انقسام قضائي حادّ يهدد بإقفال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

اعتصام لأهالي الضحايا أمام «قصر العدل» رفضاً للتدخلات السياسية

من اعتصام عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام «قصر العدل» أمس (إ.ب.أ)
من اعتصام عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام «قصر العدل» أمس (إ.ب.أ)
TT

انقسام قضائي حادّ يهدد بإقفال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

من اعتصام عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام «قصر العدل» أمس (إ.ب.أ)
من اعتصام عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام «قصر العدل» أمس (إ.ب.أ)

تفاعل في لبنان قرار مجلس القضاء الأعلى القاضي بتعيين محقق عدلي رديف في قضية انفجار مرفأ بيروت، وفتح الباب على اجتهادات قانونية سيلجأ لها كلّ أطراف الدعوى لتزيد الملفّ تعقيداً، وتقيّد القاضي الجديد المنتظر تعيينه مطلع الأسبوع المقبل، فيما يتمسّك المحقق العدلي الأصيل القاضي طارق البيطار بـ«عدم قانونية القرار واعتباره عديم الوجود». وكشفت مصادر مقربة من البيطار لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يعكف على وضع دراسة قانونية تمكّنه من استئناف التحقيقات بمعزل عن الدعاوى المقدمة ضدّه». وقالت: «المحقق العدلي سيتخذ موقفاً قانونياً يصبّ في مصلحة التحقيق، وكما أن الفريق الآخر اختلق اجتهادات قانونية لتعيين محقق عدلي إضافي، فإن البيطار سيعتمد اجتهاداً يتماشى مع القانون ويسمح باستئناف عمله، وسيستنفذ كل وسائل المواجهة القانونية، وإذا أقفلت السبل في وجهه عندها قد يبحث في خيار الاستقالة».
وفيما تحتفي أطراف سياسية على رأسها التيار الوطني الحرّ بالقرار الذي يحقق انتصاراً لها، عبر إطلاق سراح الموقوفين بملفّ المرفأ وعلى رأسهم مدير عام الجمارك بدري ضاهر (المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون)، فإن المؤشرات لا توحي بالإيجابية؛ حيث أكدت المصادر المقربة من البيطار أنه «لن يتخلّى عن ورقة واحدة في الملفّ، ولا أحد يملك السلطة لإجباره على تسليم أي جزء منه»، مشيراً إلى أن «قرار مجلس القضاء فتح الباب أمام البيطار للدخول في منحى معيّن من أجل القضية ومصلحة الضحايا وذويهم».
وفي محاولة للتقليل من تداعيات ما حصل، واحتواء أي خطوة قد يقدم عليها البيطار تشكّل تحدياً لأعلى مرجعية قضائية، رأى مصدر في مجلس القضاء الأعلى، أن «رئيس المجلس وكلّ الأعضاء لديهم قناعة بأن القاضي البيطار يتميّز بالمناقبية ويلتزم بالقواعد القانونية، وهو يعرف أن القرار ليس موجهاً ضدّه، بل اتخذ لخدمة حالة إنسانية مرتبطة بالموقوفين، وليس لها أبعاد سياسية على الإطلاق». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار تعيين محقق إضافي «لا يشكّل سابقة ولا يخرق القانون، وما جرى هو تعيين محقق مؤقت لتسيير جوانب مهمّة في الملفّ المتوقف منذ 8 أشهر». وأضاف: «المجلس لم يعين قاضياً آخر بدلاً من البيطار، ما حصل إجراء مؤقت إلى حين زوال العوائق أمام المحقق العدلي الأصيل، أي إلى أن يبتّ بدعاوى ردّه». وسأل «مَن يتحمّل مسؤولية أي مكروه قد يصيب أحد الموقوفين في ملفّ المرفأ؟ وفي أي دولة في العالم يعجز القضاء عن اتخاذ قرار في قضية مهمّة مثل قضية انفجار المرفأ؟».
وعن تزامن القرار الذي يتماهى مع مطلب قيادة التيار الوطني الحرّ، خصوصاً أنه أعقب زيارة قام بها نواب من التيار إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، أوضح المصدر أن «المهمّ ليس الكلام الذي يسرّب للإعلام، بل ما يدور في النقاشات واللقاءات، والكلّ يعرف أن لا أحد يغير في قناعات القاضي عبّود، وهو لا يخضع للترغيب والترهيب، القرار اتخذ تحت الضغط الإنساني وبما يتماشى مع المبادئ العالمية لحقوق الإنسان»، مذكراً بأن «مجلس القضاء الأعلى ردّ مرسوم تعيين رؤساء محاكم التمييز إلى وزير العدل وأصرّ عليه بإبقائه 10 غرف في التمييز، وطلب توقيعه بنفس الصيغة، وهذا دليل واضح على أن مجلس القضاء سيّد قراراته».
ورحّب وكلاء الدفاع عن الموقوفين بهذا القرار، وأشار المحامي صخر الهاشم الذي يتولّى الدفاع عن عدد منهم، إلى أن «موقف مجلس القضاء الأعلى يقع في المكان الصحيح، ويأتي منسجماً مع طلب تقدم به بهذا الخصوص». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضي طارق البيطار «لا يستطيع الاعتراض على القرار بل عليه تطبيق القانون». وإذ اعترف الهاشم بأن «ما حصل يطوّق البيطار ويجرّده من مهمته» شدد على أن «بعض القوى السياسية لن تسمح له بإصدار قرار ظنّي يدين نواباً ووزراء محسوبين عليها».
وأثار التطوّر القضائي غضب أهالي ضحايا انفجار المرفأ، الذين نفّذوا اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت، رفضاً للتدخلات السياسية في القضاء ولمنع تقويض التحقيق. وجدد وليم نون شقيق الضحية جو نون، ثقته بمجلس القضاء الأعلى، وقال من أمام قصر العدل: «ما نريده من مجلس القضاء تسريع التشكيلات القضائية، التي تمكن القاضي البيطار من العودة إلى ممارسة عمله»، معتبراً «أنه لا قيمة لتعيين محقق عدلي رديف، والمطلوب أن تستأنف التحقيقات ونعرف حقيقة من قتل إخوتنا وأبناءنا». وبموازاة تحرّك الأهالي، لن يقف فريق الادعاء مكتوف الأيدي أمام ما حصل. وأعلن محامٍ بارز في هذا الفريق لـ«الشرق الأوسط»، أن المحامين «يعكفون على دراسة قرار تعيين محقق جديد، وتداعياته السلبية على مسار العدالة». وقال: «لن نقبل بعد أكثر من عامين من الجهد والتعب بتضييع الحقيقة، وسنلجأ لكل الأساليب القانونية المتاحة، بما فيها دعاوى ردّ المحقق العدلي الجديد، وعندها لن يتمكن الأخير من اتخاذ أي إجراء».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الجولاني يعد بالعمل على حل قوات الأمن التابعة للنظام

 زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمّد الجولاني (أ.ب)
زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمّد الجولاني (أ.ب)
TT

الجولاني يعد بالعمل على حل قوات الأمن التابعة للنظام

 زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمّد الجولاني (أ.ب)
زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمّد الجولاني (أ.ب)

أعلن زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع المكنى «أبو محمّد الجولاني»، اليوم (الأبعاء)، أنه سيعمل على «حل قوات الأمن التابعة للنظام وإغلاق السجون سيئة السمعة». وأضاف في مقابلة مع وكالة «رويترز»: «نعمل مع منظمات دولية لتأمين مواقع الأسلحة الكيماوية المحتملة».

ورحبت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بتصريحات الجولاني بشأن الأسلحة الكيماوية، لكنها لفتت إلى أنها سنتظر الأفعال.