لماذا يحلق الدوري الإنجليزي بعيداً عن الدوريات الأوروبية الأخرى؟

إنفاق غير مسبوق لأنديته... ونجوم ساطعة ومدربون عالميون يتسابقون على الانضمام إليه

هالاند… ماكينة أهداف جذبها الدوري الإنجليزي  (رويترز)
هالاند… ماكينة أهداف جذبها الدوري الإنجليزي (رويترز)
TT

لماذا يحلق الدوري الإنجليزي بعيداً عن الدوريات الأوروبية الأخرى؟

هالاند… ماكينة أهداف جذبها الدوري الإنجليزي  (رويترز)
هالاند… ماكينة أهداف جذبها الدوري الإنجليزي (رويترز)

هل تتذكرون الفترة التي تفشى فيها وباء «كورونا»؟ وهل تتذكرون أننا كنا نعتقد آنذاك أن كل شيء لن يعود مرة أخرى إلى ما كان عليه قبل هذا الوباء؟ وهل تتذكرون عندما كنا نعتقد أن الضرر الذي لحق بالأوضاع المالية لكرة القدم كان شديدا لدرجة أن أسعار انتقالات اللاعبين لن تتعافى أبدا؟ لقد كنا على حق إلى حد ما آنذاك، لكن خلال الصيف الجاري أنفقت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز 2.25 مليار يورو (1.94 مليار جنيه إسترليني)، أكثر مما أنفقته أندية الدوري الإسباني الممتاز والدوري الإيطالي الممتاز والدوري الألماني الممتاز والدوري الفرنسي الممتاز مجتمعة.
بل إن صافي الإنفاق كان جديرا بالملاحظة بشكل أكبر، حيث بلغ صافي ما أنفقته أندية الدوري الإنجليزي الممتاز 1.35 مليار يورو، في حين جاء الدوري الإسباني الممتاز في المركز الثاني بفارق كبير مقابل 52.44 مليون يورو (ويعود السبب في ذلك إلى المبالغ المالية الكبيرة التي أنفقها برشلونة على تدعيم صفوفه بعد لجوئه إلى الرافعة المالية).
لقد أنفق نوتنغهام فورست أكثر مما أنفقته جميع أندية دوري الدرجة الأولى في إنجلترا، وجميع الأندية البرازيلية مجتمعة. ومع كل المخاوف بشأن ما إذا كان العدد الهائل للاعبين الجدد لنوتنغهام فورست سيتأقلمون مع بعضهم البعض أم لا، فربما تكون هذه هي الطريقة الوحيدة للأندية الصاعدة حديثا حتى تكون قادرة على المنافسة في الدوري الإنجليزي الممتاز. وإلا فما هو البديل؟ فمن يريد أن يكون مثل نادي بورنموث، الذي يُنظر إليه باحتقار لأنه أنفق 27 مليون يورو فقط، رغم أن هذا هو المبلغ الذي أنفقته جميع أندية الدوري اليوناني الممتاز على تدعيم صفوفها؟ من ناحية، يعد هذا أمرا مثيرا للغاية بالطبع، لأنه يجعلنا نرى لاعبين بارزين مثل إيرلينغ هالاند وداروين نونيز وكاسيميرو يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز. وكل يوم، نشعر بالإثارة والمتعة ونحن نرى أنديتنا تتعاقد مع لاعبين جدد مقابل 20 مليون يورو أو 50 مليون يورو أو حتى 100 مليون يورو.
وتؤدي هذه الانتقالات الكبيرة إلى إحدى تلك الظواهر النادرة التي يبدو أنها تفيد الجميع؛ من اللاعبين الذين يحصلون على رواتب أعلى؛ ووكلاء اللاعبين الذين يحصلون على نسبة مالية من الصفقة؛ والمديرين الذين يمكنهم التباهي بعد التعاقد مع نجم بارز أو تهنئة أنفسهم على براعتهم في إفشال انتقال أحد اللاعبين البارزين إلى ناد منافس؛ والمسوقين الذين يمكنهم بناء مشروعات جديدة حول دماء جديدة؛ والمشجعين الذين يمكنهم أن يحلموا بأن هذا اللاعب أو ذاك هو آخر لاعب يحتاج إليه فريقهم حتى يصل إلى مرحلة الكمال؛ والصحافيين الذين يقومون بتغطية الشائعات ويحللون المكان المناسب للاعب الجديد، ويتحدثون عن معنى كل ذلك في مقالات مثل هذا المقال. وبالتالي، لا عجب أن هناك الآن ثقافة فرعية مغرمة بسوق انتقالات اللاعبين أكثر من اهتمامها باللعبة الفعلية. لكن هذا لا يمكن أن يكون صحيا أبدا.

