«داعش» في العراق... بين طموحات العودة واستمرار «الكمون»

خبراء يرسمون ملامح تحركات التنظيم خلال «الأزمة السياسية»

قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية – رويترز)
قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية – رويترز)
TT

«داعش» في العراق... بين طموحات العودة واستمرار «الكمون»

قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية – رويترز)
قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية – رويترز)

هل يسعى تنظيم داعش الإرهابي للعودة مجدداً استغلالاً لـ«الأزمة السياسية في العراق»، أم سيواصل «الكمون» في ظل «مشهد عراقي متأزم»؟ وهل يتمكن التنظيم من العودة إلى مناطق نفوذه القديمة قبل هزيمته أم لا؟... تساؤلات طُرحت أخيراً عقب «الأحداث» التي شهدها العراق. وتباينت آراء الخبراء بشأن تحركات التنظيم خلال «الأزمة السياسية». فبينما قال خبراء إن «(داعش) نشط بشكل (لافت) على مواقع التواصل الاجتماعي استغلالاً لـ(الأزمة الراهنة) في العراق»، أكد آخرون أن «التنظيم سوف يستمر في (الكمون)». لكن الخبراء أجمعوا على أن «التنظيم سوف يسعى لشن هجمات جديدة».
وأعلنت السلطات العراقية هزيمة «داعش» أواخر عام 2017، لكن على الرغم من هزيمة التنظيم في كل من العراق وسوريا، «لا يزال قادراً على شن هجمات (محدودة) ويحتفظ بخلايا له في المناطق النائية»، حسب مراقبين.
ووفق الباحث المصري المتخصص في شؤون الأمن الإقليمي، محمد فوزي، فإن «نهج تنظيمات (التطرف العنيف) بشكل عام على ما يُعرف بـ(فقه استغلال الأزمات)، إذ إن الأزمات السياسية والاجتماعية بتجلياتها المختلفة وما يترتب عليها من (فوضى أمنية) تمثل بيئة خصبة لحضور ونشاط هذه التنظيمات».
وشرح فوزي لـ«الشرق الأوسط»: «قد تجلى سعي (داعش) لاستغلال (الأزمة السياسية العراقية) الحالية في بعض المؤشرات ومنها تسلل عناصر من (داعش) للطريق العام الرابط بين مدينتي كركوك والسليمانية شمالي العراق، وخطفهم شابين من أهالي ناحية ليلان، وقتل أحدهما، وفي سياق متصل فجّر أحد العناصر الداعشية نفسه أمام قوة أمنية للجيش كانت تقوم بعمليات تفتيش ومداهمة في محافظة الأنبار، ولم يقتصر الأمر على المنحى العملياتي؛ بل امتد ليشمل الجانب الإعلامي والدعائي؛ حيث شهدت الأيام الماضية (تصاعداً لافتاً) لنشاط (داعش) على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً (تيك توك)، الأمر الذي دفع الادعاء العام الكردستاني إلى المطالبة بوقف التطبيق».
فيما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(داعش) قد يستغل (الأحداث السياسية) في العراق لصالحه كما كان يفعل من قبل في جميع مواقفه بالدول».
من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، أن «(داعش) الآن في حالة (كمون) وسوف يستمر في (كمونه)، لكن سيقوم بعمليات مؤقتة لإثبات الوجود». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم ما زال موجوداً في العراق، ويظهر على المشهد بين الحين والآخر عندما تهدأ الأمور في العراق، فـ(داعش)ً يعيد ترتيب أوراقه بحيث لا يختفي عن المشهد»، موضحاً أن «(الظروف السياسية الحالية) في العراق لن تسمح للتنظيم بالعودة، لكن بين الحين والآخر يطل التنظيم برأسه».
