بروكسل تتوقع توترات مع روما إذا وصلت جورجيا ميلوني إلى الحكم

المفوضية الأوروبية تحذر اليمين الإيطالي من عواقب مخالفة مبادئ الديمقراطية

جورجيا ميلوني في المهرجان الانتخابي الأخير بنابولي أمس (رويترز)
جورجيا ميلوني في المهرجان الانتخابي الأخير بنابولي أمس (رويترز)
TT

بروكسل تتوقع توترات مع روما إذا وصلت جورجيا ميلوني إلى الحكم

جورجيا ميلوني في المهرجان الانتخابي الأخير بنابولي أمس (رويترز)
جورجيا ميلوني في المهرجان الانتخابي الأخير بنابولي أمس (رويترز)

يثير احتمال ترؤس مرشحة اليمين المتطرف جورجيا ميلوني، الحكومة الإيطالية، قلق بروكسل، خصوصاً حيال مسألة العقوبات ضد موسكو الحساسة. وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين من عواقب محتملة على إيطاليا إذا انتهكت الأحزاب اليمينية في البلاد مبادئ الديمقراطية في حالة فوزها بالانتخابات. في المقابل، لا يرى دبلوماسيون وخبراء أن روما ستجازف بالتخلي عن المساعدات الهائلة التي يعدها بها الاتحاد الأوروبي.
جورجيا ميلوني زعيمة حزب «فراتيلي ديتاليا» (إخوان إيطاليا) هي الأوفر حظاً في الانتخابات التشريعية المرتقبة الأحد. وتستعدّ لتحكم ضمن ائتلاف مع حزب «الرابطة» المناهض للهيئات الأوروبية بزعامة ماتيو سالفيني، وحزب «فورتسا إيطاليا» المحافظ الذي أسسه سيلفيو برلوسكوني.
وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين، أمس (الجمعة)، من عواقب محتملة على إيطاليا إذا انتهكت الأحزاب اليمينية في البلاد مبادئ الديمقراطية في حالة فوزها بالانتخابات.
وخلال مشاركتها في فعالية بجامعة برنستون بولاية نيوجيرسي الأميركية، ورداً على سؤال وجهته لها إحدى الطالبات حول ما إذا كانت قلقة بشأن الانتخابات في إيطاليا في ضوء علاقات بعض المرشحين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قالت فون دير لاين: «إذا سارت الأمور في اتجاه صعب، ولقد استشهدت بالفعل بالمجر وبولندا، فلدينا أدواتنا». وشرع مكتب رئيسة المفوضية الأوروبية بالفعل في اتخاذ عدد مما يسمى بإجراءات الانتهاك ضد بودابست ووارسو، فضلاً عن تقديم شكاوى ضدهما أمام محكمة العدل الأوروبية.
وذكّر مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون العدل ديدييه ريندرز، بأن «هذه ليست المرة الأولى التي يرتسم فيها خطر مواجهة حكومات تضمّ أحزاباً يمينية متطرفة أو يسارية راديكالية». وأضاف: «فلنترك الناخبين يختارون ممثليهم. سنردّ على تصرفات الحكومة الجديدة ولدينا وسائل تحت تصرّفنا». في ذروة الأزمة الناجمة عن النزاع بين روسيا وأوكرانيا، ستصبح إيطاليا إلى جانب السويد، ثاني دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تُشكل فيها حكومة ائتلافية مع اليمين المتطرّف.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير مركز السياسة الأوروبية للدراسات فابيان زوليغ، «أنه مع اقتراب حلول شتاء تبدو أجواؤه متوتّرة (أسعار الطاقة، التضخم...) وستكون خلاله الوحدة الأوروبية على المحك، فإن التغييرات السياسية التي حصلت في السويد وقد تحصل في إيطاليا لن تساعد في اتخاذ القرارات الصعبة».
ويثير تحالف حزب «فورتسا إيطاليا» العضو في حزب الشعب الأوروبي، مع اليمين المتطرف، انتقادات شديدة في البرلمان الأوروبي. وقالت رئيسة الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي إيراتشي غارثيا بيريث، إن «الأشباح التي كنا نعتقد أنها اختفت، تعود. إن إمكان فوز أحزاب مؤيدة للفاشية في انتخابات بأوروبا بموافقة حزب الشعب الأوروبي، هو أمر مقلق للغاية».
وندّدت الزعيمة الإسبانية بالدعم المقدّم لهذا التقارب مع اليمين المتطرف من جانب الألماني مانفريد فيبر، وهو زعيم حزب الشعب الأوروبي ورئيس كتلة هذا الحزب في البرلمان الأوروبي.
ويثير اندماج أحزاب اليمين المتطرف في الحياة السياسية في بعض الدول الأوروبية، قلق الدول الأعضاء. ويقول مسؤول أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الخطر هو أن يؤدي ذلك إلى تشجيع التحالفات المماثلة في دول مثل إسبانيا وفرنسا».
غير أن داخل الهيئات الأوروبية، يُعد أن من شأن المبالغ الهائلة المخصصة لإنعاش اقتصاد شبه الجزيرة الإيطالية (200 مليار يورو) أن يدفع القادة الإيطاليين الجدد إلى أن يكونوا حذرين بعض الشيء.
ويرى مدير معهد «Jacques Delors» سيباستيان مايار، أن «التخلي عن مليارات خطة الإنعاش سيكون بمثابة انتحار».
ويشير دبلوماسي أوروبي إلى أن «إيطاليا كثّفت المؤشرات الهادفة إلى طمانة الأسواق وشركائها الأوروبيين». ويضيف: «من سيكون وزير المال؟ الأسماء التي يتم تداولها هي أسماء معروفة جداً في بروكسل. لنفترض أن نيّتهم حسنة».
ويلفت سيباستيان مايار إلى أن «الإيطاليين لم يصبحوا مناهضين لأوروبا ولا مشككين بجدوى الاتحاد الأوروبي على غرار البريطانيين»، مضيفاً: «في المقابل، ومع سالفيني في الائتلاف، يمكن (للرئيس الروسي) فلاديمير بوتين أن يطمئنّ إذ لن تُفرض عقوبات أوروبية جديدة على روسيا».
وعلى نطاق أوسع، فإن مواقف زعماء الأحزاب التي سيتألف منها الائتلاف الحكومي الإيطالي، متقلّبة. وتؤكد وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية لورانس بون، أن «هذا الغموض مقلق».
في الواقع، ستفقد باريس وبرلين حليفاً وازناً في الاتحاد الأوروبي. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أقام رابطاً قوياً مع رئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي. وتوقع سيباستيان مايار أن «تصبح إيطاليا حليفاً صعباً بالنسبة لفرنسا».
ويُخشى أيضاً من توترات في الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة وقضايا اجتماعية أخرى، لا سيما الحقّ في الإجهاض.
ومن بين المواضيع التي تثير توترات أيضاً، معارضة ميلوني للعقوبات التي اقترحتها المفوضية الأوروبية لإرغام رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على مكافحة الفساد واحترام دولة القانون.
والأغلبية المؤهلة مطلوبة لتعليق دفع أموال أوروبية للمجر، وقد تعرقل معارضة إيطاليا إحدى الدول المؤسسة للاتحاد، الأمر.
ويقول مسؤول في المفوضية الأوروبية: «سنرى ما إذا كانت الدول قادرة على مواصلة ضغطها على فيكتور أوربان، أم لا».


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.