مرور جيد لرانيا سلوان) نفسها، وتباغته جويل بالنجاة حين تنقلب عليه بانتصارها للحب.
في عالم المال والسلطة، تبدل المصالح التحالفات. لم تهمد جبهة الوزير يوسف سلطان (جورج شلهوب باختزال جيد لصورة صاحب المنصب) في مواجهة جبهة عامر بدران. تارة تُصدر ناراً وتارة يُبردها ود زائف. السلسلة تشمل زوجته بيداء (اللافتة كارمن لبس) بنرجسيتها وانكسارها، وابنته بالتبني المحامية جوا (الدور المنعطف لفرح بيطار)، كما تشمل على الطرف الآخر محرك الجمر وموقد اللهب شاهر (أفضل أدوار سلطان ديب الممتاز). بانفراط حلقاتها، يُهدم السقف على رؤوس أصحابه.
الأسئلة مطروحة عن كون جميع الوسائل مباحة للقبض على «مجرم»، وهل امتلاك الحق يجعل الباطل جزءاً من اللعبة؟ بدل الصاع، اعتاد عامر على رده صاعين، ومع ذلك لم يكنس من قلبه بقايا الرحمة. أعاد لابنته الآتية من اليُتم ابتسامات الحياة، ثم بطلقة في رأس حبيبها، حطم حيزاً في قلبها. تمر تانيا فخري بشخصية الابنة بانا بمطبات عاطفية تجتازها بـ«رآكشنات» ممثلة مجتهدة. كعمتها في المسلسل هند (رواد عليو بشخصية ممسوكة)، يعذبها الحب؛ وعلى عكسها يهديها لاحقاً بعض النسائم حين تجد في وسام (علي سكر بدور عفوي) خلاصها.
تتخذ هند من شقيقها عامر وجهاً للمافيوية تدعي رفضه، لكنه، على الأرجح، يجري في الدم. فهي حين أحبت، خفق القلب لمتزوج، فعاملت العلاقة كأي شيء يمكن اقتناؤه بالمال. ثلاثية هند، ساري (بيار داغر بملامح متقنة)، وزوجته توليب (بياريت قطريب بشخصية مضبوطة)، شكلت شكلاً آخر للصفقة الرخيصة المنتهية بخسارة.
يجتمع المكر في من يفترض به الاحتكام للنزاهة القانونية، فلا يختلف المحامي برهان (حسان مراد متلبس الشخصية) عن أي مرتكب يزجه في السجن. هنا الجريمة والتهريب واستغلال المناصب، مع التلون والزيف وفبركة المشاعر. عراب المركب الذي لا يرسو على بر هو وسام حنا بشخصية مهند بدران. لعله ذروة النضج، فالدور يخلط الفكاهة بالدناءة والتمسكُن بالدهاء. حين وقف مواجهاً بسام كوسا، لم تتعثر قدماه. من خلاله، قادت السبل إلى حقيقة لا مهرب منها: النيات معدن الإنسان.
«التحدي سر»، يُصنف جيداً في نصه وأداء أبطاله وإخراجه. إنتاج يحفظ ماء وجه الترفيه الدرامي. لم يفسح مجالاً لحتمية سقوط ممثل ضعيف أمام أسماء ماهرة، فاستبعد المخاطرة بالضعفاء لتجنب أي ضربة قاضية. وضع ممثلين يسيرون خطوة خطوة نحو المكانة الدرامية، أمام فرصة أن يشكل حضورهم إضافة، فأضافوا. يمكنهم بعده احتساب الدور المقبل وقيمته.


مقالات ذات صلة

قنوات مصرية تكتفي بعرض مسلسلات قديمة في موسم الصيف

يوميات الشرق بوستر مسلسل «جودر» (الشركة المنتجة)

قنوات مصرية تكتفي بعرض مسلسلات قديمة في موسم الصيف

اكتفت قنوات مصرية كثيرة بإعادة عرض مسلسلات قديمة في موسم الصيف الحالي، بعضها يعود إلى عام 2002، والبعض الآخر سبق تقديمه خلال الموسم الرمضاني الماضي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد رزق (حسابه على إنستغرام)

أسرة «ضحية نجل أحمد رزق» لقبول «الدية الشرعية»

دخلت قضية «نجل الفنان المصري أحمد رزق» منعطفاً جديداً بوفاة الشاب علاء القاضي (عامل ديلفري) الذي صدمه نجل رزق خلال قيادته «السكوتر» نهاية مايو (أيار) الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق كواليس مسلسل «عودة البارون» (فيسبوك المخرج)

غموض بشأن مصير مسلسلات مصرية توقف تصويرها

تواجه مسلسلات مصرية تم البدء بتصويرها خلال الأشهر الأخيرة مستقبلاً غامضاً بعد تعثّر إنتاجها وأزمات أخرى تخص أبطالها.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق المسلسلات القصيرة تُعيد فرض حضورها على خريطة دراما مصر

المسلسلات القصيرة تُعيد فرض حضورها على خريطة دراما مصر

تفرض المسلسلات القصيرة وجودها مجدداً على الساحة الدرامية المصرية خلال موسم الصيف، بعدما أثبتت حضورها بقوّة في موسم الدراما الرمضانية الماضي.

داليا ماهر (القاهرة )
الوتر السادس صابرين تعود للغناء بعمل فني للأطفال (حسابها على {انستغرام})

صابرين لـ«الشرق الأوسط»: أشتاق للغناء

قالت الفنانة المصرية صابرين إنها تترقب «بشغف» عرض مسلسل «إقامة جبرية» الذي تشارك في بطولته، وكذلك فيلم «الملحد» الذي عدّته خطوة مهمة في مشوارها الفني.

انتصار دردير (القاهرة)

بايدن «يحمي» اللبنانيين في أميركا من الإبعاد


الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

بايدن «يحمي» اللبنانيين في أميركا من الإبعاد


الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

أعطى الرئيس الأميركي جو بايدن اللبنانيين الموجودين في بلاده «حماية من خطر الإبعاد لمدة تصل إلى 18 شهراً»، عازياً القرار إلى «تدهور الأوضاع الإنسانية في جنوب لبنان بشكل كبير بسبب التوترات بين حزب الله وإسرائيل».

وكشف مسؤولون أميركيون أن المذكرة الرئاسية كانت قيد الإعداد منذ أشهر، و«لا تعني أن واشنطن تخشى حرباً شاملة وشيكة على طول الحدود اللبنانية - الإسرائيلية». ويتوقع أن تشمل مذكرة بايدن نحو 12 ألف لبناني، بينهم نحو 1700 طالب، ويسمح للمواطنين اللبنانيين المؤهلين بالتقدم بطلب للحصول على تصريح عمل.

وفي المذكرة التي وجهها إلى وزيري الخارجية أنتوني بلينكن والأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، طلب بايدن «تأجيل المغادرة القسرية لبعض الرعايا اللبنانيين». وأضاف أنه «بينما أظل أركز على تهدئة الموقف وتحسين الأوضاع الإنسانية، فإن كثيراً من المدنيين لا يزالون بخطر».