باحث بريطاني: اغتيال الظواهري أثبت أن الحرب ضد الإرهاب لن تنتهي قريباً

أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (أرشيف رويترز)
أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (أرشيف رويترز)
TT

باحث بريطاني: اغتيال الظواهري أثبت أن الحرب ضد الإرهاب لن تنتهي قريباً

أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (أرشيف رويترز)
أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (أرشيف رويترز)

يرى الباحث جيمس بيج، زميل كلية الحكم والشؤون الدولية التابعة لجامعة دورهام البريطانية، أن إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن بعد مقتل أيمن الظواهري، أن «العدالة قد تحققت» وأن هذا الزعيم الإرهابي لم يعد موجوداً، يؤدي إلى التركيز الدقيق على العلاقة بين التخلص من الزعامات، والمفاهيم الأوسع نطاقاً للعدالة. ويقول بيج في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، إن فقدان الظواهري، رغم أنه أمر رمزي بدرجة كبيرة، ليس شيئاً عظيماً كما يُزعم في الغالب. فالظواهري فشل في منع حدوث الانشقاقات في تنظيم «القاعدة»؛ مما أسفر عن تشكيل «داعش»؛ ولم يكن قائداً قوياً أو مؤثراً بصورة خاصة. وعلاوة على ذلك، طورت «القاعدة» بصورة متزايدة القيادات الإقليمية، منذ مقتل أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وتقوم كادرات تلك القيادات بتنفيذ الكثير من أنشطتها. وبالتالي، فإنه من المحتمل أن يتصدر الواجهة أي قائد لإحدى هذه القيادات؛ مما يحمله ذلك من تداعيات أكثر إثارة للقلق: فهناك الرغبة في الانتقام لإثبات قدرتها وتعزيز جهودها. أما بالنسبة إلى أفغانستان، فإنها ما زالت تعاني مما يعتبره الكثيرون أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والتي ترجع في جانب منها إلى الانسحاب المتسرع لقوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وحكم نظام «طالبان». ويقول بيج، الذي عمل مسؤولاً للأمم المتحدة للشؤون السياسية في أفغانستان في الفترة من 2009 إلى 2015، إنه بعد اغتيال الظواهري في أفغانستان زادت التهديدات ولم تنخفض، ولن تتوقف جهود تنظيم «القاعدة» وحلفائه (وغيرهم) ضد الولايات المتحدة. كما أنه من الواضح تماماً أن «طالبان» توفر الدعم لـ«القاعدة» وغيرها من الجماعات الإرهابية. وهذا من شأنه أن يزيد الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها فيما يتعلق بما ينبغي عمله بالنسبة لنظام «طالبان» ومؤيديه في أفغانستان وخارجها، وبالنسبة لأفغانستان نفسها. ويضيف بيج، أن أفغانستان تظل قضية «لن تنتهي» بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية رغم آمال البعض في أن تكون لها نهاية. ويرتبط بذلك تماماً بباكستان، التي تعاني من ضائقة اقتصادية شديدة والتي ناشدت الولايات المتحدة مؤخراً تزويدها بالمساعدات المالية. وذلك رغم أن باكستان تساعد «طالبان» منذ سنوات كثيرة. وبالإضافة إلى أن قتل الظواهري أدى إلى استمرار العلاقات بين «طالبان» و«القاعدة»، تظل قضية حركة «داعش - خراسان» تتفاقم بصورة متزايدة، حيث إنها تزداد قوة وتستعد لمهاجمة الغرب. فبعد الهجوم على الظواهري، ربما زادت تمكناً في ظل تنافسها مع «طالبان» و«القاعدة». من ناحية أخرى، تزداد التهديدات والتحديات الصادرة من أفغانستان حدة، ولم تشهد خيارات الولايات المتحدة وحلفائها لمواجهة هذا الأمر أي زيادة أو تحسن ملموس. ويقول بيج، الذي يستكمل حالياً رسالته العلمية عن الطائرات المسيّرة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة سانت اندروز البريطانية، إنه رغم أن الطائرات المسيّرة يمكنها أن تنفذ هجمات بدقة ملحوظة، فإنها تعتمد على نوعية المعلومات الاستخباراتية. ورغم أن الولايات المتحدة أجرت تحليلاً دقيقاً صعباً لهذا الهجوم، اتضح أنها تلقت المعلومات الاستخباراتية الرئيسية من مصادر على الأرض، بالإضافة إلى عمليات اعتراض الإشارات.
وهذا الأمر يخضع الآن لمزيد من التدقيق، حيث ترى تحليلات عدة، أن الولايات المتحدة تلقت مساعدة من باكستان نظير مقابل (وهذه ليست المرة الأولى). ومن الصعب تجاهل ارتباط المصالح وتوقيت الهجوم. إذ إن باكستان تحاول تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة (ما بعد عمران خان)، حيث إنها تواجه متاعب اقتصادية، وحيث إن دعم «طالبان» لحركة «طالبان باكستان» (التي تهاجم باكستان) أصبح يمثل مشكلة متزايدة بالنسبة لباكستان. وفي الوقت نفسه، يعنى اقتراب موعد الانتخابات النصفية الأميركية، أن هذه التطورات الإيجابية مرحّب بها بوجه خاص في البيت الأبيض. وإذا كانت الولايات المتحدة وباكستان تعاونتا بالنسبة للهجوم بالطائرة المسيّرة الذي أدى إلى مقتل أيمن الظواهري، فإن هذا يمثل مزيداً من التطور في سياسة الولايات المتحدة الخاصة بالطائرات المسيّرة واستخدامها، والتي بمقتضاها تقوم باكستان بتقديم المعلومات الاستخباراتية لتمكين الهجمات بالطائرات المسيّرة، بدلا من السماح لها بالعمل من باكستان كما كان في السابق. ومن الملاحظ أيضاً، أنه منذ قتل الظواهري بهجوم الطائرة المسيّرة، تردد أنه كانت هناك هجمات أخرى بالطائرات المسيّرة ضد أهداف للمسلحين، من بينها تنظيم «القاعدة» في ولاية هلمند وفي ولاية كونار ضد قادة حركة «طالبان» في باكستان. ووصفت «طالبان» الهجمات بالطائرات المسيّرة بأنها «عدوان» أميركي، ونددت بدخول الطائرات المسيّرة عن طريق المجال الجوي الباكستاني. والأمر الذي ما زال غير مؤكد هو ليس فقط إلى أي مدى تعتبر الولايات المتحدة مستعدة لمواصلة قدراتها «فوق الأفق»، ولكن أيضاً تفاصيل الظروف التي تخضع لها (مثل الوصول للمجال الجوي، والتموضع، والمعلومات الاستخباراتية على الأرض، وغيرها)، وردود الفعل والتداعيات التي ستسفر عنها. ومع ذلك؛ فإن الأمر الواضح تماماً هو أنه ليس من المحتمل إلى حد كبير أن توقف الهجمات بالطائرات المسيّرة وحدها نمو الجماعات الإرهابية مثل «القاعدة» أو «داعش - خراسان» في أفغانستان أو إرغام «طالبان» على قطع علاقاتها بـ«القاعدة». ومن ثم، فإن مقتل الظواهري لا يمثل تقدماً في تجريد هذه الجماعات من أسلحتها بقدر ما هو تحفيز لعلاقات مع «طالبان» أكثر تعقيداً وقائمة على أساس رد الفعل، في ظل تهديد إرهابي يزداد قوة صادر من أفغانستان. وبالتالي، من الضروري أن تكون هناك إعادة نظر ثاقبة في السياسة والاستراتيجية تجاه أفغانستان، بما في ذلك كيفية استخدام الطائرات المسيّرة وكيفية استخدام أسلوب «فوق الأفق» لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية.


