أغاني جون لينون ممنوعة بالعربية في جزيرة كورسيكا الفرنسية

وزيرة التعليم تعتبر ما حصل «تصرفًا عنصريًا»

أغاني جون لينون ممنوعة بالعربية في جزيرة كورسيكا الفرنسية
TT

أغاني جون لينون ممنوعة بالعربية في جزيرة كورسيكا الفرنسية

أغاني جون لينون ممنوعة بالعربية في جزيرة كورسيكا الفرنسية

هل يجوز لتلامذة صغار في مدرسة ابتدائية أن يغنوا بالعربية بمناسبة حفل نهاية السنة؟.. السؤال ما كان ليطرح لولا المشكلة التي أثارها بعض الأهل في قرية وادعة من قرى جزيرة كورسيكا الفرنسية.
ما كان لهذه القصة أن تتوقف عندها الوسائل الإعلامية في فرنسا لو لم تكن تؤشر لمناخ غير صحي أقرب إلى الهستيريا سببه تداعيات العمليتين الإرهابيتين اللتين جرتا في باريس بداية العام الجاري ضد صحيفة «شارلي إبدو» الساخرة وضد متجر يهودي. ورغم التنبيهات الصادرة عن السلطات الرسمية وعن الكثير من الرسميين ومن ممثلي الديانات في هذا البلد، بالتنبه للخلط ما بين المسلمين وبين اللجوء إلى العنف والإرهاب، إلا أن المزاج العام في فرنسا أخذ يظهر عداء للعرب والإسلام. ثم إن تدفق المهاجرين غير الشرعيين على الشواطئ الأوروبية المتوسطية يزيد من «الحساسية الشعبية» التي تغذيها خطابات سياسية يمينية ويمينية متطرفة تحذر من مخاطر الهجرات الكثيفة على الهوية الفرنسية وأسلوب العيش والقيم والمكونات وأولها اللغة.
أصل المشكلة أن الهيئة التعليمية في المدرسة الابتدائية في قرية برونلي - دي - فيوموربو (3 آلاف نسمة) الواقعة على المقلب الشرقي من جزيرة كورسيكا العليا أي الشمالية ارتأوا أن يتعلم التلامذة أغنية جون لينون الشهيرة وعنوانها Imagine (تخيل)، التي تدعو لعالم بلا قتل أو جشع ويعيش الناس جميعا في سلام، وأن يغنوها بعدة لغات «الفرنسية والإسبانية والكورسيكية والعربية وبالطبع الإنجليزية» وارتأوا أيضا أن يأتي مدرس للعربية لتمرين الأطفال على النطق بكلماتها العربية. والحال أن اللغات الأربع لم تثر أي إشكالية بينما رفض عدد من الأهالي أن يغني أولادهم باللغة العربية وقامت حملة على المدرسين والمدرسات وهدد بعض الأهالي بسحب أولادهم من المدرسة. والأسوأ من ذلك، قامت حملة ضد المدرسة وأطلقت التهديدات بحق الجسم التعليمي وكتبت شعارات على الحيطان القريبة تقول: ليرحل العرب.
رد المعلمين والمعلمات كان أن مارسوا حقهم بالامتناع عن التعليم يومي الاثنين والثلاثاء وتقدموا بشكوى إلى السلطات المدرسية عمد بعدها نيكولا بيسون، المدعي العام في مدينة باستيا إلى فتح تحقيق قضائي يوم أمس نظرا «للضغوط التي مورست على الجسم التعليمي» و«التهديدات» التي أطلقت بحق عدد من المعلمات اللواتي اعتبرن مسؤولات عن مشروع الغناء بالعربية. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد إذ انقسمت القرية التي تعيش فيها عائلات مغاربية كثيرة تعمل أساسا في القطاع الزراعي بين مؤيد للمدرسين والمدرسات وبين معارض لهم. وقالت والدة أحد التلامذة لإذاعة «فرانس إنفو» إنها «لا تريد وبأي شكل كان» أن يغني ابنها بالعربية. بينما رأى سكان آخرون أن «من واجب المدرسة» أن تفتح أعين تلامذتها على العالم وتعدديته وتساءل عن «السبب» الذي جعل بعض الأهل ينتقد فقط الغناء بالعربية بينما لم يحرك ساكنا بالنسبة للغات الأخرى؟
وإزاء المدى الذي وصلت إليه هذه المسألة أصدر الجسم التعليمي بيانا نددوا فيه بـ«الخلط بين الديانة واللغة» وبـ«عملية التضليل» التي مارسها بعض الأهالي وأسفوا لأن المدرسة لم تحترم كـ«فضاء حيادي ضروري بالنسبة للتلامذة». ونتيجة لهذا الضجيج والتفاعل، عمدت إدارة المدرسة إلى إلغاء حفل نهاية السنة بكليته. كذلك نددت وزيرة التعليم، نجاة فالو بلقاسم، بما حصل في القرية المذكورة معتبرة أنه «تصرف عنصري» ومدافعة الطاقم التعليمي في المدرسة وعن العربية باعتبارها إحدى اللغات الحية.
تعرف كورسيكا بأنها «جزيرة الجمال» بسبب مناظرها الخلابة جبلا وشاطئا. لكنها تعرف أيضا بالعنف الممارس فيها على نطاق واسع وهو يستهدف عادة ما مصالح فرنسيين من غير الجزيرة. وتشكل الفيلات والمنازل التي يمتلكونها أهدافا سهلة. كما تعرف الجزيرة التي أنبتت الإمبراطور نابليون بونابرت حركة ذات توجهات انفصالية شعارها «كورسيكا للكورسيكيين». فضلا عن ذلك تعاني الجزيرة من أعمال تمارس ضد المهاجرين الذين يشكل المغاربة النسبة الأكبر بينهم يليهم البرتغاليون والإيطاليون والتونسيون والجزائريون. إلا أن العداء الأكبر للعنصرية الطاغية يعاني منه المغاربيون لأنهم عرب ومسلمون.
لو كان ما عرفته هذه القرية في كورسيكا عملا معزولا لكان مر مرور الكرام. لكن المشكلة تكمن في أنه يأتي في سياق توتيري تعيشه فرنسا. فقبل أسابيع أثيرت مسألة منع المدارس من توفير وجبات من غير لحم الخنزير أو ما يسمى «الوجبات البديلة». كما أن تلميذة في صف ثانوي منعت من الدخول إلى المدرسة لأن الفستان الذي ترتديه كان يصل حتى القدمين ما اعتبرته إدارة مدرستها «مظهرا دينيا». في الوقت الحاضر، يدور جدل أثاره نيكولا ساركوزي، الرئيس الأسبق للجمهورية ورئيس حزب «الجمهوريون» اليميني المعارض «سابقا الاتحاد من أجل حركة شعبية» الذي طلب إعادة النظر في حصول كل من يولد على الأراضي الفرنسية على جنسية هذا البلد فيما الجدل لا يزال جاريا حول موقع الإسلام في فرنسا.
من هذا المنظور، وقعت أغنية جون لينون بالعربية «ضحية» حسابات وإشكاليات تتخطى الفن والفنانين على السواء.



ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
TT

ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)

في تطور مفاجئ يعكس تدخلاً زائداً في السياسة البريطانية، دعا الملياردير الأميركي إيلون ماسك السياسي البريطاني نايجل فاراج إلى التنحي عن قيادة حزب الإصلاح اليميني.

وقال ماسك، الذي سيقود إدارة الكفاءة الحكومية بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عبر منصته الاجتماعية «إكس» إن «حزب (الإصلاح) يحتاج إلى قائد جديد. فاراج لا يملك المقومات اللازمة». ويمثّل هذا التصريح انقلاباً في موقف ماسك، الذي صرّح مراراً بأن فاراج وحده قادر على «إنقاذ بريطانيا»، ونشر صورة معه الشهر الماضي. كما لمّح ماسك إلى احتمال تقديمه دعماً مالياً كبيراً لحزب «الإصلاح» لمساعدته في منافسة حزبي «العمال»، و«المحافظين» المهيمنيْن في بريطانيا، قد يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (124 مليون دولار).

فاراج ينأى بنفسه

يشنّ ماسك منذ أسابيع حملة مكثفة ضد الحكومة البريطانية التي يقودها رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر، الذي يتّهمه بتقييد حرية التعبير. كما يطالب ماسك بإطلاق سراح ستيفن ياكسلي - لينون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة، المعروف باسم تومي روبنسون، والمناهض للهجرة وللإسلام. ويقضي روبنسون حالياً حكماً بالسجن لمدة 18 شهراً بتهمة ازدراء المحكمة.

ونأى فاراج بنفسه عن تصريحات أدلى بها ماسك دعماً لروبنسون. وقال زعيم حزب «الإصلاح» تعليقاً على أحد منشورات ماسك: «حسناً، هذا مفاجئ! إيلون شخصية استثنائية، لكنني للأسف أختلف معه في هذا. موقفي لا يزال أن تومي روبنسون غير مناسب لحزب (الإصلاح)، ولن أتخلى أبداً عن مبادئي».

ماسك «مخطئ في تقديره»

يستند ماسك في حملته ضد الحكومة البريطانية والإعلام التقليدي، والدعوات للإفراج عن روبنسون، إلى تعامل الحكومة مع فضيحة تاريخية تتعلق باستغلال الأطفال. وفي الأيام الأخيرة، شارك ماسك وتفاعل مع منشورات على منصته «إكس» تنتقد الحكومة البريطانية بعد رفضها الدعوة لإجراء تحقيق عام في فضيحة الاستغلال، بمدينة أولدهام شمال إنجلترا. كما اتّهم ماسك ستارمر بالفشل في تحقيق العدالة فيما يسميه البعض «عصابات الاغتصاب»، عندما كان مدير النيابة العامة بين عامي 2008 و2013. ووصف ماسك الفضائح بأنها تمثل «جريمة هائلة ضد الإنسانية».

وبينما وصف وزير الصحة، ويس ستريتنغ، آراء ماسك بأنها «مخطئة في تقديرها ومُضلّلة بالتأكيد»، إلا أنه دعا أغنى رجل في العالم والمقرب من الرئيس الأميركي المنتخب للعمل مع الحكومة في معالجة قضية الاستغلال الجنسي للأطفال. وقد جادلت الحكومة بأنه يجب على أولدهام أن تحذو حذو المدن الأخرى، وتُكلّف لجنة خاصة بها للتحقيق في الاعتداءات التاريخية التي طالت الفتيات بشكل رئيس.

وخلص تقرير صدر عام 2022، حول إجراءات حماية الأطفال في أولدهام بين عامي 2011 و2014، إلى أن الوكالات المحلية خذلت الأطفال، لكنه لم يجد أدلة على تستر رغم وجود «مخاوف مشروعة» من أن اليمين المتطرف سيستغل «الإدانات عالية المستوى لمجرمين من أصول باكستانية في جميع أنحاء البلاد».

وقال ستريتنغ، في مقابلة مع شبكة «آي تي في» الإخبارية إن الحكومة تأخذ قضية الاستغلال الجنسي للأطفال «على محمل الجد للغاية»، وإنها تدعم إجراء تحقيق في فضيحة أولدهام، لكن يجب أن يُدار محلياً. وأضاف: «بعض الانتقادات التي وجهها إيلون ماسك، أعتقد أنها خاطئة في تقديرها ومضللة بالتأكيد، لكننا مستعدون للعمل مع إيلون ماسك، الذي أعتقد أن له دوراً كبيراً يلعبه مع منصته الاجتماعية لمساعدتنا، والدول الأخرى، في معالجة هذه القضية الخطيرة. لذا، إذا أراد العمل معنا (...) فسوف نرحب بذلك».

مظاهرات اليمين المتطرّف

يبدي ماسك اهتماماً كبيراً بالمشهد السياسي البريطاني منذ فوز حزب «العمال» اليساري بأغلبية ساحقة في انتخابات يوليو (تموز) 2024، التي أنهت 14 عاماً من حكم المحافظين.

