أعلن القائد العام للجيش الأوكراني، الجنرال فاليري زالوجني، يوم الأحد، أن قواته واصلت توغلها شمالاً في منطقة خاركيف، وتقدمت إلى جنوبها وشرقها، وذلك غداة تقدمها السريع الذي دفع روسيا إلى الإقرار بتخليها عن معقلها الرئيسي في المنطقة. وأضاف زالوجني على «تلغرام»: «في اتجاه خاركيف، بدأنا في التقدم، ليس فقط إلى الجنوب والشرق، ولكن أيضاً إلى الشمال. هناك 50 كيلومتراً تفصلنا عن حدود الدولة (مع روسيا)»؛ مشيراً إلى أن قواته استعادت السيطرة على أكثر من 3 آلاف كيلومتر مربع منذ بداية هذا الشهر.
وأظهرت خريطة منطقة خاركيف التي عرضتها وزارة الدفاع الروسية خلال إحاطتها اليومية، أمس (الأحد)، انسحاباً كبيراً للجيش الروسي من هذه المنطقة التي تعدّ مسرحاً لهجوم أوكراني مضاد واسع النطاق. وأشارت الخريطة المعروضة، في فيديو الإحاطة الذي أصدرته الوزارة، إلى أنّ الجيش الروسي لم يعد يسيطر إلا على جزء صغير من الأراضي الواقعة شرق منطقة خاركيف خلف نهر أوسكول. ويأتي ذلك بعدما أظهرت الخريطة المستخدمة من قبل وزارة الدفاع الروسية في إحاطتها يوم السبت، أنّ الجيش الروسي كان يحتل أراضي أكبر بكثير في تلك المنطقة؛ حيث أعلنت كييف انتصارات مهمة في الأيام الأخيرة في وجه القوات الروسية.
- تقدم سريع
من جانبه، أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالتقدم السريع الذي حققته قواته في إقليم خاركيف شمال شرقي البلاد، باعتباره إنجازاً كبيراً في الحرب المستمرة منذ 6 أشهر، قائلاً إن هذا الشتاء قد يشهد مزيداً من المكاسب السريعة للأراضي المحتلة من القوات الروسية، إذا تمكنت كييف من الحصول على أسلحة أقوى.
وفي موسكو، أعلنت القيادة الروسية أنها لا ترفض إجراء مفاوضات مع كييف، وذلك بعد وقت قصير من الهزيمة الصعبة التي تكبدتها القوات الروسية في أوكرانيا. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الأحد للتلفزيون الحكومي: «روسيا لا ترفض المفاوضات مع أوكرانيا، ولكن كلما تم تأجيل العملية لمدة أطول، زادت صعوبة التوصل لاتفاق». وكانت المفاوضات التي بدأت بعد وقت قصير من بدء الهجوم الروسي ضد أوكرانيا، قد تم تعليقها منذ أشهر. وتحمِّل موسكو كييف مسؤولية وقف المفاوضات، ولكنها تضع في الوقت ذاته شروطاً صارمة من أجل السلام، وهي ألا تستغني أوكرانيا فقط عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، ولكن أن توافق أيضاً على التخلي عن أجزاء كبيرة من الأراضي؛ حيث طلبت موسكو التنازل عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك.
وبرر لافروف أكثر من مرة في التلفزيون الإجراء الروسي، وتحدث عن حالة مواجهة مع الغرب كله. وأوضح أن الغرب يحاول الحفاظ على سيادته تحت كل الظروف. وصرح لافروف بأن البشرية تتجه نحو نظام عالمي أكثر عدالة يضم مراكز قوة متعددة الأقطاب.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن القوات الروسية تضرب مواقع الجيش الأوكراني في منطقة خاركيف بضربات دقيقة التوجيه، تنفذها القوات المحمولة جواً وبالصواريخ والمدفعية. ويعد الانسحاب من مدينة إيزيوم أسوأ هزيمة للقوات الروسية منذ طردها من العاصمة كييف في مارس (آذار)، إذ ترك آلاف الجنود الروس وراءهم ذخيرة ومعدات بعد فرارهم.
