مقتل الوحيشي لصيق بن لادن.. وتعيين الريمي زعيمًا لتنظيم «قاعدة اليمن»

قاعدي سابق: أبو بصير مخزن أسرار بن لادن.. والريمي المخطط لعمليات الاغتيالات والتفجيرات

مقتل الوحيشي لصيق بن لادن.. وتعيين الريمي زعيمًا لتنظيم «قاعدة اليمن»
TT

مقتل الوحيشي لصيق بن لادن.. وتعيين الريمي زعيمًا لتنظيم «قاعدة اليمن»

مقتل الوحيشي لصيق بن لادن.. وتعيين الريمي زعيمًا لتنظيم «قاعدة اليمن»

اعترف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أمس، بمقتل قائده اليمني أبو بصير ناصر الوحيشي، لصيق بن لادن ومخزن أسراره الاستخباراتية، باستهدافه بطائرة «درون» الأميركية من دون طيار، في مدينة المكلا في حضرموت قبل أيام، وأعلن التنظيم عن تنصيب القائد العسكري في «قاعدة اليمن» وأحد المدربين في معسكر الفاروق في أفغانستان، اليمني قاسم الريمي، قائدًا للتنظيم باليمن، وأكد أحد عناصر التنظيم (سلم نفسه للسعودية) لـ«الشرق الأوسط»، أن الوحيشي على اطلاع بمخططات «القاعدة» للعمليات الإرهابية التي استهدفت الدول الغربية والعربية، فيما يعد الريمي المخطط الرئيسي لجميع العمليات التي تنطلق من اليمن، من بينها محاولته مرتين مختلفتين لاغتيال الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية السعودي (آنذاك) في 2009. في جدة واليمن، وكذلك قائد القوات الأميركية بالعراق.
وأعلن مسؤول في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، أن طائرة «درون» من دون طيار، استهدفت ناصر الوحيشي، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لكن ليس مؤكدا أنه قتل، إلا أن مركز «سايت» الأميركي الذي يتابع الاتصالات بين الإرهابيين في المواقع الاجتماعية، أكد مقتل الوحيشي، بحسب الرسائل المتبادلة بين مؤيدي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب
وأوضح المسؤول في «سي آي ايه»، أن تنظيم القاعدة من دون الوحيشي، يعد خطرا يهدد المنطقة، ويهدد أيضا الأمن الأميركي.
وقال بروس رايدل، مسؤول سابق في قسم الحرب ضد الإرهاب في «سي آي ايه»، الخبير في مركز «بروكنغز» في واشنطن، أن خالد باطرفي، مساعد الوحيشي، سيخلفه، فيما ذكر مركز «سايت» الأميركي أن الرسائل المتبادلة بين مؤيدي «القاعدة» أثبتت قتل الوحيشي، وأن خليفته سيكون قاسم الريمي، المسؤول العسكري الأول تحت قيادة الوحيشي، لكن حسب المركز، قالت رسائل أخرى إن الخليفة سيكون باطرفي، ونشر المركز فيديو ينعى فيه باطرفي الوحيشي. ثم عاد المركز، ونشر أن باطرفي أصدر بيانا أيد فيه الريمي خليفة للوحيشي، حيث إن هذه الأخبار المتضاربة توضح أن صراعا على السلطة بدأ داخل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
أمس الثلاثاء، قالت ريتا كاتز، مديرة المركز («مركز البحث عن المنظمات الإرهابية العالمية/سايت»): «هذه أكبر ضربة يتلقاها تنظيم القاعدة منذ قتل أسامة بن لادن». كاتز ولدت في العراق، وهاجرت إلى إسرائيل، ثم إلى الولايات المتحدة، وهي مؤسسة ومديرة «سايت».
وكان أبو بصير، ناصر الوحيشي، شغل منصب السكرتير الخاص لأسامة بن لادن الزعيم السابق للتنظيم الأم في أفغانستان (قتل في أبوت آباد الباكستاني في مايو/أيار 2011)، واعتقل في إيران بعد مغادرته باكستان بعد 11 من سبتمبر (أيلول) 2001، حيث فقد زوجته الإيرانية هناك ولا يعلم عن مصيرها بعد ذلك، وجرى تسليمه بعد مدة إلى السلطات اليمنية، حيث هرب الوحيشي في 2006 من سجن الأمن المركزي في صنعاء، وقام بتأسيس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بعد انضمام عدد من العناصر السعوديين الذين تسللوا عبر الحدود السعودية اليمنية، وأعلنوا ذلك عبر مقطع مرئي، وكان معه سعيد الشهري (قتل متأثرًا بإصابته باستهداف طائرة «درون» الأميركية في 2014)، وقاسم الريمي (عيّن قائدا للتنظيم بعد أن كان المسؤول العسكري)، ومحمد العوفي (سلم نفسه للسلطات السعودية بعد أن كان القائد الميداني للتنظيم)، وأبو عبد الرحمن المصري.