كاسيميرو جاء في قائمة أغلى عشر صفقات في تاريخ يونايتد (إ.ب.أ)

لا يمكن أن يكون من الجيد لكرة القدم الإنجليزية أن تكون الفجوة بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى كبيرة جدا للدرجة التي تجعل نوتنغهام فورست يتعاقد مع عدد هائل من اللاعبين الجدد حتى يمكنه اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد صعوده. وكيف يمكن أن يكون المالكون الوحيدون القادرون على المنافسة على الدوري الإنجليزي الممتاز هم صناديق التحوط، وصناديق الاستثمار العامة، والأثرياء، ورجال الأعمال الروس؟
في الحقيقة، لا يمكن أن يكون من الجيد للعبة على مستوى العالم ككل إذا انتهى الأمر بتركز معظم الثروات، وبالتالي المواهب، في بلد واحد. وبينما أثر الوباء على الأوضاع المالية لكل الأندية في القارة، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز - الذي يعيش في كوكب آخر بسبب الأموال الضخمة التي يحصل عليها من عائدات البث التلفزيوني، وحقيقة أن الكثير من مالكي الأندية لا يعتمدون على عائدات تذاكر المباريات أو أي نوع من الإيرادات التجارية التي تعتمد على وجود المتفرجين في الملعب - قد وجد أن مكانته المهيمنة والمسيطرة قد تحسنت بشكل أكبر.
إن عملية تفريغ اللاعبين الموهوبين من الدوريات في هولندا والبرتغال واسكوتلندا وبلجيكا والدول الاسكندنافية ودوريات وسط وشرق أوروبا تحدث الآن في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا. ربما ستستمر الأندية الكبرى، المدعومة بالتاريخ وشبكة من المشجعين في جميع أنحاء العالم، في الازدهار والنمو، لكن العقبة الرئيسية أمام الدوري الإنجليزي الممتاز لاستقطاب أفضل المواهب في عالم كرة القدم هي وزارة الداخلية ولوائح تصاريح العمل الغامضة، وليس أي شيء آخر!
وربما يكون هناك شيء مثير للجدل بشكل خاص بشأن الإنفاق بالنظر إلى الصورة الاقتصادية العامة. فمع ارتفاع أسعار الطاقة، بالشكل الذي يهدد الملايين بالفقر واحتمالية إفلاس عشرات الآلاف من الشركات (بما في ذلك أندية كرة القدم في الدوريات الأدنى، والتي قد تصبح تكاليف الأضواء الكاشفة بالنسبة لها تقريبا مستحيلة)، فإن فكرة دفع 100 مليون يورو للتعاقد مع أنطوني (أو 5 ملايين يورو للتعاقد مع كالفين رامزي) تجعل المرء يشعر بالاستياء. بل ووصل الأمر إلى أن حتى اللاعبين المتوسطين إلى حد ما يكسبون في أسبوع واحد أكثر مما يحصل عليه الممرض أو المعلم في سنة بأكملها. لكن الأمر يتعلق بالهيكل الاقتصادي ككل، وفي هذا الصدد، فإن المسألتين - أسعار الطاقة ورسوم الانتقال إلى الدوري الإنجليزي الممتاز - ليستا منفصلتين.
ففي كرة القدم الإنجليزية حتى عام 1983 كانت 20 في المائة من عائدات بيع التذاكر تذهب للفريق الضيف، بينما كان يعاد توزيع 4 في المائة بين أندية دوريات المحترفين التي يصل عددها إلى 92 ناديا. وكانت عائدات البث التلفزيوني يتم تقاسمها بالتساوي بين كل ناد حتى عام 1985، عندما قسمت «اتفاقية هيثرو» عائدات البث التلفزيوني، بحيث تذهب 50 في المائة إلى أندية الدوري الممتاز، وخفضت النسبة التي توزع على جميع أندية دوريات المحترفين إلى 3 في المائة. وأدى انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد في عام 1992 إلى إنهاء تقاسم عائدات البث التلفزيوني وتم تخفيض المبلغ الذي يدفع إلى جميع أندية دوريات المحترفين إلى ما مجموعه ثلاثة ملايين جنيه إسترليني. وأدى انطلاق دوري أبطال أوروبا في نفس العام إلى زيادة تدفق الأموال إلى الأندية الكبرى.
لقد استغرق الأمر ثلاثة عقود، لكن كانت هذه هي النتيجة. وكلما زاد ثراء النادي، زادت قدرته على الإنفاق على التعاقدات الجديدة وقلت النتائج المترتبة على القرارات السيئة. وحتى في لعبة منظمة تلعب فيها الروابط والعلاقات بين اللاعبين دورا لا يقل أهمية عن اللاعبين أنفسهم - كما قال فاليري لوبانوفسكي - فإن المال هو أكبر عامل محدد للنجاح، لأسباب كثيرة ليس أقلها أن الأندية الأكثر ثراءً تستطيع التعاقد مع أفضل المدربين والمديرين الرياضيين. وبالتالي، يؤدي الإنفاق إلى النجاح الذي يؤدي إلى الحصول على جوائز مالية أكبر وعائدات أكبر من البث التلفزيوني ومشاركة الجماهير، وهو ما يؤدي إلى مزيد من النجاح. ومن دون إعادة توزيع العائدات المالية بشكل ما، ومن دون بعض اللوائح التي تمنع ظهور عمالقة لا يمكن إيقافهم، سيصبح الأغنياء أكثر ثراءً وسيكتفي البقية برؤيتهم وهم يحلقون على مسافة بعيدة منهم، وهم يعلمون جيدا أنهم حتى إذا نجحوا في تطوير لاعب شاب أو اكتشفوا جوهرة تساعدهم ولو بشكل مؤقت على سد هذه الفجوة، فسينقض الأثرياء سريعا لإغراء هذا اللاعب الشاب والتعاقد معه.
وتتمثل المفارقة في أن أحد الدوافع الرئيسية لشعبية الدوري الإنجليزي الممتاز على مستوى العالم هو التقسيم العادل نسبيا لعائدات البث التلفزيوني، وهو الأمر الذي ساهم في استمرار وجود درجة من القدرة التنافسية الغريبة عن معظم الدوريات في البلدان الأخرى. لكن هذا الأمر بدأ يتآكل الآن. ونتيجة لذلك، بدأت حتى الأندية المتوسطة والصغيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز تنفق بسخاء لمجرد مواكبة ذلك. لقد أنفقت سبعة أندية أكثر من 100 مليون يورو هذا الصيف، وهي المبالغ التي تتجاوز قدرات بقية أندية العالم. ومع ذلك، قد لا تنجح بعض هذه الأندية في إنهاء الموسم في النصف الأول من جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز!


