مع تدفق عشرات الآلاف إلى لندن قبل إقامة جنازة الملكة إليزابيث، اضطرت السلطات إلى تعليق طابور المعزّين الذي امتدّ أميالاً لعدة ساعات، قبل استئنافه مساءً، مع التحذير من أن فترة الانتظار لرؤية نعش الملكة قد تصل إلى 24 ساعة.
في غضون ذلك، بدأ قادة الدول في التوافد إلى العاصمة البريطانية لحضور جنازة الملكة الاثنين. وتعتزم رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس عقد لقاءات ثنائية مع عدد منهم اليوم وغداً، وفي مقدّمتهم الرئيس الأميركي جو بايدن والآيرلندي مايكل مارتن ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.
وأعلن مقر رئاسة الوزراء في «10 داونينغ ستريت»، أمس، تفاصيل اللقاءات المباشرة التي تم تأكيدها حتى الآن، لافتاً إلى أن هذه اللقاءات الثنائية لن تكون رسمية، وذلك امتثالاً لفترة الحداد الوطني.
وقالت المتحدثة باسم المقر، إن تراس ستجتمع بشكل منفرد مع نظيريها من أستراليا ونيوزيلندا، أنتوني ألبانيز وجاسيندا أرديرن، في مقر إقامة الحكومة الريفي في تشيفنينغ اليوم. كما ستجتمع، الأحد، مع كل من مارتن وترودو والرئيس البولندي أندريه دودا وجو بايدن في «داونينغ ستريت».
والتقت تراس مع بايدن عندما كانت وزيرة للخارجية، لكن هذا اللقاء سيكون أول اجتماع بينهما منذ أن أصبحت رئيسة للوزراء. وسيأتي اللقاء على خلفية خلافات حول بروتوكول آيرلندا الشمالية المرافق لـ«بريكست»، وصعوبات في العمل من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري مع البيت الأبيض. ومن المرجح أيضاً أن تجري مناقشة البروتوكول عندما تتحدث تراس إلى مارتن وسط العلاقات المتوترة بين البلدين بشأن ترتيبات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومن شأن اللقاء المباشر مع بايدن، الذي سيحضر جنازة الملكة مع السيدة الأولى جيل بايدن، أن يخفف الضغط على زيارة تراس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل، رغم أن «داونينغ ستريت» لم يستبعد عقد لقاء ثنائي آخر في نيويورك.
وكانت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن بين المعزين في قاعة وستمنستر أمس، وانحنت احتراماً وهي تمر أمام نعش الملكة.
وتقود شرطة لندن أكبر عملية أمنية في تاريخها الاثنين، إذ يشارك في الجنازة نحو 500 رئيس دولة ومسؤول وأفراد من عائلات مالكة.
- انتظار لـ24 ساعة
انضم أشخاص من جميع الأعمار ومختلف الأطياف إلى طابور إلقاء نظرة الوداع على الملكة الراحلة، الذي يمتد بطول الضفة الجنوبية لنهر التايمز ثم يعبر فوق النهر إلى قاعة وستمنستر بالبرلمان. لكن بحلول ظهر أمس، أصبح الطابور طويلاً جداً، في مظهر ينمّ عن حب واحترام الشعب للملكة الراحلة التي توفيت في اسكوتلندا في الثامن من سبتمبر (أيلول) عن 96 عاماً وامتد جلوسها على العرش 70 عاماً. وقالت وزارة الثقافة البريطانية: «سيتوقف الدخول لمدة ست ساعات على الأقل»، داعية العموم إلى عدم «الانضمام إلى الطابور إلى أن يُعاد فتحه». وأعيد فتح الطابور مساءً، لكن السلطات حذّرت المعزين من أن فترة الانتظار قد تتجاوز 24 ساعة.
ومن المتوقع أن يمر نحو 750 ألف شخص بنعش الملكة حتى فجر الاثنين، كما ذكرت وكالة «رويترز».
وانضم الملك تشارلز، بعد عودته من ويلز أمس، وشقيقته الأميرة آن وشقيقاه الأميران آندرو وإدوارد إلى حرس الشرف في وقفة صامتة حول النعش لمدة 15 دقيقة.