مقالات ذات صلة

«تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسية

المشرق العربي مقاتل من «هيئة تحرير الشام» يتابع القصف المستمر على قرى في ريف حلب الغربي (أ.ف.ب) play-circle 00:20

«تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسية

سيطرت قوات «تحرير الشام» وفصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» على 10 بلدات وقرى في محافظة حلب بشمال غربي البلاد، كانت خاضعة لسيطرة الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تستمر نزاعات لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا سيدة في إحدى قرى بوركينا فاسو تراقب آلية عسكرية تابعة للجيش (غيتي)

تنظيم «القاعدة» يقترب من عاصمة بوركينا فاسو

أعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة»، أنها سيطرت على موقع عسكري متقدم تابع لجيش بوركينا فاسو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)

الجيشان الروسي والصيني ينفّذان دورية جوية مشتركة فوق بحر اليابان

تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H  -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)
تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)
TT

الجيشان الروسي والصيني ينفّذان دورية جوية مشتركة فوق بحر اليابان

تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H  -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)
تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)

قال التلفزيون المركزي الصيني (سي سي تي في)، اليوم (الجمعة)، إن الجيشَين الصيني والروسي نفَّذا الدورية الجوية الاستراتيجية المشتركة التاسعة في المجال الجوي فوق بحر اليابان.

وجاءت الدورية ضمن خطة التعاون السنوية بين البلدين، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

من جهته، قال الجيش الكوري الجنوبي إن 11 طائرة حربية صينية وروسية دخلت منطقة الدفاع الجوي للبلاد، اليوم (الجمعة)، على مدى 4 ساعات؛ مما دفع سيول إلى إرسال طائرات مقاتلة. وقالت هيئة الأركان المشتركة، في رسالة إلى الصحافيين، إن الطائرات الروسية والصينية دخلت المنطقة بالتتابع، وخرجت جميعها دون وقوع حوادث أو اختراق المجال الجوي لكوريا الجنوبية. وأضافت أن الجيش الكوري الجنوبي حدَّد هوية الطائرات قبل دخولها المنطقة، ونشر طائرات تابعة للقوات الجوية ردَّت بإجراء مناورات تكتيكية.

تظهر هذه الصورة القاذفة الاستراتيجية الروسية «تو - 95» تحلّق خلال تدريبات جوية عسكرية روسية - صينية مشتركة في مكان غير محدد في 24 مايو 2022 (رويترز)

دأبت طائرات صينية وروسية على دخول منطقة الدفاع الجوي لكوريا الجنوبية في السنوات القليلة الماضية والخروج منها دون أي وقائع. ولا تعترف الصين وروسيا بمنطقة الدفاع الجوي لكوريا الجنوبية. وأعلن عدد من البلدان عن مناطق تحديد الدفاع الجوي؛ بهدف مراقبة الطائرات التي تقترب من المجال الجوي لأغراض تتعلق بالأمن الوطني.

نفّذ الجيشان الصيني والروسي دوريةً جويةً مشتركةً في يوليو (تموز) باستخدام قاذفات استراتيجية قادرة على حمل رؤوس نووية بالقرب من ولاية ألاسكا الأميركية في شمال المحيط الهادئ والقطب الشمالي؛ مما دفع الولايات المتحدة وكندا إلى نشر طائرات مقاتلة.