«أكشن»... أرشيف بصري بلغة السينما لتوثيق الهوية المصرية

الموالد الشعبية في مصر  -  ملامح من الحارة المصرية
الموالد الشعبية في مصر - ملامح من الحارة المصرية
TT

«أكشن»... أرشيف بصري بلغة السينما لتوثيق الهوية المصرية

الموالد الشعبية في مصر  -  ملامح من الحارة المصرية
الموالد الشعبية في مصر - ملامح من الحارة المصرية

كما أن «السينما مرآة المجتمع»؛ يأتي المعرض التشكيلي «أكشن» للفنان المصري حسني أبو بكر، ليصب أيضاً في نفس الاتجاه، فمن خلال عشقه للدراما، إضافة إلى أنه ممثل وفنان تشكيلي، يحاول أن ينقل روح السينما إلى لوحات معرضه، الذي يحتضنه غاليري «ديمي» بالقاهرة حالياً وحتى 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
فعبر 35 لوحة، يحاول الفنان أبو بكر أن يوظف أسلوبه الفني الخاص به لإبراز التراث المصري والحفاظ على الهوية، موثقاً لأشكال الحياة في مصر، في محاولة للحفاظ عليها من الانقراض والاندثار.
ويقول أبو بكر لـ«الشرق الأوسط»: «معرض (أكشن) أعتبره رسالة للحفاظ على التراث المصري والعادات والتقاليد التي تحفظ للمصريين هويتهم، خاصة مع (هجمة) التكنولوجيا، مما يعرض الهوية والأصالة التي تميزنا للهدم، لذا رأيت أهمية أن يكون لنا أرشيف بصري يوثق الكثير من العادات والتقاليد، ويؤكد على هويتنا». ويبيّن أن معرض «أكشن» هو خطوة جديدة في مشروعه الفني الذي بدأه منذ عدة سنوات لتوثيق أشكال الحياة المصرية بكل جوانبها، في الشكل والمظهر والبناء والمأكولات ووسائل المعيشة المختلفة والعادات والتقاليد وكل ما يعطي للحياة المصرية طابعها الخاص، مضيفاً: «هذا المشروع ليس ابتكاراً منّي فهذا ما فعله أجدادنا الفراعنة، عندما حفظوا تاريخهم وتراثهم على جدران المعابد والمقابر، ولولا ذلك ما كنا عرفنا عن حضارتهم شيئاً».
تعكس لوحات المعرض ملامح شعبية مصرية، فنرى عادات الزواج والأعراس في الريف والمدينة، وعادة السبوع، وملامح من الموالد الشعبية، والباعة الجائلين، إلى جانب مظاهر صيد السمك بالإسكندرية وما يرتبط به من أسواق بيعه ومطاعم طهوه، كما تعكس لوحات أخرى ملامح من الحارة المصرية، فيما تواجه لوحات أخرى عادات مجتمعية خاطئة، مثل زواج القاصرات، وتشرد الأطفال، وعدم الرفق بالحيوان.
ينحاز أبو بكر دائماً إلى الملمح الشعبي، وهو ما يعلله بقوله: «نشأت في بيت ينتمي للطبقة المتوسطة، لذا فأنا متأثر بالبيئة الشعبية، وأرى أن الفنان يجب أن يعبر عن نفسه وبيئته، كما أراها دائماً بيئة ثرية لونياً، ومحفزة دوماً للإبداع بعناصرها ومفرداتها، ورغم ذلك فإنني أخاطب بهذا الملمح جميع الطبقات من منطلق أن الفن للجميع».
يقدم صاحب المعرض لوحاته بأسلوب خاص، فهو متأثر بكونه ممثلاً درامياً بجانب ممارسته للفن التشكيلي، لذا يطغى الشكل الدرامي على اللوحات، التي يستشعر المتلقي أمامها أنه يشاهد لقطة سينمائية بكل عناصرها؛ حيث يعكس سطح اللوحات القصة والسيناريو والحوار يخلقها تلاقي الوجوه، الذين نجد منهم الأبطال والكومبارس، وموسيقى يستشفها المتلقي من بين عناصر العمل المتناسقة لونياً، إلى جانب حركة دائمة من امتزاج البشر والطيور والحيوانات داخل إطار اللوحة، وبين كل تلك العناصر، يأتي دور الفنان متقمصاً دور المخرج السينمائي، الذي يجمع خيوط العمل، ليخرج العمل متكاملاً دون نشاز، يوصّل به فكرته لجمهوره. وكترجمة لهذه الرؤية جاء عنوان المعرض ليحمل اسم (أكشن)، وهو ما يتحدث عنه الفنان، موضحاً أن «كلمة (أكشن) هي كلمة يرددها المُخرج مع بداية عمله، وقد استخدمتها كدلالة على لغة السينما في أعمالي». ويلفت أبو بكر إلى استلهامه أفكار بعض لوحات المعرض من الأفلام والأعمال الدرامية، مضيفاً: «أستلهم من الأفلام والدراما التلفزيونية كثيراً من الأفكار، لكن مع ربطها بالواقع، وأن يكون لها أساس من الحقيقة وليس من الخيال فقط، مع الإضافة والحذف لبعض العناصر، بما أشعر معه بأن اللوحة توصّل الفكرة والمضمون اللذين أريد إيصالهما للمتلقي».
أبو بكر أوضح: «مارست فن الكاريكاتير قبل أن أخوض التجربة التشكيلية، فالكاريكاتير فن قريب من الناس، وكان تفكيري الدمج بينه وبين الفن التشكيلي التقليدي، بحيث أستطيع أن أصل بأفكاري للجمهور في بساطة».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.