ما تأثير رحيل القرضاوي على «أفكار الإخوان»؟

يُنظر إليه بوصفه رمزاً وفقيهاً للتنظيم

ما تأثير رحيل القرضاوي على «أفكار الإخوان»؟
TT

ما تأثير رحيل القرضاوي على «أفكار الإخوان»؟

ما تأثير رحيل القرضاوي على «أفكار الإخوان»؟

(تحليل إخباري)
فتح رحيل الداعية المصري يوسف القرضاوي، الذي يُنظر إليه بوصفه «رمزاً أيقونياً وفقيهاً لـ(الإخوان)»، خصوصاً أنه من رعيل المؤسسين، تساؤلات داخل الأوساط الأصولية حول تأثير رحيله على أفكار التنظيم، وصراع قيادات الخارج، والشروع في تلميع أيقونة جديدة كبديل عنه.
ووفق متخصصين في الشأن الأصولي، فإن «التنظيم سيحاول ترميز أيقونة جديدة يلتفّ حولها عناصره وقواعده، إلا أن رحيله لن يُنهى الخلافات بين قيادات الخارج».
ويُعد القرضاوي رمزاً بالنسبة لـ«الإخوان» (المصنف تنظيماً إرهابياً في مصر) حيث انتمى إليه وتدرج بين صفوفه، وعاصر مؤسسه حسن البنا في أربعينات القرن الماضي، وظل داعماً ومؤيداً له في مواقف مختلفة.
ونعى تنظيم «الإخوان» القرضاوي، بقوله إنه «أحد أبرز أعلامه وعلمائه، وشارك في مئات المؤتمرات والندوات الدعوية حول العالم بأبحاث علمية وفقهية قدمت حلولاً للكثير من القضايا الإسلامية وحسمت الكثير من الخلافات الفقهية». ووفق ما أورده الموقع الرسمي للقرضاوي، مطلع الشهر الجاري، فإنه «لم يكن مجرد فقيه يلجأ إليه التنظيم في مسائل الفقه الخاصة، بل كان مربياً تربوياً وداعيةً بارزاً، وشارك مبكراً في وضع البناء التربوي والثقافي داخل الجماعة (التنظيم)».
لكنّ الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الأصولية أحمد بان، يرى أن «القرضاوي، فقيه أمسك تنظيم الإخوان بآرائه وفتاواه، فشوهوا أدواته الفقهية»، مضيفاً أن «ماكينة الإعلام الإخوانية ساهمت في صناعة مجد القرضاوي وصعوده، والمتابع لمسيرة القرضاوي يندهش للتبدل في مواقفه، على نحو ينطوي على قدر كبير من التناقض». وأوضح أن «التنظيم أنفق الكثير على الدعاية والإعلام، وكانت لديه أدوات كثيرة للترويج لأي رمز، ولذلك أسهم في دعم القرضاوي بشكل كبير». وشرح أن «الإخوان استخدموا القرضاوي في مرحلة من المراحل لمحاولة اختطاف مرجعية الأزهر، عبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي كان يرأسه الراحل».
وحسب أحمد بان، فإن «الفقيه لا بد أن يبقى على صلة بالشريعة ومقاصدها وليس على صلة بالتنظيم وأهدافه». موضحاً أن «القرضاوي استغلّ أدواته لصالح تنظيم الإخوان وخياراته السياسية». وأضاف أن «عمل الفقيه هو نظر العقل في النص الديني، قرآناً وسُنة على ضوء الواقع، والقرضاوي كان يرى الواقع بعيون الإخوان، لذا جاء فقهه فقهاً خاصاً يشرعن أفعال التنظيم وسلوكه التخريبي في الدول والمجتمعات».
موقع القرضاوي كان قد ذكر أنه «لم يُعرف عنه انتماءه حركياً أو فكرياً لغير الإخوان ومدرسته، كما لم يُعرف له خروج صريح عن التنظيم». وأضاف الموقع وفق أحد المقالات: «لقد حسم القرضاوي أمره مبكراً وطوال علاقته بالإخوان، بالانتماء للخط العام في التنظيم والولاء لقيادته الشرعية المُجْمَع عليها». وتابع: «التزم القرضاوي بهذا الانتماء مهما كان تقديره لكفاءة هذه القيادة ما دامت شرعية ومجمعاً عليها. ولم يتورط في مشاريع جانبية مهما كان اتفاقه مع أفكارها وتقديره لها»، كما أنه «رفض منصب المرشد العام للتنظيم مرتين، الأولى في عام 1976 بعد وفاة المرشد الثاني حسن الهضيبي، والثانية بعد وفاة المرشد الخامس مصطفى مشهور»، حسب المقال.
وعن كونه المُنظّر الفكري الأول لـ«الإخوان» يرجح بان أنه «لم يُظهر تنظيم الإخوان أي مُنظّر بعد حسن البنا الذي كان يمتلك مفاتيح التنظيم والتنظير، وعندما سيطر رجال التنظيم الخاص على الإخوان بعد وفاته، أوجدوا مناخاً لم يعد قادراً على إفراز مفكرين أو مُنظرين». وتابع: «حتى إن القرضاوي في كتاباته لم يتعرض لمشروع التنظيم وأدبياته؛ بل ركز على منهج التنظيم القديم».
وللقرضاوي فتاوى صدرت عنه بعد عزل «الإخوان» عن السلطة عام 2013 تتعلق بـ«التحريض على قتل معارضي التنظيم، واستهداف رجال الجيش والشرطة والقضاة، وإباحة العمليات الانتحارية»، حسب «دار الإفتاء المصرية». لكنّ أحمد بان أشار إلى أنه «برحيله ستخفت فتاواه وآراءه مع الزمن، لأنها صدرت لتقدم إسناداً لتنظيم سعى إلى هدم المجتمعات والدول، فضلاً عن أن التنظيم يصارع الآن للبقاء».
وعن تأثير رحيل القرضاوي على نزاع «إخوان الخارج»، قال الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الأصولية لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتصور أن يكون هناك تأثير، لأن جميع محاولات الوساطة التي تمت خلال الأشهر الماضية لم تفلح، ورحيل القرضاوي لن يفتح صفحة جديدة للتقارب وإنهاء النزاع بين جبهتي لندن وإسطنبول، بخاصة أنه كان نزاعاً مستعراً في حياة القرضاوي». ولا يزال ذلك النزاع مستمراً بين «جبهة لندن» بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد «الإخوان»، و«جبهة إسطنبول» بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم. وكان تشكيل «جبهة لندن» هيئة عليا بديلة عن مكتب إرشاد «الإخوان»، قد فاقم الخلافات. وسبق ذلك تصعيد آخر بتشكيل «جبهة لندن» لـ«مجلس شورى جديد»، وإعفاء أعضاء مجلس «شورى إسطنبول» من مناصبهم.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.