ويشار إلى أن «تنظيم (داعش) في العراق انتقل من تبني استراتيجية (التمكين) إلى استراتيجية (النكاية والتنكيل)، وهي الاستراتيجية التي تقوم على الاعتماد على الخلايا والمجموعات الصغيرة، من أجل شن عمليات نوعية يغلب عليها الطابع الانتقامي، وقد تبنى (داعش) هذه الاستراتيجية منذ هزيمته في الموصل عام 2017»، بحسب فوزي.
وأضاف فوزي: «بشكل عام، فإن التطورات السياسية الراهنة التي تعاني منها الدولة العراقية، تزيد من حجم تهديد (داعش)، وذلك في ضوء ما تتيحه الأزمة من حالة عدم استقرار في البلاد، سيسعى التنظيم لاستغلالها من أجل شن عمليات جديدة، وفي السياق ذاته، فإن الأزمة (السياسية الراهنة) تؤثر بطبيعة الحال على الجهود الأمنية لمكافحة الإرهاب، فضلاً عن احتمالية توظيف التنظيم لتحركات وممارسات بعض (الميليشيات الشيعية) المنخرطة في (الأزمة)، من أجل استغلال بعض (المجموعات السنية) بما يخدم مساعيه لاستعادة النشاط وإعادة التموضع... وكانت بعض الدوائر الأميركية قد حذرت من أن (الميليشيات الشيعية) الموجودة في العراق التي تستفز المواطنين السنة وتعتدي عليهم، تزيد الوضع تعقيداً».
في السياق ذاته، أكد السفير حسن أن «التحرك الدولي للقضاء على التنظيمات (الإرهابية) ومن بينها (داعش) أضعف هذه التنظيمات ولم يقضِ عليها»، لافتاً إلى أن «هذه التنظيمات (الإرهابية) تركت جذوراً لها، ففي سوريا يوجد ما يقرب من 7 آلاف مقاتل تحت مسميات (داعش) أو (القاعدة) وغيرهما، وفي العراق نفس الأمر».
ووفق تقرير مجلس الأمن الدولي الصادر في يناير (كانون الثاني) 2022، فإن «(داعش) حافظ على قدرته على شن الهجمات بمعدل ثابت في العراق، بما في ذلك تنفيذ عمليات (كر وفر) و(نصب المكامن وزرع القنابل) على جنبات الطرق».
حول دور «داعش» خلال «الأزمة الحالية في العراق»، أكد السفير حسن أن «(داعش) ليس له دور في هذه (الأزمة السياسية العراقية)، ربما كان ذلك خلال فترات سابقة؛ لكن ليست هناك أطراف الآن تتعاون مع التنظيم».
عن احتمالية عودة «داعش» للأماكن التي سيطر عليها من قبل في العراق، شرح السفير حسن بقوله إن «(داعش) لن يعود لهذه الأماكن التي انسحب منها، بسبب الحشد الشعبي، والعناصر التابعة للقوى الدينية، والجيش العراقي، وكذا الدعم العربي للعراق في هذا الشأن».
وهو ما أكده السفير بيومي بأن «(داعش) لن يحاول العودة مرة أخرى إلى المناطق التي كان يسيطر عليها من قبل في العراق».
تقارير إعلامية تحدثت عن «احتمالية» اعتماد التنظيم على البنى التحتية للأنفاق التي أنشأها إبان سيطرته على مساحات من العراق، في محافظة كركوك، خاصة في مدينة الحويجة، وتضاريس وادي الشاي وازغيتون، وأجزاء من حمرين في محافظة ديالى، ومدن القائم والرطبة وأجزاء من حديثة بمحافظة الأنبار، وكذا وادي حوران، ومدينة الموصل بمحافظة نينوى، خاصة الأجزاء الجنوبية منها».
إحصائيات رسمية للقوات العراقية أشارت إلى «العثور على نحو 70 نفقاً ومخبئاً لـ(داعش) في بعض هذه المحافظات خلال النصف الأول من العام الحالي». لكنّ المراقبين يتخوفون من أن «تؤدي الأوضاع الحالية في العراق إلى خلق (فجوة أمنية)».


