«كاوست» تطور تقنية لإزالة الكبريت مباشرة من الوقود البحري

تقلل التلوث البيئي عند حرق مئات الأطنان منه في السفن التجارية

تعمل تقنية «كاوست» على إزالة الكبريت  مباشرة من الوقود بدلاً من إزالته من العادم
تعمل تقنية «كاوست» على إزالة الكبريت مباشرة من الوقود بدلاً من إزالته من العادم
TT

«كاوست» تطور تقنية لإزالة الكبريت مباشرة من الوقود البحري

تعمل تقنية «كاوست» على إزالة الكبريت  مباشرة من الوقود بدلاً من إزالته من العادم
تعمل تقنية «كاوست» على إزالة الكبريت مباشرة من الوقود بدلاً من إزالته من العادم

في أبريل (نيسان) 2022، وقعت شركة «uODS» الناشئة والتابعة لمركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، مذكرة تفاهم مع شركة أرامكو السعودية لزيوت الأساس «لوبريف «LUBEREF، بهدف توسيع تطبيق تقنية جديدة لإزالة الكبريت الضار من الهيدروكربونات. ويهدف المشروع إلى المساهمة في جهود الحكومة السعودية لتقليل انبعاثات قطاع النقل البحري.
وبالعودة قليلا إلى الوراء، فلقد كانت بدايات هذا المشروع عندما تواصلت وزارة الطاقة السعودية مع «كاوست» للاستعلام عن أي بحث قائم داخل الجامعة يمكنه أن يساعد المملكة على تلبية متطلبات الانبعاثات الجديدة التي أوصت بها المنظمة البحرية الدولية (IMO) في عام 2020، والتي تهدف لتقييد محتوى الكبريت في زيت الوقود المستخدم لتشغيل السفن التجارية، وبالتالي تقليل انبعاثات أكسيد الكبريت (SOx) من هذه السفن. وشملت المزايا الخمس التي حددتها المنظمة لتقليل انبعاثات أكسيد الكبريت من السفن كلا من: هواء نظيف، تأثيرات إيجابية على صحة الإنسان، وإنتاج أنواع وقود عالية الجودة.
يشار إلى أن إزالة الكربون من قطاع النقل البحري يمثل تحدياً كبيراً لتحقيقه على المديين القصير والمتوسط، حيث يعتبر قطاع السفن التجارية - مثل قطاع الطيران - واحداً من أصعب القطاعات التي يمكن إزالة الكربون من صناعاتها.
وتعتبر شركة «لوبريف» رائداً إقليمياً في إنتاج زيوت التشحيم الأساسية، وتمتلك مصفاتَي زيوت بجدة وينبع بالمملكة، تنتجان سنوياً ما يقرب من 1.2 مليون طن من الزيوت الأساسية؛ في حين عمل فريق من الباحثين في مركز أبحاث الاحتراق النظيف في «كاوست» على تأسيس «uODS» لتسويق تقنيتها لنزع الكبريت والتي تحقق مزايا اقتصادية وبيئية.


البروفيسور ويليام روبرتس

مميزات تقنية «كاوست»
تعمل تقنية «uODS» الجديدة على إزالة الكبريت مباشرة من الوقود بدلاً من إزالته من العادم والتي تعتبر طريقة أكثر فاعلية وقابلة للتطوير؛ حيث إن الأساليب التقليدية تستخدم كميات كبيرة من الهيدروجين في بيئة ذات درجة حرارة وضغطٍ مرتفعين لإنتاج تفاعل استخراج الكبريت وهي عملية غير متاحة سوى عبر معامل التكرير. لذلك فإن هذه التقنية، مع ذلك، يمكن تحقيقها في درجة حرارة وضغط الغرفة دون الحاجة إلى الهيدروجين، وهو ما يسمح بتطبيقها خارج معامل التكرير، أو حتى عبر مرافق التزود بالوقود. ومن هذا المنطلق فإن تقنية «uODS» مناسبة بشكل نموذجي لزيوت الوقود الثقيلة، والوقود البحري والزيوت الأساسية بدلاً من الزيوت الخفيفة مثل الديزل أو البنزين النفاث.
وتعتمد تقنية «uODS» على الأبحاث «السونوكيميائية» الرائدة والمطورة في مختبر أبحاث الاحتراق النظيف بـالجامعة، وهي التي تشكل العصب الأساسي في تكوين الطور البخاري السائل عبر تطبيق الموجات فوق الصوتية على التفاعلات الكيميائية والعمليات. ويمكن القول بأن جوهر هذه التقنية يكمن في عملية التجويف المُحفز بالموجات فوق الصوتية، حيث تنتشر تلك الموجات عبر السائل، مكونة فقاعات تجويف مجهرية تنهار في النهاية، وتؤدي إلى عملية اختلاط عالية وبقع ساخنة.
يقول باولو جويدا، كبير موظفي التقنية في «uODS»: «أدركنا أن ديناميكا الموائع التي تُعنى بدراسة حركة السوائل - بما في ذلك تفاعلاتها حيث يتلامس اثنان من السوائل مع بعضهما البعض - هي المفتاح لبدء عملية تجارية قابلة للتطبيق. فلقد مكنتنا نمذجة العملية بأكملها بدءاً بالفقاعة الواحدة إلى المفاعل بأكمله من تحكم دقيق في العملية، وتحسين العائد من ورائها».