مقالات ذات صلة

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
TT

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)

استعاد باير ليفركوزن حامل اللقب نغمة الانتصارات بفوزه الكاسح على مضيفه هوفنهايم 4 - 1، السبت، ضمن المرحلة الثالثة للدوري الألماني لكرة القدم.

وكان «فيركسليف» تعرّض لخسارته الأولى هذا الموسم على يد لايبزيغ في المرحلة الثانية 2 - 3، وهي الأولى أيضاً في الدوري منذ 463 يوماً، وتحديداً منذ سقوطه أمام بوخوم 0 - 3 في مايو (أيار) 2023.

وسجّل لليفركوزن الفرنسي مارتين تيرييه (17) والنيجيري فيكتور بونيفاس (30 و75) وتيمو فيرتس (71 من ركلة جزاء)، فيما سجّل لهوفنهايم ميرغيم بيريشا (37).

ورفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس، فيما تجمّد رصيد هوفنهايم عند 3 نقاط في المركز الـ12.

وحصد شتوتغارت وصيف البطل الموسم الماضي فوزه الأول هذا الموسم بعد انطلاقة متعثرة بتخطيه مضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ 3 - 1.

وسجّل لشتوتغارت دينيز أونداف (21) والبوسني إرميدين ديميروفيتش (58 و61)، في حين سجّل لمونشنغلادباخ الفرنسي الحسن بليا (27).

واستهل شتوتغارت الموسم بشكل سيئ، فخسر مباراته الأولى أمام فرايبورغ 1 - 3، ثمّ تعادل أمام ماينتس 3 - 3.

وفشل لايبزيغ في تحقيق فوزه الثالث من 3 مباريات بعد أن اكتفى بالتعادل أمام أونيون برلين من دون أهداف.

وكانت الفرصة سانحة أمام لايبزيغ لاعتلاء الصدارة بالعلامة الكاملة، لكنه فشل في هزّ شباك فريق العاصمة.

وفي النتائج الأخرى، فاز فرايبورغ على بوخوم 2 - 1.

ويدين فرايبورغ بفوزه إلى النمساوي تشوكوبويكي أدامو (58 و61)، بعدما كان الهولندي ميرون بوادو منح بوخوم التقدم (45).

ورفع فرايبورغ رصيده إلى 6 نقاط من 3 مباريات، فيما بقي بوخوم من دون أي فوز وأي نقطة في المركز الأخير.

كما تغلب أينتراخت فرانكفورت على مضيفه فولفسبورغ 2 - 1.

وتألق المصري عمر مرموش بتسجيله هدفي الفوز لفرانكفورت (30 و82 من ركلة جزاء)، في حين سجّل ريدل باكو هدف فولفسبورغ الوحيد (76).

ويلتقي بايرن ميونيخ مع مضيفه هولشتاين كيل الصاعد حديثاً في وقت لاحق، حيث يسعى العملاق البافاري إلى مواصلة انطلاقته القوية وتحقيق فوزه الثالث بالعلامة الكاملة.

وتُستكمل المرحلة، الأحد، فيلتقي أوغسبورغ مع ضيفه سانت باولي، فيما يلعب ماينتس مع فيردر بريمن.