وقد أعاد ماسك نشر انتقادات لستارمر، ووسم TwoTierKeir - وهو اختصار لادعاء بأن بريطانيا لديها «نظام شرطة من مستويين»، حيث يتم التعامل مع المتظاهرين اليمينيين المتطرفين بشكل أكثر صرامة من المتظاهرين في قضايا دعم حقوق للفلسطينيين، أو حركة «حياة السود مهمة»، أو حتى قضايا حماية النساء من العنف.

كما قارن ماسك المحاولات البريطانية لمواجهة المعلومات المضللة عبر الإنترنت بممارسات الاتحاد السوفياتي، ووصل به الأمر إلى ترجيح اندلاع «حرب أهلية» في المملكة المتحدة خلال أعمال العنف المناهضة للمهاجرين، الصيف الماضي.

ودعا ماسك، يوم الجمعة، أيضاً إلى إجراء انتخابات عامة في المملكة المتحدة، بعد ستة أشهر فقط من الانتخابات الأخيرة. وكتب: «الشعب البريطاني لا يريد هذه الحكومة على الإطلاق. انتخابات جديدة»، ملتمساً الملك تشارلز الثالث لحلّ البرلمان.

غضب ألماني من تدخلات ماسك

تثير تدخلات ماسك الخارجية، ولا سيّما في أوروبا، غضباً متصاعداً. وقبل أيام، ندّد المستشار الألماني أولاف شولتس بـ«التصريحات المتنافرة» التي صدرت عن ماسك، وبدعم الأخير لحزب اليمين المتطرّف «البديل من أجل ألمانيا».

وفي مقابلة مع مجلّة «شتيرن»، صدرت السبت، عدّ شولتس أنه «لا بدّ من التسلّح بالهدوء» في وجه تصريحات ماسك، الذي نعت المسؤول الأميركي بـ«المجنون» في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، و«المخبول غير الكفؤ» في 20 ديسمبر (كانون الأول) قبل أن يهاجم الرئيس الألماني فرنك - فالتر شتاينماير، واصفاً إيّاه بـ«الطاغية».

وقبل شهر ونصف الشهر من انتخابات تشريعية مبكرة في 23 فبراير (شباط)، قال المستشار الألماني: «في ألمانيا، تجري الأمور وفق إرادة المواطنين، لا وفق تصريحات متنافرة لملياردير أميركي». وشدّد شولتس في المقابلة على أن «الرئيس الألماني ليس طاغية مناهضاً للديمقراطية، وألمانيا ديمقراطية متينة ومستقرّة، مهما قال ماسك». وبالنسبة إلى المستشار الاشتراكي الديمقراطي، يُعدّ الدعم الذي يقدّمه ماسك لحزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي «يدعو إلى التقارب مع روسيا بوتين، ويريد إضعاف العلاقات الأوروبية - الأميركية، أكثر جدلية بكثير من إهاناته».

وأقرّ «البديل من أجل ألمانيا»، الذي يحتّل المرتبة الثانية في استطلاعات الآراء مع 19 في المائة من نيات التصويت، خلف المحافظين (33 في المائة)، في تصريحات لـ«دير شبيغل» بأنه على تواصل منتظم مع طاقم الملياردير الأميركي. وسيعقد ماسك (53 عاماً) دردشة مع الرئيسة المشاركة للحزب، أليس فايدل، عبر «إكس» الخميس المقبل. وقال شولتس، ردّاً على سؤال من مجلّة «شتيرن» حول نيّته دعوة ماسك إلى محادثة: «لا أظنّ أنه ينبغي خطب ودّ السيد ماسك. وأترك الأمر لعناية آخرين». وذكّر المستشار الألماني بأنه التقى إيلون ماسك في مارس (آذار) 2022، في مناسبة افتتاح مصنع «تسلا» في براندنبورغ قرب برلين، «في فترة كان الفرع المحلي لحزب (البديل من أجل ألمانيا) يحتجّ على إقامة المصنع».