تجدد الاحتجاجات في جامعات طهران... ورئيس البرلمان يلوح بمواجهة حازمة

محافظ طهران يتهم محتجين بمهاجمة الشرطة... وتوقيف 22 على الأقل

إيرانيون يتظاهرون بعد مقتل مهسا أميني (أ.ف.ب)
إيرانيون يتظاهرون بعد مقتل مهسا أميني (أ.ف.ب)
TT

تجدد الاحتجاجات في جامعات طهران... ورئيس البرلمان يلوح بمواجهة حازمة

إيرانيون يتظاهرون بعد مقتل مهسا أميني (أ.ف.ب)
إيرانيون يتظاهرون بعد مقتل مهسا أميني (أ.ف.ب)

تجددت الاحتجاجات في طهران، صباح الثلاثاء، للتنديد بموت شابة أثناء احتجازها بمركز للشرطة الإيرانية، فيما لوح رئيس البرلمان الإيراني بـ«مواجهة حازمة» مع «أعمال الشغب».
وامتدت الاحتجاجات إلى بازار طهران، صباح الثلاثاء، فيما أظهرت مقاطع فيديو خروج الطلاب إلى باحة الجامعة الصناعية، لينضموا بذلك إلى الحركة الاحتجاجية في جامعة طهران وجامعة بهشتي الواقعة في المنطقة الشمالية من العاصمة. وانضمت مدينة يزد (وسط) وجامعة تبريز في شمال غربي البلاد إلى الاحتجاجات.
وتدوولت صور على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر آثار جروح جراء إصابة متظاهرين بشظايا بنادق صيد وخراطيش. وقالت منظمات معنية بتتبع حالة حقوق الإنسان في كردستان إيران، إن 5 على الأقل قتلوا بنيران قوات الأمن في المحافظة الواقعة غرب إيران.
وقالت منظمة «هه نغاو» الحقوقية إن 13 مدينة شهدت احتجاجات، الاثنين، وجرى اعتقال 250 شخصاً.
وقال نائب قائد الشرطة في مقاطعة جيلان بشمال إيران إن الشرطة اعتقلت 22 محتجاً بتهمة إتلاف ممتلكات عامة.
وصرخ حشد من المتظاهرين يرتدون ملابس سوداء مساء الاثنين: «أين أنت يا يوم نكون فيه مسلحين؟»، بحسب مقطع فيديو نشره حساب «تصوير1500» على «تويتر»، الذي ينشر لقطات يقول إنه يتلقاها من الجمهور. ولدى هذا الحساب 70 ألف متابع.
وأظهر فيديو آخر من طهران سيارات شرطة نوافذها مهشمة بينما تطلق سيارة قريبة لقوات الأمن خراطيم مياه صوب مُحتجين. كما أطلق المحتجون لأول مرة هتاف: «الموت للديكتاتور؛ سواء أكان الشاه أم ولي الفقيه».

