اللبنانيون يتطلعون إلى زيادة موازنة «الصحة»

43 مليون دولار ديون الجهات الضامنة للمستشفيات الخاصة

فراس أبيض (الوكالة الوطنية)
فراس أبيض (الوكالة الوطنية)
TT

اللبنانيون يتطلعون إلى زيادة موازنة «الصحة»

فراس أبيض (الوكالة الوطنية)
فراس أبيض (الوكالة الوطنية)

لم يعد قسم كبير من المرضى اللبنانيين يزور المستشفيات على الرغم من حَرَج أوضاع بعضهم، إذ باتوا يبحثون في مناطق قريبة من منازلهم عن مستوصفات مجانية وعيادات تابعة لمنظمات إنسانية دولية للحصول ولو على حد أدنى من الطبابة، بعد ارتفاع فواتير المستشفيات الخاصة بشكل جنوني نتيجة ارتفاع أسعار الخدمات كما المستلزمات الطبية، مع تجاوز سعر صرف الدولار مؤخراً عتبة الـ35 ألف ليرة.
واعتادت أكثرية المواطنين دخول المستشفيات على نفقة وزارة الصحة أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وجهات ضامنة أخرى، فلا يضطرون إلا لدفع مبالغ صغيرة، وفي أحيان كثيرة رمزية لتغطية الفروق. لكن مع الانهيار المالي الكبير الذي يشهده البلد منذ عام 2019، وانخفاض الاحتياطات لدى مصرف لبنان بالعملات الأجنبية إلى أدنى مستويات لها، لم تعد الجهات الضامنة قادرة على تغطية الفواتير الاستشفائية، باعتبار أن معظم موازناتها لا تزال على سعر الصرف الرسمي، أي 1500 ليرة للدولار الواحد.
وأعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، فراس أبيض، بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قبل أيام، عن توجه لرفع تعرفة (أي موازنة) وزارة الصحة، على أن تصبح 6 أضعاف أو أكثر مما هي عليه اليوم، لافتاً إلى أن «ذلك من شأنه أن يريح المواطن، ويرفع عن كاهله الفروق المضخمة التي يدفعها».
وتتجه كل القطاعات لرفع موازناتها لتتناسب مع سعر الصرف الجديد، وهو ما أقدمت عليه وزارة الاتصالات مؤخراً، عبر رفع التعرفة، وما تتجه لفعله وزارة الطاقة.
ويوضح رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب الدكتور بلال عبد الله، أن هناك تعاوناً بين اللجنة التي يرأسها ووزارة الصحة، لرفع موازنة الوزارة من خلال مشروع الموازنة العامة التي تمت الدعوة لدراستها في المجلس النيابي الأسبوع المقبل، لافتاً إلى أن «المبالغ المرصودة ليست بالقدر الكافي لتغطية الفروق بشكل كبير؛ لكن ما نأمله أن ترتفع النسبة التي تدفعها الوزارة والجهات الضامنة، باعتبار أنها لم تعد تتجاوز الـ20 في المائة، ونحن نطمح إلى أن تصبح 30 أو 40 أو حتى 50 في المائة من الفاتورة الاستشفائية».
ويشير عبد الله -في تصريح لـ«الشرق الأوسط»- إلى أن «وزير الصحة استحصل على قرض من البنك الدولي بقيمة 25 مليون دولار، لدعم الاستشفاء، وقد أصبح مشروع قانون تدرسه اللجان النيابية»، لافتاً إلى أنه «على الرغم من ذلك فإن القطاع الاستشفائي ينهار، وهو الأكثر تأثراً بأزمة سعر الصرف، ما دفع تلقائياً السواد الأعظم من اللبنانيين خارج التغطية الصحية العادلة».
ويشهد القطاع الاستشفائي في لبنان الذي لطالما احتل على مر السنوات المراكز الأولى في منطقة الشرق الأوسط، أزمات شتى أدت لهجرة مئات الأطباء والممرضين، وإقفال عدد كبير من الصيدليات، وسط تحذيرات جدية من إقفال عدد من المستشفيات التي لم تعد قادرة على تأمين مصاريفها ورواتب موظفيها.
وبحسب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، فإن ديون الجهات الضامنة للمستشفيات الخاصة تتجاوز 1500 مليار ليرة لبنانية (أي ما يقارب 43 مليون دولار وفق سعر الصرف في السوق الموازية)، لافتاً إلى أن «هناك الكثير من الفواتير العالقة منذ عام 2021، ثم إن معظم فواتير عام 2022 لم تسدد بعد».
ويوضح هارون -في تصريح لـ«الشرق الأوسط»- أن ما بين 15 و20 في المائة من المرضى فقط لديهم تأمين صحي يغطيهم، بينما يتكل ما بين 80 و85 في المائة على الجهات الضامنة، ما يضطرهم لدفع فروقات تصل لحدود 80 في المائة. ويضيف: «نحن ننتظر ما ستكون عليه التعرفة الجديدة لوزارة الصحة، لتحديد كم ستنخفض هذه الفروقات».
وانعكس الشح الكبير في السيولة لدى مصرف لبنان على تقنين استيراد أدوية الأمراض المستعصية، وتلك المزمنة، كما أدوية البنج التي لا تزال تخضع لدعم المصرف المركزي، بعدما تم رفع الدعم عن معظم الأدوية الأخرى كما المستلزمات الطبية.
وأُعلن مؤخراً عن تخصيص 5 ملايين دولار للأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة، إضافة إلى مبلغ 35 مليون دولار أميركي الذي رصد لوزارة الصحة سابقاً من مصرف لبنان، لزوم شراء أدوية الأمراض السرطانية والأمراض المستعصية وحليب الأطفال ومستلزمات طبية ومواد أولية لصناعة الدواء.
وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان، ومنسقة الشؤون الإنسانية، نجاة رشدي، تمديد خطة الاستجابة للطوارئ في لبنان حتى نهاية سنة 2022، وطلبت من الجهات المانحة مبلغ 163 مليون دولار، لتوفير الحاجات الضرورية للبنانيين والمقيمين الأكثر حاجة.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.