تعاون بيئي مع «أرامكو»
ستساعد مذكرة التفاهم الموقعة، شركة «لوبريف» على تقليل بصمتها البيئية اليومية الناتجة عن حرق 270 طناً من زيت الوقود الثقيل عالي الكبريت في مصافيها في جدة، خصوصاً أن الانبعاثات الناتجة عن ذلك تحتوي على كميات كبيرة من أكاسيد الكبريت والتي تساهم في هطول الأمطار الحمضية فضلاً عن أكسيد النيتروجين (NOx) وجسيمات العادم (PM).
ويعلق المهندس طارق النعيم - رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لـ«لوبريف» على تقنية «كاوست»، بقوله: «نؤمن أن هذه التقنية ذات إمكانات تجعلها محورية في تطوير مستقبل أكثر استدامة لصناعة الزيت. والحقيقة نحن سعداء جداً أن مثل هذه التقنية المبتكرة يجري تطويرها في (كاوست)، ونفتخر بأن نكون أول من يجربها».
وستقوم شركة «uODS»، بتركيب أجهزتها الخاصة في موقع مصفاة «لوبريف» والبدء باختبار إنتاج 10 أطنان يومياً من الوقود منزوع الكبريت كجزء من الاتفاقية.
وفي هذا الصدد يقول البروفيسور ويليام روبرتس، رئيس «uODS» والمدير التنفيذي لمركز الاحتراق النظيف بـ«كاوست»: «ستقوم (لوبريف) بتكرير الوقود من خلال غلاياتها الخاصة، وسنكون قادرين على قياس الانبعاثات منها، وإظهار انخفاض في الانبعاثات الضارة بمعامل سبعة أو أكثر. الهدف من ذلك هو التوسع لتزويد الشركة بكمية الـ270 طناً من الوقود منزوع الكبريت التي يحتاجونها يومياً».
ومن ناحية أخرى، ستستفيد «لوبريف» من الشراكة مع «uODS» في جعل عملياتها أكثر استدامة، خصوصاً أنها تنتج مجموعة واسعة من الزيوت الأساسية التي تستخدم في التشحيم. وهناك فرصة لزيادة قيمة منتجاتهم من هذه الزيوت عبر إزالة محتوى الكبريت منها.
يقول روبرتس: «تُعد مذكرة التفاهم مع (لوبريف) مثالاً رائعاً للأبحاث الأساسية التي تتم في مختبراتنا، ثم تترجم بواسطة فريق من الشركاء الدوليين إلى منتجات وعمليات قابلة للتطوير وللتطبيق اقتصاديا لتلبية الاحتياجات الواقعية المهمة في العالم في هذا الوقت الحرِج».

تطورات المستقبل
تظل التقنيات المتطورة اللازمة لإزالة الكبريت من كميات كبيرة من الوقود الثقيل محدودة جداً، وتهدف بشكل أساسي للحد من انبعاثات صناعة النقل البحري. وبحسب روبرتس فإن هذا القطاع وحده يحرق عشرات الملايين من الأطنان من زيت الوقود سنوياً، وليس من الممكن تغيير ذلك بين ليلة وضحاها، خصوصاً أن تصميم وبناء السفن يستغرق في العادة عدة سنوات. لذلك، قد لا يكون استبدال الوقود الأحفوري خياراً قابلاً للتطبيق اقتصاديا على المدى القصير أو المتوسط، ولكن شركة «uODS» قدمت تقنية انتقالية مبتكرة وقابلة للتطبيق.
ويؤكد روبيرتس، أن مركز أبحاث الاحتراق النظيف في «كاوست» يركز بشكل كبير على القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها؛ مثل النقل الجوي والشحن البحري والشحن البري بواسطة الشاحنات الثقيلة، ويقول إن «الانتقال إلى السيارات الكهربائية أو الهجينة أمر منطقي في المناطق المكتظة بالسكان في البلدان الغنية فقط، ولكن ذلك لا ينطبق على كل الدول والفئات في العالم. وعلى الأرجح لن يكون لدينا سفن أو طائرات تعمل بالبطاريات في المستقبل القريب. خصوصاً أننا استثمرنا تريليونات من الدولارات في البنية التحتية الحالية. ما ينبغي علينا فعله الآن هو أن نجعل الوقود صديقاً للبيئة. وهذا يعني أن نستخدم نفس الوقود المتوفر حالياً، ولكن نحرقه بطرق أكثر نظافة».
وأضاف «تتمثل الخطوة التالية للمستقبل في إيجاد طرق فعالة اقتصاديا لتحويل مصادر الطاقة المتجددة إلى وقود يمكن تكييفه في البنية التحتية الحالية. بحيث نصل في النهاية إلى شيء مثل الهيدروجين أو الأمونيا، ونبتعد عن الهيدروكربونات، لكن هذا الانتقال سيستغرق وقتاً أطول بكثير من المأمول.
وتُقدر الوكالة العالمية للطاقة أنه في حالة سيناريو التحول السريع لصفر انبعاثات كربونية بحلول 2050، سيكون من الممكنِ لهذه التقنيات تزويد 85 في المائة من احتياجات الطاقة والوقود للسفن التجارية البحرية.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟
TT

