«صحافة التوقعات» خدمة جماهيرية تطل في المواسم

نشطت خلال الانتخابات و«كوفيد ـ 19»... وعزّزت وجودها داخل غرف الأخبار

مذيع قناة «سي بي إس» الأميركية يجلس أمام كومبيوتر يونيفاك عام 1952
مذيع قناة «سي بي إس» الأميركية يجلس أمام كومبيوتر يونيفاك عام 1952
TT

«صحافة التوقعات» خدمة جماهيرية تطل في المواسم

مذيع قناة «سي بي إس» الأميركية يجلس أمام كومبيوتر يونيفاك عام 1952
مذيع قناة «سي بي إس» الأميركية يجلس أمام كومبيوتر يونيفاك عام 1952

«يبدو أن الآلة تثور على العناصر البشرية»... كان هذا ما قاله مذيع قناة «سي بي إس» الأميركية عام 1952، عندما ظهر على الشاشة أمام جهاز كومبيوتر ضخم يدعى «يونيفاك» استخدمته المحطة للتنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، فيما أصبح يعرف اليوم بـ«صحافة التوقعات» أو «الصحافة التنبؤية»، والتي ما زالت تجد مكاناً لها داخل غرف الأخبار بعد مرور 70 سنة على استخدام «يونيفاك».
تُعرف صحافة التوقعات بأنها «دمج المعلومات التي تتضمن تنبؤات بالأحوال المستقبلية، في عملية إنتاج التقارير الصحافية، باستخدام تكنولوجيا تحليل البيانات، وغيرها من الأدوات». وعلى مدار السنوات الماضية استخدمت في عدة مجالات منها السياسة، والرياضة، والأرصاد الجوية، والعلوم أيضاً. وفي الآونة الأخيرة عززت جائحة «كوفيد - 19» وجودها داخل «غرف الأخبار» للإجابة على تساؤلات الجمهور بشأن المدى الزمني المتوقع لاستمرار الجائحة، وعدد الوفيات المتوقع، وغيرها. وبالمناسبة، عادة ما تُقدم صحافة التوقعات بشكل تفاعلي عبر صور ورسوم بيانية تقربها من الجمهور.
في دراسة نشرتها كلية الصحافة بجامعة كولومبيا الأميركية خلال أبريل (نيسان) الماضي، ذكر الباحث نيكولاس دياكوبولوس أنه «سواء كان الأمر يتعلق بمن سيفوز في الانتخابات المقبلة، أو كيف ستنتشر الجائحة الشهر المقبل، أو ما نخطط لتناوله على الغداء، فإن البشر مهووسون معرفياً بالتفكير في المستقبل». وأردف أن «صحافة التوقعات هي نوع من صحافة البيانات (المُعطيات)، التي تركز على توليد تنبؤات قائمة على الأدلة يمكن أن تساعد في سد حاجة هذا الجمهور».
ووفقاً للدراسة التي أجراها دياكوبولوس فإن «السياسة تستحوذ على الجزء الأكبر من هذه الخدمة بنسبة 40 في المائة، خاصة ما يتعلق بالانتخابات، تليها الصحة والعلوم بنسبة 39 في المائة، وهي تتألف في الغالب من تنبؤات متعلقة بفيروس (كوفيد - 19). ثم الرياضة بنسبة 11 في المائة، والقضايا الاجتماعية الأخرى بنسبة 6 في المائة». وتابع أن «صحافة التوقعات يمكن أن تقدم قيمة صحافية في عدة نواحٍ عبر تقديم معلومات تسهم في التفكيرين النقدي والتفسيري للأحداث».


- تأثير على المصداقية
من ناحية أخرى، رغم وجود صحافة التوقعات داخل غرف الأخبار منذ أكثر من نصف قرن، يعتبر بعض خبراء الإعلام تقديم هذه الخدمة ليس بالضرورة من مهام الصحافي. وهنا توضح د. أروى الكعلي، أستاذة الإعلام في معهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معها أن «مهمة الصحافة الأساسية تتعلق بطرح المسائل المرتبطة بالحاضر، والماضي، وهذا لا يخل بفكرة أن التوقعات يمكن أن تشمل أموراً لا نعرفها حدثت أمس، أو اليوم. لكن المقصود هنا هو أن عمل الصحافي عادة يتعلق بنقل ما يعرف أنه حدث لا ما يتوقع أنه قد حدث».
وفق الكعلي ينطوي التوقع على «مخاطرة»، وتضرب مثلاً بواقعة كانت صحيفة تونسية معروفة طرفاً فيها، إذ نشرت تقريراً تضمن توقّعات إحصائية بشأن إعداد وفيات «كوفيد - 19» خلال الأشهر القليلة الأولى من الجائحة، ولكن بعد مرور سنتين على الجائحة لم تصل أعداد الوفيات إلى الرقم الذي تحدثت عنه الصحيفة في ذلك الوقت، بل - كما تقول الباحثة التونسية - يبيّن الواقع أن الأرقام الحالية بعد معاناة المواطنين من الجائحة ومتحوراتها ما زالت بعيدة جداً عن الرقم الذي توقعته الصحيفة.
يوين ماكاسكيل، الصحافي البريطاني الاستقصائي ومراسل جريدة «الغارديان» البريطانية السابق، الذي يعمل حالياً موجهاً للمتدرّبين في مؤسسة «رويترز» للصحافة يؤيد رأي الكعلي. إذ يرى أن «الدور التقليدي الذي يتدرب عليه الصحافي هو كيفية متابعة ما حدث، أو ما يحدث الآن، وليس التنبؤ بالمستقبل. بيد أن الصحافي يقع دائماً تحت ضغط محاولة توقع الأحداث، وذلك نتيجة لشعور الناس بأن لديهم معرفة داخلية بالأحداث وتطوّراتها». ويضيف ماكاسكيل لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إنه «أياً كانت الضغوط يجب على الصحافي مقاومة الانغماس في التوقعات، وإن كان من الممكن لكتّاب الرأي والمعلقين أن يفعلوا ذلك. إن إحدى القواعد الأولى التي على الصحافي تعلمها تحاشي إصدار تنبؤات». ويستطرد أن «نشر التوقعات يؤثر على مصداقية وسائل الإعلام».
حسب ماكاسكيل: «ليس هناك أي فائدة تعود على الصحافي من محاولته التكهّن بما سيحدث، فكثيرون من الصحافيين في الولايات المتحدة الأميركية لم يتوقعوا فوز الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2016، وفي بريطانيا أيضاً لم يتوقّع معظم الصحافيين أن يصوّت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016».

- مواسم صحافة التوقعات
في أي حال لصحافة التوقّعات مواسم، حين تعجّ وسائل الإعلام، مقروءة ومسموعة ومرئية وإلكترونية، مع بداية كل عام، بسيلٍ من التقارير والبرامج التي تتحدث عن توقعات العام الجديد. وهي طبعاً تزدهر في فترات الانتخابات، عبر مقالات تحليلية وإحصائية ورسوم بيانية تحاول التنبؤ بنتيجة الانتخابات ونسب الإقبال على التصويت. ولقد كانت جائحة «كوفيد - 19» واحدة من الأسباب التي دفعت الصحافة بشكل أكبر تجاه التوقعات، باعتبارها قصة «ضخمة وغامضة»، ولّدت العديد من الأسئلة لدى الجمهور من قبيل إلى متى ستستمر؟ وهنا يقول ماكاسكيل: «في هذه الحالات من الممكن للصحافي أن يقتبس آراء وتنبؤات المتخصصين، من أطباء وأكاديميين، وباحثين، ومسؤولين، شريطة ألا ينجرف هو بنفسه للإدلاء بتوقعاته».
ورغم تفضيلها لبقاء الصحافية في نطاق ما هو كائن لا ما يمكن أن يكون، تؤكد الكعلي أن «التعامل مع التوقعات أصبح أمراً واقعاً يصعب تجنبه، في ظل ما نشهده من تطور على مستوى حضور وحجم البيانات، مصحوباً بتطور تقنيات الذكاء الصناعي في غرف الأخبار». وهي ترى أن «ثمة مجالات تفرض التوقّعات نفسها عليها بالضرورة، كالنتائج الأولية للانتخابات، التي يسارع الصحافيون إلى إعلانها، إلى جانب نتائج استطلاعات الرأي التي تتناول نيات التصويت».

- معضلات أخلاقية
من جهة أخرى، تخلق صحافة التوقعات معضلات أخلاقية، حول كيفية استقبال الجمهور لها، فعلى سبيل المثال، كانت التوقعات في الانتخابات الأميركية لعام 2016، لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وربما يكون ذلك قد دفع بعض مؤيديها لعدم التوجه لصناديق الاقتراع ظناً منهم أن النتيجة محسومة لصالحهم، وأن تصويتهم لن يحدث فارقاً كبيراً. وحقاُ، رأت دراسة نشرتها جامعة شيكاغو عام 2020. أن «توقعات الانتخابات قد تدفع المصوتين للإحجام عن الذهاب لصناديق الاقتراح حسب الطريقة التي تقدم بها». وهو ما يتطلب من الصحافيين تقدير حجم التأثير الذي يمكن أن تتسبب به توقعاتهم.
ويضع ماكاسكيل شروطاً يجب على الصحافي اتباعها إذا ما كان مضطراً للكتابة عن حدث مستقبلي، من بينها جمع وتقديم عدة خيارات واحتمالات، وتفادي الاعتماد على رؤية واحدة. ويوضح: «يمكن للصحافي الاحتفاظ بمصداقيته وقيمه المهنية عبر تقديم أكبر عدد من الاحتمالات، وترك الساحة للجمهور ليعمل عقله. الصحافة الحرة والمستقلة صحافة تعددية تقدم مجموعة واسعة من وجهات النظر، لا وجهة نظر واحدة. ثم إن الجمهور سيتذكر الأخطاء التي وقع فيها الصحافي، أو الصحيفة، عند محاولة تنبؤه بالمستقبل، لكنه لن تسعفه ذاكرته بنفس القدر لو صدقت توقعات الصحافي».
بدورها تشدد الكعلي على أنه «في كل الحالات ومهما كان السياق الذي تأتي فيه هذه التوقعات، يجب توخي حذر مضاعف في التعامل معها، بالتزامن مع تدريب الصحافيين على التعامل مع هذا النوع من البيانات»، وتضيف أن «التوقعات يمكن أن تكون غير دقيقة، أو غير موثوقة، الأمر الذي يفتح الباب أمام نمط جديد من التضليل في الأخبار والمعلومات، يتطلب بدروه مهارات جديدة في التدقيق والتحري... إذ يصعب على الوحدات الصحافية المتخصصة في تدقيق المعلومات الجزم فيما إذا كان أمر ما سيحدث أم لا. وسيكون عليها أن تتمرس أكثر في التدقيق في منهجية التوصل إلى هذه التوقعات، وهو ما يتطلب الاستثمار في مهارات مهنية جديدة». وتختتم: «مهما كانت التوقعات سليمة، فهي لن تكون أبداً دقيقة بنسبة 100 في المائة، الأمر الذي يستدعي مهارات خاصة عند التعامل مع مواضيع من هذا النوع، لضمان معرفة الجمهور بحدودها ودقتها». وهنا يوصي دياكوبولوس - في بحثه - «بالتأكد من دقة المعلومات قبل نشرها، وإجراء دراسات لتقييم تأثيرها على الجمهور».
في نهاية المطاف، أياً كانت التحذيرات والمخاطر، فهذا لن يحد من وجود صحافة التوقعات في «غرف الأخبار»، خاصة أن البعض يراها «مستقبل» المهنة. ولقد تحدث إتش أو مايكوت، رئيس وحدة التكنولوجيا في صحيفة «تكساس تريبيون»، في مقال نشره معهد «نيمان لاب»، التابع لجامعة هارفارد الأميركية في إطار توقعات عام 2016. عن «أهمية صحافة التوقعات في منح الجمهور مؤشرات حول ما يمكن أن يحدث، وتمكينهم من توقع الأحداث قبل وقوعها»، مشيراً إلى أن «المستقبل لصحافة التوقعات التي ستمكن الصحافي من أن يكتب اليوم عناوين القصص الخبرية التي ستحدث في الغد».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».