* انقسام برلماني *

وقال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في مستهل جلسة البرلمان اليوم إن «الأعداء يحاولون ركوب أمواج أي حدث مثل السابق، سعياً وراء إثارة الفوضى والشغب». وأضاف: «من المؤسف أن البعض في الداخل، عن قصد أو إهمال، يتحركون في إطار ما يريد الأعداء».
بدوره، هاجم النائب المتشدد رضا تقي بور من وصفهم بـ«دعاة التنوير»، متهماً إياهم بالمشاركة «في حرب إعلامية» تشنها جهات خارجية ضد إيران.
أما النائب عبدالحسين روح الأميني؛ الذي فقد أحد أبنائه في احتجاجات «الحركة الخضراء» عام 2009، فقد وجه إنذاراً شفيهاً للحكومة؛ وقال: «بصفتي أباً فقد ابنه، أعد مهسا أميني ابنتي، وأوصي الأشخاص الذين يتابعون القضية بعدم الانحراف عن طريق الإنصاف».
وقال النائب جلال رشيدي كوشي لوكالة أنباء «إيسنا» الإيرانية إن هذه الشرطة «لا تحقق أي نتيجة سوى إلحاق الضرر بالبلاد»، مضيفاً: «المشكلة الرئيسية تكمن في أن بعض الأشخاص لا يريدون رؤية الحقيقة».
وتساءل: «هل يستعيد الأشخاص؛ الذين تقودهم شرطة التوجيه هذه إلى جلسات توضيح، إدراكهم ويتوبون عندما يخرجون؟».
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» بأن الشرطة أوقفت وفرقت متظاهرين في طهران «بواسطة الهراوات والغاز المسيل للدموع». وأفادت بأن «مئات الأشخاص رددوا هتافات ضد السلطات»، مشيرة إلى أن بعض النساء «خلعن حجابهن».
واتهم محافظ طهران، محسن منصوري، متظاهرين بمهاجمة الشرطة وتدمير ممتلكات عامة خلال الاحتجاجات. وقال في تغريدة على «تويتر»: «العناصر الرئيسية لتجمعات الليلة في طهران كانت مُنظمة ومُدربة ومُخطط لها بشكل كامل لإحداث اضطرابات في طهران»، وأضاف: «حرق العلم وسكب الديزل على الطرقات وإلقاء الحجارة ومهاجمة الشرطة وإضرام النار في الدراجات النارية وصناديق القمامة وإتلاف الممتلكات العامة... إلخ... ليس من عمل الناس العاديين» حسب «رويترز».
من جهتها؛ طالبت نرجس سليماني، ابنة الجنرال قاسم سليماني، وعضو مجلس بلدية طهران، الأجهزة المعنية بإعداد تقرير حول الحادث لمعرفة التفاصيل.
وتوفيت مهسا أميني (22 عاماً) بعدما دخلت في غيبوبة في أعقاب إلقاء «شرطة الأخلاق» القبض عليها في طهران الأسبوع الماضي، بسبب زيها «غير المناسب»؛ الأمر الذي نفته أسرتها بشدة.
وقد واجهت «شرطة الأخلاق» في الأشهر الأخيرة انتقادات بسبب استخدامها العنف في تدخلاتها. وانقسمت الصحف الإيرانية حول الحادث. وعلقت صحيفة «إيران» الحكومية في عددها الصادر الثلاثاء على احتجاجات الاثنين، وقالت إن «الفوضويين ومثيري الشغب هاجموا مقار وسيارات الشرطة في مدينة ديواندره بمحافظة كردستان».
وقالت الصحيفة إن «بعض الأشخاص رددوا هتافات خارجة على الأعراف في جامعات طهران و(أمير كبير) و(علامة طباطبايي) و(بهشتي)».
بدورها، دعت صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران، إلى ملاحقة «من ينشرون الشائعات؛ دون تسامح».

* لا للصمت *

وأعرب العديد من صانعي الأفلام والفنانين والرياضيين والشخصيات السياسية والدينية، عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاة الشابة.
وفي أحدث موقف، قال المخرج السينمائي بهمن قبادي للفنانين والشخصيات العامة الإيرانية: «لا يحق لك الصمت بينما تشاهد فيديوهات عن قمع الناس». وتابع قبادي في تسجيل فيديو عبر حسابه على «إنستغرام»: «لا يمكن خداع الناس بترديد شعارات»، وخاطب زملاءه الفنانين قائلاً: «من لديهم ملايين المتابعين يجب أن يسددوا ديونهم إلى الناس... فكر أن مهسا زوجتك أو أختك أو ابنتك. أمسك قلماً وأعلن احتجاجك وساند الناس».
وقالت فائزة هاشمي، ابنة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إن «السياسة المتبعة خاطئة للغاية؛ لأنهم يتصورون أنه إذا تنازلنا أمام (قانون) الحجاب، فيجب أن نتنازل عن كل شيء». وأعربت عن تأييدها موقف المرجع الإيراني أسد الله بيات زنجاني الذي ندد بكل «السلوكيات والأحداث» التي كانت وراء «هذا الحادث المؤسف»، واصفاً إياها بأنها «غير مشروعة» و«غير قانونية». وأضاف أن «القرآن يمنع بوضوح المؤمنين من استخدام القوة لفرض القيم التي يعدّونها دينية وأخلاقية».
وطالب حزب «اعتماد ملي» بإلغاء قانون «الحجاب القسري»، فيما دعا حزب «ندا» الإصلاحي إلى استقالة وزير الداخلية وقائد الشرطة.
ودعا الرئيس الإيراني السابق وزعيم التيار الإصلاحي محمد خاتمي السلطات إلى «تقديم مرتكبي هذا العمل إلى العدالة».
أما حليفه مهدي كروبي فقد سارع السبت إلى إصدار بيان من مقر إقامته الجبرية بأن أسلوب الحكم «فرض أعباء ثقيلة على البلاد والشعب في الساحتين المحلية والدولية». وأضاف: «هذا البلد ليس ملكاً مطلقاً لفرد، وليس من المقرر أن يذبح كل شيء بما في ذلك الشريعة والقانون والأخلاق تماشياً مع الحكم الفردي»، في إشارة إلى صلاحيات المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقال أردشير أرجمند، مستشار الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي، على «تويتر»: «خامنئي يتحمل مسؤولية وفاة أميني».



طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
TT

طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي

انتقدت طهران تحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن خطورة البرنامج النووي الإيراني، وما تشكله من تحدي أمني استراتيجي في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذا الكلام «لا أساس له، ومتناقض، ويستند إلى تكهنات»، كما وصف كلام ماكرون بشأن البرنامج النووي الإيراني بـ«المخادعة»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعدّ بقائي أن البرنامج الإيراني «سلمي ويندرج في إطار القانون الدولي».

وكان ماكرون قد قال، الثلاثاء، أمام السفراء الفرنسيين في الإليزيه: «إيران هي التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير».

إيمانويل ماكرون (رويترز)

«سناب باك»

وحذَّر من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى نقطة الانهيار»، مشدداً على أن موضوع إيران سيكون من الأولويات في الحوار الذي سيباشره مع الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب.

وحذَّر من أن الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران يجب أن يفكروا في معاودة فرض العقوبات، إذا لم يتحقق أي تقدم، وذلك في إشارة إلى آلية «سناب باك».

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، على «إكس»، اليوم (الأربعاء): «الادعاءات الكاذبة التي تسوقها حكومة رفضت الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ولعبت دوراً رئيسياً في حيازة إسرائيل للأسلحة النووية، خادعة ومبالغ فيها». وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنّ إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تملك أسلحة نووية وقامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة اللازمة لصناعة سلاح نووي.

وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب دون أن تنتج قنابل نووية. بينما تنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية.

وكانت فرنسا وألمانيا وبريطانيا من الدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وافقت فيه إيران على الحد من تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الدولية.

اجتماع أوروبي - إيراني

ومن المقرر أن يعقد دبلوماسيون فرنسيون وألمان وبريطانيون اجتماع متابعة مع نظرائهم الإيرانيين، في 13 يناير (كانون الثاني)، بعد اجتماع انعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) لمناقشة إمكان إجراء مفاوضات جادة في الأشهر المقبلة.

وتسعى طهران إلى نزع فتيل التوتر مع الأوروبيين، قبيل عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير.

ولم يذكر بقائي تعليق وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بشأن 3 مواطنين فرنسيين محتجزين في إيران.

وقال بارو، أمس (الثلاثاء)، إن العلاقات المستقبلية مع طهران وأي رفع للعقوبات على إيران سيعتمد على إطلاق سراحهم.

في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنها مستعدة، إذا تطلب الأمر، لتفعيل ما يُسمى بآلية «سناب باك» وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

ومن المقرر أن ينقضي مفعول آلية «سناب باك» في 18 أكتوبر (تشرين الأول) مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وتخشى طهران أن تقدم القوى الأوروبية الثلاثة على مثل هذه الخطوة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عودة ترمب

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً أن تشكيلة إدارته ستضم عدداً من المسؤولين الذين يتخذون موقفاً متشدداً إزاء طهران. وانسحب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما في عام 2015 ما أدى إلى انهياره.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات مع إيران؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

وقد بعثت كل من إدارة ترمب المقبلة وطهران رسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير.