صيف أوروبا القائظ... هل يتجاوب العالم مع «الإنذار المناخي»؟

دعوات لسياسات وأنماط استهلاك صديقة للبيئة

حرائق الغابات ازدادت خلال صيف أوروبا القائظ (أ.ف.ب).
حرائق الغابات ازدادت خلال صيف أوروبا القائظ (أ.ف.ب).
TT

صيف أوروبا القائظ... هل يتجاوب العالم مع «الإنذار المناخي»؟

حرائق الغابات ازدادت خلال صيف أوروبا القائظ (أ.ف.ب).
حرائق الغابات ازدادت خلال صيف أوروبا القائظ (أ.ف.ب).

غالباً ما تركز المناقشات حول تأثيرات المناخ على البلدان الفقيرة باعتبارها الدول الأكثر ضعفاً، ما كان يعطي انطباعاً للمواطن الغربي بأن تلك البلدان هي فقط المعرضة للخطر، وأن الكوارث المناخية تحدث فقط في «مكان آخر» بعيداً عنه، ولكن كان هذا الصيف نداءً واضحاً للجميع لرؤية وحش «التغيرات المناخية» وهو يطرق أبواب أوروبا بقوة.
وشهدت قارة أوروبا صيفاً قائظاً، ترافق مع عواصف وحرائق في الغابات، ومنسوب للمياه بالأنهار في أدنى مستوياته، ومحاصيل ذبُلت في الحقول، وهو ما وجه إنذاراً شديد اللهجة أصبح من الصعب تجاهله.
وشهدت فرنسا على سبيل المثال ثاني أكثر فصول الصيف حرارة على الإطلاق، والأكثر جفافاً منذ عام 1976 والأسوأ، من حيث فقدان الغابات، منذ حرائق الغابات عام 2003.
وفي الأشهر الأخيرة، احتاجت بعض القرى الفرنسية إلى تزويدها بشاحنات لنقل المياه، حيث جفت مصادرها المعتادة، ودمرت الحرائق غابات الصنوبر بشكل متكرر بالقرب من بوردو.
وحتى في جبال الألب ذات الخضرة الطبيعية، ضج صانعو الأجبان بالشكوى، من أن أبقارهم تنتج حليباً أقل من المعتاد بسبب جفاف مراعيها.
وتبدو الصورة متشابهة في جميع أنحاء أوروبا، ففي إيطاليا، أدى ارتفاع الحرارة في يوليو (تموز) إلى انهيار أكبر نهر جليدي في جبال الألب، ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً.
وكشفت المياه المتراجعة في إسبانيا عن أنقاض كنيسة من القرن الحادي عشر في قرية سانت روما دي ساو.
وبعد مرور عام على حدوث فيضانات كبرى صادمة أودت بحياة أكثر من 180 شخصاً في ألمانيا، شهدت البلاد تقلص نهر الراين، وهو طريق تجاري محوري، إلى مستويات كانت بالكاد صالحة للملاحة.
والسؤال المطروح الآن هو: إلى أي مدى ستؤدي هذه الأحداث التي شهدها صيف 2022 القائظ إلى حدوث تغيير سياسي وتحولات في نمط الاستهلاك ليكون صديقاً للبيئة؟
أحد التغييرات المطلوبة، تلك التي يقترحها حزب «إي إي إل في» (EELV) الأخضر في فرنسا، وتتضمن إنهاء عصر الطائرات الخاصة، وكذلك حمامات السباحة الخاصة، وهي ممارسات غير صديقة للبيئة.
وتتسبب الطائرات بانبعاث ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين، وبخار الماء على ارتفاعات عالية، ما يزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري المسؤولة عن تغير المناخ، ويتسبب السفر على متن الطائرات الخاصة في انبعاث كمية ثاني أكسيد الكربون، تزيد عشر مرات على تلك التي تنبعث من الطائرات التابعة للخطوط الجوية، و150 مرة عما لو تم استخدام القطار السريع.
وتستهلك حمامات السباحة الخاصة، كميات كبيرة من المياه والطاقة اللازمة للتدفئة، وسيؤدي توجيه هذين العنصرين إلى أنشطة أكثر أهمية إلى تخفيف الضغط على البيئة.
وبالإضافة إلى هذين المقترحين، اقترحت النائبة ساندرين روسو، عن حزب «الخضر» بفرنسا، أن يخفض الرجال من تناول شرائح اللحم المشوية، والتي يعتبرونها «رمزاً للرجولة»، وتتسبب الأبقار المستخدمة في إنتاجها بانبعاثات ملوثة للبيئة.
وعندما تهضم الأبقار طعامها، تطلق غاز الميثان من خلال تجشؤها الغازي (أي إخراج الغازات)، وتشير تقديرات إلى أن مليار ونصف مليار بقرة في العالم، تنتج نحو 30 في المائة من انبعاثات الميثان، لذلك يجب الموازنة بين الغذاء الذي تنتجه الأبقار المتمثل في اللبن واللحوم، لكن مع عدم إلحاق ضرر هائل بالغلاف الجوي بسبب انبعاثات الميثان.
والتحدي الأكبر الذي تفرضه التغيرات المناخية، هو ضرورة التحول السريع نحو مصادر الطاقة النظيفة، والبعد عن المصادر التقليدية.
ويرى بعض النشطاء أن أزمة الطاقة التي بدأت تعاني منها أوروبا منذ أن بدأت روسيا في إيقاف شحنات الغاز بعد غزوها لأوكرانيا، تعد فرصة لإحداث تغيير حقيقي في سياسات الطاقة.
ومن جانبه، يثمن محمد الحجري، رئيس مشروع الحلول المبتكرة والمحسنة القائمة على الطبيعة لمياه حضرية مستدامة (NICE) بمركز بحوث الصحراء بمصر، هذه المناقشات الأوروبية التي تجاوبت مع خطر التغيرات المناخية.
وقال الحجري لـ«الشرق الأوسط»، إن أوروبا هي الأكثر استعداداً للتجاوب مع أي حلول تنقذ البيئة»، مشيراً إلى أن المشروع الذي يشرف عليه، والممول من أوروبا، والذي ينفذ في 11 دولة أوروبية، بالإضافة إلى دولتي مصر وكولومبيا، هو خير دليل على ذلك.
ويضيف: «حتى قبل الإنذار المناخي الذي رفعه الصيف، كانت أوروبا تحاول التجاوب مع تداعيات تغير المناخ بتوفير مصادر مياه معالجة يمكن استخدامها في إعادة تأهيل البيئة بزيادة المساحات الخضراء التي تعمل كرئة تمتص ثاني أكسيد الكربون خلال عملية البناء الضوئي، وتخرج الأكسجين».
ويعمل المشروع الذي يشرف عليه الحجري، على وضع حلول مبتكرة لتعزيز واستخدام المياه الحضرية، مثل مياه الصرف الصحي، وتجهيزها لتكون صالحة لزيادة المجموع الخضري من الأشجار والنباتات.
ولكن تظل هذه الحلول الأوروبية غير مؤثرة ما لم تتخذ الصين وأميركا على وجه التحديد إجراءات من شأنها أن تحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث إن الدولتين مسؤولتان وحدهما عن 45 في المائة من غازات الاحتباس الحراري، والصين وحدها مسؤولة عن 30 في المائة، وبدون اتفاقهما على إجراءات لتخفيض هذه الانبعاثات، تظل هذه الحلول الأوروبية مجرد مسكنات، كما يؤكد الحجري.
ولا يتوقع الحجري أن تخرج قمة المناخ «كوب 27» في شرم الشيخ بنتيجة إيجابية من شأنها وضع حلول عملية، طالما ظل «سوء النوايا»، هو الذي يحكم العلاقات الصينية الأميركية.
ويقول: «الدولتان لن تلتزما بإجراءات من شأنها أن تؤثر على نشاطها الاقتصادي، خشية أن تتأخر إحداهما عن الأخرى، والعالم هو من سيدفع الثمن».



حلُّ لغز العمر الحقيقي لأكبر تمساح في العالم

علاقة آلمها الفراق (إ.ب.أ)
علاقة آلمها الفراق (إ.ب.أ)
TT

حلُّ لغز العمر الحقيقي لأكبر تمساح في العالم

علاقة آلمها الفراق (إ.ب.أ)
علاقة آلمها الفراق (إ.ب.أ)

لعقود، تولّى حارس الحدائق جورج كريغ رعاية تمساح طوله 5.5 متر، يُدعى «كاسيوس». وبعد تقاعده، توقّف التمساح عن الأكل، ودخل في حالة «تدهور سريع».

