«قوة الألوان» لمارغريتا موراليس يضيء عتمة بيروت

حلّت المكسيك بسحر أجوائها وعراقة ثقافتها ضيفة على بيروت، من خلال معرض مواطنتها الفنانة التشكيلية مارغريتا موراليس، الذي حمل عنوان «قوة الألوان». وبالتعاون مع السفارة المكسيكية في لبنان، افتُتح المعرض في غاليري «جانين ربيز» في الرملة البيضاء، بحضور سفيرها لدى لبنان خوسيه إغناسيو مادراسو.
يتضمن المعرض لوحات الرسامة التي تحكي عن الفرح بألوان زاهية. فلمارغريتا علاقة وطيدة مع الضوء، تترجمها بألوان فاقعة مرات، ودافئة مرات أخرى، كي تستخلص سحر قصة عالم يسمح للمرء بإطلاق العنان لأحلامه، كما تقول.
ومن خلال لوحات «فانتازيا الطبيعة»، و«الورود»، و«سحر البحيرة»، وغيرها، تعنون مارغريتا تجارب حياة بريشة ملونة.
لم تلجأ مارغريتا إلى ملامح وجوه أو مجسمات أشخاص لترجمة مشاعرها الإيجابية. فاكتفت بتصوير مشاعرها من خلال الورود والمساحات الخضراء. وقدمتها تارة تطل برأسها من تحت التراب كي تصور المقاومة وحب الحياة، ومرات أخرى خصصت لها مساحات واسعة على قماش الكانفاس كي تبرز أدق التفاصيل.
كيف تحفز مارغريتا ريشتها وتعكس كل هذه الإيجابية في زمن قاسٍ؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن هناك ما هو أكثر من لحظة صعبة وقاسية، ولكن يجب ألا ننسى نقيضها، أي الأوقات الجميلة. ولكن أيضاً الروحانية منها حاضرة بقوة في حياتنا، وقد تواصلنا معها بقوة أخيراً، في فترة الحجر». وتتابع: «عادة ما تتعلق اللوحات التي أرسمها بالطبيعة، وهي تمثل حياتها الداخلية بالتفاصيل. وبذلك، أرى لحظة من الطبيعة خالدة من حيث المبدأ. هناك، تندمج أوقات مختلفة، تمزج على سبيل المثال ما بين الحاضر والماضي». تقول: «لا أترك السواد جانباً أو أتغاضى عنه، لكني أدمجه في أعمالي وعلى طريقتي. فالأمر ينتهي عندي بانتصار من نوع آخر يحققه كل من اللون والضوء في هذه المباراة العبثية. وربما كان هذا هو دافعي لممارسة فن الرسم».


«فانتازيا الطبيعة» بريشة موراليس (الشرق الأوسط)

التفاصيل التي تتحدث عنها موراليس تصورها مرات كأمواج هائجة، وفي أخرى كرياح قوية، ولكنها في المقابل تزودها بمساحة من السكينة.
لا تتنقل ريشة الفنانة المكسيكية على لوحاتها من دون تحديد سابق لمهماتها. توضح: «عادة ما يكون لديّ فكرة أرغب في العمل عليها، فأدونها في رأسي وأرسمها في خيالي. هذه المقدمة التلقائية التي أحبكها في رأسي قبل البدء بمشواري مع لوحة ما تعزز عندي طبيعة الألوان التي سأستخدمها. ومن ثَم أبدأ في الرسم، وخلاله تتطور عملية دمج الألوان والأشكال في اللوحة، لتولد قطعة فنية تخرج من الصميم».
لوحات كثيرة وقّعتها موراليس تأسرك وتستوقفك خلال زيارتك لمعرضها. فهي بالفعل تمارس عليك هذه القوة بألوان نارية، تبرز فيها تدرجات الأحمر الغاضب تارة، ومزيج الأصفر والبرتقالي والأخضر النابض بالحياة تارة أخرى. فحفنات النار والدخان وتحركات الغيوم المتداخلة معاً بألوان متناقضة لا تزعج ناظرها، لأن مارغريتا تخفف من وطأتها بريشة تغلب عليها الإيجابية.
لماذا بيروت؟ ترد: «سعيدة لوجودي في هذه المدينة المشبعة بالأصالة، ويفرحني إقامة معرض هنا، وأحاول من خلاله العثور على الضوء في الظلمة. فهذه المدينة تنبض بالحياة وبالبهجة رغم المعاناة، وكأنها لا تسمح لنفسها بالتحلل مهما بلغت مآسيها. وفي رأيي هي مدينة لا تقبل أن تنهزم، لأنها تؤمن بأن الضوء لن يتخلّى عنها. هذه هي بيروت التي أرسمها في خيالي والتي شدّتني لتنظيم هذا المعرض فيها».