بعد تهديد بوتين باستخدامها... ما الأسلحة النووية التكتيكية؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

بعد تهديد بوتين باستخدامها... ما الأسلحة النووية التكتيكية؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

مع تراجع قواته في أوكرانيا، هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، باستخدام الأسلحة النووية. وحسب تقرير نشرته شبكة «سي إن إن»، تشمل أنظمة الأسلحة الروسية 4477 رأساً حربياً نووياً منتشراً واحتياطياً، منها حوالي 1900 رأس حربي «غير استراتيجي»، تُعرف أيضاً باسم الأسلحة النووية التكتيكية، وفقاً لاتحاد العلماء الأميركيين. لكن ما هو السلاح النووي التكتيكي، وكيف يختلف عن السلاح النووي العادي؟
الرؤوس الحربية التكتيكية مصممة للاستخدام في ساحة معركة محدودة، على سبيل المثال لتدمير مجموعة من الدبابات أو حاملة طائرات، ولديها قوة تفجيرية تتراوح بين 10 و100 كيلو طن، وتسمى بـالأسلحة ذات «العائد المنخفض».
في المقابل، تمتلك أقوى الرؤوس الحربية النووية «الاستراتيجية» لروسيا قوة تفجيرية تتراوح بين 500 و800 كيلوطن، وهي مصممة لتدمير مدن بأكملها. الإشارة إلى «العائد المنخفض» للأسلحة التكتيكية مضللة إلى حد ما، حيث إن القوة التفجيرية من 10 إلى 100 كيلوطن من الديناميت لا تزال كافية لإحداث دمار كبير - كما اكتشف العالم في عام 1945 عندما أسقطت الولايات المتحدة قنابل ذرية على هيروشيما وناغازاكي في اليابان، وكانت قوة تلك القنابل تتراوح بين 15 و21 كيلو طناً من الديناميت. تسببت الانفجارات الأولية في هيروشيما وناغازاكي في مقتل حوالي 105 آلاف شخص على الفور، وتوفي عشرات الآلاف في وقت لاحق بسبب الإشعاع المنبعث، وفقاً لأرشيفات الحكومة الأميركية.
يقول أليكس ويلرستين، مدير دراسات العلوم والتكنولوجيا في معهد ستيفنز للتكنولوجيا في نيوجيرسي، إن الاختلاف الحقيقي في الأسلحة النووية يكمن في طبيعة الهدف وليس في القدرة التفجيرية. وقال: «كانت التفجيرات الذرية في اليابان هجمات استراتيجية تهدف بشكل أساسي إلى تدمير الروح المعنوية وإرهاب القيادة اليابانية العليا للاستسلام، ما جعل 15 كيلوطناً من العائد (الاستراتيجي) تعتمد على المكان الذي كان هدفه». ويقول آخرون، بمن فيهم وزير الدفاع الأميركي السابق جيمس ماتيس، إنه لا يوجد فرق على الإطلاق. وأضاف في جلسة استماع بالكونغرس عام 2018: «لا أعتقد أن هناك شيئاً يسمى سلاحاً نووياً تكتيكياً. أي سلاح نووي يستخدم في أي وقت هو تغيير استراتيجي للعبة».
ماذا سيحدث إذا نشرت روسيا واحدة؟
قامت روسيا (والاتحاد السوفياتي قبلها) ببناء مخزون كبير من الأسلحة النووية التكتيكية والحفاظ عليه. كان التفكير الأولي هو أن استخدام سلاح نووي في ساحة المعركة يمنح القادة خياراً للقيام بضربة حاسمة يمكن أن تتجنب الهزيمة دون اللجوء إلى استخدام أكبر أسلحتهم النووية، التي ستؤدي بعد هجوم مضاد إلى «تبادل نووي ينهي الحضارة»، وفقاً لـ«اتحاد العلماء المهتمين». وتصف المنظمة، على موقعها على الإنترنت، هذا التفكير، بأنه «معيب وخطير». وقالت المنظمة، «الأسلحة النووية التكتيكية... تُحدث قدراً أكبر من الغموض، مما يزيد من احتمال أن يعتقد بلد ما أنه يمكن أن يفلت من هجوم محدود».
بعض التحليلات تدعم هذه النظرية.
يقول تعليق نُشر خلال الصيف من قبل سيدهارث كوشال وسام كراني إيفانز في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة (RUSI) ، إن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد مراكز القيادة أو القواعد الجوية في أوروبا يمكن أن يحد من الخسائر المدنية في المناطق المحيطة. على سبيل المثال، يقول تقرير «RUSI» إن استخدام سلاح نووي تكتيكي في «Sulwaki Gap»، وهي الحدود البرية بين حلفاء «الناتو» بولندا وليتوانيا التي تفصل بين كالينينغراد الروسية وجارتها بيلاروسيا، قد يتسبب فقط في سقوط مئات الضحايا المدنيين.
من المرجح أن يكون الواقع بعيداً عن ذلك.
وقالت مدونة «اتحاد العلماء المهتمين»، «تتنبأ المناورات الحربية الأميركية بأن الصراع الذي ينطوي على استخدام أسلحة نووية تكتيكية سوف يخرج عن نطاق السيطرة بسرعة». وجاء في التقرير أن «محاكاة جامعة برينستون لصراع أميركي روسي يبدأ باستخدام سلاح نووي تكتيكي تتنبأ بتصعيد سريع من شأنه أن يخلف أكثر من 90 مليون قتيل وجريح».
رداً على تهديد بوتين الأسبوع الماضي، قالت الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (ICAN) إن أوروبا عام 2022 هي مكان أكثر خطورة لاستخدام الأسلحة النووية من اليابان عام 1945، التي كان عدد سكانها أقل وكانت معزولة نسبياً. وأشارت إلى أنه في أوروبا اليوم، «من المرجح أن يؤدي تفجير نووي واحد إلى مقتل مئات الآلاف من المدنيين وإصابة الكثيرين»، مضيفة: «الغبار المشع يمكن أن يلوث مناطق واسعة في عدة بلدان». وختمت: «لن تتمكن خدمات الطوارئ من الاستجابة بشكل فعال، وسيؤدي الذعر الواسع النطاق إلى تحركات جماعية للناس واضطراب اقتصادي حاد».


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
TT

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)

قالت الصين، الثلاثاء، إنها حظرت صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى الولايات المتحدة، وذلك غداة حملة إجراءات أميركية صارمة على قطاع أشباه الموصلات في الصين.

ووفقاً لـ«رويترز»، عزت وزارة التجارة الصينية قرارها بشأن المواد ذات الاستخدام المزدوج في التطبيقات العسكرية والمدنية إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

ويتطلب القرار الذي دخل حيز التنفيذ فور إعلانه مراجعة صارمة أيضاً بشأن عناصر الغرافيت التي يتم شحنها إلى الولايات المتحدة.

وقالت الوزارة: «من حيث المبدأ، لن يُسمح بتصدير الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والمواد شديدة الصلابة إلى الولايات المتحدة».

ويشدد القرار القيود المفروضة على صادرات ما يعرف بالمعادن الحرجة التي بدأت بكين في طرحها العام الماضي، لكنها تنطبق فقط على السوق الأميركية، في أحدث تصعيد للتوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وتُظهر بيانات الجمارك الصينية عدم وجود شحنات من الجرمانيوم أو الغاليوم إلى الولايات المتحدة منذ بداية العام حتى أكتوبر (تشرين الأول)، رغم أنها كانت رابع أكبر مستورد للجرمانيوم وخامس أكبر مستورد للجاليوم قبل عام.

ويستخدم الغاليوم والجرمانيوم في أشباه الموصلات، ويستخدم الجرمانيوم أيضا في تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء وكابلات الألياف الضوئية والخلايا الشمسية.