ووفق «الغارديان»، يحاول الباحثون تحديد العمر الحقيقي لأكبر تمساح في العالم بعد نفوقه في نهاية الأسبوع.

ونفق «كاسيوس»، حامل الرقم القياسي العالمي في موسوعة «غينيس»، لاعتقاد أنه يبلغ 110 أعوام على الأقل، في «مارينلاند ميلانيزيا» بجزيرة غرين الأسترالية، حيث عاش منذ عام 1987.

ولا يزال السبب الدقيق لنفوقه مجهولاً، لكنّ الاحتمال الأكبر يتعلّق بالشيخوخة. وجاء النفوق بعد أسابيع من رحيل أفضل صديق له، مالك «مارينلاند ميلانيزيا»، جورج كريغ، عن الجزيرة، وانتقاله إلى دار للمسنّين.

التمساح العملاق ينفق والعزاء يتدفّق (رويترز)

من جهته، قال حفيد كريغ، تودي سكوت: «يسهُل افتراض أنّ التوتر عجَّل نفوقه، خصوصاً أنّ صلةً وثيقةً تربط جدّي و(كاسيوس)».

وأضاف: «بعد مغادرة كريغ الجزيرة، راح التمساح يرفض الطعام، وبعد أسبوعين وجدناه فاقداً للوعي. 37 عاماً قضياها معاً، وبُعيد أسابيع من الانفصال، فقدنا أحدهما».

كان «كاسيوس» قد وقع في الأسر على أيدي باحثَيْن معنيَيْن بدراسة التماسيح، غراهام ويب وتشارلي مانوليس، في نهر فينيس عام 1987.

وبعد مدّة قضاها في العمل داخل مزرعة للماشية، سافر كريغ آلاف الكيلومترات، ونُقل «كاسيوس» إلى جزيرة غرين، حيث عاش منذ ذلك الحين.

وبتشريح «كاسيوس»، يأمل الباحثون في تحديد عمره الحقيقي الذي لطالما اعتمد على التقديرات.

في هذا السياق، أكد سكوت أنه بمجرّد النظر إلى «كاسيوس»، يمكن إدراك تقدّمه في السنّ.

وأضاف: «بلغ طوله 5.48 متر وتجاوز وزنه الطنّ. كان يبدو أقرب إلى ديناصور حيّ. بدا كأنه حيوان قديم».

ومن المقرَّر عدّ الحلقات الموجودة على عيّنة من عظم فخذه، في محاولة لتحديد عمره، على غرار حلقات الأشجار. كما أُخذت عيّنة من كل عضو رئيسي، وجرى الحفاظ على جلده ورأسه.

عمره الحقيقي حيَّر العلماء (إ.ب.أ)

وعبَّر سكوت عن اعتقاده بأنّ «كاسيوس» لطالما كان «مختلفاً جداً» عن التماسيح الأخرى في جزيرة غرين، بناءً على خبرته بمجال تربية صغار التماسيح طوال 14 عاماً.

وعادةً، يُزال بيض التماسيح من العشّ داخل الحظائر، لئلا تأكلها الذكور. وإنما في التسعينات، ترك كريغ بيضة عن طريق الخطأ.

روى سكوت: «فقست، فوجدنا تمساحاً صغيراً على رأس (كاسيوس) في الصباح». قرّر كريغ ترك التمساح الرضيع الذي أطلق عليه اسم «زينا»، تيمّناً بالأميرة المُحاربة، مع «كاسيوس»، فتولّى تربيتها لـ14 عاماً.

وإذ ذكر أنّ «كاسيوس» كان يحفظ قِطع الطعام في فمه، ثم يمنحها لـ«زينا»، أكّد: «لم يسبق توثيق هذا النوع من السلوك».

من ناحية أخرى، كان «كاسيوس» محبوباً ممَّن زاروه في «مارينلاند ميلانيزيا» لعقود، فتابع سكوت أنّ رسائل التعزية بعد نفوقه تدفّقت من أنحاء العالم، لافتاً إلى أنّ المركز سيركّز على استمرار إرث التمساح العملاق.

اليوم، يعيش أقدم تمساح معروف في العالم، يُدعى «هنري»، في مركز «كروك وورلد» للحفاظ على الحيوانات بجنوب أفريقيا. ومن المقرَّر بلوغه 124 عاماً في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.