أكراد إيرانيون هجروا بلدهم فلاحقهم القصف إلى كردستان العراق

ريزان تعرض صورة لها مع خطيبها الذي قتل بالقصف الإيراني (أ.ف.ب)
ريزان تعرض صورة لها مع خطيبها الذي قتل بالقصف الإيراني (أ.ف.ب)
TT

أكراد إيرانيون هجروا بلدهم فلاحقهم القصف إلى كردستان العراق

ريزان تعرض صورة لها مع خطيبها الذي قتل بالقصف الإيراني (أ.ف.ب)
ريزان تعرض صورة لها مع خطيبها الذي قتل بالقصف الإيراني (أ.ف.ب)

حينما بدأ القصف في إقليم كردستان العراق، استقلت الممرضة ريزان حسن سيارة إسعاف وهرعت لمساعدة الجرحى في كويسنجق، لكنها لم تكن تعلم أن خطيبها، المقاتل في صفوف المعارضة الكردية الإيرانية، كان بين القتلى.
تعرض الأربعاء الماضي إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق لقصف شديد بأكثر من 70 صاروخاً ولضربات بطائرات بلا طيار، تبنتها طهران، واستهدفت تنظيمات مسلحة كردية إيرانية، لكنها طالت أيضاً مناطق مدنية لا سيما مدرسة.
قتل على الأقل 14 شخصاً، بينهم امرأة حامل، في هذا القصف وأصيب 50 آخرون بجروح «معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال دون سن العاشرة»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم.
تروي ريزان البالغة من العمر 22 عاماً وتعمل ممرضة في مستشفى في حي للاجئين الإيرانيين في كويسنجق: «عندما سمعنا القصف، ذهبنا بسيارات الإسعاف إلى المواقع المستهدفة من أجل مساعدة الناس... قمنا بنقل بعض النساء والأطفال إلى أماكن بعيدة عن القصف من أجل سلامتهم».
أدركت ريزان أن خطيبها محمد، كان في المكان لدى وقوع الضربات، وهو مقاتل في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.
وتقول: «اتصلت به ولم يجب، ثم عاودت الاتصال به مرة ثانية. أجابني شخص وقال لي إنه يقود السيارة، لكنني شعرت بأنه يكذب».
في منزل أهلها، تستقبل ريزان التي اتشحت بالسواد الأصدقاء والأقرباء من المعزين. إلى جانبها جلست والدتها التي لم تتمكن من حبس دموعها. تقول: «كنا على وشك الحصول على منزل في المخيم».
يعرض والدها صور حفل الخطوبة على هاتفه: ريزان إلى جانب محمد، تغطي شعرها بوشاح وردي، مبتسمة، وهو بثياب كردية تقليدية رمادية. في صورة أخرى، يظهران بثياب عسكرية ومحمد يحمل رشاشاً على كتفه.
توجد في إقليم كردستان العراق مقار أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية يسارية خاضت تاريخياً تمرداً مسلحاً ضد النظام في إيران، غير أن أنشطتها العسكرية تراجعت في السنوات الأخيرة؛ إذ يسعى إقليم كردستان العراق إلى تجنب أي خلافات دبلوماسية مع الجارة النافذة إيران.
لكن هذه التنظيمات لا تزال تنتقد بشدة الوضع في إيران على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر مشاركة مقاطع فيديو للتظاهرات التي تشهدها إيران حالياً منذ وفاة الشابة مهسا أميني منتصف سبتمبر (أيلول) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق.
يمسح قادر بابيري دموعه وهو يتكئ على أريكة خلال مشاركته في عزاء صديقه عثمان المقاتل مثله في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني. أقيم العزاء في منزل أحد رفاقه في وسط مدينة كويسنجق.
حينما قصفت طهران، كان بابيري في بيته القريب من مقر الحزب. لم يصب الرجل بأذى لكن بيته تعرض لأضرار.
يروي الرجل السبعيني ذو الشارب الأبيض: «كنت في البيت، وسمعت صوتاً قوياً. قلت لأولادي حينها: ضربونا ضربة ثانية. الضربة الثانية كانت قريبة من بيتي».
تضرر البيت وانهارت نوافذه وأبوابه وكذلك الأجهزة الكهربائية بعد إصابته بصاروخ كما يقول الرجل.
واتهم مسؤول في الحرس الثوري الإيراني مؤخراً التنظيمات المعارضة الموجودة في إقليم كردستان بأنها مسؤولة عن «أعمال الشغب» في إيران.
وقال الحرس الثوري الأسبوع الماضي إن تلك التنظيمات عبرت الحدود «في السنوات الأخيرة» للقيام بهجمات.
في عام 2018 كذلك، قتل 15 شخصاً بضربات صاروخية إيرانية استهدفت مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في كويسنجق.
هجر كامل غفوري إيران إلى كردستان العراق قبل 18 عاماً. ويقول هذا المقاتل في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني: «نحن كشعب، ليست لدينا حقوق في إيران. القراءة والكتابة بلغتنا ممنوعة».
ولا يخفي الرجل الذي جلس على الأرض وسلاحه بجانبه، تأييده للتظاهرات في إيران.
ويقول غفوري البالغ من العمر 43 عاماً: «أتمنى أن تستمر التظاهرات. استمرارها ضمان لسقوطهم»، في إشارة إلى النظام في إيران، مضيفاً: «انتهى زمن الخوف».
طال القصف في كويسنجق، التي تسمى كذلك كوية وتقع شرق أربيل، مدرسة لتلاميذ من اللاجئين الإيرانيين، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
وقالت المنظمة في بيان ليل الأربعاء: «جرح طفلان على الأقل وقتلت امرأة حامل، بحسب المعلومات الأولية».
المرأة الحامل فارقت الحياة في المستشفى إثر نزيف داخلي، بحسب القناة الكردية «رووداو». كما فارق رضيعها الحياة بعدما ولدته، ليل الخميس، وفق السلطات المحلية.


مقالات ذات صلة

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

كشف مصدر مسؤول في وزارة المالية بإقليم كردستان العراق، أن «الإقليم تكبد خسارة تقدر بنحو 850 مليون دولار» بعد مرور شهر واحد على إيقاف صادرات نفطه، وسط مخاوف رسمية من تعرضه «للإفلاس». وقال المصدر الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»: إن «قرار الإيقاف الذي كسبته الحكومة الاتحادية نتيجة دعوى قضائية أمام محكمة التحكيم الدولية، انعكس سلبا على أوضاع الإقليم الاقتصادية رغم اتفاق الإقليم مع بغداد على استئناف تصدير النفط».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

فيما نفت تركيا مسؤوليتها عن هجوم ورد أنه كان بـ«مسيّرة» استهدف مطار السليمانية بإقليم كردستان العراق، أول من أمس، من دون وقوع ضحايا، وجهت السلطات والفعاليات السياسية في العراق أصبع الاتهام إلى أنقرة. وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، في بيان، «نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخول للقوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية».

المشرق العربي نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجا قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، مساء أمس، من محاولة اغتيال استهدفته في مطار السليمانية بكردستان العراق. وتحدث مصدر مطلع في السليمانية لـ «الشرق الأوسط» عن قصف بصاروخ أُطلق من طائرة مسيّرة وأصاب سور المطار.

المشرق العربي الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

يبدو أن الانقسام الحاد بين الحزبين الكرديين الرئيسيين «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي» المتواصل منذ سنوات طويلة، يظهر وبقوة إلى العلن مع كل حادث أو قضية تقع في إقليم كردستان، بغض النظر عن شكلها وطبيعتها، وهذا ما أحدثه بالضبط الهجوم الذي استهدف مطار السليمانية، معقل حزب الاتحاد الوطني، مساء الجمعة.

فاضل النشمي (بغداد)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
TT

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

ونقلت صحيفة «الأمة» الباكستانية عن وزير الشؤون الدينية، شودري حسين، أن 50 ألف مواطن باكستاني اختفوا في العراق خلال السنوات الماضية.

وأعرب وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، عن قلقه واستنكاره لتزايد عدد العمالة غير القانونية في البلاد، مؤكداً أن وزارته ستحقق في اختفاء آلاف الباكستانيين في العراق، وأن هذا الأمر «سيكون محل اهتمام للتحقق واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم».

وأعلنت الشرطة العراقية اعتقال العشرات من الباكستانيين، يبدو أنهم من الذين تسربوا خلال زيارتهم المراقد الدينية.