الحكومة المصرية تحفز مالياً وصحياً لمجابهة زيادة «الولادات القيصرية»

بعد إحصاء رسمي أظهر ارتفاعاً بمعدلاتها

إعلان نتائج المسح الصحي للأسرة المصرية أواخر الشهر الماضي (وزارة التخطيط)
إعلان نتائج المسح الصحي للأسرة المصرية أواخر الشهر الماضي (وزارة التخطيط)
TT

الحكومة المصرية تحفز مالياً وصحياً لمجابهة زيادة «الولادات القيصرية»

إعلان نتائج المسح الصحي للأسرة المصرية أواخر الشهر الماضي (وزارة التخطيط)
إعلان نتائج المسح الصحي للأسرة المصرية أواخر الشهر الماضي (وزارة التخطيط)

دعا وزير الصحة والسكان في مصر الدكتور خالد عبد الغفار، أمس (الخميس)، إلى الحد مما وصفها بالولادات القيصرية «غير المبررة»، وشملت الدعوة عدة مبادرات من شأنها التصدي لهذا الارتفاع في مقابل الولادات الطبيعية حسب خطة الوزارة.
تأتي تصريحات وزير الصحة ضمن تحذيرات من ارتفاع نسبة الولادة القيصرية بشكل متصاعد وغير مسبوق في مصر، حيث أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير صادر نهاية أغسطس (آب) أن نسبة الولادة القيصرية قد وصلت إلى 72 في المائة من إجمالي عمليات الولادة في مصر، مقابل 52 في المائة في عام 2014.
وأوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن التوجيهات الخاصة بالحد من عمليات الولادة القيصرية غير الضرورية، يهدف إلى «تقليل النتائج السلبية لهذا الإجراء الذي يعرض الأم لعدة مخاطر، منها الإصابة بالمشيمة المتوغلة، واستئصال الرحم في أثناء الولادة، ونزيف الولادة الهائل، إلى جانب المضاعفات التي يتعرض لها الأطفال والأجيال القادمة من زيادة في الجراثيم المعوية والسمنة، والحساسية، والتوحد، والسكري، وأمراض المناعة».
وتشمل الإجراءات التي وجه وزير الصحة المصرية باتخاذها في هذا الصدد، «التوجيه بمساواة أتعاب الأطباء والطواقم الطبية عن الولادات الطبيعية بمثيلتها عن الولادات القيصرية، وتخصيص حافز مالي للفريق الطبي الذي يحقق معدلات أعلى للولادة الطبيعية»، حسب المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان.
وأضاف عبد الغفار أن وزير الصحة وجه بوضع «تشريعات تضمن حق الطبيب أو الممرضة لتطبيق الولادات الطبيعية في أثناء حدوث الآثار الجانبية البسيطة، إلى جانب تنظيم تدريبات دورية للفرق الطبية في أثناء الخدمة، مع توجيه القائمين على المنشآت الطبية الحكومية والخاصة بجمع المعلومات الصحية والبيانات الروتينية عن الولادات القيصرية وأسبابها، لتحقيق الحوكمة في البيانات، وتحليل جميع أسباب الولادات القيصرية، وإلزام جميع المستشفيات الخاصة والحكومية بالعمل بالدلائل الإرشادية المتعلقة بأسباب وضوابط اللجوء للولادة القيصرية».
كما تشمل خطة الوزارة «عمل استبيانات ودراسات في المناطق السكنية، لمعرفة البيانات التي تساعد في تحسين طرق تشجيع المرأة الحامل على تبني فكرة الولادات الطبيعية، إلى جانب عقد مناقشات مجتمعية لأضرار الولادات القيصرية، وزيادة جلسات التثقيف النفسي للنساء اللاتي يعانين الخوف من الألم».