مقالات ذات صلة

انفجار في السليمانية... وأنباء عن استهداف قائد «قسد»

المشرق العربي انفجار في السليمانية... وأنباء عن استهداف قائد «قسد»

انفجار في السليمانية... وأنباء عن استهداف قائد «قسد»

راجت أنباء عن وقوع محاولة لقتل مسؤول كردي سوري بارز في السليمانية بشمال العراق مساء اليوم الجمعة. فقد أورد موقع «صابرين نيوز» القريب من الحرس الثوري الإيراني، نقلاً عن «مصادر كردية»، أن قصفاً استهدف قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي «في محاولة اغتيال فاشلة بواسطة طائرة مسيّرة». من جهتها، أعلنت مديرية قوات الأمن (آسايش) في مطار السليمانية أنها تحقق في انفجار وقع قرب سياج مطار السليمانية دون أن يسفر عن خسائر بشرية أو مادية، مشيرة إلى أن فرق الإطفاء تمكنت من السيطرة على الحريق الناجم عنه سريعاً، بحسب موقع «رووداو» الكردي.

المشرق العربي مسيحيات فررن من العراق يتعلمن مهارت الخياطة لكسب لقمة العيش

مسيحيات فررن من العراق يتعلمن مهارت الخياطة لكسب لقمة العيش

في إحدى الكنائس في الأردن، تخيط العشرينية سارة نائل قميصاً ضمن مشروع أتاح لعشرات النساء اللواتي فررن من العنف في العراق المجاور، مهارات لكسب لقمة العيش. نجت نساء عديدات بصعوبة من العنف المفرط الذي مارسته «دولة الخلافة» التي أعلنها تنظيم «داعش» على مساحات واسعة من العراق وسوريا، قبل أن ينتهي بهن المطاف في الأردن يعانين للحصول على عمل. تنكب سارة نائل (25 عاماً)، وهي لاجئة مسيحية عراقية من بلدة قرقوش تعلمت مهنة الخياطة في الطابق الثالث في كنيسة مار يوسف في عمان، على ماكينة الخياطة في طرف المكان لتخيط قطعة قماش مشرقة زرقاء اللون تمهيداً لصنع قميص. وتقول سارة التي وصلت إلى الأردن عام 2019 وبدأت تعم

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي «الشيوخ الأميركي» يقترب من إلغاء تفويضي حربي العراق

«الشيوخ الأميركي» يقترب من إلغاء تفويضي حربي العراق

صوت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة، أمس (الاثنين)، لصالح الدفع قدماً بتشريع لإلغاء تفويضين يعودان لعقود مضت لشن حربين في العراق مع سعي الكونغرس لإعادة تأكيد دوره بخصوص اتخاذ قرار إرسال القوات للقتال. وانتهى التصويت بنتيجة 65 إلى 28 صوتاً، أي تجاوز الستين صوتاً اللازمة في مجلس الشيوخ المؤلف من مائة عضو، مما يمهد الطريق أمام تصويت على إقراره في وقت لاحق هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ خطوة جديدة في «الشيوخ» الأميركي نحو إلغاء تفويضي حربي العراق

خطوة جديدة في «الشيوخ» الأميركي نحو إلغاء تفويضي حربي العراق

صوت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة أمس (الاثنين) لصالح الدفع قدما بتشريع لإلغاء تفويضين يعودان لعقود مضت لشن حربين في العراق مع سعي الكونغرس لإعادة التأكيد على دوره بخصوص اتخاذ قرار إرسال القوات للقتال، وفقاً لوكالة «رويترز». وانتهى التصويت بنتيجة 65 إلى 28 صوتا أي تجاوز الستين صوتا اللازمة في مجلس الشيوخ المؤلف من مائة عضو مما يمهد الطريق أمام تصويت على إقراره في وقت لاحق هذا الأسبوع. وجميع الأصوات الرافضة كانت لأعضاء في الحزب الجمهوري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي 20 عاماً على الزلزال العراقي

20 عاماً على الزلزال العراقي

تحلُّ اليومَ، الأحد، الذكرى العشرون للغزو الأميركي للعراق، وهو حدثٌ كان بمثابة زلزال ما زالت المنطقة تعيش تداعياتِه حتى اليوم. لم يستمع الرئيسُ الأميركي آنذاك، جورج دبليو بوش، لتحذيراتٍ كثيرة، غربيةٍ وعربية، سبقت إطلاقَه حرب إطاحة نظام الرئيس السابق صدام حسين عام 2003، وحذرته من أنَّ خطوتَه ستفتح «باب جهنم» بإدخال العراق في فوضى واقتتال داخلي وستسمح بانتشار التطرفِ والإرهاب. أطلق بوش حملةَ إطاحة صدام التي أطلق عليها «الصدمة والترويع» ليلة 19 مارس (آذار) بقصفٍ عنيف استهدف بغداد، في محاولة لقتل الرئيس العراقي، قبل إطلاق الغزو البري.


«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
TT

«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)

أفادت تقارير إسرائيلية، الأحد، بأن المفاوضات بشأن وقف النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس» بلغت مرحلة حاسمة وتم جسر مزيد من الخلافات، ولذلك تقرر إرسال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجي «الموساد»، ديفيد برنياع، الذي يترأس فريق التفاوض الإسرائيلي، الاثنين، إلى العاصمة القطرية الدوحة لإتمام بنود الصفقة.

وقالت مصادر سياسية إن هناك توقعات بأن يشهد منتصف الأسبوع الجاري إنجاز معظم، وربما كل الملفات، بين «حماس» وإسرائيل، وأشارت إلى أن هذه المفاوضات شهدت أجواء إيجابية وتقدماً، بفضل قيام وفد حركة «حماس» بالتعاطي بإيجابية ومرونة في ملف الرهائن لديها. وجاء هذا وسط حديث عن تمسك «حماس» بإنهاء الحرب والإفراج الشامل عن أسراها.

«المرحلة الإنسانية»

لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى أن التقدم يتركز في المرحلة الأولى من الصفقة، التي تسمى بـ«المرحلة الإنسانية»، والتي كان يبدو أنه تم التوصل إلى تفاهمات حول معظم تفاصيلها خلال الأشهر الماضية. ونقلت الصحيفة عن «مصدر رفيع في إحدى الدول الوسيطة» (لم تسمه) قوله إن «إسرائيل تحاول مجدداً إتمام صفقة جزئية تشمل عدداً محدوداً من الرهائن مقابل عدد قليل من الأسرى الفلسطينيين تشمل وقف إطلاق نار لأسابيع قليلة، وربما قليلة جداً».

وذكرت الصحيفة أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسعى لإبرام صفقة على غرار جميع الصفقات التي أبرمتها إسرائيل لتبادل الأسرى خلال الخمسين عاماً الماضية، «أسرى مقابل أسرى» في عملية «سريعة نسبياً»، وتهدف إلى تنفيذها قبل عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وأفادت بأن إسرائيل تهدف إلى «تأجيل النقاشات المركزية التي تبدو حالياً غير قابلة للحل، إلى المرحلة التالية»؛ ولفتت الصحيفة إلى تحذيرات صادرة عن الدول الوسيطة وكبار المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية: «صفقة كهذه قد تعرض حياة سائر الرهائن إلى خطر أشد».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع قوله إن صفقة كهذه قد تفتح الباب أمام مزيد من الصفقات المستقبلية، «لكن قد يحدث العكس كذلك، ولدى معظمنا، يبدو أن الاحتمال الأكبر هو أن الصفقة الصغيرة، إذا تم التوصل إليها، ستكون الوحيدة لفترة طويلة جداً. إذ يستبعد أن يبقى من نحررهم».

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على شمال قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

«توافق واسع»

ولفتت الصحيفة إلى «توافق واسع» في أوساط كبار المسؤولين والمفاوضين والجهات الاستخباراتية المعنية بجمع معلومات عن الأسرى في غزة على أنه «من الأفضل السعي فورياً إلى صفقة شاملة، (الجميع مقابل الجميع)، حتى لو شمل ذلك إنهاء الحرب على صعيد الإعلان».

