مساعٍ أوروبية لتوحيد الموقف من النزوح الروسي

طوابير من السيارات والحافلات الروسية على حدود فنلندا (إ.ب.أ)
طوابير من السيارات والحافلات الروسية على حدود فنلندا (إ.ب.أ)
TT

مساعٍ أوروبية لتوحيد الموقف من النزوح الروسي

طوابير من السيارات والحافلات الروسية على حدود فنلندا (إ.ب.أ)
طوابير من السيارات والحافلات الروسية على حدود فنلندا (إ.ب.أ)

وجّهت المفوضية الأوروبية تنبيهاً إلى حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد بوجوب التوصّل سريعاً إلى موقف موحّد من طلبات اللجوء التي بدأت تتوالى من المواطنين الروس الذين يغادرون بلادهم بالآلاف هرباً من التعبئة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمواجهة الانتكاسة التي تتعرّض لها قواته نتيجة الهجوم الأوكراني المعاكس.
ويأتي هذا التحذير في أعقاب تزايد عدد الذين يسعون لمغادرة الأراضي الروسية، والخيارات المحدودة أمامهم بعد أن نفدت بطاقات السفر جواً، أو ارتفعت أسعارها أضعافاً عديدة، وبعد أن بدأت الدول المجاورة تفرض قيوداً على دخولهم أو ترفض منحهم تأشيرات أو تغلق حدودها في وجه القادمين من روسيا.
ومنذ إعلان «التعبئة الجزئية» تشهد حركة السير باتجاه بعض البلدان المتاخمة لروسيا كثافة غير معهودة؛ حيث وصلت طوابير السيارات على الحدود مع جورجيا إلى 10 كيلومترات، فيما تواجه نقاط العبور إلى كازاخستان وفنلندا ومنغوليا زحاماً كبيراً. وكانت دول البلطيق الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قررت إبقاء حدودها مقفلة في وجه السيّاح القادمين من روسيا، وقالت إنها لن تعطي تأشيرات لأغراض إنسانية إلا في حالات استثنائية جداً، فيما أعلنت الحكومة الألمانية أنها على استعداد لقبول المنشقين الهاربين من التعبئة العسكرية التي قررها الرئيس الروسي.
وإذ تسعى المفوضية الأوروبية لتوحيد موقف الدول الأعضاء من التعامل مع الهاربين من التعبئة الروسية، نبّهت إلى رفض طلبات اللجوء قبل النظر فيها وفقاً للمعايير والإجراءات المتبعة. وتجدر الإشارة إلى أن مراقبة الحدود هي من الصلاحيات الحصرية للدول الأعضاء، لكن اتفاقية «شنغن» تلزم السلطات الأوروبية النظر في طلبات اللجوء التي يتقدم بها المواطنون الأجانب، قبل اتخاذ القرار برفضها أو قبولها. وكان الناطق بلسان المفوضية ذكّر بواجبات الدول الأعضاء تجاه الذين يطلبون الحماية الدولية، مشيراً إلى أن الوضع الناشئ عن قرار التعبئة الروسي «استثنائي ويستدعي ردة فعل استثنائية».
وأفادت السلطات الفنلندية، التي لم توقف بعد منح تأشيرات «شنغن»، بأن الحكومة تدرس فرض قيود جديدة على التأشيرات السياحية للقادمين من روسيا، لكنها ستدرس طلبات اللجوء قبل اتخاذ قرار بشأنها. وكان وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس قد أعلن أن بلاده ستنظر في طلبات اللجوء بشكل فردي وفقاً للقواعد المرعية، لكنه قال إن ليتوانيا التي لا يزيد عدد سكانها على ثلاثة ملايين «ليست عازمة، ولا قادرة، على منح تأشيرات إنسانية لكل المواطنين الروس الذين يطلبونها».
وتجدر الإشارة إلى أن القواعد الأوروبية تسمح للدول الأعضاء برفض دخول الأجانب إلى أراضيها لأسباب تتعلق بالنظام العام أو الأمن القومي، وهي ما يستند إليه موقف دول البلطيق التي كانت من أشد الداعمين لأوكرانيا منذ بداية الحرب، والتي كانت منذ سنوات تحذّر من المحاولات الروسية للتدخّل في شؤونها الداخلية لزعزعة الاستقرار.
