رواندا تستعيد ذكرى «الإبادة الجماعية» بمحاكمة آخر المشتبه فيهم

فيليسيان كابوغا يستعد للمثول أمام «لاهاي الدولية»

صورة وزعها القضاء الدولي للمتهم فيليسيان كابوغا عام 2020 (أ.ف.ب)
صورة وزعها القضاء الدولي للمتهم فيليسيان كابوغا عام 2020 (أ.ف.ب)
TT

رواندا تستعيد ذكرى «الإبادة الجماعية» بمحاكمة آخر المشتبه فيهم

صورة وزعها القضاء الدولي للمتهم فيليسيان كابوغا عام 2020 (أ.ف.ب)
صورة وزعها القضاء الدولي للمتهم فيليسيان كابوغا عام 2020 (أ.ف.ب)

من المقرر أن يمثل فيليسيان كابوغا أحد «الممولين» المفترضين لإبادة «التوتسي» في رواندا عام 1994، أمام محكمة العادل التابعة للأمم المتحدة في لاهاي، الخميس المقبل، بتهمة «ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية».
وتستعيد محاكمة كابوغا، الذي أوقف في 16 مايو (أيار) 2020 في إحدى ضواحي باريس بعدما ظل فاراً طوال 25 عاماً، ذكريات الإبادة العرقية التي ذهب ضحيتها أكثر من 800 ألف قتيل، بحسب الأمم المتحدة غالبيتهم من أقلية «التوتسي». وشهدت رواندا أعمال عنف واسعة النطاق خلال الفترة من أبريل (نيسان) وحتى يوليو (تموز) 1994، حين قام متطرفون من جماعة «الهوتو»، التي تشكل الأغلبية العرقية، بحملة إبادة ضد الأقلية من قبيلة «التوتسي».
ووفق تقديرات أممية تعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب، وقتل في هذه المجازر ما يقدر بـ75 في المائة من التوتسيين في رواندا.
ويتهم كابوغا بالمشاركة في إنشاء ميليشيات «انترراهاموي الهوتو»، الذراع المسلحة الرئيسية للإبادة. وكان كابوغا أحد أغنى المواطنين في 1994، وكان يومها رئيساً لمؤسسة الإرسال الحر «ميل كولين» (RTLM) التي وجهت نداءات لقتل التوتسي. ويشير تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن كابوغا يشتبه في مساهمته عام 1993 في شراء كميات كبيرة من السواطير وزعت على عناصر الميليشيات في أبريل (نيسان) 1994. وقد وجهت إليه خصوصاً تهم ارتكاب إبادة جماعية والحث المباشر والعلني على ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية من بينها الاضطهاد والقتل. وقد دفع ببراءته خلال مثوله الأول أمام المحكمة عام 2020.
وتبدأ المحاكمة الدولية بمرافعات تمهيدية يليها عرض الأدلة بدءاً من الخامس من أكتوبر (تشرين الأول)، أمام الآلية الدولية المكلفة إنجاز أعمال المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا.
وخلال جلسة تمهيدية في أغسطس (آب) الماضي، وصل كابوغا (87 عاماً) إلى المحكمة على كرسي نقّال وبدا في حالة وهن. سعى محاموه لتجنيبه المحاكمة نظراً لوضعه الصحي. ولم يتأكد حضوره إلى المحكمة الخميس، إذ إن القضاة سمحوا له بالمشاركة في الجلسات عبر الفيديو.
إلا أن غرفة البداية في المحكمة الأممية رأت في منتصف يونيو (حزيران)، أن وضع كابوغا البالغ 87 عاماً يسمح بمحاكمته. وتتهم منظمة الناجين الرئيسية (إيكوبا) فيليسيان كابوغا، بمحاولة تأخير المحاكمة نظراً إلى سن المتهم.
وفي حال توفي قبل مثوله أمام القضاء ستشمله قرينة البراءة، وسيشكل ذلك ضربة مدمرة للقضاء على ما قال رئيس المنظمة ايجيد كنكورانكا، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في أغسطس الماضي. ويحتاج المتهم إلى مراقبة طبية متواصلة ومكثفة ويقيم راهناً في مستشفى تابع لإدارة السجون، على ما أفادت الآلية الدولية. وقالت المحكمة إن خبراء عديدين شاركوا في إعداد ملف المحكمة الذي يظهر من دون أي لبس أن كابوغا يعاني وضعاً صحياً ضعيفاً.
إلا أن الآلية الدولية اعتبرت أن من مصلحة القضاء بدء المحاكمة في أسرع وقت، ما يعني أن تجرى في لاهاي. وللمحكمة فرع آخر في آروشا بتنزانيا، لكنه لا يمتلك المعدات الطبية اللازمة للمتهم. ويعد كابوغا من آخر المشتبه فيهم الرئيسيين في الإبادة الرواندية الذي يحال إلى المحاكمة. فآخرون مثل أوغستان بيزيمانا أحد كبار مهندسي هذه المجازر، وبروتاي مبيرانيا القائد السابق لكتيبة الحرس الرئاسي في القوات المسلحة الرواندية، توفوا ولم يمثلوا أبداً أمام القضاء الدولي.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.