بينما قال أحد عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (سلم نفسه للسلطات السعودية) لـ«الشرق الأوسط»، إن أبو بصير، ناصر الوحيشي، وهو أحد المطلوبين على قوائم أميركية وسعودية ويمنية، وإنه التقى مع الوحيشي في اليمن، وزامل معه فترة التأسيس، بعد أن تسللت مجموعة من السعوديين الحدود اليمنية، في طريقهم إلى «القاعدة»، إثر الحصار الأمني الذي فرضته السلطات السعودية على عناصر التنظيم في السعودية، وتضييق الخناق عليهم، وإحباط الكثير من مخططاتهم، حيث رسم أبو بصير الوحيشي، وسعيد الشهري وكنيته (أبو جندل الأزدي)، الخطوط العريضة للتنظيم، وتوزيع مناصب القيادات فقط.
وأشار العائد من «القاعدة» إلى أن ناصر الوحيشي، شخصية مقبولة لدى جميع عناصر التنظيم في اليمن وأفغانستان وفي العراق إبان وجود التنظيم هناك، لقربه من أسامه بن لادن لمدة تزيد على خمس سنوات، وكان الشخص الوحيد الذي يكشف عن وجهه، ويلاصق بن لادن في تحركاته، حيث يستكشف الوحيشي المواقع الذي يزورها بن لادن، ويستبقه مع شخص يدعى «بلبل»، وهو مغربي الجنسية أطلق سراحه من غوانتانامو، لتأمين الموقع.
وأضاف: «كان الوحيشي في أفغانستان يتسلم بعض الرسائل الخاصة من عناصر التنظيم خلال زيارة بن لادن لمعسكرات القاعدة، وأشهرها الفاروق، حيث يسلم المتدربين الرسائل في ورقة صغيرة، تسلم لأبو بصير، ومعظمها طلبات المبادرة في تنفيذ عملية انتحارية في أي دولة يرغبها بن لادن».
ولفت العائد من «القاعدة» بعد أن أدرج اسمه ضمن قائمة الـ85، إلى أن الوحيشي يعرف بين عناصر التنظيم في كل مكان، بلقب «بيجر بن لادن»، وهو إحدى وسائل التواصل القديمة، وصغير الحجم، ويلازم المستفيدين منه، وهو يشبه الوحيشي، حيث إن أبو بصير قصير القامة، وكان ملاصقا لأسامة بن لادن في جميع تحركاته.
وأضاف: «الوحيشي يعلم عن جميع مخططات تنظيم القاعدة في كل دول العالم، حيث تورط في المساعدة والاطلاع على مخططات عمليات إرهابية نفذها تنظيم القاعدة، أبرزها تفجير مدمرة كول الأميركية في خليج عدن في عام 2000. واستهداف أبراج التجارة العالمية في نيويورك، ومبنى البنتاغون في واشنطن، وتفجير ثلاثة مجمعات سكنية في شرق الرياض في 12 مايو 2003».
وذكر العائد من «القاعدة» وهو صديق للوحيشي، أن أبو بصير، شخصية دعوية، يجيد الخطابة، ويفتقد الخبرة العسكرية، حيث كان قاسم الريمي، القائد الجديد للتنظيم في اليمن، يرسم تحركاته بين المناطق باليمن، عبر سيارات قديمة مدججة بالحراس المسلحين، وكذلك يتنقل عبر الدبابات النارية داخل المدينة مع سائقيها، ويلتقي مع بعض الشيوخ وطلبة العلم في حال تقديم البيعة له في اليمن.
وأكد أن الوحيشي كان على خلاف مع اليمني حمزة القطيعي (قتل في مواجهات في 2008)، قبل انطلاق تأسيس التنظيم القاعدة باليمن، حيث كان الوحيشي يريد تأسيس التنظيم حسب الرؤية التي اكتسبها مع أسامه بن لادن، ووضع لجان شرعية وعسكرية وغيرها، ونشر التنظيم في جميع مناطق اليمن، وكسب عدد كبير من المؤيدين له، إلا أن القطيعي كان يريد من التنظيم البدء بالعمليات العسكرية على الفور، الأمر الذي أدى إلى الانقسام فيما بينهما، وبعد مقتل القطيعي، انفرد الوحيشي بالتأسيس بمساعدة من قاسم الريمي، وسعيد الشهري.
وأضاف: «كان على تواصل مع أيمن الظواهري، الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة، عبر البريد الإلكتروني، وعلاقته كانت قوية مع أنور العولقي الذي قتل في 2011 واتفق معه على تأسيس ونشر دعوة التنظيم في اليمن، ثم البدء في العمليات الإرهابية عبر استهداف الدول الغربية، إلا أن سعيد الشهري كان عائقا لهم في عملية التأسيس، حيث يريد الأخير البدء وتنفيذ العمليات في السعودية، وكان الريمي يؤيد فكرة الشهري».
وأكد العائد من «القاعدة»، أن ناصر الوحيشي هو مخزن أسرار أسامة بن لادن، الفكرية والعملية والعسكرية والاستخباراتية، حيث كان يذكر لنا الوحيشي أن بن لادن لم يكن ينكر علينا تعامله مع الاستخبارات الإيرانية، وهو على علم ودراية فكانوا على تواصل معهم منذ فترة قبل عودة الوحيشي إلى اليمن، وكان سعيد الشهري يوافقه الرأي.
وقال العائد من «القاعدة»، إن فترة التأسيس حدثت الكثير من الاختلافات في الرؤى، حيث كانت جماعة عبد الملك الحوثي يريدون التعاون مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لتنفيذ مخططات خارجية تستهدف بعض الدول من بينها السعودية، ويحملون معهم الدعم المادي من إيران، حيث جرى اختلاف بين عناصر التنظيم، وحدث جدال اشترك فيه ناصر الوحيشي وقاسم الريمي.
وأضاف أن الوحيشي ذكر في أحد المجالس، مخاطبا المعترضين على وجود الحوثيين، بأنكم لا تعرفون ثمن المصلحة التي أفسدها اعتراضكم على وجود الحوثيين، بسبب أن التنظيم في ذلك الوقت أي في 2009. لديه ضعف أمام أي جهة تدفع لهم المال.
بينما أكد العائد من «القاعدة»، أن عناصر التنظيم في اليمن يعتمدون بشكل كبير على القائد العسكري في التنظيم، اليمني قاسم الريمي الذي يعتبر المخطط الأول لجميع خطط الاغتيالات والتفجيرات، مشيرا إلى أنه هو من خطط لمحاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية (آنذاك)، حيث صنع الريمي المادة المتفجرة مع المطلوب إبراهيم عسيري (أدرج اسمه في قائمة الـ85 لدى السلطات السعودية).
وقال إن الريمي وهو مطلوب على قوائم أميركية وسعودية ويمنية، عمل لفترة طويلة مدربا عسكريا في معسكر الفاروق في أفغانستان، وأشرف على تدريب الكثير من الانتحاريين، من بينهم بعض منفذي 11 سبتمبر، واشتهر الريمي في التشريك، بحيث كان يعمل على تشريك أشرطة الفيديو، وقتل ضابط برتبة مقدم في الجيش اليمني، بعد أن سُلم إليه هدية مغلفة في علبة صغيرة.
وذكر العائد من «القاعدة»، أن تنظيم القاعدة في اليمن، لو فقد قاسم الريمي، سيحدث ارتباك بدرجة 75 في المائة في صفوف التنظيم، لأن عملية الترتيب والتخطيط في التنظيم يشرف على دراستها كاملة الريمي، ويسلمها للمنفذين.
وأشار العائد من «القاعدة»، إلى أن قاسم الريمي، الزعيم الجديد للتنظيم، خطط لاستهداف الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية (آنذاك)، خلال زيارته إلى اليمن، حيث أرسل مجموعة إلى موقع قريب من مطار صنعاء، وتحصنوا في ثلاثة منازل، بحيث يتم استهداف طائرة الأمير لحظة وصولها إلى صنعاء، بالأسلحة التي يحملونها وهي من نوع «البايكات»، وهو سلاح رشاش أكبر وأقوى من «الكلاشنيكوف»، وكذا مدافع «الهاون»، حيث وصل الأمير محمد بن نايف، بعدها بثلاثة أو أربعة أيام فعلا، لكن القوات اليمنية اقتحمت أحد المنازل بعد أن علمت بالمخطط، وقتل في المداهمة شاب سعودي وآخر يمني، فيما اضطرت العناصر الأخرى إلى الانسحاب من المنزلين بعد أن فشلت عمليتهم.
وأضاف: «كانت هناك محاولات أخرى يخطط لها الريمي، لاغتيال قائد القوات الأميركية (...) في العراق، ويتم الاستعداد لها بناء على معلومات وصلتهم أن طائرته ستهبط في مطار عدن، وفيما بعد تبين أنه وصل إلى مطار صنعاء، وأمر بقتل عدد من الضباط في محافظة مأرب، وعدد من الجنود اليمنيين».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.