الكورية لي بول... فنانة تسعى لتحقيق التوازن

تشارك بأعمالها في معرض «فريز سيول»

الفنانة الكورية لي بول أمام عمل لها من سلسلة «بيردو»  -  عمل للفنانة الكورية لي بول من سلسلة «بيردو» (نيويورك تايمز)
الفنانة الكورية لي بول أمام عمل لها من سلسلة «بيردو» - عمل للفنانة الكورية لي بول من سلسلة «بيردو» (نيويورك تايمز)
TT

الكورية لي بول... فنانة تسعى لتحقيق التوازن

الفنانة الكورية لي بول أمام عمل لها من سلسلة «بيردو»  -  عمل للفنانة الكورية لي بول من سلسلة «بيردو» (نيويورك تايمز)
الفنانة الكورية لي بول أمام عمل لها من سلسلة «بيردو» - عمل للفنانة الكورية لي بول من سلسلة «بيردو» (نيويورك تايمز)

كانت الفنانة الكورية، لي بول، أول من لفت انتباه الرأي العام في ثمانينات القرن العشرين، حين قدمت عروضاً مذهلة تندد بعدم المساواة بين الجنسين. ففي احتجاج صارخ ضد حظر الإجهاض في بلادها، تعلقت رأساً على عقب من سقف مركز للفنون في سيول.
واليوم، تكرس لي (58 عاماً)، وهي واحدة من أبرز الفنانين المعاصرين في كوريا الجنوبية، وقتها للرسم والنحت والتركيب. فنها يصور المناظر الطبيعية الجميلة والبهيجة، والأرضيات والظواهر الطبيعية الخلابة، للدلالة على الخيال العلمي المرير وأجساد البشر، والسايبورغ (كائن من مزيج من مكونات عضوية وبيو - ميكاترونية)، بأسلوب يدمج التقاليد الفنية مع التقنيات الحديثة ذات التقنية العالية.
في أواخر التسعينات، بدأت بإنتاج منحوتات متقنة الصنع من السايبورغ، في أجساد أنثوية متناسبة تماماً، والمتحورة إلى شخصيات من قصص المانجا والخيال العلمي، مع أطراف ودروع غريبة الشكل. وبعد عقد من الزمن، أنتجت تركيبات معلقة تشبه الثريا من الفولاذ والبلور والخرز، كانت تصور مناظر لمدن ذات رؤية مستقبلية.
تشارك لي في معرض «فريز سيول» الفني، من خلال غاليري «ثادايوس روباك»، الذي يمثل الفنانة لي، ويقدم أمثلة لأحدث سلسلة من أعمالها، بعنوان «بيردو». واستمدت السلسلة اسمها من عنوان رواية مارسيل بروست «بحثا عن الوقت المفقود»، وهذه الأعمال - مع الأنسجة والنتوءات التي تجعلها نوعاً من التقاطع بين الرسم والنحت - مصنوعة من عرق اللؤلؤ وطلاء الأكريليك.
في مقابلة بالفيديو أجريت مؤخراً معها، تحدثت لي (بمساعدة مترجم) عن التحديات التي يطرحها وباء فيروس «كورونا»، ومكانتها كفنانة في كوريا الجنوبية، ومشاعرها المختلطة حول سوق الفن. حُررت المحادثة التالية، وأُوجزت لأغراض النشر.
> تحمل الأعمال التي قُدمت مؤخراً من سلسلة «بيردو» صبغة مستقبلية، لكنها أيضاً جميلة من الناحية الكلاسيكية؛ فهل تشير إلى العودة للتقاليد الكورية في صناعة الفن؟
- دائماً ما أستخدم الطرق التقليدية أو الكلاسيكية، لأنني لا أريد فقط أن أضيف المواد ذات التقنية العالية أو التكنولوجيا الجديدة إلى فني. وإنما أسعى إلى خلق قدر من التوازن.
> توازن بين القديم والجديد؟
- نعم. إنه مهم جداً في كل ما أفعله، سواء كان منحوتة عملاقة أو رسماً صغيراً.
> لماذا؟
