اتهام مكاتب تابعة للأمم المتحدة بإجبار «عدن» على الاستسلام للتمرد الحوثي

مسيرات احتجاجية في الجنوب للمطالبة بكشف المسؤولين عن المتاجرة بمعاناة الشعب اليمني

أعضاء الهلال الأحمر اليمني يوزعون المساعدات على الأسر النازحة في حي الصالح شمال مدينة عدن (أ.ف.ب)
أعضاء الهلال الأحمر اليمني يوزعون المساعدات على الأسر النازحة في حي الصالح شمال مدينة عدن (أ.ف.ب)
TT

اتهام مكاتب تابعة للأمم المتحدة بإجبار «عدن» على الاستسلام للتمرد الحوثي

أعضاء الهلال الأحمر اليمني يوزعون المساعدات على الأسر النازحة في حي الصالح شمال مدينة عدن (أ.ف.ب)
أعضاء الهلال الأحمر اليمني يوزعون المساعدات على الأسر النازحة في حي الصالح شمال مدينة عدن (أ.ف.ب)

اتهم مسؤولون من السلطات المحلية في حضرموت، أمس، الأمم المتحدة، ممثلة في بعض المكاتب التابعة لها، بأنها «تمارس مشروعا للضغط على عدن، بهدف إجبارها على الاستسلام للتمرد الحوثي، مقابل الحصول على حصتها من الغذاء والدواء، الذي لم ترس بواخره طيلة الـ100 يوم الماضية إلا في ميناء الحديدة شمال اليمن».
وطلبت السلطات المحلية الأمم المتحدة بتقديم «تبرير واضح، ومنطقي يقبله العقل، للأسباب التي منعت وصول بواخر المساعدات الإنسانية التي تشرف عليها الأمم المتحدة إلى ميناء الزيد في عدن جنوب البلاد، مقابل توجيه جميع البواخر إلى ميناء الحديدة في الشمال». وأمام ذلك، تذرعت الأمم المتحدة عبر ممثليها في اليمن بأن «ميناء الزيد في عدن غير آمن، على عكس ميناء الحديدة». لكن السلطة المحلية ردت بأن «الجهة المخولة بتحديد الأماكن الآمنة من غير الآمنة هي قوات التحالف العربي، وليست ميليشيات التمرد الحوثي وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذين تنسق الأمم المتحدة معهم في توزيع المساعدات بالتواطؤ مع بعض الخونة المحسوبين على الشرعية من أبناء اليمن».
وكشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر متطابقة أمس أن السلطة المحلية في عدن وائتلاف عدن للإغاثة الشعبية عقدا اجتماعا مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف والصليب الأحمر، وتم الوصول فيه إلى أن منظمة اليونيسيف تريد إدخال بعض المواد الغذائية والدوائية من صنعاء إلى عدن وتبحث سبل التنسيق لوصولها بشكل آمن وسليم. وأكدت المصادر أن المنظمات الثلاث تلقت في الاجتماع تعبيرا واضحا عن استياء السلطة المحلية في عدن من الدور السلبي للأمم المتحدة وما يتبعها من منظمات إنسانية، والتي قامت بتحويل سفن الإغاثة إلى الحديدة، بدلا من عدن والمحافظات المجاورة لها، رغم الإعلان عن أن ميناء عدن آمن ولديه طاقة استيعابية للبواخر الإغاثية.
في هذه الأثناء، ينتظر أن تعلن الأمم المتحدة فتح تحقيق موسع في بعض المكاتب التابعة لها بخصوص المتاجرة بمعاناة الشعب اليمني، وتوجيه بواخر الإغاثة المحملة بالأغذية والأدوية إلى الشمال من اليمن بدلا من الجنوب، وذلك بعد التأكد من أن المجتمع المدني في عدن سيقوم اليوم بتصعيد الاحتجاجات ضد تصرفات الأمم المتحدة وبعض مكاتبها المسؤولة عن الغذاء والدواء، وتحريك مظاهرات تطالب بتبرير التقصير تجاه عدن طوال 100 يوم.
من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط» عدنان الكاف، الناطق الرسمي لائتلاف عدن للإغاثة الشعبية، إن المنظمات الثلاث لم تكن لتأتي للاجتماع وتتحرك بشكل فعلي بعد مرور 100 يوم إلا بعد الاحتجاجات والتساؤلات التي طالتها حول تغيير مسار سفينة الإغاثة التي كان من المقرر لها أن ترسو في ميناء الزيد قبل أن يتم تحويل مسارها إلى ميناء الحديدة. وشدد على أن المشروع الذي تقوده الأمم المتحدة لتطبيقه في عدن حول الغذاء مقابل الاستسلام سيواجه الفشل. وتكشف المعطيات الرسمية أن 28 باخرة إغاثية أرسلت إلى الحديدة لم تتسلم عدن منها سوى 68 طنا فقط، من البر غير المطحون الذي لم تتم الاستفادة منه بسبب عدم وجود مطاحن، إضافة لحبوب الفاصوليا التي يحتاج طبخها ما لا يقل عن خمس ساعات في ظل وجود أزمة غاز. وطالب الكاف الأمم المتحدة بتوضيح موقفها وإرسال تقرير عما تم فعله في الـ100 يوم الماضية، فضلا عن تقديم إحصائية توضح حجم الكميات المرسلة إلى الحديدة من المواد الإغاثية وأنواعها، وحجم وأنواع المواد التي إدخالها عدن، وإلى من تم تسليمها. ورأى أن تصرف الأمم المتحدة يبرهن على عدم قيادتها السليمة للأمر، ووجود تخطيط لأمور غير واضحة ومخيفة في الوقت نفسه، لا تتوافق مع مبدأ المساواة والعدالة الذي تنادي به.
من جانب آخر، أعلنت المديرية العامة للجوازات السعودية استفادة أكثر من 205 آلاف يمني من تصحيح أوضاعهم في مراكز التصحيح في كل المناطق السعودية. ودعت الجوازات الرعايا اليمنيين ممن تنطبق بحقهم شروط الحصول على هوية زائر إلى سرعة الاستفادة من أمر خادم الحرمين الشريفين واستيفاء جميع متطلبات التصحيح.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».