العثور على مقبرة النجوم في مجرة «درب التبانة»

فريق أسترالي نشر خريطة بمواقعها

منظر منقسم لمجرة «درب التبانة» مقابل مقبرتها النجمية (جامعة سيدني)
منظر منقسم لمجرة «درب التبانة» مقابل مقبرتها النجمية (جامعة سيدني)
TT

العثور على مقبرة النجوم في مجرة «درب التبانة»

منظر منقسم لمجرة «درب التبانة» مقابل مقبرتها النجمية (جامعة سيدني)
منظر منقسم لمجرة «درب التبانة» مقابل مقبرتها النجمية (جامعة سيدني)

كشفت خريطة وضعها فريق بحثي أسترالي، من معهد سيدني لعلم الفلك، عن مقبرة لنجوم درب التبانة، التي تحولت إلى ثقوب سوداء ونجوم نيوترونية. ووجدوا أنها تمتد ثلاثة أضعاف ارتفاع المجرة نفسها، وثلث هذه النجوم تم قذفه خارج المجرة تماماً.
وتتشكل النجوم النيوترونية والثقوب السوداء عندما تستنفد النجوم الضخمة، أكبر بثماني مرات من شمسنا، وقودها وتنهار فجأة، ويؤدي هذا إلى تفاعل سريع ينفخ الأجزاء الخارجية من النجم بعيداً في انفجار يسمى «مستعراً أعظم»، بينما يستمر اللب في الانضغاط على نفسه - اعتماداً على كتلته الأولية – حتى يصبح إما نجماً نيوترونياً أو ثقباً أسود.
وفي النجوم النيوترونية، يكون اللب كثيفاً لدرجة أن الإلكترونات والبروتونات تُجبر على الاندماج على المستوى دون الذري في نيوترونات، محاصرة كتلتها الكلية في كرة أصغر من مدينة، وإذا كانت كتلة النجم الأصلي أكبر من 25 مرة من كتلة شمسنا، فإن هذا الانهيار الناتج عن الجاذبية يستمر، حتى يصبح اللب كثيفاً جداً بحيث لا يمكن حتى للضوء الهروب، وكلا النوعين من الجثث النجمية يشوه المكان والزمان والمادة من حوله.
ورغم أن المليارات يجب أن تكون قد تشكلت منذ أن كانت المجرة صغيرة، فإن هذه الجثث الغريبة قد تم قذفها إلى ظلام الفضاء بين النجوم بواسطة المستعر الأعظم الذي أنشأها، وبالتالي انزلق بعيداً عن الأنظار ومعرفة علماء الفلك حتى الآن.
ومن خلال إعادة إنشاء دورة الحياة الكاملة للنجوم الميتة القديمة بعناية، أنشأ الباحثون أول خريطة مفصلة توضح مكان تواجد جثثهم، وتم نشرها (الخميس) في دورية «الإخطارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية».
ويقول بيتر توثيل، الأستاذ في معهد سيدني للفلك، المؤلف المشارك للدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة سيدني، بالتزامن مع نشر الدراسة، «إحدى مشكلات العثور على هذه الأجسام القديمة هي أنه حتى الآن، لم تكن لدينا أي فكرة عن مكان البحث، وتم إنشاء أقدم النجوم النيوترونية والثقوب السوداء عندما كانت المجرة أصغر سناً، ثم تعرضت المجرة لتغيرات معقدة امتدت لمليارات السنين، لقد كانت مهمة كبيرة لنمذجة كل هذه المتغيرات للعثور عليهم».
وتتوافق النجوم النيوترونية والثقوب السوداء حديثة التكوين مع مجرة اليوم، لذلك يعرف علماء الفلك أين ينظرون، لكن أقدم النجوم النيوترونية والثقوب السوداء تشبه الأشباح التي يصعب العثور عليها.
ويقول توثيل: «كان الأمر أشبه بمحاولة العثور على مقبرة الأفيال الأسطورية»، مشيراً إلى مكان تموت فيه الأفيال الكبيرة بمفردها، وفقاً للأسطورة، بعيداً عن مجموعتها، و«كان لا بد من وجود مكونات هذه النجوم الضخمة النادرة، لكنها بدت كأنها تحجب نفسها». ويضيف أن «أصعب مشكلة كان علينا حلها في بحثنا عن توزيعهم الحقيقي هو حساب (الركلات) التي يتلقونها في اللحظات العنيفة، فانفجارات (المستعرات الأعظمية) غير متماثلة، ويتم إخراج البقايا بسرعة عالية، أعلى لملايين الكيلومترات في الساعة، والأسوأ من ذلك، يحدث هذا في اتجاه غير معروف وعشوائي».
وما يزيد الأمر صعوبة، هو أنه لا شيء في الكون يظل ساكناً لوقت طويل، لذا حتى معرفة المقادير المحتملة للركلات المتفجرة لم تكن كافية، وكان على الباحثين أن يتعمقوا في أعماق الزمن الكوني ويعيدوا بناء كيفية تصرفهم على مدى مليارات السنين.
ويقول ديفيد سويني، الباحث المشارك بالدراسة: «الأمر يشبه إلى حد ما لعبة البلياردو، فإذا كنت تعرف الاتجاه الذي تضرب الكرة فيه، ومدى شدته، فيمكنك حينئذٍ معرفة المكان الذي ستنتهي إليه، ولكن في الفضاء، تكون الأشياء والسرعات أكبر بكثير، بالإضافة إلى أن الطاولة ليست مسطحة، لذا فإن البقايا النجمية تذهب في مدارات معقدة تتنقل عبر المجرة». ويوضح، أنه «على عكس طاولة البلياردو، لا يوجد احتكاك، لذا فهي لا تتباطأ أبداً، وتقريباً جميع البقايا التي تشكلت على الإطلاق لا تزال موجودة، وتنزلق مثل الأشباح عبر الفضاء بين النجوم». ويضيف: «وبسبب هذه الصعوبات، تأتي قيمة النماذج المعقدة التي بنيناها، والتي حدت في النهاية خريطة لمقبرة درب التبانة النجمية».


مقالات ذات صلة

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

علوم صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

قالت شركة «سبيس إكس» ووكالة «ناسا»، الجمعة، إنهما تعتزمان إطلاق مهمة «كرو-9» التابعة لـ«ناسا» إلى محطة الفضاء الدولية في موعد لا يتجاوز 18 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق هل هناك طريقة لجعل الألماس صلباً؟ (شاتر ستوك)

دراسة: كوكب عطارد به طبقة من الألماس بعمق 18 كيلومتراً

قد يكون عطارد أصغر كواكب المجموعة الشمسية، لكنه يُخفي سراً كبيراً. يشير بحث جديد إلى أن القشرة على سطح كوكب عطارد تُخفي أسفلها طبقة من الألماس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكون لا يبخل بالمفاجآت (أ.ب)

رصدُ كوكب مشتري «آخر» يحتاج إلى قرن ليدور حول نجمه

قُطره تقريباً مثل قُطر المشتري، لكنه يبلغ 6 أضعاف كتلته. كما أنّ غلافه الجوي غنيّ بالهيدروجين مثل المشتري أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذهاب إلى الفضاء يغيرك (ناسا)

في زمن السياحة الفضائية... مخاطر صحية خارج عالمنا حتى للزيارات القصيرة

يقال إن الذهاب إلى الفضاء يغيرك، والفكرة هي أن الناس يحصلون على منظور جديد عن رؤية عالمنا من الأعلى يطلق عليه تأثير النظرة العامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد عدد الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.