- لأنه لا شيء جديد تماماً. أفكار أو رؤى المستقبل هي دائماً أفكار قديمة جداً. إنها متجذرة في الأفكار التي تسلى بها البشر منذ زمن طويل للغاية؛ أفكار كانت موجودة دائماً، وقد استنفدت تماماً. ولكن كيف لمثل هذه الأفكار المستهلكة أن تبقى سائدة؟ إنه سؤال طالما كنت مهتمة بطرحه في أعمالي.
> وصف أمناء المتاحف أعمالك بأنها مزيج من الجمال والرعب. هناك جمال كبير في التقاليد الفنية الكورية التي درستموها. لماذا لم تكرسي فنك للجمال الصافي؟
- لأنني لا أعتقد أن هناك شيئاً يُدعى الجمال الخالص.
> نريد دائما تعريف الأشياء، أو تبسيط الأشياء، إذ إن محاولة فهم العالم أو البشر مستحيلة. فكيف يمكننا أن نملك أفكاراً واضحة أو يقينية عنها؟
- أعمالي هي بنايات معقدة. عندما أقوم بصناعتها، أقوم بوعي، ومن دون وعي، بالخوض في مشاعر مختلفة. والنتائج النهائية جميلة إلى حد ما، لكنها ليست جميلة فقط. هناك دائما ثلاثة، أو أربعة، أو أكثر من العناصر المتضاربة.
> لأنك تصورين الحياة نفسها، وهي أكثر بكثير من الجمال؟
- نعم.
> كيف كانت تجربة الوباء بالنسبة لك؟
- لقد تعرضت لخسارة في بداية الوباء. بعد ذلك، واجهت أسئلة كبيرة جداً عن الحياة والموت. وشعرت بالحاجة إلى معالجة هذه الأسئلة، ومحاولة فهم ما يحدث، بطريقة تتجاوز تجربة الوباء نفسها.
أيضاً، المنحوتات والتركيبات الكبيرة تشمل الكثير من الناس. وصناعتها عملية طويلة، بأجزاء كثيرة منها. لم يكن من الممكن صنع منحوتات كبيرة في الوباء. لكنني كنت لا أزال أريد العمل. لذا بحثت عن شيء يمكنني القيام به بمفردي وأخرجت سلسلة «بيردو».
> كان وضع المرأة دائماً محوراً مهماً لعملك... لماذا؟
- لأنني امرأة. وإذا أردنا أن نفهم أنفسنا والعالم من حولنا، فعلينا أن ندرك ماهيتنا.
بالنظر إلى وضع المرأة في كوريا وحول العالم، المشاكل لا تزال مستمرة، فقط لقد اتخذت شكلاً مختلفاً. نحن في ظل الوهم بأننا بصدد الانتقال إلى حياة أفضل.
> أنتِ أحد أبرز الفنانين المعاصرين من كوريا الجنوبية، وأنت امرأة. إلى أي مدى أنت مقبولة في المجتمع الكوري؟
- إنه سؤال مثير للاهتمام. ورغم أن الوضع قد تحسن قليلاً، فإنه يبدو، مع ذلك، أن المرأة في المجتمع الكوري لا تُقبل إلا عندما لا تؤكد على جنسها، أو عندما يتجاوز وضعهن الطبقة الاجتماعية.
الفنانون فئة خاصة جداً. لا ينتمون لأي طبقة اجتماعية معينة. لذلك عندما يقول شخص ما: «إنها امرأة فنانة»، فإن هناك مقاومة أقل.
أعمل كفنانة منذ نحو 40 عاماً. ربما وصلت إلى عصر لم يعد الناس ينظرون نحوي كامرأة فنانة، وإنما كفنانة فحسب.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
TT

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)

مع انطلاق فعاليات الدورة الـ17 من «ملتقى الأقصر الدولي للتصوير» في مصر، الاثنين، بدأ الفنانون المشاركون في التفاعل مع فضاء مدينة الأقصر (جنوب مصر) بحضارتها العريقة وطبيعتها المُشمسة، استعداداً للبدء في تنفيذ أعمالهم من وحي روح المدينة القديمة.

الملتقى الذي يقام تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية وينظمه صندوق التنمية الثقافية، يواصل أعماله حتى السابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

ويقول الفنان المصري ياسر جعيصة، القوميسير العام للملتقى، إن «دورة هذا العام يشارك فيها 25 فناناً من مصر ومختلف دول العالم، منهم فنانون من سوريا، والأردن، والسودان، وقطر، واليمن، والولايات المتحدة، والهند، وبلغاريا، وروسيا، وألبانيا، وبولندا، والسنغال».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم تحديد ثيمة معينة ليعمل عليها الفنانون المشاركون في الملتقى؛ إذ نهدف إلى أن يلتقط كل فنان روح مدينة الأقصر بأسلوبه الفني الخاص وأسلوبه في التفاعل معها بشكل حُر، دون تقيّد بثيمة أو زاوية مُحددة، سواء كان التفاعل بطبيعتها، أو بوجهها الأثري، أو الخروج بانفعال فني ذاتي، وهذا يمنح للأعمال فرصة الخروج بصورة أكثر تنوعاً كنتاج للملتقى».

ويتابع: «بالإضافة إلى ذلك، فهناك اهتمام هذا العام بخلق حوار مع مجتمع مدينة الأقصر، عبر تنظيم أكثر من فعالية وورش عمل بين الفنانين والأطفال والأهالي لخلق حالة أكبر من التفاعل الفني».

عدد من الفنانين المشاركين في ملتقى الأقصر للتصوير (قوميسير الملتقى)

ومع اليوم الأول لانطلاق الملتقى بدأ الفنانون في الاندماج مع المدينة من خلال ورش عمل متخصصة، منها ورشة للفنان الهندي هارش أجراول الذي نظم ورشة عمل باستخدام خامة «الأكواريل» المعروف بتميزه في التعامل معها فنياً، وهي ورشة استقبلت عدداً من طلاب كلية الفنون الجميلة من قسم التصوير بالأقصر الذين سيحضرون على مدار أيام الملتقى للتفاعل مع الفنانين بشكل مباشر والاستفادة من خبراتهم الفنية، وفق القوميسير.

ويعتبر الدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية في مصر، عضو اللجنة العليا للملتقى، أن «ثمة تغييرات تم استحداثها في برنامج الملتقى للخروج بنسخة مميزة لدورة هذا العام»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «توفير أفضل الظروف للفنانين من خامات، وإطالة مدة الجولات الفنية الخارجية داخل المدينة، والرسم في المواقع المفتوحة والأثرية... كان من أبرز الأفكار والموضوعات التي يسعى لتفعيلها قوميسير الملتقى ياسر جعيصة خلال تلك الدورة، في محاولة أن تخرج أعمال الملتقى أكثر انسجاماً وتعبيراً عن روح مدينة الأقصر».

ومن المنتظر أن تُعرض أعمال الملتقى في اليوم الختامي بمحافظة الأقصر، على أن يتم تنظيم عرض خاص آخر لها بالقاهرة مطلع العام المقبل.

ويرى الفنان طارق الكومي، نقيب الفنانين التشكيليين بمصر، عضو اللجنة العليا للملتقى، أن «ملتقى الأقصر مناسبة لتبادل الخبرات بين الجنسيات والأجيال المختلفة، وكذلك مناسبة لتقديم حدث تشكيلي مميز للمجتمع الأقصري وزوار المدينة، واستلهام الفنانين لعالم فني مُغاير يستفيد من عناصر مدينة الأقصر وتاريخها العريق»، وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».

وتعد مدينة الأقصر من أبرز الوجهات السياحية العالمية التي تضم مواقع أثرية وثقافية بارزة منها: معبد الأقصر، ومعبد الكرنك، ومقابر وادي الملوك، ووادي الملكات.