ليبيا: «نزاع السلطة» يبقي الباب مفتوحاً على جميع السيناريوهات

صعوبة الحل العسكري تدفع الأفرقاء للبحث عن بديل سياسي

شارع النصر وجزيرة بومشماشة وسط العاصمة طرابلس بعد استكمال أعمال الصيانة والتوسعة (حكومة «الوحدة»)
شارع النصر وجزيرة بومشماشة وسط العاصمة طرابلس بعد استكمال أعمال الصيانة والتوسعة (حكومة «الوحدة»)
TT

ليبيا: «نزاع السلطة» يبقي الباب مفتوحاً على جميع السيناريوهات

شارع النصر وجزيرة بومشماشة وسط العاصمة طرابلس بعد استكمال أعمال الصيانة والتوسعة (حكومة «الوحدة»)
شارع النصر وجزيرة بومشماشة وسط العاصمة طرابلس بعد استكمال أعمال الصيانة والتوسعة (حكومة «الوحدة»)

يعتقد ليبيون كثر أن الأوضاع في بلادهم قبل «معركة طرابلس»، التي وقعت قبل نهاية الشهر الماضي وعُرفت بـ«السبت الأسود»، تختلف عمّا بعدها. إذ بدت الصورة كاشفة عن حالة من الغضب والرفض لدى قطاعات من المواطنين لاستخدام الشعب منذ عِقد وأكثر «كوقود في معارك السلطة»، لكنها أظهرت لهم أيضاً مدى التباين في «القوة المسلحة» والإسناد الخارجي لكل من طرفي الصراع في البلاد. فالأحداث الدامية، التي راكمت 40 قتيلاً وعشرات الجرحى، في زمن قصير، يُنظر إليها على أنها أحدثت «خرقاً» -ولو مؤقتاً- في جدار الجمود المُسيطر على المشهد العام، كما دفعت القوى الدولية لوضع «الأطراف الفاعلة» في ليبيا أمام مسؤولية التوافق على حل سياسي يحمي البلاد من الانزلاق إلى مستنقع دماء دائم. هنا يتخوف الليبيون من هشاشة الأوضاع، لا سيما في العاصمة طرابلس التي تتجدد فيها الاشتباكات من آن إلى آخر، إذ بدا لهم أن الوعود الانتخابية للحكومتين المتنازعتين على السلطة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، ليست إلا أحاديث مكررة تستهلك الوقت، ولم تخف تسارعهما نحو السلطة. وبالتالي، يبقى التساؤل هنا حول مدى قدرة عقيلة صالح وخالد المشري، رئيسي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، بصفتهما من «الشركاء في العملية التشريعية»، على إنهاء التكلس السياسي، وتجاوز إشكاليات «المسار الدستوري»؟ وإلى متى ستظل البلاد مرتهَنة بهذه المعضلة؟ وإلى أن تحدث استجابة، يرى ساسة تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن كل «السيناريوهات» تظل مفتوحة ومحتملة، إلى حين التغلب على نقاط الخلاف الدستوري، وتحديد مواقيت حقيقية للاستحقاق المنتظر، آملين في المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي «سرعة العمل لمنع دخول بلادهم دوامة العنف الذي ليس منه عودة».

تراوح ليبيا مكانها، منذ قرابة 11 سنة، دون تقدم حقيقي على المسار السياسي، باستثناء اتساع رقعة الدماء، وتزايد منسوب الفساد في مؤسسات الدولة وفق تقارير رسمية. وأمام تردي الأوضاع في البلاد، يحلو للبعض تعليق الجرس في رقبة مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» وتحميلهما مسؤولية تعذّر التوافق على «خارطة طريق» تخدم الليبيين بعيداً عن الحسابات الشخصية والمصالح المناطقية. ويرى هؤلاء أن الرحلات المكّوكية لرئيسيهما صالح والمشري بين القاهرة وجنيف، خلال الفترة الماضية، لم تثمر حتى الآن حلولاً نهائية لنقاط الخلاف حول «المسار الدستوري» اللازم لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية.
لهذا دخلت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، على خط الأزمة وحثت في إحاطتها أمام مجلس الأمن أخيراً، صالح والمشري، على ضرورة التوافق سريعاً بشأن «القاعدة الدستورية». والواقع أن ديكارلو، تخوفت من التأثيرات السلبية لحالة الانسداد السياسي في ليبيا، وقالت إنه «لم يُحرَز أي تقدم باتجاه الإطار الدستوري للانتخابات، حتى الآن؛ بسبب الخلاف بين صالح والمشري، حول معايير أهلية الترشح للانتخابات الرئاسية». وانتهت ديكارلو، بدعوة الرجلين، إلى استكمال العمل الذي أنجزته «اللجنة الدستورية المشتركة» من المجلسين، وزادت: «مهم التوصل إلى اتفاق بشأن إطار دستوري وجدول زمني للانتخابات التي ستمكن الشعب الليبي من اختيار قادته».
أمام الاتهامات الموجهة إلى مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بعرقلة العملية السياسية في البلاد، تحدث عضو لجنة «المسار الدستوري» عن مجلس الدولة فتح الله السريري، عن «جهود مبذولة للوصول إلى توافق بهذا الشأن»، لكنه قال «إذا كان الليبيون لا يريدون المجلسين، فالحل في إجراء الانتخابات الحرة والشفافة ولا حل آخر». وتطرق السريري، في تصريحات تلفزيونية إلى أسباب الانسداد السياسي وعدّه ناتجاً عن «الخلاف حول نقطتين.. ولا بد من مشاركة الشعب الليبي في اتخاذ القرار حول القاعدة الدستورية»، في إشارة إلى اعتراضات معسكر غرب ليبيا على ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للانتخابات الليبية، والتصويت بها.
أما رمضان التويجر، القانوني والباحث السياسي الليبي، فقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع راهناً في ليبيا «يحمل جميع التوقعات والاحتمالات»، وأرجع ذلك لتعذر التوافق بين الأطراف الليبية، وللتنافس الدولي حول من يمكنه السيطرة على ليبيا خلال المرحلة المقبلة، وسط رفض من جميع الأطراف داخلياً وخارجياً لإجراء الانتخابات في أقرب الآجال. وأردف التويجر أن «حسم الوضع في ليبيا عسكرياً أمر بالغ الصعوبة، وعليه لا حل إلا بتوافق جميع الأطراف المحلية على إجراء الاستحقاق الرئاسي والبرلماني المنتظر»، مستدركاً: «عدا ذلك، يُهدِّد استقرار ليبيا، ويؤدي بها إلى حرب مفتوحة لن تكون لها نهاية، إلا باتضاح معالم العالم الجديد الذي يتشكل راهناً نتيجة الصراعات الدولية والحرب الروسية على أوكرانيا».

عبد الله باتيلي

تخريب جهود التهدئة
غير أن المشري، الذي زار تركيا الشهر الماضي، قال إنه سعى مع جميع الأطراف في طرابلس، خصوصاً العسكريين التابعين للدبيبة وباشاغا ووصل معهم لـ«خطوط عريضة» لمنع اندلاع أي اشتباكات بالعاصمة. وأضاف أنه أجرى زيارة «علنية تشاورية» إلى تركيا لإطلاع مسؤوليها على أن القتال في طرابلس «خط أحمر»، وباشر التواصل مع الأطراف المتنازعة في البلاد لعقد لقاء بهدف منع الصدامات المسلحة، وتابع: «لكن ثمة من حاول تخريب التهدئة».
الاقتتال بالأسلحة المتوسطة والثقيلة كان قد اندلع في طرابلس فجر 27 أغسطس (آب) الماضي، وامتد بسرعة ليطال المناطق المأهولة في طرابلس، مخلّفاً 40 قتيلاً و159 جريحاً. وعدّت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، هذه الأحداث محاولة من القوات الموالية لباشاغا لدخول العاصمة من الشرق، لكنهم مُنعوا من ذلك على يد القوات الموالية للدبيبة في زليتن (160 كلم شرقي طرابلس) وأُجبروا على التراجع عقب الاشتباكات. هذا، ولا تزال الاشتباكات تتجدد بين الميليشيات في طرابلس ومحيطها، على نحو يهدد «الجهود السياسية» المرتقبة، وفقاً لمسؤول بحكومة «الاستقرار» المدعومة من البرلمان، دافع عن حكومته في حديث إلى «الشرق الأوسط». وبرّر المسؤول عجز حكومته عن تنفيذ ما وعدت به بكونها «لم تتسلم مهامها في العاصمة».
في الواقع، لم يكن ذلك «السبت الأسود» الوحيد الذي عرفته ليبيا، إذ سبقته أحداث دامية عدة أطلق عليها هذا الوصف من قبل، لكن عقب الاشتباكات التي اندلعت مع نهاية أغسطس حدث ما يمكن تسميته باستدعاء اضطراري للمسار التفاوضي، وهو ما فسّره الدكتور عمرو الشوبكي، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن «المواجهات التي خسر فيها الجميع بطرابلس قد تفتح الباب أمام عودة الحلول السياسية». وذكّر الشوبكي، في مقال له بصحيفة «المصري اليوم»، بأنه «إذا كانت الحرب على العاصمة طرابلس في عام 2019 أدت إلى تأسيس (ملتقى الحوار السياسي) في تونس وجنيف، الذي أنتج حكومة (الوحدة الوطنية) برئاسة الدبيبة، فإن المواجهات الفاشلة تلك قد تفرز مساراً سياسياً جديداً سيتمثل في التوافق على (قاعدة دستورية) تُجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
هذا، وعاد الدبيبة وباشاغا من مباحثات مع مسؤولين أتراك في إسطنبول أُجريت مطلع الشهر الجاري، وبينما تحدث الأخير عن «تحقيق نتائج إيجابية» من الزيارة، ذكر الدبيبة أنه حصل على «دعم تركي» بشأن الاتفاق على «خارطة طريق» للوصول بليبيا لإجراء الانتخابات قريباً. وفي أعقاب لقاءات الرجلين في تركيا، شدد سفير أميركا ومبعوثها الخاص لليبيا ريتشارد نورلاند، على «الحاجة الملحة للأطراف جميعها للعمل مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الجديد لوضع خارطة طريق واضحة المعالم لإجراء انتخابات مبكرة بوصفها الحل الوحيد للاضطراب في ليبيا».

الدبيبة والمنقوش
من جهة أخرى، أمام تعطل قطار السياسة في ليبيا، وفي مواجهة سيل الملاسنات والاتهامات المتبادلة بين رئيسي الحكومتين المتناحرتين مثل «التشبث بالسلطة» أو «الانقلاب عليها»، استغل الدبيبة ترؤس وزيرة خارجيته نجلاء المنقوش أعمال الدورة العادية الـ158 لمجلس الجامعة العربية على المستوي الوزاري، وقال إنه يتطلع لأن «تبذل جهودها لحشد الدعم العربي لإنجاح الانتخابات الليبية». وللعلم، اختُتمت أعمال الدورة الأربعاء الماضي برئاسة ليبيا بعد انقطاع 9 سنوات، وشهدت انسحاب الوفد المصري من الاجتماع تحفظاً على تولي الرئاسة من ممثل حكومة «منتهية ولايتها». أما المنقوش فعقدت اجتماعات عدة مع وزراء خارجية عرب على هامش الدورة بمقر الجامعة العربية.
وبموازاة ما يجري على الأرض من تحشيد عسكري، وسعي طرفي النزاع إما لتكريس الجهود للبقاء في السلطة، كوضعية الدبيبة أو لمزيد من المحاولات لدخول طرابلس كحال حكومة باشاغا، رأى القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزدون زينينغا أنه «لا حل عسكرياً للانسداد الانتخابي والتنفيذي». وتابع أن «الشعب الليبي عبّر بوضوح عن تطلعه لاختيار قادته وتجديد شرعية المؤسسات الليبية عبر انتخابات ديمقراطية». وكان زينينغا، قد استقبل وفداً من مدينة مصراتة (مسقط رأس الدبيبة وباشاغا) طرح أفكاره حول الأزمة الراهنة. ونقل عن البعثة أن «الأمم المتحدة تولي الأولوية للعمل مع الأطراف الليبية جميعها لتيسير التوصل إلى اتفاق على مسار للانتخابات الوطنية في أقرب وقت ممكن».

تعويل على باتيلي
على الرغم من التباين الليبي في الآراء حيال دور البعثة الأممية، تبقى الآمال معقودة على السياسي والدبلوماسي السنغالي عبد الله باتيلي، الذي عُين مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا. فكل الأطراف المعنية بليبيا، إقليمية ودولياً، أعربت عن تطلعها للعمل مع باتيلي، لإنقاذ البلاد من الفوضى السياسية، عبر تفاوض ينتهي بإجراء انتخابات عامة. ويفترض أن يعرض باتيلي، خطته للعمل في ليبيا على مجلس الأمن الدولي وكبار المسؤولين في الأمم المتحدة خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن يُتوقع أن تواجهه عقبات وعراقيل عدة، أفشلت مهمة سبعة مبعوثين سابقين.
وكان الرئيس السنغالي ماكي سال -الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي- قد هنّأ المبعوث الأممي الجديد عبر «تويتر» مغرداً: «أرحب بتعيين مواطننا عبد الله باتيلي، في منصب الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا». ولقد سعى الاتحاد الأفريقي مبكراً إلى تعيين مبعوث أممي أفريقي منذ استقالة منذ المبعوث السابق السلوفاكي يان كوبيش من مهمته في ديسمبر (كانون الأول) 2021.
ولكن حول الاستقرار أو الاتجاه للصراع المسلح، يقول التويجر: «ليبيا مؤهلة للاستقرار، لكن شرط الاتفاق بين الأطراف المحلية والدولية التي تقف من خلفها على إجراء الانتخابات، وقبول جميع الأطراف بنتائجها... ومؤهلة أيضاً لأن تكون ساحة أخرى من ساحات التنافس الدولي بحيث ينتقل إليها الصراع من جبهة أوكرانيا، وهذا يشكل خطراً على المنطقة». ولقد سبق للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني الليبي» القول خلال زيارته إلى مدينة الكفرة (جنوباً) إن الشعب الليبي «لن يقبل أن يرى وطنه يحترق ولا يحرك ساكناً، ولن يسمح لعبدة الكراسي أن يسلبوا إرادته ويستخفوا بوعودهم... ولن يسمح الشعب لصراعاتهم التي لا تنتهي بأن تقلب حياة المواطن إلى بؤس وفقر وآلام، لينعموا هم بحياة الرفاهية من أمواله».

