«ضحايا الشمس» فيلم فلسطيني يكسر الصمت عن قضايا الشرف

يقدم على مدار 21 دقيقة شهادات حية لفتيات تعرضن لمحاولات قتل

{ضحايا الشمس} فيلم وثائقي فلسطيني
{ضحايا الشمس} فيلم وثائقي فلسطيني
TT

«ضحايا الشمس» فيلم فلسطيني يكسر الصمت عن قضايا الشرف

{ضحايا الشمس} فيلم وثائقي فلسطيني
{ضحايا الشمس} فيلم وثائقي فلسطيني

يقدم المخرج الفلسطيني الشاب مراد نصار في فيلمه الوثائقي الجديد «ضحايا الشمس» روايات مؤلمة عن نساء قتلن أو تعرضن للقتل على خلفية ما يسمى الدفاع عن الشرف. وقال نصار لـ«رويترز» بعد عرض فيلمه أمس الثلاثاء في قاعة بلدية البيرة بحضور عدد من النساء والمهتمين: «الفيلم يقدم أقل الحالات إيلاما بين الحالات التي أجرينا البحث بشأنهن».
وأضاف: «عمل فيلم حول هذا الموضوع ليس سهلا، وعملنا بحثا طويلا استمر ثلاثة أشهر حول كثير من الحالات، وهناك من تحدث، وآخرون رفضوا الحديث».
ويقدم نصار على مدار 21 دقيقة شهادات حية لضحايا تعرضن لمحاولات قتل من قِبل ذويهن على خلفية ما يسمى «الدفاع عن الشرف»، كما يتيح لقاتل ابنته على الخلفية ذاتها الذي لم يسجن سوى سبعة أشهر، المجال لتقديم روايته ودوافعه لقتل ابنته. وتباينت آراء الجمهور بين مؤيد ومعارض لفكرة إعطاء قاتل ابنته، الذي لم يبد أي ندم على فعلته، فرصة الحديث في الفيلم.
واستعان المخرج ببعض المشاهد التمثيلية عند حديث عدد من الضحايا عن تعرضهن لمحاولات قتل أو تعذيبهن من قبل ذويهن.
وقال نصار إنه سعيد بهذا النقاش الذي أثاره الفيلم الذي تولت فيه إجراء المقابلات مع القاتل وعدد من الضحايا، الإعلامية الفلسطينية جمان قنيص التي شاركت أيضا في البحث والإعداد للفيلم.
ووصف السياسي الفلسطيني نبيل عمرو الفيلم بعد مشاهدته بأنه «اقتحام جريء لقضية ليست سهلة لاقتحامها أو معالجتها».
وقال أحد الحضور خلال النقاش الذي جرى بعد عرض الفيلم: «الفيلم تميز بتقديم الضحايا بصفتهم بشرا من لحم ودم، وليس أرقاما».
وتشير الإحصاءات الفلسطينية إلى مقتل 18 امرأة على خلفية ما يسمى الدفاع عن الشرف، مقارنة مع 28 امرأة قتلن في العام الماضي على الخلفية ذاتها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن بين القصص التي يعرضها الفيلم سيدة لديها خمسة أطفال قتلها زوجها أمامهم «دفاعا عن الشرف»، وأخرى قتلها والدها، وثالثة نجت من الموت وتمكنت من الهرب إلى بيت آمن توفره وزارة الشؤون الاجتماعية.
وتروي فتاة في الفيلم قصة تعرضها للاغتصاب على يد والدها وإنجابها منه طفلا وتعيش الآن في مركز إيواء تابع لوزارة الشؤون الاجتماعية لمثلها من النساء.
كثير من النساء كن يبكين وهن يشاهدن الفيلم لما تضمنه من روايات صادمة حول ما تتعرض له النساء حتى لمجرد الشك فيهن أو حديث الناس عنهن.
ويتضمن الفيلم شهادة للطبيب الشرعي أحمد حنيحن يقول فيها إن نسبة كبيرة من الحالات اللاتي يتم قتلهن على خلفية ما يسمى الدفاع عن الشرف تكون الضحية فيها عذراء. وقال إن من بين القضايا التي مرت عليه أن أبا قتل ابنته بدعوى أنها حامل مع أنه بعد إجراء الفحص عليها تبين أنها ما زالت عذراء.
وأوضحت إحصاءات صادرة عن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني أن هناك ارتفاعا ملحوظا في جرائم القتل على خلفية الدفاع عن الشرف من 4 حالات في عام 2011، إلى 13 حالة في عام 2012، ثم إلى 27 في عام 2013.
ويمنح قانون العقوبات المعمول به في الأراضي الفلسطينية الذي يعود إلى عام 1960 عذرا مخففا لمن أقدم على قتل امرأة بدواعي الدفاع عن الشرف. وأطلقت منظمات فلسطينية نسوية وأخرى تعنى بحقوق الإنسان ومناهضة العنف ضد المرأة، العام الماضي حملة لإقرار قانون عقوبات فلسطيني، علما بأن القانون المعمول به في الأراضي الفلسطينية هو قانون العقوبات الأردني.
ونتج عن هذه الحملة إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعديلا للقانون المتعلق بالعذر المخفف، ولكنه لم يلغه بشكل كامل.
ومما يعزز الشعور بالحاجة إلى إلغاء العذر المخفف في عمليات القتل على ما يسمى الدفاع عن الشرف، ما قاله قاتل ابنته على هذه الخلفية من أنه لو كان يعلم أن عقوبته ستكون الإعدام أو الأشغال الشاقة لما أقدم على قتلها.
وقال نصار إنه سيعمل على عرض فيلمه في كثير من التجمعات السكانية بما فيها المهمشة «لرفع حالة الوعي حول هذه الجرائم وكسر الصمت حولها».
وأضاف أن «الاهتمام بالقضايا السياسية المتعلقة بالاحتلال يجب ألا ينسينا الاهتمام بقضايانا المجتمعية حتى وإن رفض البعض الحديث عنها».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».