على رغم التسليم بأن روسيا ستمارس امتياز النقض، الفيتو، لتعطيل إصداره في مجلس الأمن، استبقت الولايات المتحدة وألبانيا قرارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسلخ مناطق من أوكرانيا وضمها إلى روسيا بتقديم مشروع قرار يندد بخطوات الكرملين سينتهي به المطاف في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لا تعد قراراتها ملزمة. والقرار الذي وضعه الجانبان الأميركي والألباني، ويحظى بدعم واسع من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس، وضع بالحبر الأزرق تمهيداً للتصويت عليه، وهو يدعو إلى عدم الاعتراف بأي تغييرات في وضع مناطق لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا في أوكرانيا، في ضوء إعلان الكرملين خططه لضم هذه المناطق الأربع.
وقالت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد إنه إذا مارست روسيا الفيتو، فإن الولايات المتحدة وألبانيا ستقدمان القرار للتصويت في الجمعية العامة المكونة من 193 عضواً، حيث لا يمكن لأحد أن يستخدم حق النقض.
يؤكد مشروع القرار «التزام (مجلس الأمن) سيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً، والتي تمتد إلى مياهها الإقليمية»، مندداً بتنظيم روسيا «لاستفتاءات غير قانونية مزعومة في مناطق داخل حدود أوكرانيا المعترف بها دولياً». ويعلن أن «الإجراءات غير القانونية للاتحاد الروسي فيما يتعلق بالاستفتاءات غير القانونية المزعومة التي أجريت من 23 سبتمبر (أيلول) 2022 إلى 27 منه في أجزاء من مناطق أوكرانيا في لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا الخاضعة للسيطرة المؤقتة للاتحاد الروسي لا يمكن أن يكون لها أي صلاحية ولا يمكن أن تشكل أساساً لأي تغيير في وضع هذه المناطق في أوكرانيا، بما في ذلك أي ضم مزعوم لأي من هذه المناطق من قبل الاتحاد الروسي»، داعياً كل الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة إلى «عدم الاعتراف بأي تغيير في وضع مناطق أوكرانيا في لوغانسك أو دونيتسك أو خيرسون أو زابوريجيا على أساس الإجراءات غير القانونية للاتحاد الروسي»، مع «الامتناع عن أي إجراء أو تعامل يمكن تفسيره على أنه إقرار بأي حالة جرى تغييرها». ويطالب بـ«عدم الاعتراف بأي استحواذ مزعوم من قبل روسياً على أي من أو كل مناطق أوكرانيا»، معتبراً أن قرار روسيا في 21 فبراير (شباط) 2022 والمتعلق بوضع مناطق معينة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا «انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها ويتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة». ويطالب روسيا أيضاً بأن «تقوم على الفور وبدون قيد أو شرط بإلغاء قراره» هذا، كما أن على روسيا «الكف والامتناع عن الأعمال التي تهدف إلى الإخلال الجزئي أو الكلي بالوحدة الوطنية وسلامة أراضي أوكرانيا في كل المناطق داخل حدود أوكرانيا المعترف بها دولياً، بما في ذلك مناطق لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا».
ويدعو مشروع القرار روسيا إلى «وقف فوري لغزوه غير القانوني الشامل لأوكرانيا والامتناع عن أي تهديد أو استخدام غير قانوني للقوة ضد أي دولة عضو»، على أن يلي ذلك «سحب فوري وبشكل كامل وغير مشروط لكل قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا»، بما فيها المناطق التي أخذت من خلال «ما يسمى بالاستفتاءات غير القانونية، وذلك للتمكين من التوصل إلى حل سلمي للنزاع بين روسيا وأوكرانيا من خلال الحوار السياسي أو التفاوض أو الوساطة أو غير ذلك من الوسائل السلمية، مرحباً بجهود الأمم المتحدة والدول الأعضاء والمنظمات الإنسانية للاستجابة للأزمة الإنسانية وأزمة اللاجئين. وكذلك يعبر عن دعمه القوي للجهود المستمرة التي يبذلها الأمين العام أنطونيو غوتيريش.
وكان غوتيريش قد ندد الخميس بقرارات بوتين، مؤكداً أن «أي ضم لأراضي دولة من قبل دولة أخرى نتيجة التهديد باستخدام القوة أو استخدامها هو انتهاك لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي». وذكر بما أورده إعلان العلاقات الودية التاريخي الصادر في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 1970، وكذلك مراراً وتكراراً في قواعد القانون الدولي العام من محكمة العدل الدولية، علماً بأن الجمعية العامة أفادت بأن «إقليم دولة ما يجب ألا يكون موضوع كسب دولة أخرى نتيجة للتهديد باستخدام القوة أو استخدامها» وأنه «يجب عدم الاعتراف بالاستحواذ على الأراضي الناتج عن التهديد باستخدام القوة». وأوضح أن الاتحاد الروسي، بصفته أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن «يتشاطر مسؤولية خاصة تتمثل في احترام الميثاق»، مضيفاً أن «أي قرار بالمضي في ضم مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا في أوكرانيا لن يكون له أي قيمة قانونية ويستحق الإدانة»، لأنه «لا يمكن التوفيق بينها وبين الإطار القانوني الدولي»، فضلاً عن أنه «يقف ضد كل ما يريد المجتمع الدولي الدفاع عنه»، بل إنه «يطمس مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة».
ووصف الخطوة الروسية بأنها «تصعيد خطير» وبأن «لا مكان لها في العالم الحديث»، مطالباً بـ«عدم قبولها». وشدد على أن الأمم المتحدة «ملتزمة تماماً بسيادة أوكرانيا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، داخل حدودها المعترف بها دولياً»، مؤكداً أن «ما يسمى بـ(الاستفتاءات) في المناطق المحتلة تمت أثناء النزاع المسلح النشيط، في المناطق الواقعة تحت الاحتلال الروسي، وخارج الإطار القانوني والدستوري لأوكرانيا». وأضاف أنه لذلك «لا يمكن وصفها بأنها تعبير حقيقي عن الإرادة الشعبية»، محذراً من أن «أي قرار تتخذه روسيا للمضي قدماً سيعرض آفاق السلام لمزيد من الخطر. وسيطيل أمد الآثار الدراماتيكية على الاقتصاد العالمي خصوصاً».
وفيما بدا أنه مناشدة موجهة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال غوتيريش: «حان الوقت للتراجع عن حافة الهاوية».
أميركا والغرب ينقلان معركة أوكرانيا الدبلوماسية إلى الجمعية العامة
الفيتو يشلّ قدرة مجلس الأمن على التنديد بقرارات روسيا
أميركا والغرب ينقلان معركة أوكرانيا الدبلوماسية إلى الجمعية العامة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة