هناك قصة حب طويلة بين مشاهدة الأفلام وتناول الطعام، فثبت علمياً أن مشاهدة التلفزيون تزيد من الرغبة في تناول الطعام. ووفق دراسات أجريت حول هذا الموضوع؛ تبين أن الشخص عندما يكون مشتت الذهن يأكل أكثر، ومشاهدة فيلم في السينما أو في المنزل تزيد الرغبة في تناول الطعام لوقت طويل، ولهذا السبب نرى نسبة مبيعات المأكولات والمشروبات و«الفوشار» في دور السينما عالية جداً، وقلما نرى أحدهم يدخل لمشاهدة أي فيلم دون شراء شيء يتناوله من طعام وشراب.
كما ثبت علمياً أن الأفلام التي ترتكز على فكرة تدور حول المطبخ أو الطبخ، أو تلك التي تعرض أطباقاً لذيذة مثلما حدث في فيلم الممثلة الأميركية جوليا روبرتس «إيت براي لاف»، تزيد من الرغبة في تناول الطبق نفسه أو زيارة المطعم ذاته أو طهو هذا الطبق في البيت، فمشاهد الطعام في الأفلام عديدة، وبعضها تدور فكرته حول الأكل، وبعضها الآخر حول الطهو في حد ذاته، لتبقى هذه المشاهد مرسخة في الذاكرة إلى الأبد؛ لأنها تعتمد على الصورة، وتحفز الشهية، وتوقظ الرغبة في الأكل حتى عند الشعور بالشبع.
من أشهر الأفلام التي تعتمد على عرض ألذ المأكولات التالي:
1- «شوكولا (Chocolat)»: أنتج عام 2000، وأشهر مشهد فيه حفل العشاء الكبير.
هذا الفيلم اعتمد على الطعام؛ وتحديداً الشوكولاته، ليربط الفكرة بالإغواء والرغبات، وتم ربط فكرة الأكل بحل المشكلات الإنسانية المتعلقة بالرغبة والقمع. وخلال مشهد حفل العشاء الكبير الشهير في الفيلم يتم تحقيق رغبة الأبطال في مزج الدجاج بالشوكولاته؛ ولهذا الأمر أبعاد أخرى، مما يجعل العشاء سلسلاً ومريحاً مليئاً بالضحك والفرح.
2- «إيت براي لاف (Eat Pray Love)»: أنتج عام 2001، وأشهر مشهد فيه تناول البطلة البيتزا في نابولي.
هذا الفيلم من بطولة جوليا روبرتس، وتعتمد قصته على رحلة تقوم بها البطلة لتجد حب الذات والتصالح مع النفس بعد تجربة طلاق مُرة وخسارة مادية كبيرة، ففي الفيلم تزور روبرتس مدناً عدة وتأكل في كل منها ألذ الأطباق؛ بما فيها البيتزا في مهدها في إيطاليا؛ وتحديداً في نابولي الشهيرة بتصنيعها. يركز المشهد على روبرتس وهي تتلذذ بأكل قطعة من البيتزا المشبعة بالجبن، وهذا المشهد يدل على تحرير الذات من العقد النفسية المرتبطة بتقييم الذات والصورة النمطية لجمالية الجسم، وكأنها تقول: «أنا غير آبهة بالسمنة، ولكني أبحث عن سعادتي الشخصية».
3- «جولي آند جوليا (Julie & Julia)»: من إنتاج عام 2009، وأشهر مشهد فيه هو الرسالة التي تتكلم عن جوليا في المطبخ.
هذا الفيلم من الأفلام المفضلة لدى ذواقة الطعام، فهو يعتمد على عرض شغف «جوليا تشايلدز» بالطهو. والمشهد الأشهر من الفيلم عندما ترصد الكاميرا زوجها وهو متسمر أمام روعة زوجته وهي تقوم بتحضير الطعام كأنها ترقص على أنغام الموسيقى؛ هذا المشهد أكثر من رائع؛ لأنه يركز على الصوت والصورة ويبرز جمالية المكونات، ويظهر الشغف الذي يتغلغل في عروق «جوليا» عاشقة الطهو والطعام. في لندن؛ يقوم فندق في منطقة فيتزروفيا بعرض الفيلم في صالة السينما الخاصة به، وبعدها يتمكن الحاضرون من أكل الأطباق نفسها التي حضرت في الفيلم بمطعم الفندق، فهذه تجربة جميلة جداً يقوم بها عدد من الفنادق المنتشرة في لندن وتملك صالاتها الخاصة لعرض الأفلام.
4- «راتاتوي (Ratatouille)»: من إنتاج «ديزني» لعام 2007، والمشهد الأشهر تذوق «أنتون» طبق الـ«راتاتوي».
هذا الفيلم من فئة الـ«Animation» أو «الصور المتحركة»، وأقوى مشهد فيه يعتمد على الصورة من دون أي تعبير صوتي؛ عندما يقوم ناقد الطعام اللاذع «أنتون إيغو» بتذوق طب الـ«راتاتوي» الفرنسي الشهير، وهذا المشهد يبرز العلاقة ما بين الأكل والاحاسيس والعواطف. واختيار هذا الطبق الذي ينظر إليه في الفيلم على أنه طبق الفلاحين يركز على الذكورية في المطبخ، ويذكرنا بأن النجاح يمكن أن يتغلب على العادات الثقافية، والأكل في هذا الفيلم يستخدم أداةً للتعبير عن الذات وتقوية الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس.
5- «ذا هاندرد فوت جورني (The Hundred Foot Journey)»: من إنتاج عام 2014، وأهم مشهد فيه تحضير الصلصات الخمس في المطبخ الفرنسي.
هذا الفيلم من أجدد الأفلام التي تبرز الطعام والطهو بشكل جميل وجذاب، فقصة الفيلم تدور حول عائلة هندية تقرر الانتقال للعيش في فرنسا بعد حلول فاجعة في العائلة غير مجرى حياة أفرادها.
وأجمل ما في الفيلم هو ربط الطعام بفهم ثقافة جديدة، ومشهد «حسان»؛ الشاب الطموح الذي يقرر أن يصبح طاهياً ويقوم بصقل موهبته لتتماشى مع الثقافة الفرنسية عن طريق تعلم كيفية تحضير الصلصات الفرنسية الخمس التي تعدّ أساس المطبخ.
والمشهد الذي يبقى في الذاكرة هو مشهد الغداء الـ«بيكنيك» في الهواء الطلق كأنه جسر يربط ثقافتين مختلفتين كلياً تلتقيان من خلال الطعام والمكونات. الفيلم جميل وفكرته تدور حول ربط الثقافات والأجيال بكل اختلافاتها عن طريق الطهو والطعام. وحب الطهو الذي يملكه شخصان يولد قصة حب حقيقية بينهما على الرغم من العديد من الاختلافات الثقافية والاجتماعية.