دراسات تربط بين جائحة كوفيد - 19 والبلوغ المبكر

دراسات تربط بين جائحة كوفيد - 19 والبلوغ المبكر
TT

دراسات تربط بين جائحة كوفيد - 19 والبلوغ المبكر

دراسات تربط بين جائحة كوفيد - 19 والبلوغ المبكر

تشير العديد من الدراسات إلى أن عدد الفتيات اللائي يبدأن في سن البلوغ المبكر قد تضاعف وسط تفشي فيروس كورونا، وأن والخبراء غير متأكدين تمامًا من السبب.
وفي أحدث سلسلة من الدراسات، أفاد باحثون بجامعة بون بألمانيا كيف أن عدد الفتيات المصابات بالبلوغ المبكر في مركز طبي واحد ظل ثابتًا بين عامي 2015 و 2019، عند أقل من 10 حالات سنويًا. وتضاعف هذا إلى أكثر من الضعف (23) عام 2020؛ عندما انتشر تفشي كوفيد -19 بجميع أنحاء العالم، وارتفع أكثر إلى 30 في عام 2021، وفقًا للنتائج المقدمة في اجتماع الجمعية الأوروبية للغدد الصماء للأطفال اليوم (الأحد)، وفق ما نشر موقع «نيو ساينتست» العلمي المتخصص.
والباحثون الألمان ليسوا الوحيدين الذين رأوا الحالات تتضاعف، وفق ما تقول الدكتورة كارين كلاين العاملة بمستشفى رادي للأطفال وجامعة كاليفورنيا بسان دييغو، والتي تؤكد «في عام ما قبل الفيروس خضع 28 طفلاً للعلاج وفي عام الفيروس خضع 64». كما تم الإبلاغ عن نتائج مماثلة في تركيا وإيطاليا.
والبلوغ المبكر نادر الحدوث؛ حيث يصيب طفلًا من بين 5000 إلى 10000 طفل في أوقات ما قبل الجائحة. ومقابل كل صبي يصيب 10 فتيات. لكن الأسباب الكامنة وراء هذا التفاوت الجنسي غير واضحة.
وبغض النظر عن جنس الشخص، يرتبط البلوغ المبكر بقصر القامة في مرحلة البلوغ، فضلاً عن الحالات الصحية الخطيرة مثل أمراض القلب والسكري من النوع 2 وبعض أنواع السرطان. كما ارتبط البلوغ المبكر ببعض مشاكل الصحة العقلية، مثل القلق عند الأولاد والاكتئاب عند الفتيات.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قال الدكتور سيزر أكار بمستشفى الدكتور بهجت أوز لتعليم وبحوث الأطفال في إزمير وهو مؤلف الدراسة التركية «في السابق، عالجت مريضًا أو اثنين في الشهر بسبب البلوغ المبكر، ولكن خلال هذه الفترة (في المراحل المبكرة من الوباء قبل نشر دراسته) كان علي علاج مريضين أو ثلاثة مرضى في الأسبوع».
وبالإضافة إلى زيادة عدد الفتيات اللائي يبدأن سن البلوغ مبكرًا، قد يكون سن البداية قد انخفض أيضًا.
وفي الدراسة الألمانية، حدثت بداية البلوغ قبل الجائحة في سن 6.8 في المتوسط​​، مقارنة بـ 7.6 بين أولئك الذين تم تشخيصهم أثناء تفشي كوفيد -19، كما يشير تحليل إحصائي إلى ان النتائج لم تكن صدفة.
وتضيف كلاين «نعلم أن الإجهاد يمكن أن يتسبب في سن البلوغ المبكر، لذلك من المؤكد أن هذا على رأس قائمة ما يحدث. الشيء الآخر الذي بدأ الناس يفكرون فيه على الفور هو: حسنًا، الجميع في المنزل لا يمارسون الرياضة بنفس القدر وربما يكون ذلك زيادة في الوزن، لأننا نعلم أن زيادة الوزن السريعة يمكن أن تسبب سن البلوغ المبكر. لكن في دراستنا وفي دراستين أخريين، لم نكن نرى أن الأطفال كانوا أثقل وزناً».
من جانبه، يقول الدكتور بول كابلوفيتز من مستشفى الأطفال الوطني في واشنطن العاصمة «إن زيادة وقت التعرض للشاشة والتغيرات في دورات النوم بسبب التعلم عن بعد يمكن أن تلعب دورًا أيضًا».
ولم يتم تقييم هذه العوامل في جميع الدراسات. ومع ذلك، في دراسة متابعة للورقة الإيطالية، وجد الباحثون أن الفتيات اللواتي تم تشخيصهن بالبلوغ المبكر أثناء الإغلاق كان لديهن نوم مضطرب أكثر وأوقات نوم متأخرة أكثر من تلك التي تم تشخيصها قبل الوباء.
وتساءل البعض عما إذا كان سارس- CoV-2 نفسه يمكن أن يكون هو السبب. كما تم توثيق التهاب التجويف الأنفي في كل من حالات كوفيد -19 والأشخاص الذين يمرون بمرحلة البلوغ المبكر.
ويبين كابلوفيتز انه «على الرغم من أنه لا يمكن استبعاد هذه الفرضية، خاصة وأن العديد من حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19 في مرحلة الطفولة خفيفة ويمكن تفويتها، إلا أنه يبدو أنها غير مرجحة». وتابع «لا أعتقد أن تأثير كوفيد على سن البلوغ يقتصر على الفتيات المصابات بالفعل بالعدوى. خاصة أنه في المراحل المبكرة من الوباء كان الأطفال أقل عرضة للإصابة بالعدوى من البالغين».
وبغض النظر عن الوباء، فقد انخفض سن البلوغ بنحو ثلاثة أشهر كل عقد منذ عام 1977، على الرغم من قلة البيانات حول تأثير الأحداث الصادمة الأخرى مثل الحروب أو فترات الركود.
ويمكن للأدوية أن تقلل من مستويات الهرمون وتعيق النمو الجنسي لعدة سنوات. لكن مع ذلك، لا يوصى بهذا بشكل عام إلا إذا كان من المتوقع أن يتسبب البلوغ المبكر بمشاكل عاطفية أو جسدية.
وفي هذا الاطار، يأمل بعض الأطباء أن تؤدي عودة التعليم الشخصي وتكيف الأطفال مع التحديات المرتبطة بالوباء إلى إبطاء معدل البلوغ المبكر «فعندما يتم النظر إلى بيانات العام الماضي، لا سيما في الأماكن التي عاد فيها جميع الأطفال تقريبًا إلى المدرسة وعادت الحياة إلى طبيعتها، أتوقع أن معدل البلوغ المبكر سيعود إلى ما كان عليه»، وفق كابلوفيتز.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».