مخاوف من شتاء يُعيد زيادة إصابات «كورونا»

بعد الانخفاض إلى أدنى مستوى منذ مارس 2020

الخبراء يؤكدون أهمية القناع شتاء للوقاية من «كورونا» (Shutterstock)
الخبراء يؤكدون أهمية القناع شتاء للوقاية من «كورونا» (Shutterstock)
TT

مخاوف من شتاء يُعيد زيادة إصابات «كورونا»

الخبراء يؤكدون أهمية القناع شتاء للوقاية من «كورونا» (Shutterstock)
الخبراء يؤكدون أهمية القناع شتاء للوقاية من «كورونا» (Shutterstock)

«إذا ذهبت للمشي تحت المطر دون مظلة، فلن يساعدك التظاهر بأنها لا تمطر، وستظل تبتل...» بهذا التشبيه الذي استخدمه تيدروس أدهانوم غبيريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في إحاطة إعلامية يوم 31 أغسطس (آب) الماضي، أراد غبيريسوس التحذير من أن الشتاء القادم قد يحمل خطرا كبيرا على الصحة العالمية، إذا استمر الاعتقاد الرائج بين الناس بأن جائحة «كورونا» انتهت.
واضطرت الدول بسبب الضغوط الاقتصادية إلى تخفيف إجراءات الإغلاق وإعادة الأنشطة التي توقفت بسبب الجائحة، الأمر الذي أعطى انطباعا بتغذية الانخفاضات في أرقام الإصابات والوفيات، مؤداه أن «الجائحة انتهت»، وهو ما حذرت منه «الصحة العالمية» في أكثر من مناسبة، مؤكدة أن شيوع هذا الإحساس، قد يتسبب في موجة كبيرة من الإصابات والوفيات في الشتاء المقبل.
وتسير أعداد إصابات «كورونا» في اتجاه تنازلي منذ بداية أغسطس الماضي، وفق إحصاءات «الصحة العالمية»، وشهدت أرقام الإصابات خلال الفترة من 5 إلى 11 سبتمبر (أيلول) أدنى مستوى لها منذ مارس (آذار) 2020، حيث انخفضت خلال تلك الفترة بنسبة 28 في المائة مقارنة بالأسبوع السابق، وانخفض عدد الوفيات المرتبطة بالفيروس خلال نفس الفترة بنسبة 22 في المائة.
ولا ينكر الخبراء أن «المناعة الهجينة» التي تشكلت في المجتمعات نتيجة الحصول على اللقاح والإصابة بالفيروس ساعدت على انخفاض أعداد الإصابات والوفيات، لكنهم يحذرون في الوقت ذاته من أن هذه الأرقام قد لا تكون دقيقة بالشكل الكاف، وتغري نحو مزيد من الاستهتار شتاء، بما يتسبب في عودة أعداد الإصابات إلى الارتفاع مجددا.
يقول أحمد سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات في معهد «إدوارد جينز» بجامعة أكسفورد: «لا شك أن هناك انخفاضا في أعداد الإصابات والوفيات نستطيع أن نلمسه في محيط أسرنا وعائلاتنا، لكن في الوقت ذاته، لا يمكنني التعويل كثيرا على الأرقام التي تصدرها المؤسسات الصحية، لأن الدول قللت من قدراتها على الفحص والمراقبة، في إطار خططها للتعايش مع الفيروس».
ويؤيد سالمان، ما ذهب إليه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في تأكيده أن «التعايش مع (كورونا) لا يعني التظاهر بأن الجائحة الصحية انتهت»، لا سيما أننا على أعتاب فصل الشتاء، حيث تكون فرص انتشار الفيروس أكبر.
ولا يصنف «كورونا» المستجد على أنه فيروس موسمي، وأكدت «الصحة العالمية في أكثر من مناسبة على أنه يمكن أن يصيب الإنسان في أي موسم، ولكن الخصوصية التي تمنحها تحذيرات المنظمة لفصل الشتاء تستند إلى السلوكيات المرتبطة بالطقس البارد، والتي تساعد على زيادة الإصابات، وأهمها ميل الناس إلى غلق النوافذ وعدم التهوية وقضاء المزيد من الوقت في الداخل، كما يوضح سالمان.
وأكدت دراسة أميركية نشرت على موقع ما قبل نشر الأبحاث «ريسيرش سكوير»، في 16 سبتمبر الجاري، هذا الرابط بين الطقس البارد وانتشار الفيروس، من خلال تقييم الاتجاهات الموسمية التي لوحظت في حالات المرض، والاستشفاء، والوفاة، بسبب الفيروس.
ووجد الباحثون من كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، وشركة فايزر، وجامعة أيوا، بعد تحليل البيانات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خلال الفترة من 1 مارس 2020 وحتى 31 يوليو (تموز) 2022 أن هناك زيادة في حالات الإصابة بين يناير (كانون الثاني) ومارس 2021 بعدد 905 حالات لكل مليون شخص، وهو ما يدعم المخاوف من تزايد الإصابات والوفيات شتاء.
يقول خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط «جنوب مصر»: «كانت هذه الزيادات التي أشارت إليها الدراسة، خلال الفترة بين يناير ومارس 2021 في وقت كان لا يزال لدى الناس بعض من الحذر، لكن الآن، لم يعد هذا الحذر موجودا».
ويضيف «ليس شرطا أن أعداد الإصابات ستزيد شتاء بنفس معدل الماضي، بسبب المناعة المجتمعية التي تشكلت بعد أن أكثر من عامين ونصف العام من الوباء، ولكن ما نود التأكيد عليه، هو أن أعداد الإصابات ستزيد بشكل ملحوظ، ما لم يتم العودة إلى اتخاذ بعض من الحيطة والحذر».
وبالعودة إلى المثل الذي طرحه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في البداية، فإن الرسالة التي يشدد عليها شحاتة، هي أنه «يجب إدراك أن الفيروس لا يزل محمولا في الهواء، وكما يتم استخدام المظلة للوقاية من الأمطار شتاء، يجب أيضا العودة لاستخدام القناع لحماية الأنف، من أن تكون مسارا لدخول الفيروس إلى الجسم».
وبالإضافة لذلك، يؤكد على ضرورة تجنب الأماكن المكتظة قدر المستطاع، خاصة في المناطق المغلقة، وفي حال الاضطرار لدخول أماكن مغلقة، يجب الاهتمام بفتح النوافذ، والاستمرار في سلوك تنظيف الأيدي. وقبل كل ذلك، يشدد شحاتة على أهمية التطعيم والحصول على الجرعات المعززة إذا كانت متاحة.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة ستزيد القيود على لقاحات كوفيد

الولايات المتحدة​ الولايات المتحدة تزيد القيود على تلقي اللقاحات المضادة لكوفيد (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة ستزيد القيود على لقاحات كوفيد

تعتزم الولايات المتحدة زيادة القيود على تلقي اللقاحات المضادة لكوفيد، مع حصر التوصية بها للأشخاص في سن 65 عاماً وما فوق أو لأولئك المعرضين للخطر بصورة أكبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم تايلانديون يضعون كمامات واقية في منطقة عامة ببانكوك الثلاثاء (إ.ب.أ)

«منظمة الصحة» تتبنى اتفاقاً تاريخياً لمكافحة الجوائح العالمية

شكّلت جائحة «كوفيد 19» صدمة عالمية، وذكّرت بأن الفيروسات لا تعترف بالحدود، وبأن أي بلد، مهما بلغت قوته، لا يستطيع بمفرده مواجهة أزمة صحية عالمية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
علوم «لقاحات الحمض النووي»: تطويرات باهرة أم أسلحة دمار شامل؟

«لقاحات الحمض النووي»: تطويرات باهرة أم أسلحة دمار شامل؟

لا تؤثر على الحمض النووي للإنسان ولا تندمج مع الجينوم

آسيا رجل يمر أمام مجسمَيْن لفيروس «كورونا» (رويترز)

الصين: «كوفيد - 19» نشأ في الولايات المتحدة

أعادت الصين تكرار مزاعمها بأن «كوفيد - 19» ربما نشأ في الولايات المتحدة، وذلك في تقرير أصدرته أمس الأربعاء حول استجابتها للجائحة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يُروِّج لنظرية «تسرب كورونا من المختبر» عبر موقع «كوفيد» الحكومي

يدعم موقع إلكتروني اتحادي متخصص في فيروس «كوفيد-19»، كان يعرض معلومات عن اللقاحات والفحوصات والعلاج، الآن، نظرية أن الوباء نشأ نتيجة تسرب من مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

للمرة الأولى... اكتشاف فيروس غرب النيل في بعوض المملكة المتحدة

تنتشر الأمراض التي ينقلها البعوض إلى مناطق جديدة في أعقاب تغير المناخ (رويترز)
تنتشر الأمراض التي ينقلها البعوض إلى مناطق جديدة في أعقاب تغير المناخ (رويترز)
TT

للمرة الأولى... اكتشاف فيروس غرب النيل في بعوض المملكة المتحدة

تنتشر الأمراض التي ينقلها البعوض إلى مناطق جديدة في أعقاب تغير المناخ (رويترز)
تنتشر الأمراض التي ينقلها البعوض إلى مناطق جديدة في أعقاب تغير المناخ (رويترز)

أفادت وكالة الأمن الصحي البريطانية باكتشاف فيروس غرب النيل لأول مرة، في المادة الوراثية للبعوض الذي جُمِع في بريطانيا، وفق تقرير لصحيفة «الغارديان».

وقيّدت الوكالة خطر الفيروس على عامة الناس بأنه «منخفض جداً»، وأكدت عدم وجود دليل على انتقاله إلى البشر أو توطنه.

يأتي اكتشاف الفيروس في البعوض الذي جُمِع في نوتنغهامشاير عقب تحذيرات من أن الحدود الجغرافية للأمراض الخطيرة المنقولة بالنواقل، بما في ذلك فيروس غرب النيل وحمى الضنك والحمى الصفراء، تتجه شمالاً بثبات بسبب تغير المناخ.

وقال الدكتور أران فولي، عالم الفيروسات المنقولة بالأشجار في وكالة صحة الحيوان والنبات (APHA) ورئيس برنامج المراقبة الذي أجرى اختبارات على البعوض: «يُعد اكتشاف فيروس غرب النيل في المملكة المتحدة جزءاً من مشهد أوسع نطاقاً متغيراً؛ حيث تنتشر الأمراض التي ينقلها البعوض إلى مناطق جديدة في أعقاب تغير المناخ».

ويُوجد فيروس غرب النيل عادة في الطيور، وينتقل عادة عبر بعوض الزاعجة المصرية، الذي يُفضل لدغ الطيور، ولكنه في حالات نادرة يُمكن أن ينقل الفيروس إلى البشر أو الخيول.

ومعظم حالات العدوى البشرية لا تظهر عليها أعراض؛ حيث يُصاب واحد من كل 5 أشخاص تقريباً بالحمى والصداع وآلام الجسم وأعراض أخرى تشبه أعراض الإنفلونزا، بينما تُصاب نسبة ضئيلة جداً بأمراض عصبية حادة مثل التهاب الدماغ أو التهاب السحايا.

وبعوض الزاعجة المكسيكية (Aedes vexans) موطنه الأصلي المملكة المتحدة، ورغم ندرته، فإن أعداده قد تتزايد بشكل كبير في الصيف في مناطق الأنهار المغمورة.

ولكي يصبح المرض متوطناً، يُعد المناخ عاملاً حاسماً، لأن الفيروس يتكاثر بسرعة أكبر بكثير في درجات الحرارة المرتفعة. عند درجة حرارة 15 درجة مئوية، يستغرق الفيروس عدة أشهر - وهي مدة أطول من متوسط ​​عمر البعوض - ليصل إلى الحد الأقصى للعدوى.

وعند درجة حرارة 30 درجة مئوية، تستغرق العملية نفسها من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ما يعني أن الفيروس يمكن أن يتجذر في مجموعات البعوض.

وتم الكشف عن الفيروس من خلال برنامج الرادار المنقول بالنواقل (الكشف عن الفيروسات المفصلية والاستجابة لها في الوقت الفعلي) التابع لوكالة الصحة الحيوانية الأميركية (APHA) في بعوض الزاعجة الذي جمعته هيئة الصحة الحيوانية في المملكة المتحدة (UKHSA) من الأراضي الرطبة على نهر إيدل بالقرب من غامستون في نوتنغهامشاير، في يوليو (تموز) 2023.

ووُزّع البعوض في 10 مجموعات للاختبار، وتم تحديد أجزاء من المادة الوراثية لفيروس غرب النيل في مجموعتين. وكانت نتائج المجموعات الـ198 الأخرى سلبية. ويُعد هذا أول دليل على اكتشاف فيروس غرب النيل في بعوضة في المملكة المتحدة.

ويُعد فيروس غرب النيل مستوطناً في مناطق مختلفة حول العالم، بما في ذلك جنوب أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وأميركا الشمالية وأستراليا.

وقد اتسع النطاق الجغرافي لفيروس غرب النيل في السنوات الأخيرة ليشمل مناطق أكثر شمالاً وغرباً من أوروبا القارية مع ازدياد وتيرة فصول الصيف الطويلة والحارة.

ولم تُكتشف أي حالات إصابة بفيروس غرب النيل لدى البشر أو الخيول في المملكة المتحدة حتى الآن، ولا يوجد دليل يشير إلى استمرار انتشار الفيروس بين الطيور أو البعوض.

ويجري تعزيز أنشطة مراقبة الأمراض ومكافحتها في ضوء هذه النتائج، وقد صدرت نصائح لمقدمي الرعاية الصحية لإجراء فحص للمرضى المصابين بالتهاب الدماغ مجهول السبب كإجراء احترازي.

وفي هذا المجال، قالت الدكتورة ميرا تشاند، نائبة مدير هيئة الخدمات الصحية في المملكة المتحدة لشؤون صحة السفر والأمراض الحيوانية المنشأ والالتهابات الناشئة والجهاز التنفسي والسل: «على الرغم من أن هذا هو أول اكتشاف لفيروس غرب النيل لدى البعوض في المملكة المتحدة حتى الآن، فإنه ليس مفاجئاً؛ حيث إن الفيروس منتشر بالفعل في أوروبا.

ويُقدر خطره على عامة الناس حالياً بأنه منخفض جداً».

وأوضح بول هانتر، أستاذ الطب في جامعة إيست أنجليا، أنه «من المرجح ألا يكون الخطر المباشر كبيراً على صحة الإنسان. ولكن مع ارتفاع درجات الحرارة وطول فصل الصيف، سيتحرك الحد الشمالي لفيروس غرب النيل شمالاً، ومن المرجح أن نبدأ في رؤية حالات عدوى متوطنة، بداية في جنوب البلاد».