وكان وزير خارجية ليتوانيا صرّح أمس بقوله «إن العديد من الروس الهاربين الآن من التعبئة العسكرية كانوا حتى الأمس راضين عن المجازر التي يرتكبها الجيش الروسي ضد الأوكرانيين ولم يحركوا ساكناً». وأضاف أن «قبولهم يشكّل خطراً كبيراً على أمننا القومي». ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي حذر تقرير داخلي أعده خبراء المفوضية من المخاطر الأمنية المحتملة التي يمكن أن تنشأ عن فتح حدود الاتحاد على مصاريعها أمام الوافدين من روسيا، داعياً الدول الأعضاء إلى تشديد المراقبة وتعزيز التعاون والتنسيق بين أجهزتها الأمنية والاستخباراتية. وكانت الحكومة التشيكية، التي تتولّى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد، قد أعلنت أيضاً أنها لن تمنح تأشيرات إنسانية إلى الروس الهاربين من التعبئة.
من جهتها، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر إن بلادها مستعدة لاستقبال الهاربين من روسيا بسبب التعبئة التي فرضها فلاديمير بوتين، مؤكدة أن «من يتصدّى بشجاعة لنظام بوتين، وبالتالي يتعرّض للخطر، له أن يطلب اللجوء السياسي». وبذلك تنحاز ألمانيا إلى جانب الدول التي تطالب بمساعدة الروس الهاربين لأسباب إنسانية، والداعية أيضاً إلى إضعاف نظام بوتين الذي يقول مسؤولون في المفوضية إنه بدأ يواجه مرحلة حرجة جداً على الصعيدين الداخلي والخارجي.
لكن يشير المسؤولون في بروكسل إلى أنه في حال تحوّلت ظاهرة الهرب من التعبئة الروسية إلى موجة نزوح عارمة شبيهة بموجة النزوح الأوكراني في الأسابيع الأولى من الحرب، فمن غير المستبعد أن يؤدي ذلك إلى انقسام المواقف داخل الاتحاد. ويذكّر المسؤولون بأن الإجراءات على الحدود الخارجية للاتحاد تخضع لأحكام اتفاقيات جنيف التي تنصّ على أن الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية، بمن فيهم أفراد الجيش الذين نزعوا سلاحهم أو أصبحوا خارج المواجهات العسكرية بسبب المرض أو الاعتقال أو أي أسباب أخرى، يخضعون لمعاملة إنسانية.
وفي حديث مع «الشرق الأوسط» قال مسؤول رفيع عن العلاقات الخارجية في المفوضية: «ندرك صعوبة المعضلة التي تواجهنا والمخاطر التي يمكن أن تنشأ عن القرارات التي تتخذها الدول الأعضاء لمعالجتها. ومن المرجح أن الوضع ذاهب لمزيد من التعقيد في الأيام والأسابيع المقبلة. أكثر من نصف مليون روسي غادروا بلادهم منذ بداية الحرب، وعلينا أن نوازن بين مقتضيات التضامن الإنساني معهم، وحماية الأمن القومي للدول الأعضاء».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يشيد بحزمة العقوبات «الأكبر» ضد قطاع النفط الروسي

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي يشيد بحزمة العقوبات «الأكبر» ضد قطاع النفط الروسي

رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، بالعقوبات الأميركية الجديدة على قطاع النفط وأسطول ناقلاته في روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مسيرة صغيرة خلال المعارك في أوكرانيا (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

تقرير: روسيا ابتكرت مسيرة «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن روسيا ابتكرت طائرة من دون طيار «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة تغير مسار الحرب في أوكرانيا.

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.

أوروبا جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)

بريطانيا: تحالف دولي سيرسل 30 ألف مسيّرة لأوكرانيا

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، الخميس، أن تحالفاً دولياً تقوده بريطانيا ولاتفيا لإمداد أوكرانيا بمسيّرات سيرسل 30 ألف مسيّرة جديدة إلى كييف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.