3 أرقام استثنائية في صيف «الإنذار المناخي»

جفاف وحر وفيضانات

باكستان شهدت فيضانات غير مسبوقة (رويترز)
باكستان شهدت فيضانات غير مسبوقة (رويترز)
TT

3 أرقام استثنائية في صيف «الإنذار المناخي»

باكستان شهدت فيضانات غير مسبوقة (رويترز)
باكستان شهدت فيضانات غير مسبوقة (رويترز)

قبل شهور من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 27»، قرع مناخ هذه الصيف جرس إنذار شديد اللهجة يقول بوضوح للزعماء المشاركين بالقمة إنّ الغلاف الجوي قد «طفح كيله»، ولم يعد قادراً على تحمّل عبء يعود لأكثر من 270 عاماً مع بدايات الثورة الصناعية.
خلّفت الثورة الصناعية انبعاثات غازية، زادت حدتها مع حدوث مزيد من التقدم الصناعي، وكان من نتيجة ذلك أن خُلق غطاء يمتصّ الأشعة تحت الحمراء المنعكسة من الأرض، ويمنع حدوث التوازن بين كمية الإشعاع الشمسي الواصلة للأرض والمنعكسة منها، الذي هو سر الحياة على الأرض، لتصبح الأرض عُرضة لأحداث مناخية متطرّفة، زادت حدتها هذا الصيف، الذي يوصف بأنّه «صيف الأرقام الاستثنائية».
وشهدت أوروبا موجة حر «استثنائية». وقال مكتب الأرصاد الجوية بإنجلترا، في 1 سبتمبر (أيلول)، إنّ البلاد شهدت «أكثر» صيف حار على الإطلاق؛ حيث تشير الأرقام إلى أنّ صيف عام 2022 الذي يغطي يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب)، بلغ متوسط درجة الحرارة فيه 17.1 درجة مئوية، وهو ما يعادل صيف عام 2018، الذي يوصف بأنه «الأكثر» حرارة، وفقاً للسجلات التي تعود إلى عام 1884.
وحطّمت تايوان في 22 يوليو 2022 الرقم القياسي لأعلى درجة حرارة في تاريخها، مع 41.4 درجة مئوية في مقاطعة هوالين، وسجّلت هونغ كونغ أكثر أيام يوليو حرارة في السجلات مع 38.1 درجة مئوية في شنغ شوي، وفقاً لمرصد هونغ كونغ، في حين سجلت أميركا هي الأخرى درجات حرارة استثنائية؛ حيث وصلت في شهر يوليو الماضي بالعاصمة واشنطن، إلى ما بين 37 و38 درجة مئوية، ووصلت إلى 43 درجة في أجزاء من يوتا (غرب) وأريزونا (جنوب) وفي الشمال الشرقي للبلاد، وفق الأرصاد الجوية.
ويرتبط بالحر الشديد تطرّف مناخي آخر يتعلّق بالجفاف؛ حيث شهدت أوروبا هذا الصيف «أسوأ» موجة جفاف منذ 5 قرون، كما أكّدت المفوضية الأوروبية، وتسبّبت هذه الموجة «غير المسبوقة» في جفاف الأنهار، وموت الأسماك، وتهديد الحصاد الزراعي، وفرض قيود على التصرف في المياه. وأدّت حالات الجفاف الناجم عن استمرار الجو الحار، وقلّة هطول الأمطار في مقاطعة «جيانغشي» بالصين، إلى تقليص أكبر بحيرة للمياه العذبة بنسبة 75 في المائة، وفقاً للسلطات المحلية.
وتشهد منطقة شرق أفريقيا، من إريتريا شمالاً، مروراً بإثيوبيا وجيبوتي، وصولاً إلى الأطراف الجنوبية لكينيا والصومال «أسوأ» موجة جفاف منذ أكثر من 40 عاماً، وفق تقارير الأمم المتحدة.
ومن الحر والجفاف، إلى تطرّف مناخي آخر، وهو الهطول الغزير للأمطار لدرجة تصل إلى الفيضانات؛ حيث سجلّت بعض الدول أرقاماً قياسية هذا العام، من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي سجلت أعلى معدل لهطول الأمطار منذ 27 عاماً في يوليو، بعد يومين من الأمطار المتواصلة، وفقاً للمركز الوطني للأرصاد الجوية.
وقال المركز الوطني للأرصاد الجوية بالسعودية إنّ مدينة الرياض «استقبلت أرقاماً قياسية من الأمطار هذا الصيف»، وسجّلت محطات الرصد كميات متفاوتة للأمطار منذ عام 1993 خلال شهري يوليو وأغسطس، بلغت ذروتها في مدينة الأحساء بـ19 مليميتراً عام 1993، لكنّ العاصمة الرياض تجاوزت هذا الرّقم يوم الأحد 31 يوليو 2022، بمعدل تساقط بلغ 26.6 مليميتر.
وتعاني باكستان الآن من «أسوأ» موجة فيضانات، وقالت وزيرة المناخ شيري رحمان خلال الأسبوع الحالي: «تحديداً، ثلث باكستان تحت الماء في الوقت الحالي، وهو ما تجاوز كلّ الحدود، وكلّ معدل رأيناه في الماضي».
وتُعدّ باكستان، الدولة النموذج لرؤية التداعيات السلبية للتغيّرات المناخية؛ حيث تقع في مكان على الكرة الأرضية يتحمّل العبء الأكبر من نظامين مناخيين رئيسيين، أحدهما يمكنه أن يتسبّب في ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، والآخر يجلب الأمطار الموسمية.
وشهدت باكستان موجة حرّ مبكرة في شهر مارس (آذار) الماضي، ثم شهدت لاحقاً فيضانات غزيرة، ولا يوجد تعارض بين الاثنين (الحر والفيضانات)؛ حيث إنّ الاحترار العالمي يجعل درجات حرارة الهواء والبحر ترتفع، ما يؤدي إلى مزيد من التبخّر، ويمكن للهواء الأكثر دفئاً الاحتفاظ بمزيد من الرطوبة، ما يجعل هطول الأمطار الموسمية أكثر كثافة.
ويأمل مجدي علام، الأمين العام لاتحاد خبراء البيئة العرب، أن تُسهّل هذه الأرقام الاستثنائية من درجات الحرارة والجفاف والفيضانات مهمة الزعماء في التفاوض خلال مؤتمر «كوب 27»، ويقول إنّ «هذا الصيف وما شهدناه خلاله هو دعوة صريحة لتغليب مصلحة البيئة على أي خلاف، لأنّ القضية أصبحت مسألة حياة أو موت»، ولفت إلى أنّ «دولة مثل باكستان تساهم بأقل من 1 في المائة من غازات الاحتباس الحراري العالمية التي تعمل على تدفئة الكوكب، لكنّ جغرافيتها تجعلها شديدة التأثر بتغيّر المناخ، فلماذا تتحمّل هذا العبء؟».
ويضيف علام أنّ «دول العالم الأخرى ذاقت مرارة التغيّرات المناخية، لكنّ المشكلة تكون أكبر في الدول التي لا تعينها قدراتها الاقتصادية على تحمّل تبعات التغيّرات المناخية».
وتتوقّع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC)، وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة تقوم بالبحث والنشر حول تغيّر المناخ بفعل الإنسان، «ازدياد مخاطر المناخ»، وتقول إنّ «الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري لن يؤدي إلّا إلى تقليل الخسائر وليس القضاء عليها».
وذكرت الهيئة في تقرير التقييم لعام 2022 أنّ كثيراً من الظواهر المناخية المتطرّفة في الوقت الحاضر، مثل الحرارة الشديدة والجفاف وحرائق الغابات وهطول الأمطار الغزيرة، هي «نتاج تأثير البشر على تغيّر المناخ»، وشدّدت على أنّه «ينبغي وضع حلول قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة».


مقالات ذات صلة

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

يوميات الشرق أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست» ببريطانيا، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)
بيئة ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات نبعث منها كميات من غاز الميثان أكبر من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (باكو)

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية، حيث تستمر الرحلة لمدة أسبوع، وتبدأ من بني سويف (115 كيلومتراً جنوب القاهرة)، وحتى العاصمة القاهرة.

ويهدف المشروع إلى تسليط الضوء على جمال مصر وتراثها الطبيعي والثقافي المتميز، بالإضافة إلى الترويج لمقوماتها السياحية والأثرية المتنوعة، ورفع الوعى بأهمية الحفاظ على نهر النيل.

المُجدّف الهولندي المحترف روب فان دير آر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، فإن مشاركة الهيئة في هذا الحدث تأتي في إطار حرص الدولة المصرية على التعاون مع سفارات الدول الأجنبية بمصر، ولا سيما في الفعاليات والأحداث التي تلقي الضوء على المقصد السياحي المصري والترويج لمقوماته ومنتجاته السياحية المتنوعة والمختلفة.

ولفت القاضي إلى أن «هذه النوعية من الأحداث تخاطب شريحة من المهتمين بمنتج السياحة الرياضية بصفة عامة ومنتج سياحة المغامرات بصفة خاصة، كما أنها تتماشى مع الاستراتيجية الترويجية للهيئة التي تهدف إلى الترويج لمقومات مصر السياحية، علاوة على الدور المجتمعي الذي تقوم به الهيئة في التعاون مع المؤسسات الخيرية».

جدير بالذكر أن هذا المشروع يتم تنفيذه بالتعاون والتنسيق بين سفارة دولة هولندا في القاهرة، ومؤسسة مجدي يعقوب للقلب، وشركة Aspire، وتحت رعاية عدد من الوزارات.

مشروع «التجديف من أجل مصر 2024» يهدف إلى الترويج للسياحة الرياضية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويتوقع وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، الوصول إلى هدف «30 مليون سائح سنوياً» بحلول عام 2031 إذا لم تحدث متغيرات جيوسياسية جديدة بالمنطقة»، وفق تعبيره.

وقال إن «الاستراتيجية التي أعلنتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية -30 مليون سائح بحلول عام 2028- كانت طَموحة للغاية، ولم تضع في حسبانها الأزمات السياسية والعسكرية التي أثّرت تداعياتها على دول المنطقة والعالم».

ورغم ذلك توقع الوزير أن يشهد العام الحالي زيادة في أعداد السائحين القادمين إلى مصر، ليكون 15.2 مليون سائح في 2024، مقارنةً بـ14.906 مليون سائح عام 2023.