غريس أشقر لـ«الشرق الأوسط»: في «ست الدنيا» الحياة لا تتوقف

من يتعرف إلى غريس أشقر زوجة الفنان جو أشقر لا بد أن يصاب بعدوى الطاقة الإيجابية التي تتحلى بها. فهي تتسلح دائماً بالتفاؤل، رافضة الاستسلام لأفكار محبطة. بالنسبة لها «الحياة حلوة بس نفهمها». ولعل الدعم الذي تلاقيه من زوجها وأفراد عائلتها يسهم في تجاوزها أي تحديات حياتية بسلاسة.
وفي أغنيتها الجديدة «ليالي بيروت» المقتبسة عن أخرى فرنسية (nuit de folie)، تمد أشقر مستمعها ومتابع كليب الأغنية بحب الحياة. وتركز في عملها الحديث هذا على بيروت «ست الدنيا» التي مهما واجهت من مصاعب وتحديات يبقى قلبها نابضاً. فأهاليها لا يستسلمون ورغم المشكلات الكثيرة تقف لهم بالمرصاد فإنهم يكملون طريقهم بتفاؤل. هذه الموضوعات تتناولها أشقر في عملها الجديد الذي أصرّت على إطلاقه في هذه الفترة العصيبة، للتأكيد على أن لا شيء يمكنه أن يقهر بيروت.
الأغنية من كلمات شربل غنيمة وتوزيع الموسيقي جوزيف كيروز، وقد صورتها بتوقيع المخرج جان بيار عبدايم. وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أردت من خلالها إخراج الناس من جو الكآبة الذي يعيشونه. وكي أحول نظرهم إلى بيروت العاصمة الجميلة، غمرتها بالألوان الزاهية وبمشاهد فرحة للدلالة على مدى تعلق اللبناني بهذه الأجواء».
تخلط أشقر بين العربية والفرنسية في الأغنية «لأن السوق اللبنانية لا تقبل كثيراً الأغاني الأجنبية بل تفضل العربية عليها» كما تقول. ولتجذب أيضاً أكبر عدد من المستمعين الشباب الذين عايشوا نجاحات هذه الأغنية في الثمانينات.
وتروي أشقر قصة ولادة هذه الأغنية في ظروف صعبة وتقول: «كنت أتحدث مع الموزع جوزيف كيروز وبالصدفة خرج بهذه الفكرة، لأنها كما ذكر لي تشبه شخصيتي الإيجابية. وبعد عدة مشاورات، وقع خيارنا على هذا اللحن المليء بالإيقاع الجميل. ومن هناك ولدت الفكرة وترجمناها بكلام يشبه اللبنانيين وما يحكونه في يومياتهم. رغبت أن يكون العمل واقعياً يبرز إرادة الناس في الاستمرار بنمط حياتهم الطبيعي حتى في أحلك الظروف».
تغيب غريس أشقر بين وقت وآخر، لتعود دائماً بعمل تتجدد معه ويحمل لمستمعيها رونقاً فنياً لا يشبه غيره. وتوضح: «صحيح أنني عادة ما أغيب وأعود بعمل معين، مرات ليلحق بمناسبة معينة كالذي قدمته في أعياد الميلاد، ومرات أخرى يحكي عن خياراتي الشخصية كـ(اخترت الابتسامة) التي أصدرتها منذ نحو ثلاث سنوات. ولكنني اليوم قررت أن أمضي في مشواري هذا، فأخرج إلى النور أغاني متتالية من دون مسافات بعيدة بينها».
الاستهتار من ناحية وترددها في دخول مجال الغناء من ناحية ثانية، أخرا أشقر، كما تقول، عن التفرغ للغناء. «كان التردد يرافقني دائماً، لأنني أغني بالأجنبية، وهو أمر لا يستسيغه كثير من اللبنانيين. أخيراً، شعرت أن الوقت يمر بسرعة، وأننا نتقدم بالسن من دون أن نحقق الكثير من أمانينا. هذه الوقفة مع الذات التي أسهم فيها الحجر المنزلي في فترة الجائحة، دفعتني إلى تغيير توجهاتي. لم يعد عندي الوقت الطويل لأقوم بما أحب، لا بل هو يضيق أكثر فأكثر يوماً بعد يوم. ولأنني أغني من باب الهواية لا المهنة، اتخذت قراري بالتفرغ له بشكل أفضل».
تعوّل أشقر على رأي زوجها الفنان جو أشقر، فيعطيها رأيه بصراحة في أي عمل تنوي إصداره: «هو ملهمي وداعمي الأول، ولا أقوم بأي خطوة من دون استشارته. فهو صاحب باع طويل في الغناء، ولديه خبرة كبيرة في هذا المجال. كما أنه ساندني في كيفية التسويق للأغنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فهو يعرف زواريب هذه الوسائل، والقواعد التي يجب اتباعها. إنه صاحب رؤية فنية لا تخطئ، ولذلك أصر على الأخذ برأيه دائماً».
حتى بناتها يزودنها برأيهن في عمل جديد تصدره، وتقول: «إنهن كغيرهن من الجيل الشاب لا يحبذن كثيراً سماع الأغاني العربية. ولكن عندما طلبت رأيهن في (ليالي بيروت) أعجبن بها، خصوصاً أنها متعددة اللهجات وفيها الإنجليزية أيضاً. لا أعرف إذا الفن سيكون من خيارهن عندما يكبرن، ولكن ابنتي الكبرى تعزف على البيانو وتحب الغناء. وقد تدخل في مجال قطاع المطاعم وإدارتها متأثرة بي وبوالدها، سيما أنه يملك عدة مقاهٍ ومطاعم في بيروت».
تثابر أشقر على التدرّب الغنائي، فبعد دراستها المبكرة في معهد الموسيقى العالمي، تابعت دروساً في تمرين الصوت (فوكاليز). وتوضح: «حالياً أتدرب عليها مع أحد المختصين الموجودين في جنيف، وعنده تتابع الفنانة عبير نعمة الدروس نفسها».
وعن الساحة الغنائية اليوم تقول أشقر: «إنها منوعة فيها الرومانسي والإيقاعي والشعبي وغيرها. وكما في أي مهنة أخرى هناك أجيال تأتي وتذهب حسب كل زمن. أنا شخصياً معجبة بسعد المجرد، وبزياد برجي، ونانسي عجرم، وأحب أي عمل تصدره عجرم وأتابعها باستمرار لأنها تعرف كيف تختار أعمالها وبتأنٍ».
صُورت أغنية «ليالي بيروت» في عدد من المناطق بالعاصمة وبينها في وسطها وفي منطقة برج حمود الشعبية. «إنها منطقة تزدحم بالسكان من مختلف الطبقات، وفيها جو شعبي وإمكانيات مادية قليلة، فرغبنا في أن نزود الناس بطاقة إيجابية تولد عندهم حب الحياة. وهكذا حصل وكانت الغالبية هناك متفاعلة معنا وسعيدة بما يحصل في شوارع المنطقة».
وعما إذا كانت تفكر بالتمثيل ترد: «أحبه كثيراً، وإذا ما تلقيت عرضاً مناسباً، فلن أتردد بالقيام بذلك».