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

ربما تتذكر وقتاً كنت فيه بحاجة إلى إجابة سريعة، لوصفة طبق للطعام، أو مشروع لتحسين بيتك.

من محرك «غوغل» إلى «جي بي تي»

قبل بضع سنوات، كانت غريزة معظم الناس الأولى هي البحث عن المعلومات على محرك «غوغل» للبحث، ومع ذلك، اليوم، مما كتب غاي يون تشونغ (*)، أصبح كثير من الناس أكثر ميلاً إلى استخدام «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، أداة الذكاء الاصطناعي والمحادثة من شركة «أوبن إيه آي»، التي تغير الطريقة التي يبحث بها الناس عن المعلومات.

بدلاً من مجرد توفير قوائم بمواقع الويب، يُقدِّم «تشات جي بي تي» إجابات محادثة أكثر مباشرة.

مسألة الإبداع

ولكن هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» أن يفعل أكثر من مجرد الإجابة عن الأسئلة المباشرة؟ هل يمكنه بالفعل مساعدة الناس على أن يكونوا أكثر إبداعاً؟

إني أدرس التقنيات الجديدة وتفاعل المستهلكين مع وسائل التواصل الاجتماعي، وقد شرعت أنا وزميلي بيونغ لي في استكشاف هذا السؤال: هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» مساعدة الناس حقاً على حل المشكلات بشكل إبداعي، وهل يؤدي هذا بشكل أفضل من محركات البحث التقليدية مثل «غوغل»؟

عبر سلسلة من التجارب في دراسة نُشرت في مجلة «نتشر-السلوك البشري (Nature Human Behaviour)»، وجدنا أن «تشات جي بي تي» يعزز الإبداع، خصوصاً في المهام العملية اليومية.

وإليك ما تعلمناه عن كيفية تغيير هذه التقنية للطريقة التي يحلُّ بها الناس المشكلات، ويتبادلون بها الأفكار ويفكرون بشكل إبداعي.

«جي بي تي» مبدع

«تشات جي بي تي» والمهام الإبداعية. تخيل أنك تبحث عن فكرة هدية إبداعية لابنة أخت في سِنِّ المراهقة. في السابق، ربما كنت تبحث على «غوغل» عن «هدايا إبداعية للمراهقين»، ثم تتصفح المقالات حتى تجد شيئاً يناسبك.

الآن، إذا سألت «تشات جي بي تي»، فإنه يولِّد استجابةً مباشرةً بناءً على تحليله للأنماط عبر الويب. قد يقترح مشروعاً مخصصاً أو تجربةً فريدةً من نوعها، وصياغة الفكرة في الوقت الفعلي.

لاستكشاف ما إذا كان «تشات جي بي تي» يتفوق على «غوغل» في مهام التفكير الإبداعي، أجرينا 5 تجارب، تعامل فيها المشاركون مع مهام إبداعية مختلفة.

توليد الأفكار

على سبيل المثال، قمنا بتعيين المشاركين بشكل عشوائي، إما لاستخدام «تشات جي بي تي» للمساعدة، أو استخدام بحث «غوغل»، أو توليد الأفكار بأنفسهم.

بمجرد جمع الأفكار، قام الحكام الخارجيون، الذين لا يدركون الشروط المخصصة للمشاركين، بتقييم كل فكرة من حيث الإبداع. قمنا بوضع متوسط ل​​درجات الحكام؛ بهدف توفير تصنيف إبداعي عام.

كانت إحدى المهام تتضمَّن تبادل الأفكار حول طرق إعادة استخدام العناصر اليومية، مثل تحويل مضرب تنس قديم وخراطيم الحديقة إلى شيء جديد. وطُلبت مهمة أخرى من المشاركين تصميم طاولة طعام مبتكرة. وكان الهدف هو اختبار ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد الناس على التوصل إلى حلول أكثر إبداعاً، مقارنة باستخدام محرك بحث على الويب أو مجرد خيالهم.

نتائج لصالح الذكاء التوليدي

وكانت النتائج واضحة: صنف الحكام الأفكار التي تم إنشاؤها بمساعدة «تشات جي بي تي» على أنها أكثر إبداعاً من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام عمليات البحث على «غوغل» أو دون أي مساعدة. ومن المثير للاهتمام أن الأفكار التي تم إنشاؤها باستخدام «تشات جي بي تي» - حتى دون أي تعديل بشري - سجَّلت درجات أعلى في الإبداع من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام «غوغل».

وكانت إحدى النتائج البارزة هي قدرة «تشات جي بي تي» على توليد أفكار إبداعية تدريجياً: تلك التي تعمل على تحسين أو البناء على ما هو موجود بالفعل. وفي حين أن الأفكار الجذرية حقاً قد لا تزال تشكل تحدياً للذكاء الاصطناعي، فقد تفوَّق «تشات جي بي تي» في اقتراح نهج عملي ومبتكر. على سبيل المثال، في تجربة تصميم الألعاب، توصَّل المشاركون الذين يستخدمون «تشات جي بي تي» إلى تصميمات خيالية، مثل تحويل مروحة متبقية وكيس ورقي إلى مروحة تعمل بطاقة الرياح.

حدود الإبداع في الذكاء الاصطناعي

تكمن قوة «تشات جي بي تي» في قدرته على الجمع بين المفاهيم غير ذات الصلة في استجابة متماسكة.

وعلى عكس «غوغل»، الذي يتطلب من المستخدمين غربلة الروابط وتجميع المعلومات معاً. يقدم «تشات جي بي تي» إجابةً متكاملةً تساعد المستخدمين على التعبير عن الأفكار وصقلها بتنسيق مصقول. وهذا يجعل «تشات جي بي تي» واعداً بوصفه أداةً إبداعيةً، خصوصاً للمهام التي تربط بين الأفكار المتباينة أو تولد مفاهيم جديدة.

من المهم ملاحظة، مع ذلك، أن «تشات جي بي تي» لا يولِّد أفكاراً جديدة حقاً. إنه يتعرَّف على الأنماط اللغوية ويجمعها من بيانات التدريب الخاصة به، وبالتالي يولِّد مخرجات بتسلسلات أكثر احتمالية بناءً على تدريبه. إذا كنت تبحث عن طريقة لتحسين فكرة موجودة أو تكييفها بطريقة جديدة، فيمكن أن يكون «تشات جي بي تي» مورداً مفيداً. ومع ذلك، بالنسبة لشيء مبتكر، لا يزال الإبداع والخيال البشري ضروريَّين.

بالإضافة إلى ذلك، في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» توليد اقتراحات إبداعية، فإنها ليست عملية دائماً أو قابلة للتطوير دون مدخلات الخبراء. تتطلب خطوات مثل الفحص، وفحص الجدوى، والتحقق من الحقائق، والتحقق من السوق خبرة بشرية. ونظراً لأن استجابات «تشات جي بي تي» قد تعكس تحيزات في بيانات التدريب الخاصة بها، فيجب على الأشخاص توخي الحذر في السياقات الحساسة مثل تلك التي تنطوي على العرق أو الجنس.

كما اختبرنا ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد في المهام التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها تتطلب التعاطف، مثل إعادة استخدام العناصر العزيزة على أحد الأحباء. ومن المدهش أن «تشات جي بي تي» عزَّز الإبداع حتى في هذه السيناريوهات، حيث أدى إلى توليد أفكار وجدها المستخدمون ذات صلة، ومدروسة.

وتتحدى هذه النتيجة الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه المساعدة على المهام التي تحركها العواطف.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والإبداع

مع ازدياد إمكانية الوصول إلى «تشات جي بي تي» وأدوات الذكاء الاصطناعي المماثلة، فإنها تفتح إمكانات جديدة للمهام الإبداعية. سواء في مكان العمل أو في المنزل، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في الشحذ الذهني وحل المشكلات وتعزيز المشروعات الإبداعية.

ومع ذلك، يشير بحثنا أيضاً إلى الحاجة إلى الحذر: في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» تعزيز الإبداع البشري، فإنه لا يحلُّ محلَّ القدرة البشرية الفريدة على التفكير الجذري حقاً خارج الإطار المألوف.

يمثل هذا التحول من البحث على «غوغل» إلى سؤال «تشات جي بي تي»، أكثرَ من مجرد طريقة جديدة للوصول إلى المعلومات. إنه يمثل تحولاً في كيفية تعاون الناس مع التكنولوجيا للتفكير والإبداع والابتكار.

* أستاذ مساعد في إدارة الأعمال بجامعة رايس الأميركية - مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً