تزامنًا مع شهر رمضان.. أسعار المواد الغذائية تقفز إلى الضعف

عراقيون: ضعف الحكومة سهل للتجار استغلال المستهلكين

تزامنًا مع شهر رمضان.. أسعار المواد الغذائية تقفز إلى الضعف
TT

تزامنًا مع شهر رمضان.. أسعار المواد الغذائية تقفز إلى الضعف

تزامنًا مع شهر رمضان.. أسعار المواد الغذائية تقفز إلى الضعف

مع حلول أول أيام شهر رمضان المبارك شهدت أسواق جنوب العراق ارتفاعًا مجنونًا بأسعار المواد الغذائية واللحوم في مشهد وصفه مواطنون أن «داعش» ليس فقط في شمال وغرب العراق، وإنما جشع التجار حولهم إلى «داعش الأسواق»، مطالبين الحكومة بالتدخل.
أسعار المواد الغذائية قفزت إلى ضعف سعرها عما كانت عليه قبل رمضان، ووعد مسؤولون محليون في جنوب العراق بمعاقبة المتلاعبين في الأسعار ومحتكري المواد الغذائية.
وقال المواطن البصري، بهاء ذنون لـ«الشرق الأوسط»، إن: «هذا العام وفي رمضان المبارك وجدنا ارتفاعًا مدويًا بأسعار المواد الغذائية حتى وصل إلى الضعف، فهل هو شهر رحمة أم شهر استغلال من قبل دواعش الأسواق؟!».
وأضاف أن «غياب الرقابة على الأسواق، خصوصًا أن تجار العملة لعبوا لعبتهم في رفع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي واكتفاء رئيس الحكومة حيدر العبادي بالتنظير والخطابات بعيدًا عن التخطيط ووضع الحلول كان ضحيته مجتمعه المواطن البسيط في هذا الشهر الفضيل».
إلى ذلك، قال هادي الماجدي، موظف متقاعد من محافظة ميسان (ثالث أكبر مدن جنوب العراق)، إن «الراتب أصبح لا يكفي ولا يتناسب مع الارتفاع المجنون في أسعار المواد الغذائية، وها نحن في بدايات أيام الشهر الكريم والحكومة لا تحرك ساكنا». وتابع أن «هذا الأمر غير مقبول وعلى الحكومة دعم المواطن البسيط من خلال توفير مواد أكثر في البطاقة التموينية».
من جهته، قال أحمد حميد، مدرس من محافظة ذي قار (رابع أكبر محافظة عراقية من حيث عدد السكان)، إن «رمضان كريم في كل الدول إلا العراق وأغرب ما شدني أنه في الولايات المتحدة الأميركية اللافتات تجدها بكثرة في الأسواق من قبل أصحاب المتاجر يرحبون برمضان ويخفضون الأسعار للمسلمين رغم أنهم غير مسلمين ونحن بالعكس نذبح يوميًا وهكذا يحدث ارتفاع للأسعار».
وأضاف أن «الذي يتحدث عن السبب ويعلقه على شماعة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي فإنه يريد فقط الاستغلال وإيجاد عذر لأن الحكومة قادرة على إعادة استقرار الدينار وأن أغلب المواد مستوردة قبل فترة أي قبل تغير سعر الصرف».
الحكومات المحلية في جنوب العراق أكدت أن التغير بالأسعار ليس بالكثير وأنها ستحاسب وبقوة التجار المتلاعبين بها.
وقال محافظ ذي قار يحيى الناصري في حديث لـ«الشرق الأوسط »، إن «الحكومة المحلية ستضرب بيد من حديد كل تاجر يحاول رفع الأسعار أو يحتكر مادة غذائية حيث شكلنا لجانا لمراقبة الأسواق». وأضاف أن «أسعار المواد الغذائية بالمقارنة مع العام الماضي لم تتغير كثيرًا، لكن إجراءاتنا ستكون رادعة وسنحاسب كل من يثبت احتكاره للمواد الغذائية وسنحيل المقصرين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، مستندين في ذلك إلى قوانين سابقة مثل قانون العقوبات الذي يمنع الاحتكار».
يذكر أن البرلمان العراقي كان قد شرَّع في عام 2010 قانوني منع الاحتكار وحماية المستهلك، لكنهما غير مفعلين حتى الآن، وبالتالي لا تستطيع الحكومة العراقية أن تلزم التجار بأسعار ثابتة للبيع.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.