وترى الدكتورة مها جمال -اختصاصية النساء والتوليد- أن المسؤولية الطبية توجب توعية أطباء النساء والتوليد للسيدات أولاً بفوائد الولادة الطبيعية في مقابل الولادة القيصرية، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «نواجه كأطباء رغبات مسبقة من السيدات بطلب الولادة القيصرية رغم أنها أعلى تكلفة مادياً، باعتبار أنها أقل ألماً من الولادة الطبيعية، ويكون دورنا هو التوجيه للولادة الطبيعية إذا لم يكن هناك مانع طبي يهدد حياة الجنين، خصوصاً أن هناك تطوراً طبياً كبيراً خلال السنوات الأخيرة جعل الولادة الطبيعية أقل ألماً مما سبق، بما يختلف عن الصورة الذهنية المرتبطة بها بوصفها ولادة مؤلمة، بخلاف الولادة القيصرية التي تعتمد على التخدير».
وتضيف الدكتورة مها جمال: «الولادة القيصرية يجب أن تكون خياراً أخيراً في حالة ما إذا كان هناك سبب طبي يمثل خطورة على الجنين، وليس لمجرد الاستسهال، فالعمليات القيصرية في النهاية هي تدخل جراحي وتخدير وأحياناً تكون لها مضاعفات صحية، يمكن الحد منها بوسيلة طبيعية، أكثر أماناً للأم والجنين»، على حد تعبيرها.
وكانت وزارة الصحة المصرية قد بدأت في يوليو (تموز) الماضي إطلاق عدة برامج ضمن مبادراتها لخفض معدلات الولادة القيصرية، ودعم الولادة الطبيعية من خلال تدريب الأطباء وأطقم التمريض ونشر التوعية الصحية بين السيدات المتزوجات والمقبلات على الزواج.
وضمن هذه المبادرة قامت وزارة الصحة والسكان في أغسطس الماضي بتخريج الدفعة الأولى من الممرضات المدربات على «الولادة الطبيعية» بمحافظة شمال سيناء، وشمل تدريب 24 ممرضة من العاملات بمنشآت الرعاية الصحية الأولية ومستشفيات محافظة شمال سيناء، تدريباً نظرياً وعملياً على مهارات الولادة الطبيعية، وذلك بالتعاون بين وزارة الصحة المصرية ومنظمة «يونيسيف».
وكان مسح صحي صادر عن وزارة الصحة المصرية عام 2018، قد أشار إلى أن التكلفة العامة للولادات القيصرية وصلت إلى 14.5 مليار جنيه، في مقابل الولادات الطبيعية التي بلغت تكلفتها 3.7 مليار جنيه (الدولار يساوي 19.3 جنيه).
وتشدد منظمة الصحة العالمية على حث النساء حول العالم على الولادة الطبيعية، داعيةً لمنح النساء وقتاً أطول للمخاض والحد من التدخل الجراحي فضلاً عن إشراكهن بدرجة أكبر في عملية اتخاذ القرار. وصرح الدكتور أولوفيمي أولادابو، الخبير بوحدة الصحة الإنجابية والأبحاث في منظمة الصحة العالمية، في تصريح له عام 2018، بأن «ما يحدث خلال العقدين الأخيرين هو أننا نرى الكثير والكثير من عمليات التدخل (الجراحي) دون داعٍ».
وكانت منظمة الصحة العالمية قد ذكرت في تقرير لها في 2015 أن نسب الوفيات الناتجة عن الولادة القيصرية تتعدى بـ4 إلى 10 أضعاف، نسبها لدى اللاتي وضعن ولادة طبيعية على مستوى العالم، سواء للطفل أو الأم. وحذرت من أن «اللجوء إلى الولادة القيصرية من دون مبرر طبي، قد يتسبب في ارتفاع إمكانية إصابة النساء بعدها بالنزيف أو العدوى، ومضاعفات التخدير، واكتئاب ما بعد الوضع، فضلاً عن زيادة احتمالات العقم».


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات (رويترز)

كيف تتخطين «اكتئاب ما بعد الولادة»؟

يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات، وقد تستمر معهن لأشهر طويلة، وتتطور لدى بعضهن إلى حد التفكير في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).