واشنطن تنشئ «صندوق أفغانستان» في جنيف

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إنشاء صندوق خارجي في سويسرا لإدارة 3.5 مليار دولار من الاحتياطيات الأفغانية، بعدما قررت أنها لا تستطيع الاعتماد على حركة «طالبان» لإدارتها إذا تم رفع تجميد الأموال. ووضعت في المقابل إجراءات لإدارة الأموال تحول دون وقوعها في أيدي قادة «طالبان».
وكانت قد فشلت النقاشات والمفاوضات بين «طالبان» والإدارة الأميركية للإفراج عن 7 مليارات دولار مجمدة منذ 13 شهراً في الولايات المتحدة.
وقال مصرف أفغانستان المركزي إن هذه الأموال ضرورية لـ«تنفيذ السياسة النقدية وتسهيل التجارة الدولية واستقرار القطاع المالي»، وشدد على أن «المالكين الحقيقيين لهذه الاحتياطيات هم مواطنو أفغانستان». كما طالبت «طالبان» الولايات المتحدة مراراً بإلغاء تجميد هذه الأموال وتسليمها للسلطات الجديدة، وقالت إن رفض واشنطن يعمق الأزمات الخطيرة في أفغانستان ويحد من قدرتها على الاستجابة للوضع.
إلا أنّ واشنطن نظرت إلى هذه المطالب بعين الريبة، ورأت أنه لا توجد طريقة لضمان عدم تحويل الأموال إلى أغراض أخرى، بما في ذلك دعم الإرهاب.
وأعرب مساعد وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو في رسالة إلى المصرف المركزي الأفغاني، عن أسفه لأن المؤسسة الأفغانية لم تثبت استقلالها عن «طالبان» ولم تحترم تعهدها بتمويل الحرب ضد الإرهاب قبل وصولها إلى السلطة، ولم تعين مراقباً خارجياً موثوقاً به. وقال أدييمو: «لا توجد حالياً مؤسسة في أفغانستان يمكنها ضمان أن هذه الأموال ستستخدم فقط لصالح الشعب الأفغاني ولا حتى المصرف المركزي الأفغاني».
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أمر، في مارس (آذار) الماضي، برفع تجميد هذه الأصول لتسهيل المساعدات الإنسانية لأفغانستان، لكن الشكوك في سيطرة «طالبان» على هذه الأموال عرقلت إجراءات توصيل المساعدات للشعب الأفغاني.
ودافع البيت الأبيض عن موقفه قائلاً إن الهدف هو «فتح طريق للأموال للوصول إلى الشعب الأفغاني، مع إبعادها عن متناول (طالبان) والجهات الخبيثة الأخرى».
وتم إعلان إنشاء صندوق أفغاني في جنيف يضم مجلس إدارة مؤلفاً من أربعة أعضاء: اقتصاديان أفغانيان مستقلان عن «طالبان» (تعينهما الولايات المتحدة)، وممثل عن الحكومة الأميركية وآخر عن الحكومة السويسرية. وسيقوم الصندوق الأفغاني الجديد بمهام مصرف مركزي، كتأمين سداد متأخرات الديون الأفغانية أو سداد واردات الكهرباء، ويمكن تكليفه بمهام أخرى في المستقبل مثل طباعة أوراق نقدية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن «الولايات المتحدة، من خلال وزارتي الخزانة والخارجية وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين، بمَن فيهم حكومة سويسرا وخبراء اقتصاديون أفغان، تعلن عن إنشاء صندوق لصالح الشعب الأفغاني».
وشدد، في بيان، على أن «الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بدعم الشعب الأفغاني في خضم الأزمات الاقتصادية والإنسانية الحالية»، موضحاً أن الرئيس الأميركي سمح باستخدام 3.5 مليار دولار من احتياطيات المصرف المركزي المجمدة «في أمور تفيد السكان مع إبعادها عن أيدي (طالبان) والجهات الخبيثة الأخرى».
وأضاف أن «صندوق أفغانستان سيحمي ويحافظ ويقدم مدفوعات ملموسة من 3.5 مليار دولار ستساعد على تحقيق استقرار أكبر للاقتصاد الأفغاني»، مشدداً على أنّ «طالبان ليست جزءاً» من الآلية. وقال: «تم وضع ضمانات قوية لمنع استخدام الأموال في أنشطة غير مشروعة».
وأوضح أن «صندوق أفغانستان سيحتفظ بحسابه داخل مصرف التسويات الدولية (BIS) ومقره سويسرا؛ حيث سيقوم مشرفون مستقلون بالإشراف على الصندوق ومراجعة حساباته، وفق ما يقتضيه القانون السويسري».
وأوضحت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان أن «شعب أفغانستان يواجه أزمات إنسانية واقتصادية ولدت من عقود من الصراع والجفاف الشديد و(كوفيد 19) والفساد المستشري». ووصفت القرار بأنه «خطوة مهمة وملموسة لضمان أنه يمكن توفير موارد إضافية لتخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار الاقتصادي لشعب أفغانستان، مع الاستمرار في محاسبة طالبان».
وقال نائب وزير الخزانة والي أدييمو، إن صندوق أفغانستان «سيساعد في التخفيف من التحديات الاقتصادية التي تواجه أفغانستان». وأضاف أن «قمع (طالبان) وسوء الإدارة الاقتصادية أديا إلى تفاقم التحديات الاقتصادية طويلة الأمد في أفغانستان، وستعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع شركائها الدوليين لتسهيل استخدام هذه الأصول لتحسين حياة الشعب الأفغاني».