القضاة في مناطق الحوثيين يواجهون تسلّط الجماعة بالإضراب

صورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للقاضي محمد حمران الذي خطفه وقتله الحوثيون الأسبوع الماضي
صورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للقاضي محمد حمران الذي خطفه وقتله الحوثيون الأسبوع الماضي
TT

القضاة في مناطق الحوثيين يواجهون تسلّط الجماعة بالإضراب

صورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للقاضي محمد حمران الذي خطفه وقتله الحوثيون الأسبوع الماضي
صورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للقاضي محمد حمران الذي خطفه وقتله الحوثيون الأسبوع الماضي

فتحت حادثة اختطاف وقتل قاضي المحكمة العليا الخاضعة للحوثيين محمد حمران باب المواجهة بين منتسبي السلطة القضائية وما تسمى «المنظومة العدلية» التي أسسها وعيّن نفسه على رأسها محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الميليشيات؛ بغرض استكمال السيطرة على جهاز القضاء وتطهيره ممن لا يؤيدون التوجهات الطائفية للجماعة، حيث تواصل المحاكم والنيابات في كل من محافظات إب، وتعز، وذمار، والبيضاء، وصنعاء، وصعدة، وحجة، والحديدة إضرابها الشامل حتى تحقيق مطالب القضاة كافة.
هذه المواجهة التي تأخرت أشهراً عدة منذ تشكيل الحوثي محاكم تفتيش ميدانية على العاملين في القضاء، جاءت ضمن مطالب نادي القضاة بشأن محاكمة المتورطين والمحرضين على قتل القاضي حمران، حيث توجه الاتهامات إلى رئيس ما تسمى المنظومة العدلية بالوقوف وراء التحريض على القضاة وتسخير محطة تلفزيونية لهذا الغرض، ورفض الميليشيات حتى الآن تحويل مالكها إلى التحقيق.
ووفق ما يراه القاضي صادق أحمد، فإن العاملين في الجهاز القضائي طالبوا مجلس القضاء بالاستقالة؛ لأنه أصبح الأداة التي تُستخدم لضرب القضاة والتدخل في عملهم ومحاولة ما تسمى «المنظومة العدلية» تحويلهم إلى مجرد موظفين لدى السلطة التنفيذية، والسكوت على مصادرة رواتبهم ومستحقاتهم، وفوق ذلك السماح لمحطة تلفزيونية ممولة من السلطة للتشهير بهم والتحريض عليهم.
من جهته، يطالب المحامي رضوان سعيد بأن يكون ثمن دم القاضي محمد حمران هو إزالة مجلس وقيادات القضاء الحاليين، وإلغاء لجان محمد الحوثي العدلية والعسكرية وما شابهها؛ لأن مجلس القضاء ألحق في المعهد العالي للقضاة 74 راسباً، وقبل في معهد القضاء 153 آخرين بمذكرة من وزارة الداخلية، وتلك حسب تقديره «أكبر إهانة للقضاء برمته»، ويعتقد أن الوقت قد حان لاستعادة كرامة القضاء وهيبته.
أما المحامي عبد الرقيب الحيدري، فيؤكد أن فرض ما يسمى «المنظومة العدلية» على رأس السلطة القضائية هو أكبر انتهاك لسلطة القضاء واستقلاله ومخالفة للدستور وقانون السلطة القضائية وأساس وجود القضاء ورسالته.
وقال، إنه مثلما اتخذ نادي القضاة قرار تعليق أعمال القضاء على خلفية جريمة خطف وتصفية القاضي حمران، فإن الإضراب وتعليق العمل القضائي حتى رفع يد ما يسمى «المنظومة العدلية» وتدخلها في أعمال القضاء والتأثير عليها لا يقل أهمية عن الجريمة، بل إن هذا التسلط والتدخل والتأثير على أعمال القضاء من قِبل السلطة التنفيذية أياً كانت طبيعتها هو مفتاح كل استهداف للقضاء وسلطاته ومكانته واستقلاله.
نقابة المحامين اليمنيين كانت أكثر وضوحاً في مساندتها مطالب القضاة ومواجهة منظومة الحوثي، وقالت «إنه من الخطأ والمعيب أن يتوقف الأمر عند حدود محاكمة الجناة المنفذين للجريمة النكراء» فقط لتهدئة الرأي العام وإسدال الستار على هذه الجريمة.
وقالت النقابة، إن المتعين هو ضبط ومساءلة ومحاسبة كل من ساهم وتورط في الجريمة بأي صورة أو طريقة كانت؛ حتى لا يتكرر ارتكاب تلك الجرائم «ما دام أن حملات التحريض والتشويه والتشهير العلني التي تمارسها الصحافة مستمرة».
وذكرت النقابة في بيانها، أن مما ساهم في الإخلال بهيبة القضاء وأدى إلى التمادي في حقه والإساءة إليه والتشهير به بصورة علنية، بل وبما بات يمثل تدخلاً غير مشروع في القضايا وفي شؤون العدالة «هو ما تم ويتم إنشاؤه من كيانات أو منظومات عدلية خارج الأطر القانونية لتتولى مهام متعلقة بالعدالة وسبل تحقيقها، حيث باتت تعتبر نفسها سلطة فوق سلطة القضاء خلافاً لما أكدته المــادة (149) من الدستور».
وأكدت النقابة على وجوب الوقوف بكل حزم ومسؤولية إزاء الجرائم عموماً والجرائم التي تطال العاملين في القضاء خصوصاً «لأن ذلك ينذر بمقدمات كارثية في غاية الخطورة، وسيكون لها تداعيات كارثية على الأمن والاستقرار والعدالة».


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.