- قاعدة إيزيوم
واستغلت القوات الروسية إيزيوم كقاعدة لوجستية لإحدى حملاتها الأساسية، وهو هجوم مستمر منذ شهر من الشمال على منطقة دونباس المجاورة التي تضم منطقتي دونيتسك ولوغانسك. وذكرت وكالة «تاس» للأنباء التي تديرها الدولة، أن وزارة الدفاع الروسية أمرت القوات بمغادرة محيط المنطقة، وتعزيز العمليات في مناطق أخرى في دونيتسك. وأضافت «تاس» أن رئيس الإدارة الروسية في خاركيف أبلغ السكان بأن عليهم إخلاء المنطقة والفرار إلى روسيا «لإنقاذ الأرواح». ووصف شهود وجود اختناقات مرورية لسيارات مع مغادرة السكان لمناطق تسيطر عليها روسيا.
وإذا تمكنت أوكرانيا من الحفاظ على المكاسب التي حققتها على الأرض، فسيشكل ذلك ضربة قوية لروسيا التي تقول أجهزة المخابرات الغربية إنها تكبدت خسائر فادحة. كما سيشكل ذلك دفعة كبرى لأوكرانيا التي تحرص على إظهار استحقاقها للدعم من الدول الغربية التي تمدها بالأسلحة.
ومع مرور 200 يوم منذ اندلاع الحرب، أفاد الجيش الأوكراني بأن مزيداً من الضربات الصاروخية والجوية الروسية أصابت أهدافاً تابعة له خلال الليل، وأفاد مسؤولون محليون بقصف روسي عنيف في الشرق والجنوب. وقال حاكم إقليم دونيتسك الشرقي بافلو كيريلينكو على «تلغرام» إن 10 مدنيين قُتلوا خلال الليل. وجنوباً، أُصيب 9 في بلدة ميكولايف، حسبما أفاد رئيس بلدية المدينة.
- نقطة تحول
وقال زيلينسكي في تصريحات لمنتدى سياسي نُشرت على موقعه على الإنترنت، في ساعة متأخرة من مساء السبت: «أعتقد أن هذا الشتاء هو نقطة تحول، ويمكن أن يؤدي إلى إنهاء احتلال أوكرانيا بسرعة. نرى كيف يفر المحتلون في بعض الاتجاهات. إذا كنا أقوى قليلاً بالأسلحة، فسننهي الاحتلال بشكل أسرع». وأبلغ زيلينسكي مؤتمراً صحافي أن روسيا تفعل «كل شيء» لكسر الصمود الأوكراني والأوروبي هذا الشتاء. وتابع قائلاً: «نحن بصدد 90 يوماً ستحدد مصير الاستقلال الأوكراني القائم منذ أكثر من 30 عاماً. 90 يوماً ستحدد أكثر من كل السنوات وجود الاتحاد الأوروبي. الشتاء سيحدد مستقبلنا».
والمكاسب مهمة من الناحية السياسية لزيلينسكي الذي يسعى إلى إبقاء أوروبا موحدة في دعمها لأوكرانيا، عن طريق توفير الأسلحة والمال، حتى مع أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق هذا الشتاء، بعد قطع إمدادات الغاز الروسي عن أوروبا.
لم يصل المسؤولون الأوكرانيون إلى حد تأكيد استعادة إيزيوم؛ لكن مدير مكتب زيلينسكي، أندريه يرماك، نشر صورة للقوات في ضواحي المدينة، واستخدم في تغريدته رمزاً تعبيرياً للعنب. واسم المدينة يعني «الزبيب». وقالت وزارة الدفاع البريطانية، في تحديث يومي لمعلومات المخابرات يوم الأحد، إن القوات الأوكرانية واصلت تحقيق مكاسب في منطقة خاركيف خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. ومع ذلك، استمر القتال حول مدينة إيزيوم ومدينة كوبيانسك، محور السكك الحديدية الوحيد الذي تأتي الإمدادات عبره للقوات الروسية على خط المواجهة في أنحاء شمال شرقي أوكرانيا. واستعادت القوات الأوكرانية تلك المدينة أيضاً.
وقال المحلل العسكري في كييف، أوليه جدانوف، إن المكاسب يمكن أن تمهد الطريق لمزيد من التقدم في منطقة لوغانسك التي أعلنت روسيا السيطرة عليها في بداية يوليو (تموز). وأضاف: «إذا نظرت إلى الخريطة، فمن المنطقي أن تفترض أن الهجوم سيتطور في اتجاه سفاتوف- ستاروبيلسك، وسيفيرودونيتسك- ليسيتشانسك. هذان اتجاهان واعدان».
أوكرانيا تستعيد 3 آلاف كيلومتر مربع من القوات الروسية
موسكو تتحدث عن العودة للمفاوضات مع كييف
أوكرانيا تستعيد 3 آلاف كيلومتر مربع من القوات الروسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة