قرصنة آلية النَّسخ الفيروسية... استراتيجية جديدة لمواجهة «كورونا»

اختُبرت بنجاح على حيوانات التجارب

قرصنة آلية النَّسخ الفيروسية... استراتيجية جديدة لمواجهة «كورونا»
TT

قرصنة آلية النَّسخ الفيروسية... استراتيجية جديدة لمواجهة «كورونا»

قرصنة آلية النَّسخ الفيروسية... استراتيجية جديدة لمواجهة «كورونا»

ابتكر علماء بجامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي الأميركية، دواءً جديداً لـ«كوفيد - 19»، يمكن أن يجعل علاج عدوى الفيروس المسبب للمرض، يوماً ما سهلاً للغاية، بحيث يتم بواسطة استخدام رذاذ الأنف.
ويستخدم العلاج مقتطفات قصيرة من الحمض النووي الصناعي، بهدف قرصنة آلة النسخ الفيروسية، بما يمنع الفيروس من التكاثر في الخلايا البشرية.

- رذاذ أنف علاجي
وفي دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن»، أظهر الفريق أن هذه المقتطفات القصيرة، التي تسمى «قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي (NA ASOs)»، فعالة للغاية في منع الفيروس من التكاثر في الخلايا البشرية، عند إعطائها في الأنف، وتكون هذه الأدوية فعالة أيضاً في منع وعلاج العدوى.
وقليل النوكليوتيدات المضادة، هي عبارة عن جزيئات صغيرة من الحمض النووي أو الحمض النووي الريبي يتم تصميمها بتسلسل معين لاستهداف عنصر تكميلي محدد في الحمض النووي الريبوزي، بما يؤدي لإفشال آلة النسخ الفيروسية.
يقول أندرس نير، أستاذ علم الأحياء الأيضي بجامعة كاليفورنيا، في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة 8 أغسطس (آب) الجاري: «تُحدث اللقاحات فرقاً كبيراً، لكن اللقاحات لم تتوفر بكميات كبيرة عالمياً، ولا تزال هناك حاجة هائلة لحلول أخرى، ورذاذ الأنف الذي يمكن أن يتوفر بثمن بخس في كل مكان، يمكن أن يمنع إصابة شخص ما أو يمنع مرضاً خطيراً، بما يجعله مفيداً للغاية».
ويستهدف العلاج باستخدام «قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي (LNA ASOs)»، جزءاً من الجينوم الفيروسي محفوظاً بدرجة عالية بين المتغيرات المختلفة، لذلك فهو فعال ضد جميع «المتغيرات المثيرة للقلق، كما أنه مستقر كيميائياً وغير مكلف نسبياً لإنتاجه على نطاق واسع، مما يجعله مثالياً لعلاج عدوى «كوفيد - 19» في مناطق العالم التي لا تتوفر فيها الكهرباء أو التبريد.
وإذا ثبت أن العلاج آمن وفعال للبشر، يمكن تعديل التقنية بسهولة لاستهداف فيروسات الحمض النووي الريبي الأخرى، ويبحث فريق البحث بالفعل عن طريقة لاستخدام التقنية لتعطيل فيروسات الإنفلونزا، التي لديها أيضاً إمكانية وبائية.
يقول تشي تشو، باحث ما بعد الدكتوراه بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: «إذا استطعنا تصميم (قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي LNA ASOs)، التي تستهدف عائلات فيروسية بأكملها، فعند ظهور جائحة جديدة، ما دمنا نعرف العائلة التي ينتمي إليها الفيروس، فيمكننا استخدام تلك المقتطفات التي يتم توصيلها عن طريق الأنف لقمع الوباء في مراحله المبكرة، وهذا هو جمال هذا العلاج الجديد».
ومثل الحمض النووي، يحمل الحمض النووي الريبي، وهو المادة الوراثية لفيروسات عائلة «كورونا»، معلومات وراثية مشفرة في سلسلة من القواعد، ولكن على عكس الحمض النووي، فإن الحمض النووي الريبي عادةً ما يأتي في خيط واحد، دون خيط ثانٍ مكمّل ليشكّل حلزوناً مزدوجاً.
ومع ذلك، لا يزال الحمض النووي الريبي (RNA) يرتبط بسهولة بتسلسلات زوج القاعدة التكميلية (ASOs)، وهي عبارة عن خيوط قصيرة من الجزيئات الشبيهة بالحمض النووي المصنوعة في المختبر، وهي مبرمجة للالتصاق بتسلسلات معينة من الحمض النووي الريبي في الفيروسات والخلايا.
ولأكثر من عقد من الزمان، كان نير وفريقه يدرسون كيف يمكن استخدام هذه الجزيئات لتعديل نشاط الرنا المرسال و«ميكرو رنا» في جسم الإنسان، مما قد يساعد في علاج حالات مثل السمنة و«مرض السكري من النوع 2» وأمراض الكبد الدهنية وضمور دوشين العضلي، وعندما ضربت جائحة «كوفيد - 19»، تحرك فريقه بسرعة لدراسة ما إذا كان يمكن أيضاً استخدام تسلسلات زوج القاعدة التكميلية (ASOs) للتدخل في علاج «كورونا» المستجد.
ويقول نير: «جينوم كورونا المستجد، هو الحمض النووي الريبي أحادي الشريطة، على غرار الرنا المرسال أو الرنا الميكروي، واعتقدنا أنه ربما يمكننا استخدام (قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي LNA ASOs)، للالتصاق بالحمض النووي الريبي الفيروسي ومنعه من العمل».
بالتعاون مع مختبر سارة ستانلي، في كلية الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي وقسم البيولوجيا الجزيئية والخلوية، والعلماء في معهد الجينوم المبتكر، بدأ الفريق في تحريض فيروس «كورونا» المستجد ضد مئات من تسلسلات «قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي (LNA ASOs)» المختلفة.

- تعطيل نسخ الفيروس
تم تصميم كل من هذه لتعطيل منطقة مختلفة من الحمض النووي الريبي الفيروسي، بما في ذلك المنطقة التي ترمز للبروتين «سبايك» سيئ السمعة الذي يساعد فيروس «كورونا» المستجد على اختطاف الخلايا المضيفة.
ومن بين كل هذه الأهداف، حددوا هدفاً كان أكثر فاعلية بكثير في تعطيل الفيروس، وكان هذا الهدف عبارة عن تسلسل غير مشفر من الحمض النووي الريبي الفيروسي الذي يشكل بنية حلقة دبوس الشعر، ويبدو أنه يلعب دوراً رئيسياً في الفيروس.
يقول نير: «أظهرنا أنه إذا قمت بربط تسلسلات قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي (LNA ASOs) ببنية حلقة دبوس الشعر هذه، فإن ذلك سيذيبها ويمنع ذلك الفيروس من الترجمة والتكاثر بشكل فعال، ووجدنا أنه كان فعالاً بشكل لا يصدَّق في منع تكاثر الفيروس في الخلايا البشرية».
وعندما قام الفريق البحثي بإعطاء قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي (LNA ASOs) في أنوف الهامستر والفئران المصابة، وجد الفريق أنها كانت أيضاً فعالة للغاية في منع وعلاج العدوى، والأهم من ذلك، أظهرت هذه التجارب أيضاً أن العلاج لا يبدو أنه يحفّز أي استجابة مناعية كبيرة، مما يشير إلى أنه من غير المحتمل أن يُنتج آثاراً جانبية سامة على البشر.
ونظراً لوجود بنية حلقة دبوس الشعر في جميع المتغيرات المعروفة للفيروس، يجب أن تكون قليل النوكليوتيدات المضادة للحمض النووي (LNA ASOs) فعالة ضدهم جميعاً.
ولإثبات أن هذا هو الحال، كرر الفريق تجاربه ضد جميع المتغيرات الرئيسية المثيرة للقلق، بما في ذلك «دلتا» و«أوميكرون» شديد العدوى.
يقول جاستن لي، طالب الدراسات العليا بجامعة كاليفورنيا، والمشارك في الدراسة: «يدخل الفيروس الجسم ويخطف أجهزتنا الخاصة لتصبح آلة نسخ لإنتاج أطنان من نسخ الفيروسات لمزيد من العدوى والانتشار، وتمكنّا من العثور على رمز المفتاح في الحمض النووي الريبي الفيروسي الذي يسمح لآلة النسخ بالعمل، وجميع المتغيرات، بما في ذلك دلتا وأوميكرون، تشترك في نفس رمز المفتاح».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».