غياب المظلة القانونية ينذر بتوسع الاقتحامات لمصارف لبنان

«الداخلية» تشدّد الإجراءات الأمنيّة

TT

غياب المظلة القانونية ينذر بتوسع الاقتحامات لمصارف لبنان

بلغت يوميات الأزمة التي تواجهها المصارف اللبنانية مع المودعين ذروة الاضطراب مع توسع الاقتحامات المسلحة التي يقوم بها مودعون مندفعون بضغوط احتياجاتهم المالية الملحة لأسباب مرضية وتعليمية في غالبها، ما أجبر جمعية المصارف على اتخاذ قرار جديد بالإقفال التام للإدارات والفروع لمدة ثلاثة أيام متتالية بدءاً من الاثنين المقبل، على أن يتم النظر في الخطوات التالية وفقاً للتطورات مطلع الأسبوع المقبل.
وبمعزل عن البعد الأمني البحت الذي فرض إيقاعه داخل ردهات الكثير من فروع المصارف أمس، والمسبوق بأحداث فردية مشابهة وسابقة، ارتفع منسوب المخاوف العامة من تكريس معادلة تحصيل الحقوق أو الاحتياجات بالقوة الذاتية والانحدار صوب انفلات فوضوي عام يتعدى نطاق العلاقات بين البنوك والمودعين، ليبلغ كامل منظومة التعاملات المالية والاستهلاكية التي تشهد توترات وطوابير انتظار مذلة ومتكررة، بدءاً من الطحين والخبز وليس انتهاءً بندرة توفر مادة المازوت والارتفاعات الحادة بأسعارها بالدولار والإقفالات المتوالية لمحطات المحروقات.
وقال وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي بعد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن المركزي إن «الهدف من هذا الاجتماع حماية البلد والنظام وأتوجه إلى المودعين بالقول إنّ حقوقكم لا يمكن أن تستردوها بهذه الطريقة لأنّها تهدم النظام المصرفي وتؤدي إلى خسارة بقية المودعين لحقوقهم». وأشار إلى أن «هدفنا حماية البلد والمودعين، ويجب ألا يدفع أحدهم المودع للإضرار بالوضع الأمني في البلد»، مؤكداً «أن تشدّدنا بالإجراءات الأمنيّة هدفه ليس حماية المصارف بل حماية النظام اللبناني». وتابع مولوي: «هناك جهات تدفع الناس إلى تحركات ضدّ المصارف ولا يمكنني الإفصاح عن التفاصيل، لسرية التحقيق، ونتعامل بحكمة مع الموضوع».
وقال وزير الداخلية: «ما نشهده اليوم ظاهرة غير صحيّة، ونحن مع المودعين، ومن مصلحتهم أن يكون هناك نظام في البلد، والإجراءات التي سنتخذها وفقاً للقانون وإشارات النيابات العامة». وفيما يخص التطورات الأمنية المتعاقبة داخل البنوك، أكد مسؤول مصرفي كبير أن «التمادي الرسمي في تأخير إقرار تشريع لوضع ضوابط استثنائية على الرساميل والتحويلات (كابيتال كونترول) والذي يشمل تحديد الحصص المتساوية للسحوبات المتاحة والتحويلات الموصوفة بالضرورات، أنتج فعلياً المناخات المواتية لزيادة حدة التوتر في المعاملات الخاصة بإدارة المدخرات العائدة لأكثر من مليوني حساب. وهو ما ألزم البنك المركزي بإصدار سلسلة تعاميم تنظيمية، إنما تفتقر إلى المظلة القانونية، لإدارة السيولة المتناقصة بالدولار وتقنينها بالليرة توخياً لتخفيف المضاربات على العملة الوطنية».
ومع توسّع حملات «شيطنة» القطاع المصرفي وتحميله مسؤولية جفاف السيولة التي يجري ضخها لصالح المودعين، لم يكن مفاجئاً، وفق المسؤول المصرفي، انفجار الاحتقان المتراكم وفق النسق العنفي الحالي. والحل، وفق الإجماع المصرفي في مجلس إدارة الجمعية، يكون بإقرار القوانين الكفيلة بمعالجة الأزمة بأسرع ما يمكن، لأن معالجة أزمة انهيار نظامية كالتي تمر بها البلاد لا يمكن أن يتم إلا عبر خططٍ شاملة تأخذ بعين الاعتبار كل المسببات وتقوم بمعالجتها بشكل متكامل.
ويتمدد التأخير المتعمد، وفق المسؤول المصرفي، إلى خطة التعافي المنشودة وملف المفاوضات النهائية مع صندوق النقد الدولي. فيما يتم سلوك المسارات العكسية، حيث شهدنا تسرّع الحكومة السابقة، وبعد أقل من 5 أشهر على اندلاع التحركات الشعبية العارمة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، إلى اتخاذ قرار التخلف عن دفع موجبات مستحقات الديون القائمة بالعملات الأجنبية، ما أدى إلى إخراج لبنان ومؤسساته من أسواق التمويل الدولية. ثم استسهلت السلطات بعد ذلك تبديد نحو 20 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي، مما أدى إلى تجفيف مستمر في السيولة بالعملات الصعبة، لينحدر الإجمالي تباعاً من نحو 32 مليار دولار عشية الأزمات المتفجرة، ويصل حالياً إلى مستويات حرجة تبلغ نحو 9.5 مليار دولار، وفق أحدث بيانات ميزانية مصرف لبنان منتصف الشهر الحالي.
وتتصاعد الهواجس في الأوساط كافة من تبعات المضيّ في سياسة المماطلة و«ترك الأمور على غاربها»، بحيث تسيطر معادلات العنف والتوترات الأمنية المتنقلة، وبالتالي يستمر تعمد إغفال الحقيقة الثابتة بأن القانون وحده هو المظلة الحامية وبالتساوي للحقوق الأفرادية والمؤسساتية. فما من دولة في العالم، حسب المسؤول المصرفي، عمدت إلى التخلي عن الموجبات التشريعية والإجرائية في حالات الطوارئ والأزمات كما يحصل في لبنان على مدى ثلاث سنوات متتالية. بل هي ملزمة بالمبادرات الوقائية خلال الأيام الأولى، وآخر النماذج التشريع الفوري للضوابط النقدية، وخلال أيام قليلة، الذي طبقته بنغلاديش وقبلها قبرص واليونان والأرجنتين وسواها.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من الجولان: ليس لدينا نية للتدخل في سوريا

