حرب روسيا وأوكرانيا... الصين المستفيد الوحيد

كتاب مصري يتساءل: هل يقود الأمر إلى حرب عالمية؟

حرب روسيا وأوكرانيا... الصين المستفيد الوحيد
TT

حرب روسيا وأوكرانيا... الصين المستفيد الوحيد

حرب روسيا وأوكرانيا... الصين المستفيد الوحيد

يتتبع الباحث في الشؤون الروسية الدكتور نبيل رشوان في كتابه «روسيا وأوكرانيا... أسباب الصراع وآفاق الحل... عالم ما بعد أوكرانيا» الصادر حديثا عن دار الهلال المصرية، الأسباب الحقيقية للحرب الروسية الأوكرانية، بما فيها قضية شبه جزيرة القرم «محور الخلاف الحالي» والسيادة الفعلية التي كانت عليها تاريخيا، والأسباب التي جعلت الرئيس السوفياتي نيكيتا خروشوف يمنحها لأوكرانيا عام 1954، وآراء الكتّاب والباحثين الذين تصدوا لتحليل مجريات الحرب، لافتا إلى أن الفائز الوحيد في الصراع الحالي هو الصين التي تحصل على مواد خام بأسعار زهيدة من موسكو، مستغلة الحظر الذي فرضه الغرب في إطار العقوبات، وحرب الاستنزاف التي تدور بين الغرب وروسيا على المستويين العسكري والاقتصادي.
ويتعرض رشوان في كتابه الذي يتكون من ثمانية فصول لآفاق الحلول المطروحة لإنهاء الصراع، وتتمثل، حسب رأيه، في منح شرق وجنوب البلاد الناطق بالروسية حكما ذاتيا واسعا منصوصا عليه في الدستور الأوكراني، وتأمين طريق بري يصل روسيا بالقرم عن طريق شرق أوكرانيا.
يحاول المؤلف أولاً استقراء تأثير العملية العسكرية الروسية على الأوضاع العالمية وتوازن القوى على مستوى العالم، مشيرا إلى أنها تعتبر جولة من جولات الصراع بين الغرب وروسيا، ولا تقبل القسمة على اثنين، فالغرب والناتو قد خرجا من أفغانستان بهزيمة مخزية، وروسيا لا تتنازل عن طموحها في أن تصبح دولة عظمى، ولن ترضى أن تتحول إلى مجرد قوة إقليمية. ولذا يرى رشوان مثل الكثير من الخبراء، أنها المعركة النهائية، ويتوقع أن يدخلها الناتو بشكل مباشر إلى جانب أوكرانيا، وقد تتطور الأمور إلى حرب عالمية لم يتبلور بعد الإعداد لها من حيث التحالفات، وإن كان الأمر يجري على قدم وساق، كما أن هناك قوى كبرى لم تحدد موقفها بعد مثل الهند والصين في انتظار ما ستسفر عنه الموقعة، والقوى الجديدة التي ستبرز بعد انقشاع غبارها.
ويشير الكتاب إلى أن روسيا وضعت خطوطا حمراء لأوكرانيا وجورجيا المطلتين على البحر الأسود، تمنع انضمامهما للناتو، مستعيدا ما جرى وقت أزمة 2014 التي أدت إلى إقالة الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، وفراره بعد رفضه اتفاق ترشيح أوكرانيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، وانفصال الدونباس، واسترجاع روسيا للقرم.
ويذكر رشوان أن أوكرانيا كانت جزءا من روسيا، وقد استمرت على هذا الوضع حتى قيام الثورة البلشفية، بعدها قام لينين بضم جنوب شرقي أوكرانيا إليها، وحذا ستالين حذوه وضم لها جزءا من شرق بولندا، كان الاتحاد السوفياتي استحوذ عليه في إطار اتفاق مولوتوف روبنتروب، وهكذا صارت الدولة الأوكرانية وحدودها الحالية.
