الحوثيون يمنعون الوزارات اليمنية من التعامل مع {الأهلي الحضرمي}

«القاعدة» تتوحد وتصفي حساباتها بالمكلا

الحوثيون يمنعون الوزارات اليمنية من التعامل مع {الأهلي الحضرمي}
TT

الحوثيون يمنعون الوزارات اليمنية من التعامل مع {الأهلي الحضرمي}

الحوثيون يمنعون الوزارات اليمنية من التعامل مع {الأهلي الحضرمي}

أصدرت جماعة أنصار الله الحوثية المنقلبة على الحكومة الشرعية في اليمن بيانًا عبر رئاسة مجلس الوزراء اليمني بالعاصمة اليمنية صنعاء والذي تسيطر عليها الجماعة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، تمنع فيه الوزارات اليمنية والهيئات الحكومية وفروعها في محافظة حضرموت جنوب اليمن من التعامل مع المجلس الأهلي الحضرمي وهو مجلس أسس بعد سقوط المكلا في يد تنظيم القاعدة يوم 2 أبريل (نيسان) الماضي، ويتكون هذا المجلس من شخصيات سياسية واجتماعية وقبلية، تدير الشؤون المدنية لمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، وتحل محل السلطة المحلية بالمدينة، التي اختفى بعض أعضائها، وامتنع البعض الآخر عن ممارسة نشاطه الحكومي في ظل سيطرة «القاعدة» على المدينة، بينما انخرط آخرون ضمن مكونات المجلس.
البيان الصادر عن الجماعة الانقلابية وصف المجلس الأهلي الحضرمي بغير القانوني، وغير الشرعي، وحذر من التعامل معه قائلاً إن «أي تعامل مع هذا الكيان غير الشرعي، أو أي تصرفات تصدر عنه والمتعاملون معه تعتبر باطلة قانونًا»، وهو الأمر الذي رفضه المجلس من الأهلي وأعضائه، والذين أبدوا استغرابهم من حديث الجماعة الانقلابية عن القانون والشرعية وهم الذين غزوا صنعاء في سبتمبر من العام الماضي، ووضعوا الرئيس والحكومة اليمنية الشرعية تحت الإقامة الجبرية، وأدخلوا البلاد في نفق مظلم لم تخرج منه حتى الآن.
ويقوم المجلس منذ سقوط المكلا بيد تنظيم القاعدة بتسيير شؤون المدينة في ظل غياب السلطة عنها، واستطاع المجلس تنظيم الكثير من الأمور الرئيسية المتعلقة بحياة المواطنين، كتنظيم دخول وتوزيع المشتقات النفطية، وضمان تشغيل محطات الطاقة الكهربائية، وتوفير الوقود اللازم لتشغيلها، وتنظيم عمل بعض المرافق الصحية والخدمية، حيث تم كل ذلك بالتعاون مع الحكومة اليمنية، عبر محافظ حضرموت الدكتور عادل محمد باحميد، كما تم أيضا تأمين بعض المقار والمؤسسات الحكومية، والتي شهدت الكثير منها أعمال تخريب ونهب يوم 2 أبريل الماضي، وتوفير حراسات دائمة لها للحفاظ على ما تبقى بداخلها.
ويحظى المجلس بتأييد ومباركة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ونائبه رئيس الحكومة خالد محفوظ بحاح كما يقول المتحدث الرسمي باسم المجلس ربيع العوبثاني، والذي أشار في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» لوجود وسطاء ومبعوثين من المجلس الأهلي الحضرمي إلى الحكومة اليمنية بالرياض، لإيصال معاناة المواطنين بالمحافظة، وإيجاد حلول لعودة الحياة الطبيعية، وعمل الدوائر الحكومية في ظل سيطرة «القاعدة» على مدينة المكلا عاصمة المحافظة لأكثر من شهرين ونصف الشهر.
إلى ذلك يواصل تنظيم القاعدة سيطرته على مدينة المكلا رغم تزايد ضربات الطائرات من دون طيار «الدرون» التي تستهدفهم بشكل مباشر، واستطاعت قتل الكثير من عناصر التنظيم وقيادته، حيث تزامنت آخر الضربات مع تنفيذ حكم إعدام لاثنين من عناصرها اتهموا بالتخابر ضد «القاعدة» لصالح الولايات المتحدة الأميركية وجهات أخرى، وزرع شرائح إلكترونية تساعد الطائرات من دون طيار على إيجاد أهدافها بدقة، بينما يحتجز التنظيم عددا من المتهمين الآخرين في قضية الطائرات من بينهم طلال بن حيدرة وأخيه ماجد واللذين وجهت لهما تهمة الانتماء لجهاز الأمن القومي اليمني، وإدارة شبكة التخابر ضد «القاعدة» على مستوى مدينة المكلا ومحيطها، وزرع الكثير من العناصر المخابراتية داخل التنظيم بهدف توزيع الشرائح الإلكترونية التي تساعد الطائرات من دون طيار على إيجاد أهدافها، ويعتبر طلال بن حيدرة واحدا من كبار أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، كما أنه يشغل منصب مدير عام صندوق النظافة والتحسين بمدينة المكلا.
وقالت مصادر مقربة من تنظيم القاعدة لـ«الشرق الأوسط» إن «القيادي بالتنظيم أبو بصير ناصر الوحيشي كان قد قتل في الضربة ما قبل الأخيرة للدرون، تحديدًا بمنطقة كورنيش المحضار على الساحل الجنوبي الشرقي للمدينة، مساء 9 يونيو (حزيران) الحالي، ومعه اثنان من مرافقيه، ويعتبر الوحيشي أحد رفاق زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وأحد مؤسسي تنظيم أنصار الشريعة (قاعدة اليمن)». وعمد «القاعدة» خلال الأيام القليلة الماضية لتخفيف تحركاته الميدانية داخل المدينة، رغم أنه اتخذ من عدة مقار حكومية مراكز إدارة لعملياته، كمقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية شرق مدينة المكلا، والذي يستخدم كمعتقل، ومكان لإدارة العمليات العسكرية الكبرى لـ«القاعدة»، والقصر الجمهوري غرب المدينة، والذي كان يقيم فيه مؤخرًا زعيم التنظيم بالمكلا خالد باطرفي، ويتخذه مقرا لحكمه حتى تعرض محيطه لضربة طائرة من دون طيار في 11 مايو (أيار) الماضي، كذلك فرع المؤسسة الاقتصادية اليمنية بوسط المدينة، والذي يستخدمه التنظيم لإدارة شؤون المواطنين، والفصل في قضاياهم عبر المحكمة الشرعية التي أنشأتها.
كما قالت ذات المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه تم حل الخلاف الحاصل ما بين التنظيم المسيطر على المكلا بقيادة خالد باطرفي والقيادي الميداني بالتنظيم جلال بلعيد الذي نشط في مواجهة الجيش اليمني بمناطق هضبة ووادي وصحراء حضرموت، وقاد الكثير من العمليات الانغماسية، ووجه الكثير من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة لاستهداف مقار عسكرية تابعة للجيش اليمني بتلك المناطق، وهو الذي اتهم بذبح 4 من جنود الجيش اليمني بالسكاكين، وإعدام 10 رميًا بالرصاص عندما كانوا على متن حافلة نقل عام متجهة إلى العاصمة اليمنية صنعاء في 8 أغسطس (آب) الماضي بالقرب من مدينة شبام التاريخية شرق اليمن، وكان بلعيد قد أعلن عن تنظيم منشق تحت مسمى تنظيم «داعش» في اليمن، وتبنى عملية استهدفت فرع بنك اليمن الدولي بمدينة تريم نهاية أبريل الماضي.
واستطاع الجيش اليمني خلال الفترة الأخيرة حصر نشاط «القاعدة» في مناطق هضبة ووادي وصحراء حضرموت جنوب اليمن، وإخراجهم خارج المدن والقرى التي تخضع لسيطرة المنطقة العسكرية الأولى بالمحافظة، والتي نفذت عدة عمليات نوعية ضد عناصر التنظيم استطاعت خلالها قتل وأسر العشرات منهم، كما قال قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء الركن عبد الرحمن عبد الله الحليلي لـ«الشرق الأوسط»، والذي قال أيضا إن «القاعدة» ﻻ يسيطر على أي مدن وقرى خاضعة لحماية المنطقة العسكرية وألويتها، وإن وجود «القاعدة» ﻻ يتعدى مجاميع صغيرة تتنقل خارج المدن والقرى.



اليمن ينتقد تقصير الأمم المتحدة في حماية موظفيها من بطش الحوثيين

الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)
الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)
TT

اليمن ينتقد تقصير الأمم المتحدة في حماية موظفيها من بطش الحوثيين

الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)
الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)

انتقدت الحكومة اليمنية تقصير الأمم المتحدة في حماية الموظفين في وكالاتها من بطش الحوثيين، ودعت إلى اتخاذ تدابير ضاغطة لإجبار الجماعة على إطلاق المعتقلين ووقف تدخلاتها في العمل الإنساني.

وكانت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران شنت حملة واسعة في الأسابيع الماضية اعتقلت خلالها عشرات العاملين الإنسانيين في الوكالات الأممية والمنظمات الدولية الإغاثية والمحلية، إذ من المتوقع أن توجه لهم تهم التخابر مع الولايات المتحدة، كما حدث مع آخرين، بعضهم تم اختطافه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

الانتقاد اليمني جاء في رسالة وجهها رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشأن تطورات الموقف من اختطاف الحوثيين عشرات العاملين في المنظمات الأممية والدولية وتعريض حياتهم للخطر.

واستعرض بن مبارك في رسالته الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي ضد العمل الإنساني والعاملين في المنظمات الأممية، وقال «إن ما تم اتخاذه من تدابير من قبل مكاتب الأمم المتحدة في اليمن لحماية العاملين فيها، وإنقاذ حياتهم، لم يكن بالمستوى المقبول ولا المتوقع حتى اللحظة، ولا يرقى لمستوى الخطر الذي يتهدد حياتهم وحريتهم».

وأكد رئيس الحكومة اليمنية على ضرورة اضطلاع الأمم المتحدة بدورها الإنساني في حماية العاملين المحليين فيها، وبذل كل ما هو ممكن لإطلاق سراح المختطفين، وتعليق سفر منسق الشؤون الإنسانية وممثلي المنظمات الأممية والموظفين الرئيسيين إلى صنعاء.

ودعا بن مبارك إلى العمل على بدء نقل وظائف المنظمات الإدارية والفنية الرئيسية للعاصمة المؤقتة عدن، لتخفيف ضغط الميليشيات على المنظمات الأممية، وشدد على اتخاذ الإجراءات الفنية والإدارية اللازمة لحماية قواعد البيانات والمراسلات الخاصة بالمنظمات الأممية لحماية العاملين المحليين، وعدم تمكين الميليشيات من الوصول لهذه البيانات واستخدامها وتحريفها للإضرار بالموظفين والمستفيدين وتبرير اختطافهم.

تقييم عاجل

حض رئيس الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة، على تنفيذ تقييم عاجل ومحايد للأنشطة الإنسانية والتنموية التي تنفذها المنظمة الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين للتأكد من سلامة هذه المشاريع وتحقيقها لأهدافها، بخاصة مع عدم قدرة المنظمات على تنفيذ المتابعة والتقييم بسبب وقف الحوثيين لكل الشركات والمنظمات العاملة في هذا المجال.

وأشار بن مبارك إلى أهمية التأكد من مدى تأثير ممارسات الحوثيين على مستقبل المشاريع الأممية وعدالتها، وعدم تحولها لأدوات بيد الجماعة لدعم مجهودها الحربي، وزيادة نسبة التجنيد، خصوصاً من الأطفال واليافعين، إضافة إلى التأكد من سلامة العاملين وحمايتهم وضمان تحقيق مبادئ العدالة في التوظيف، حيث تضاعفت الشكوك بفرض الميليشيات مؤيدين لها للعمل لدى المنظمات الدولية.

الجماعة الحوثية اتهمت موظفين في السفارة الأميركية والمنظمات الدولية بالتخابر (إعلام حوثي)

وجدد رئيس الوزراء اليمني التزام ومسؤولية حكومته في حماية مواطنيها، وحصولهم على الدعم في شقيه الإغاثي والتنموي في كل البلاد، معرباً عن الامتنان للدور الكبير الذي لعبته المنظمات الأممية والدولية في دعم اليمن.

ودعا في رسالته للأمين العام غوتيريش إلى بذل كل الجهد لإيقاف عبث الحوثيين وتدخلاتهم السافرة في عمل المنظمات، واستخدامها، وتجيير الدعم المقدم في المجال الإنساني لخدمة مصالحهم وتشديد قبضتهم وسيطرتهم على حياة اليمنيين، وانتهاك حرياتهم وحقوقهم وترويعهم وتعريض حياتهم وحياة العاملين الإنسانيين للخطر.

وقال بن مبارك إنه يتطلع للعمل مع الأمم المتحدة للمضي في إجراءات ملموسة وعاجلة للضغط على الميليشيات الحوثية لإطلاق سراح المختطفين، ومنع المخاطر التي يتعرضون لها في المعتقلات، والتي وصلت لحد الموت جراء التعذيب، كما حدث للكثير، منهم هشام الحكيمي الموظف لدى منظمة إنقاذ الطفولة الدولية.