رئيس مجلس محافظة صلاح الدين: نبذل جهودًا كبيرة لتأمين عودة كل نازحي تكريت

الأمم المتحدة تشير إلى نزوح 4 ملايين عراقي منذ هجوم «داعش» قبل سنة

نازحات ينتظرن الحصول على طعام أعدته نساء كرديات في مسجد بأربيل أول من أمس (أ.ف.ب)
نازحات ينتظرن الحصول على طعام أعدته نساء كرديات في مسجد بأربيل أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس مجلس محافظة صلاح الدين: نبذل جهودًا كبيرة لتأمين عودة كل نازحي تكريت

نازحات ينتظرن الحصول على طعام أعدته نساء كرديات في مسجد بأربيل أول من أمس (أ.ف.ب)
نازحات ينتظرن الحصول على طعام أعدته نساء كرديات في مسجد بأربيل أول من أمس (أ.ف.ب)

فيما أعلنت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وجود أربعة ملايين نازح داخل العراق منذ احتلال تنظيم داعش محافظة الأنبار عام 2013، أكد رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد الكريم بدء عودة نشطة للعائلات التي نزحت من مدينة تكريت بعد احتلال «داعش» لها في 12 يونيو (حزيران) 2014.
وقالت المفوضية في بيان لها أمس إن «هذه الأرقام مروعة، ومن المؤسف أنها في تزايد يومًا بعد يوم»، مشيرة إلى أن «نصف مجموع الأسر النازحة تفتقر إلى المأوى المناسب، والاحتياجات الأساسية الأخرى، وقد اضطرت للعيش في بنايات مهجورة، وهياكل مؤقتة». وأضافت أن «عدد الأشخاص المحتاجين للمساعدات تزايد إلى أربعة أضعاف خلال 12 شهرًا فقط، ويقدر عددهم في الوقت الحاضر بنحو 8 ملايين شخص». ونقل البيان عن برونو جيدو، الممثل الجديد للمفوضية في العراق، قوله إن «الاحتفال بيوم اللاجئ العالمي في 20 يونيو يذكرنا بالملايين الذين اضطروا للخروج من منازلهم، وتفرقت عوائلهم، وأُجبروا على الفرار بحثًا عن الأمان والحماية».
لكن رغم استمرار معارك الكر والفر في قضاء بيجي (40 كم شمال تكريت) فقد سجلت عودة العوائل النازحة من مدينة تكريت تقدما واضحا. وقال رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد الكريم في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «نحو أكثر من 1300 عائلة كانت قد نزحت من مدينة تكريت بدأت بالعودة إلى منازلها بعد أن تمت تهيئة سبل ومستلزمات هذه العودة سواء على مستوى ضمان الجانب الأمني أو على مستوى تأمين الحد المقبول من البنية التحتية والخدمات مثل الماء والكهرباء». وأضاف الكريم أن «هناك تعاونا جيدا بين مختلف الجهات المسؤولة في المحافظة مثل الحكومة المحلية (المحافظة) أو الدوائر الأمنية (الشرطة ومكافحة الإرهاب وغيرها) أو القطعات العسكرية أو أبناء الحشد الشعبي من أبناء المحافظة ممن يتولون اليوم الإمساك بالأرض».
وردا على سؤال بشأن السقف الزمني لعودة أبناء مناطق أخرى في محافظة صلاح الدين، مثل الدور والعلم، قال الكريم إن «هناك توقيتات مدروسة لعودة كل العوائل التي نزحت من محافظة صلاح الدين وسيعود الجميع في أقرب فرصة ممكنة بعد أن يتم تأمين كل الجوانب المتعلقة بهذه العودة لا سيما الجانبين الأمني والخدمي»، متوقعا «بدء عودة نازحي الدور والعلم بدءا من الأسبوع المقبل». وحول الوضع في منطقة بيجي قال الكريم إن «معارك بيجي لا تزال مستمرة ولم تحسم حتى الآن رغم التقدم الذي حققته القوات الأمنية هناك».
وكان فالح الفياض، مستشار الأمن الوطني، أشرف الأسبوع الماضي على بدء عودة النازحين واصفا العملية بـ«الجيدة والمرنة» ما لم تتقاطع مع محذور أمني، وأشار إلى أن الأولوية ستكون للنازحين من تكريت.
في سياق ذلك، كشفت وزارة الهجرة والمهجرين عن إصدار 421628 بطاقة ذكية للنازحين لتسلم المنح المالية المخصصة لهم بالتعاون مع مصرفي الرافدين والرشيد والشركة العالمية لإصدار البطاقة الذكية. وقال بيان للوزارة أمس إن «هذه البطاقات تم إصدارها لكي يتسنى للأسر النازحة تسلم المنح المالية المخصصة لهم ضمن قانون الموازنة العامة لعام 2015 والتي نصت على توزيع المنح المالية للنازحين عن طريق البطاقة الذكية حصرًا». وبينت أن «عملية الإصدار للبطاقة لغاية 22 يونيو الحالي بلغت 421628 بطاقة ذكية والعملية مستمرة لحين إصدار البطاقة لجميع الأسر النازحة في كل أنحاء البلاد»، مؤكدةً أن أكثر محافظة تم إصدار بطاقات ذكية فيها كانت العاصمة بغداد حيث تم إصدار 86202 بطاقة تليها محافظة أربيل بـ69237 بطاقة، وبعدها محافظة كركوك 48110 بطاقات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.