ويلاحظ رشوان أن معظم من كتبوا عن الحرب خصوصاً المحللين العرب، تعاملوا مع الأزمة بلا موضوعية، لأسباب تتعلق بمواقف الاتحاد السوفياتي السابق المساندة للحق العربي ضد الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي العربية، ودعمه لمصر آنذاك في نضالها من أجل استعادة حقوقها وتحرير أراضيها، وكذلك دعمها في مجال التصنيع.
ويستعين رشوان بوثائق أميركية مفرج عنها حديثاً، توضح كيف سعت أوكرانيا، عام 1991 للتحول إلى دولة مستقلة ذات سيادة، وذكر أنها قامت بعدة خطوات، بدأتها باستغلال زيارة الرئيس بوش لها في بداية يوليو (تموز) من العام نفسه، وضغطت عليه من خلال القوميين الأوكرانيين في الولايات المتحدة، للحصول منه على وعد بالاعتراف باستقلالها، مستغلين قرب الاستحقاق الرئاسي، وحاجة بوش لأصوات الجالية الأوكرانية. ثم جاء انقلاب أغسطس (آب) 1991 فاستغلت حالة الفوضى التي حدثت في الاتحاد السوفياتي، وعملت على تمرير مشروع قانون يقضي بإجراء استفتاء على الاستقلال. وهو ما حدث بالفعل حيث أقر مجلس النواب القانون، بموافقة الشيوعيين الأوكرانيين رغم معرفتهم أن الخطوة التالية ستكون حظر وتجريم الحزب، وبعد إقرار القانون في البرلمان الأوكراني قام الرئيس الروسي يلتسين بمحاولة لإنقاذ الاتحاد السوفياتي فأرسل نائبه روتسكوي وعمدة سان بطرسبورغ إلى أوكرانيا، لكنهما فشلا في مهمتهما أمام الجماهير المطالبة بالاستقلال.
ويتعرض رشوان لما آلت إليه الأمور في أوكرانيا ما بعد الاستقلال وحاجتها للطاقة، واعتمادها على موسكو لسد احتياجاتها منها، واستغلال الروس هذا الأمر للضغط على أوكرانيا للحصول على تنازلات سياسية فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين، وبقاء أسطول البحر الأسود في القرم، كما يتتبع قضية شبه جزيرة القرم، ومن صاحب السيادة الفعلية عليها، وتاريخها إلى أن منحها خروشوف لأوكرانيا عام 1954، وقد أثار الرئيس الروسي يلتسين هذا الأمر مع رئيس أوكرانيا المنتخب، لكن كان الكل متعجلا على تقسيم الاتحاد السوفياتي، فتأجلت القضية لوقت لاحق حين يتم ترسيم الحدود.
ويشير رشوان إلى أن أوكرانيا سعت بعد الاستقلال لتثبيت حدودها، وكانت توقع على أي اتفاق يضمن ثباتها واستمرار إمدادات الطاقة، منها اتفاق 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990 للصداقة والتعاون، وميثاق بودابست على 1994، ولفت إلى أن الضمان الحدودي للأراضي الأوكرانية والإقرار الضمني بأوكرانية القرم، أكدهما توقيع الرئيس الروسي حينها عام 2012 دميتري ميدفيديف على «اتفاق خاركوف»، الذي ينص على تأجير سيفاستوبل مقراً لإقامة أسطول البحر الأسود حتى عام 2042، وهو ما اعتبره رشوان إقرارا بأوكرانية القرم، والخطأ الروسي الأكبر في القضية.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي

مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي
TT

مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي

مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي

صدر العدد الجديد (الحادي عشر من مجلة «الأديب الثقافية» - شتاء 2025)، وهي مجلة ثقافية تُعنى بقضايا الحداثة والحداثة البعدية يرأس تحريرها الكاتب العراقي عباس عبد جاسم.

تناولت افتتاحية العدد التي كتبها رئيس التحرير «مدن المستقبل: يوتوبية أم سوسيوتكنولوجية؟».

كما تبنى العدد محور «نحو يسار عربي جديد»، وقد تضمّن مقدمة كتاب «نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي» للمفكر اللبناني الراحل الدكتور كريم مروة، وفيها دعوة جديدة لنهوض اليسار العربي بعد هزائم وانكسارات ونكبات كبرى أعقبت تفكّك الاتحاد السوفياتي وانهيار الاشتراكية في العالم، وقد عدَّت مجلة «الأديب الثقافية» - المقدمة نواة لمشروع نهضوي جديد لمستقبل اليسار العربي، بعد أن تجمّد عند حدود معينة من موته شبه السريري.

وأسهم في هذا المحور السياسي والطبيب المغترب الدكتور ماجد الياسري، بدراسة هي مزيج من التحليل والتجربة السياسية والانطباع الشخصي بعنوان «اليسار العربي - ما له وما عليه»، وقدّم الناقد علي حسن الفوّاز مراجعة نقدية بعنوان «اليسار العربي: سيرة الجمر والرماد»، تناول فيها علاقة اليسار العربي بالتاريخ، وطبيعة السياسات التي ارتبطت بهذا التاريخ، وبالمفاهيم التي صاغت ما هو آيديولوجي وما هو ثوري.

أما الكاتب والناقد عباس عبد جاسم، فقد كتب دراسة بعنوان «إشكاليات اليسار العربي ما بعد الكولونيالية»، قدم فيها رؤية نقدية وانتقادية لأخطاء اليسار العربي وانحراف الأحزاب الشيوعية باتجاه عبادة ماركس، وكيف صار المنهج الماركسي الشيوعي لفهم الطبقة والرأسمالية في القرن الحادي والعشرين بلا اتجاه ديالكتيكي، كما وضع اليسار في مساءلة جديدة: هل لا تزال الماركسية صالحة لتفسير العالم وتغييره؟ وما أسباب انهيار الفكر الشيوعي (أو الماركسي) بعد عام 1989؟ وهل نحن نعيش «في وهم اللاجماهير» بعصر ما بعد الجماهير؟ وفي حقل «بحوث»، قدّمت الناقدة والأكاديمية هيام عريعر موضوعة إشكالية مثيرة لجدل جندري متعدّد المستويات بعنوان «العبور الجنسي وحيازة النموذج»، وتضمَّن «قراءة في التزاحم الجمالي بين الجنسين».

ثم ناقشت الناقدة قضايا الهوية المنغلقة والأحادية، وقامت بتشخيص وتحليل الأعطاب الجسدية للأنوثة أولاً، وعملت على تفكيك الهيمنة الذكورية برؤية علمية صادمة للذائقة السائدة، وذلك من خلال تفويض سلطة الخطاب الذكوري.

وقدّم الدكتور سلمان كاصد مقاربة بصيغة المداخلة بين كاوباتا الياباني وماركيز الكولومبي، من خلال روايتين: «الجميلات النائمات»، و«ذكريات غانياتي الحزينات» برؤية نقدية معمّقة.

واشتغل الدكتور رشيد هارون موضوعة جديدة بعنوان «الاغتيال الثقافي»، في ضوء «رسالة التربيع والتدوير للجاحظ مثالاً»، وذلك من منطلق أن «الاغتيال الثقافي هو عملية تقييد أديب ما عن أداء دوره الثقافي وإقعاده عن المضي في ذلك الدور، عن طريق وسائل غير ثقافية»، وقد بحث فيها «الأسباب التي دفعت الجاحظ المتصدي إلى أحمد عبد الوهاب الذي أطاح به في عصره والعصور التالية كضرب من الاغتيال الثقافي». وهناك بحوث أخرى، منها: «فن العمارة بتافيلالت: دراسة سيمائية - تاريخية»، للباحث المغربي الدكتور إبراهيم البوعبدلاوي، و«مستقبل الحركة النسوية الغربية»، للباحث الدكتور إسماعيل عمر حميد. أما الدكتورة رغد محمد جمال؛ فقد أسهمت في بحث بعنوان «الأنساق الإيكولوجية وسؤال الأخلاق»، وقدمت فيه «قراءة في رواية - السيد والحشرة».

وفي حقل «ثقافة عالمية» قدّم الشاعر والناقد والمترجم عبد الكريم كاصد ترجمة لثماني قصائد للفنان كاندنسكي بعنوان «أصوات». وفي حقل «قراءات» شارك الدكتور فاضل عبود التميمي بقراءة ثقافية لرواية «وجوه حجر النرد» للروائي حسن كريم عاتي. وفي حقل «نصوص» قدَّم الشاعر الفلسطيني سعد الدين شاهين قصيدة بعنوان: «السجدة الأخيرة».

وفي نقطة «ابتداء» كتبت الناقدة والأكاديمية، وسن عبد المنعم مقاربة بعنوان «ثقافة الاوهام - نقد مركب النقص الثقافي».

تصدر المجلة بصيغتين: الطبعة الورقية الملوَّنة، والطبعة الإلكترونية.