محطات رئيسية في الأزمة الليبية

قبل أكثر من 3 سنوات، كانت الأوضاع في ليبيا تتجه لمزيد من الفوضى السياسية بعد فشل عديد المبادرات الدولية والمحلية في حلحلة الأزمة. يومذاك دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا د.غسان سلامة، إلى عقد مؤتمر موسع بين 14 و16 أبريل (نيسان) 2019 بمدينة غدامس (جنوب غرب). مذاك وليبيا تراوح مكانها، لم تجنِ إلا حكومتين متناحرتين راهناً، ومزيداً من القتل والدماء، وهنا تسلسل لأهم المحطات التي شهدتها البلاد في هذه الفترة:
* 4 أبريل (نيسان) 2019، شن «الجيش الوطني الليبي» حرباً على العاصمة طرابلس، بحجة التخلص من «الجماعات الإرهابية» والتشكيلات المسلحة، استمرت قرابة 13 شهراً سقط فيها آلاف الضحايا من المدنيين والعسكريين.
> 5 يونيو (حزيران) 2020، انسحبت قوات «الجيش الوطني الليبي» إلى خارج الحدود الإدارية لطرابلس، وتمركز بالقرب من محور سرت – الجفرة، بوسط البلاد، حتى الآن.
> 20 سبتمبر (أيلول) 2020، أعلن المشير خليفة حفتر إعادة إنتاج وتصدير النفط وفق «شروط» تضمن التوزيع العادل لعوائده، بعدما ظلت أهم المنشآت النفطية الواقعة تحت سيطرة قواته مغلقة لثمانية أشهر كاملة.
> 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وقّع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) اتفاقاً لوقف إطلاق النار في جنيف، ووعدوا بسحب «المرتزقة» وإخراج جميع القوات الأجنبية من البلاد، وإعادة فتح طرق العبور المغلقة عبر خطوط المواجهة بين شرق ليبيا وغربها.
> 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، اتفق أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» الليبي الذي رعته الأمم المتحدة على «خارطة طريق» لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021.
> 16 ديسمبر 2020، عقد مصرف ليبيا المركزي الذي عانى من الانقسام لفترة طويلة اجتماعاً بكامل أعضاء مجلس الإدارة لأول مرة منذ سنوات لخفض قيمة الدينار، حيث وحّدوا سعر الصرف في المنطقتين الشرقية والغربية.
> 5 فبراير (شباط) 2021، «ملتقى الحوار السياسي» الليبي يختار عبد الحميد الدبيبة رئيساً لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، ومحمد المنفي رئيساً لمجلس رئاسي مؤلَّف من ثلاثة أشخاص عبر عملية تصويت، مع تفويضهم بالتحضير للانتخابات.
* 26 يوليو (تموز) 2021، مجلس النواب الليبي يعقد جلسة ثامنة لمناقشة الموازنة العامة لحكومة الدبيبة، وكان المجلس قد فشل على مدى 7 جلسات سابقة في الوصول لاتفاق لتمرير الميزانية بسبب خلافات على كثرة بنودها، وناشد الدبيبة، أعضاء المجلس أن يضعوا معاناة المواطنين أمام أعينهم.
> 21 سبتمبر 2021، مجلس النواب يسحب الثقة من حكومة الدبيبة بغالبية الأصوات (89 من أصل 113 نائباً حضروا جلسة).
> 27 أغسطس (آب) 2021، اتهم الدبيبة مجلس النواب الليبي بعرقلة عمل حكومته بشكل «مستمر ومتعمد». وقال مصعِّداً في كلمة وجهها للشعب الليبي بعد رفضه حضور جلسة مساءلة أمام المجلس، إن «البرلمان عرقل عمل الحكومة لأسباب واهية وغير صحيحة».
> 1 فبراير 2022، مجلس النواب يدفع نحو تشكيل حكومة جديدة خلفاً للدبيبة، ويبدأ في تلقي ملفات المرشحين لرئاستها.
> 10 فبراير، مجلس النواب يختار فتحي باشاغا رئيساً جديداً للحكومة، بعد تصويت جرى في طبرق بشرق ليبيا، لتبدأ من جديد الانقسامات السياسية والتنازع حول السلطة.
> 11 فبراير، الدبيبة يقول إنه لا يزال يمارس عمله وفق مُدد «خارطة الطريق» المحددة بـ18 شهراً، وأن حكومته لن تسلم السلطة إلا لجهة منتخبة.
> 17 مايو (أيار)، باشاغا يغادر طرابلس بعد ساعات من دخولها إثر اندلاع اشتباكات بين فصائل موالية لخصمه الدبيبة. وقالت حكومته إن «رئيس الحكومة باشاغا وعدداً من أعضاء الحكومة غادروا العاصمة بعد وصولهم إليها حرصاً على سلامة وأمن المواطنين وحقناً للدماء».
> 24 أغسطس، طالب باشاغا خصمه رئيس حكومة «الوحدة» بتسليم السلطة، لكن الأخير دعاه إلى «ترك الأوهام والاستعداد للانتخابات».
>27 أغسطس، اندلعت اشتباكات عنيفة في طرابلس تزامنت مع الحديث عن محاولة باشاغا دخول العاصمة للمرة الثانية. وخلّفت الاشتباكات 40 قتيلاً وعشرات الجرحى، حسب حصيلة جديدة أعلنتها وزارة الصحة في حكومة «الوحدة» المؤقتة.


مقالات ذات صلة

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)
حصاد الأسبوع لقطة جوية لمدينة هرجيسا (من منصة أكس)

«أرض الصومال»... إقليم «استراتيجي» يبحث عن هدف صعب

بين ليلة وضحاها، غزا إقليم «أرض الصومال» - «الصومال البريطاني» سابقاً - عناوين الأخبار، ودقّ ذاكرة المتابعين، إثر إعلان توقيعه مذكرة تفاهم تمنح إثيوبيا منفذاً

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.