اكتشاف موطئ قدم فيروس كورونا في القناة الهضمية

خلايا إنتاج هرمون «السيروتونين» تؤدي دوراً مهماً

صورة تشبيهيّة لفيروس كورونا عند استهدافه الجسم (نقلاً عن tigejournal.org)
صورة تشبيهيّة لفيروس كورونا عند استهدافه الجسم (نقلاً عن tigejournal.org)
TT

اكتشاف موطئ قدم فيروس كورونا في القناة الهضمية

صورة تشبيهيّة لفيروس كورونا عند استهدافه الجسم (نقلاً عن tigejournal.org)
صورة تشبيهيّة لفيروس كورونا عند استهدافه الجسم (نقلاً عن tigejournal.org)

خلصت دراسة لجامعة فليندرز الأسترالية إلى أنّ خلايا هرمون «السيروتونين» في القناة الهضمية، هي المسؤولة عن توفير موطئ قدم لفيروس كورونا المستجد، في الجهاز الهضمي.
ويسبّب الفيروس مجموعة من الأعراض، يمكن أن تشمل مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإسهال، وأشارت الأبحاث الحديثة إلى أنّ أعراض القناة الهضمية تزداد سوءاً مع شدّة مرض «كوفيد - 19» الذي يسبّبه الفيروس، ويرتبط هذا بزيادة هرمون «السيروتونين» المشتق من الأمعاء، الذي يؤدي إطلاقه بكثافة إلى التسبّب في خلل بالقناة الهضمية وتفاقم نتائج المرض.
وخلال الدراسة المنشورة في مجلّة «القناة الهضمية» أوّل سبتمبر (أيلول) الحالي، وجد الباحثون أنّ «الخلايا المتخصّصة داخل القناة الهضمية التي تصنع وتطلق (السيروتونين)، لديها تعبير عالٍ لمستقبلات فيروس كورونا المستجد، وكانت النوع الوحيد من الخلايا التي تعبّر عن جميع الجينات المرتبطة بالفيروس».
ويقول داميان كيتنغ، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الرسمي لجامعة فليندرز، بالتزامن مع نشر الدراسة: «سعت دراستنا إلى فهم ما إذا كان بإمكان القناة الهضمية أن تكون موقعاً لانتقال المرض، وإلى معرفة الجينات التي قد ترتبط بالفيروس الذي يدخل الخلايا المبطنة لجدار الأمعاء، لذلك نظرنا في التعبير الجيني بين أنواع الخلايا المختلفة التي تبطن جدار الأمعاء، وتحليل تسلسل الجينوم الكامل من آلاف الخلايا الفردية من داخل الأمعاء».
ويضيف: «تمّ العثور على كثير من الجينات المرتبطة بالفيروس في أنواع مختلفة من الخلايا المبطنة لجدار الأمعاء، لكنّ الخلايا المنتجة لـ(السيروتونين) فقط هي التي أعربت عن جميع المستقبلات الثلاثة للفيروس، وهذا التعبير عن جميع مستقبلات الفيروس الثلاثة، يُضاعف معدّل عدوى الخلايا ثلاث مرات، مقارنة بالتعبير عن اثنين فقط من المستقبلات».
ومع عدم فهم المواقع الدقيقة للعدوى في جسم الإنسان، والدوافع الأساسية لشدة مرض «كوفيد - 19» بشكل كامل، فإنّ هذه الدراسة توفّر معلومات مهمة عن دور الأمعاء في أن تكون موطئ قدم للفيروس.
ويقول كيتنغ: «تضيف دراستنا دليلاً إضافياً بأنّ الفيروس من المرجّح أن يصيب الخلايا في الأمعاء، ويزيد مستويات هرمون (السيروتونين) من خلال التأثيرات المباشرة على خلايا الأمعاء المسؤولة عن إنتاجه، ما قد يؤدّي إلى تفاقم نتائج المرض».
والميزة المهمة أيضاً لهذه الدراسة، هي أنّها توفّر مزيداً من الدعم للأدلة السريرية الناشئة التي تشير إلى أنّ الأدوية المضادة للاكتئاب، التي تمنع نقل «السيروتونين» في جميع أنحاء الجسم، قد تكون علاجاً مفيداً.
وكانت دراسة قد نُشرت في مجلّة «ذا لانسيت بابليك هيلث» في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، قد أظهرت أن عقار «فلوفوكسامين» المضاد للاكتئاب، يمكن أن يكون فعالاً لعلاج مرضى «كوفيد - 19» المصابين بأعراض حادة، بحيث قلّل هذه العقار حاجتهم للاستشفاء بمعدّل ثلاث مرّات، خلال التجارب السريرية التي أجراها باحثون من الأميركتين الشمالية والجنوبية خلال الدراسة.
ورغم هذه النتائج التي توصل إليها باحثو جامعة فليندرز، يشدّد كيتنغ على أنه «مع استمرار انتشار الفيروس، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث، لتعزيز الفهم لدور القناة الهضمية مع هذا الفيروس والاستمرار في إيجاد خيارات العلاج للعمل جنباً إلى جنب مع اللقاحات».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».