بايدن يهنئ لبيد على خطاب الدولتين

رئيس الوزراء الإسرائيلي يربح خارجياً من دون مكاسب داخلية

لبيد يلقي خطابه في الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
لبيد يلقي خطابه في الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بايدن يهنئ لبيد على خطاب الدولتين

لبيد يلقي خطابه في الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
لبيد يلقي خطابه في الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)

على الرغم من الترحيب الدولي بخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، في الأمم المتحدة الذي أعلن فيه تأييده لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين، وإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه يوافق على كل كلمة وردت في الخطاب، فإن لبيد لم يحقق مكاسب في الساحة الانتخابية الإسرائيلية، إذ أشار استطلاع للرأي إلى احتمال أن يزيد رصيده بمقعد واحد، لكن على حساب حليفه ووزير الدفاع في حكومته، بيني غانتس.
فقد أشارت نتائج الاستطلاع الذي نشرته صحيفة «معريب» (الجمعة) إلى أن لبيد سيزيد رصيده إلى 25 مقعدا ويقترب بذلك من الليكود (33 مقعدا)، لكنه لن يحصل على أصوات من معسكر اليمين المعارض بقيادة بنيامين نتنياهو، بل من حزب الجنرالات بقيادة غانتس الذي سيفقد مقعدا آخر ويحصل على 11 مقعدا (له اليوم 14 مقعدا). ومازال معسكر نتنياهو يتفوق على معسكر لبيد (60 مقعدا مقابل 56).
ويؤكد الاستطلاع أن المفتاح لمنع نتنياهو من الفوز بأكثرية ما زال بأيدي النواب العرب، الذين يهبطون من 10 مقاعد حاليا إلى 8 مقاعد لو جرت الانتخابات اليوم. وبموجب هذه النتائج سيتقاسم تحالف الجبهة والعربية للتغيير بقيادة أيمن عودة واحمد الطيبي هذه المقاعد مع القائمة الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة منصور عباس، فيما لا تتجاوز قائمة حزب التجمع نسبة الحسم. ولكن، إذا ارتفعت نسبة التصويت بين العرب 10 – 15% أكثر من الانتخابات السابقة (45%)، فإن التجمع سيدخل إلى الكنيست وسيكون أمام العرب احتمال التمثيل 12 – 13 مقعدا وعندها سيفشل نتنياهو مرة أخرى في تشكيل حكومة.
وقد سرب غانتس تصريحات إلى وسائل الإعلام يهاجم فيها لبيد على خطته الانتخابية الجديدة، التي يسعى بموجبها إلى شفط الأصوات من حلفائه بدلا من السعي لسحب أصوات من اليمين. وقال: «بهذه الطريقة يمهد لبيد لعودة نتنياهو إلى الحكم».