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال زيارته للجولان (وسائل إعلام إسرائيلية)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال زيارته للجولان (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من الجولان: ليس لدينا نية للتدخل في سوريا

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال زيارته للجولان (وسائل إعلام إسرائيلية)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال زيارته للجولان (وسائل إعلام إسرائيلية)

قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أثناء زيارته للقوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان السورية المحتلة اليوم السبت، إن بلاده لا تتدخل فيما يحدث بسوريا.

ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، أكد هاليفي أن إسرائيل «ليس لديها أي نية لإدارة سوريا»، إلا أن الجيش «يتدخل بشكل لا لبس فيه»، عندما يتعلق الأمر بضمان أمن المواطنين الإسرائيليين، وذلك في إشارة إلى انتشار وتوغل قوات الجيش الإسرائيلي داخل المنطقة منزوعة السلاح في سوريا.

وأوضح هاليفي: «كانت هناك دولة معادية هنا... لقد انهار جيشها»، في إشارة إلى نظام الأسد الذي أسقطته المعارضة قبل نحو أسبوع، وأضاف: «هناك تهديد بوصول العناصر الإرهابية إلى هنا، وقد تقدمنا ​​بحيث لا تستقر العناصر الإرهابية المتطرفة بالقرب من الحدود معنا».