ويرى مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية أنه «لن تكون هناك مشكلة للعودة إلى القتال في غزة في حال انتهاك (حماس) للاتفاق»، وقال مسؤول رفيع إنه إذا تم التوصل إلى صفقة على عدة مراحل، «لن تنفذ منها إلا مرحلة واحدة»، وذلك في ظل إصرار تل أبيب على مواصلة الحرب.

وقال مسؤول رفيع إنه «حتى في حال التوصل إلى صفقة جزئية، سيتعين على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من غزة، ومن المحتمل أن يكون من الصعب على إسرائيل العودة إلى القتال وستقلص وجودها في الميدان. وبالنتيجة سيتراجع الضغط على (حماس) التي ستمتنع عن تقديم تنازلات».

وذكرت الصحيفة أن جزءاً من الأزمة يكمن في القيود التي تفرضها القيادة السياسية في إسرائيل على فريق المفاوضات، بحيث يصر نتنياهو على التوصل إلى صفقة متعددة المراحل، مع الامتناع عن مناقشة الجزء الحاسم الذي يتضمن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب.

وقال مصدر رفيع في الدول الوسيطة: «كل ما عليك فعله هو الاستماع إلى خطب قادة إسرائيل من جانب، وقادة (حماس) من الجانب الآخر. في إسرائيل يقولون: سنعود إلى القتال بالتأكيد، وفي (حماس) يقولون إنهم مستعدون للمرونة في الجدول الزمني». وتابع: «بمعنى أن (حماس) لا تهتم بمعرفة عدد القوات التي ستنسحب وفي أي يوم، لكنها لن تقبل بصفقة إذا لم تكن شاملة، حتى لو كانت على مراحل، تتضمن تفاصيل واضحة تشمل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أو غالبيته، وإنهاء الحرب، والإفراج الشامل عن الأسرى». ولفت التقرير إلى أن نتنياهو يصر على عدم مناقشة هذه الملفات الجوهرية بالنسبة لحركة «حماس» إلا في منتصف المرحلة الأولى من الصفقة المحتملة، وبالتالي سيكون بإمكانه أن يقول لشركائه في اليمين المتطرف إنه «لم يكن ينوي المضي إلى ما بعد المرحلة الأولى».

فلسطينيات ينعين أقارب لهن قُتلوا بالقصف الإسرائيلي خارج «مستشفى شهداء الأقصى» في دير البلح وسط قطاع الأحد (أ.ف.ب)

اجتماع حكومي مصغر

لكن نتنياهو، بحسب مصدر سياسي مقرب من الحكومة الإسرائيلية، دعا إلى اجتماع مصغر مع شركائه في الائتلاف، للبحث في التطورات الجديدة، على أن يضم الاجتماع كلاً من «وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ورئيس حزب شاش أرييه درعي». وفي ضوء هذه المداولات يسافر رئيس الموساد ديفيد برنياع، الذي يعد كبير المفاوضين ورئيس الفريق الأعلى للمفاوضات. ويفترض أن يقدم الرد الإسرائيلي الأخير على مسودة اتفاق.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، قوله إنه والوزراء من حزب الليكود سيؤيدون صفقة تبادل أسرى «التي يقودها رئيس الحكومة نتنياهو»، ودعا باقي الوزراء إلى تأييدها، وأضاف أن «هذا واجبنا الأخلاقي ولا توجد فريضة أهم من افتداء الأسرى».

وكان نتنياهو قد تحدث إلى والدي الجندية الإسرائيلية الأسيرة لدى «حماس»، ليري الباغ، التي ظهرت في شريط بثته الحركة، وقال إنه يعمل بكل قوته حتى يحررها مع بقية الرهائن. لكن عائلة أخرى قالت إنها التقت أحد أعضاء فريق التفاوض الذي قال لها إن «الرهائن ليسوا على رأس سلم الأولويات لدى الحكومة». وأضاف: «نحن نعرف هذه الحقيقة المرة ونصعق كل مرة من جديد ونحن نشاهد كيف تهمل حكومتنا الأبناء. لكن أن يؤكد لنا هذه الحقيقة مسؤول في وفد المفاوضات، فذلك يزعزعنا ويطير النوم من عيوننا».