والنعش مسجى في قاعة وستمنستر القديمة، حيث يقف جنود ومسؤولون آخرون في صمت حوله، بينما يمر بجانبه معزون في طابور لتوديع الملكة. واغرورقت كثير من الأعين بالدموع وقدم البعض التحية أو أحنى رأسه.
- زيارة ويلز
زار الملك تشارلز ويلز، أمس، وهي المحطة الأخيرة في جولته بالمملكة المتحدة حضر خلالها مراسم للاعتراف بتنصيبه ملكاً جديداً ورئيساً للدولة، ولتحية المعزين في وفاة والدته.
وحضر تشارلز وزوجته كاميلا، التي باتت تحمل لقب عقيلة الملك، قداساً في كاتدرائية لانداف في كارديف، ثم قاما بتحية المعزين في الخارج.
ولدى ويلز أهمية خاصة لدى الملك الجديد، الذي ظل على مدى خمسة عقود سابقة قبل توليه العرش الأسبوع الماضي، يحمل لقب أمير ويلز. وقال متحدثاً أمام برلمان ويلز: «طيلة كل سنوات جلوسها على العرش، كانت أرض ويلز أقرب ما يكون إلى قلب والدتي. أعلم أنها كانت تشعر بالفخر البالغ بإنجازاتكم العظيمة الكثيرة، وقد شعرت أيضاً بأنها معكم بقوة في أوقات المِحن».
وتابع متحدثاً بلغة ويلز وباللغة الإنجليزية: «أنهض بمهامي الجديدة، وأنا أشعر بعرفان بالغ لشرف أني خدمت هنا بصفتي أميراً لويلز. ذلك اللقب الذي حملته طويلاً... أنقله الآن لابني وليام».
وتجمع بضعة محتجين مناهضين للملكية أمام قلعة كارديف، حيث التقى تشارلز بالوزير الأول في ويلز مارك دراكفورد، كما نقلت «رويترز».
- أجواء صمت
قال متحدث باسم العائلة المالكة إن أمير ويلز الجديد، الأمير وليام، وشقيقه الأمير هاري وأحفاد الملكة إليزابيث الستة الآخرين سيقفون صمتاً أمام نعشها مساء السبت. وفي تعديل للبروتوكول، سيُسمح لكل من الأمير هاري وعمه الأمير آندرو بارتداء الزي العسكري في أثناء الوقفة الصامتة أمام نعش الملكة، حسبما قال مسؤولون بالعائلة المالكة.
وعلى الرغم من كونهما من قدامى المحاربين، ظهر الاثنان في زي رسمي مدني خلال المراسم، إذ فقدا ألقابهما العسكرية الفخرية عند التخلي عن واجباتهما الملكية العامة. وستكون الجنازة أحد أكبر المراسم التي تشهدها العاصمة البريطانية على الإطلاق، وسيشارك فيها آلاف العسكريين.
وتفقد وليام، نجل تشارلز وأمير ويلز الجديد، أمس، القوات المقبلة من نيوزيلندا وكندا وأستراليا إلى بريطانيا للمشاركة في فعاليات الجنازة الرسمية. ورافقته زوجته كيت، أميرة ويلز الجديدة. وسبق أن حملت اللقب الأميرة ديانا، والدة وليام التي رحلت في حادث سيارة عام 1997.
وكانت وفاة ديانا قد فجّرت هي الأخرى مشاعر حزن جارفة في البلاد. وتحدث وليام، الخميس، كيف أن الأحداث الحزينة في الأيام الماضية أحيت ذكرى جنازة والدته.
وسار وليام، يوم الأربعاء، جنباً إلى جنب مع أبيه تشارلز وشقيقه الأصغر هاري في موكب خلف عربة مدفع تحمل نعش الملكة من قصر باكنغهام إلى قصر وستمنستر، في مشهد يعيد إلى الأذهان سير الأخوين خلف نعش الأميرة ديانا قبل 25 عاماً حينما كانا في سنوات الصبا. وفي حديثه هو وزوجته كيت مع المعزين، قال وليام: «مسيرة أمس كانت تحدياً... أحيت بعض الذكريات».