يذكر أن خطاب لبيد، الذي حظي بترحيب في واشنطن والعواصم الأوروبية وبعض الدول العربية، خصوصا لتأكيده على حل الدولتين، تعرض لهجوم كاسح من اليمين الإسرائيلي المعارض وانتقده عدد من وزراء حكومة لبيد وحلفائه. وأجرت القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي استطلاع رأي قالت إنه دل على أن لبيد لم يكن دقيقا حينما أعلن أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون حل الدولتين. وعرضت نتائج استطلاع جاء فيه أن نسبة مؤيدي هذا الحل لا تتعدى 28% وأن49% قالوا إنهم يعارضونه. لكن حزب لبيد سارع إلى إظهار نتائج استطلاع رأي معمق أجري في جامعة تل أبيب ودل على أن أكثر من 50% من المواطنين اليهود يؤيدون هذا الحل، لكن غالبيتهم لا يثقون بأن التوصل للاتفاق ممكن في هذا الوقت.
وكان نتنياهو أصدر بيانا جاهزا مسبقا ضد خطاب لبيد، نشره على الشبكات الاجتماعية قبل أن ينزل عن منصة الأمم المتحدة فاعتبره «خطابا استسلاميا خنوعا» و«محاولة بائسة لإعادة حل الدولتين بعدما نجحنا في دفنه طيلة سنوات» و«موافقة مريبة على إقامة دولة إرهاب تهدد أمن إسرائيل». وقال نتنياهو في منشور على تويتر: «لن نسمح للبيد بإقامة دولة فلسطينية وإعادتنا إلى كارثة أوسلو». ووصف نتنياهو الخطاب بأنه «مليء بالضعف والهزيمة وانحناء الرأس».
لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية خرجت بتحليلات تشيد بخطاب لبيد وتعتبره شجاعا. وكتبت «يديعوت أحرونوت» أن «الخطاب أعاد إلى النقاش الموضوع المركزي الذي يهم إسرائيل ومصالحها وعلاقاتها الدولية والإقليمية، لكن كل القيادات تجاهلت وخشيت من إثارته في السنوات العشر الأخيرة، بمن في ذلك لبيد نفسه الذي أقام حكومة مع نفتالي بنيت تتجاهل الموضوع الفلسطيني».
وكتب المحلل السياسي في صحيفة «معريب»، بن كسبيت، أن تصريح لبيد «مهم للغاية على صعيد المصلحة القومية الإسرائيلية، ويمنح إسرائيل (خط ائتمان) قد يوفر لها غطاء لأي عملية عسكرية واسعة قد يشنها الجيش على مدن في الضفة خلال الفترة المقبلة»، وقال إنه يبرز إسرائيل أمام الرأي العام الغربي على أنها «صانعة سلام، تضطر للعمل عسكريا مجبرة للدفاع عن أمنها» في مواجهة الفلسطينيين. وأشار كسبيت إلى أنه «لا مناص لإسرائيل من تبني (حل الدولتين) تماشيا مع مصالح أمنها القومي، في ظل المخاطر التي تكتنف الحديث عن دولة واحدة ثنائية القومية، مع العلم أن ذلك لن يسفر عن استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني أو إخلاء للمستوطنات أو حتى عن تجميد للاستيطان».
وكتب محرر الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس»، يوسي فيرتر، أن جل ما التزم به لبيد هو «اتفاق مع الفلسطينيين يضمن أمن إسرائيل وازدهارها الاقتصادي، لكن أقوال لبيد في الأمم المتحدة تخلو من المعنى العملي وليس لها أي جدوى، في ظل عدم وجود شريك فلسطيني». ورأى فيرتر أن خطاب لبيد كان ناجحا، معتبرا أنه «ليس أقل مهارة من نتنياهو، مع اختلاف واحد: أن لبيد يحظى بمصداقية أمام قادة العالم الذين لا يرونه كاذباً، إذ لم يغشهم أو يخذلهم، كما عانى دونالد ترمب من صديقه العزيز، نتنياهو».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

TT

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب)
نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب)

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت في الرابعة فجر اليوم من دون إنذار مسبق، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا في قلب العاصمة اللبنانية، وهو حي شعبي مكتظ بالسكان، وسط تقارير عن استهداف قياديين بارزين في «حزب الله».

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن تدمير مبنى واحد على الأقل وتعرض مبان أخرى لأضرار جسيمة. ووفق «وكالة الأنباء المركزية» تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات سُمع دويها في مناطق مختلفة من لبنان ووصل صداها الى مدينة صيدا جنوبا. ووفق الوكالة، فإن الصواريخ شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصرالله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين.

واستهدفت الضربة الجوية فجر اليوم مبنى سكنياً في قلب بيروت ودمرته بالكامل وسط أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، فيما تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (أ.ب)

وقالت الوكالة إن «فرق الإنقاذ تعمل على رفع الأنقاض في شارع المأمون في البسطة، حيث استهدف طيران العدو مبنى سكنياً، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى».

وأدت الضربة الإسرائيلية إلى مقتل 11 شخصا وإصابة 63 بجروح، وفق حصيلة جديدة أعلنتها وزارة الصحة اللبنانية.وأفادت الوزارة في بيان أن بين القتلى «أشلاء رفعت كمية كبيرة منها وسيتم تحديد هوية أصحابها والعدد النهائي للشهداء بعد إجراء فحوص الحمض النووي»، مشيرة إلى استمرار عمليات رفع الأنقاض.

وفي وقت سابق، نقلت الوكالة الرسمية عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيانا أعلن أن الغارة أدت في حصيلة أولية إلى مقتل أربعة أشخاص.

إلى ذلك، ذكر مصدر أمني لهيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل استهدفت فجر اليوم، في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس دائرة العمـليات في «حزب الله» محمد حيدر.

ومحمد حيدر الملقب بـ«أبو علي» هو رئيس قسم العمليات في «حزب الله» وأحد كبار الشخصيات في التنظيم.

دمار واسع خلفته الضربة الإسرائيلية على مبنى سكني في منطقة البسطة بقلب بيروت (أ.ف.ب)

تجدد الغارات على الضاحية

بعد الضربة فجراً على بيروت، شنّ الجيش الإسرائيلي اليوم ضربات جديدة على الضاحية الجنوبية، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن غارة عنيفة على منطقة الحدث محيط الجامعة اللبنانية.

يأتي ذلك بعدما أصدر المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالعربية، أفيخاي أدرعي، إنذارات جديدة بالإخلاء لسكان الضاحية الجنوبية، عبر منصة «إكس».

وقال أدرعي « إلى جميع السكان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية وتحديدًا في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في الحدث وشويفات العمروسية، أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله) حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب».

وتابع « من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم اخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فورًا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».

من هو طلال حمية؟

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن المستهدف في الضربة في قلب بيروت هو القيادي في «حزب الله»، طلال حمية، حيث تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات ما أدى الى سماع دوي كبير في مناطق مختلفة من لبنان، وهي شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حمية يُعرف بـ«صاحب السيرة العسكرية اللامعة»، وأنه تولى قيادة الذراع العسكرية للحزب بعد اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين.

وظل حمية بعيداً عن الأضواء حتى عاد إلى الواجهة مع إعلان برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأميركية، الذي عرض مكافأة تصل 7 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه.

ويعد حمية القائد التنفيذي للوحدة «910» وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

أضرار جسيمة

وأظهر مقطع بثته قناة تلفزيونية محلية مبنى واحداً على الأقل منهاراً وعدداً من المباني الأخرى تعرضت لأضرار جسيمة.

وذكر شهود من «رويترز» أن الانفجارات هزت بيروت في نحو الساعة الرابعة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر أمنية إن أربع قنابل على الأقل أطلقت في الهجوم.

وهذا هو رابع هجوم جوي إسرائيلي خلال أيام يستهدف منطقة في وسط بيروت، فيما شنت إسرائيل معظم هجماتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وأسفر هجوم جوي إسرائيلي يوم الأحد على حي رأس النبع عن مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب.

وشنت إسرائيل هجوماً كبيراً على «حزب الله» في سبتمبر (أيلول)، بعد عام تقريباً من اندلاع الأعمال القتالية عبر الحدود بسبب الحرب في قطاع غزة، ودكت مساحات واسعة من لبنان بضربات جوية وأرسلت قوات برية إلى الجنوب.

عناصر إنقاذ ومواطنون يبحثون عن ضحايا في موقع الغارة الإسرائيلية بوسط بيروت (أ.ب)

واندلع الصراع بعد أن فتح «حزب الله» النار تضامناً مع «حماس» التي شنت هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وزار المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين لبنان وإسرائيل الأسبوع الماضي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتحدث هوكستين عن إحراز تقدم بعد اجتماعاته يومي الثلاثاء والأربعاء في بيروت قبل أن يتوجه إلى إسرائيل للاجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.